بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
أول ما نستخلصه من الآية الكريمة الإستمرارية.. فإن الله تبارك وتعالى يتولى إخراجنا من الظلمات إلى النور في كل مرة نقع فيها .. والحمد لله رب العالمين .. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال قوي وجرئ .. ألا وهو :
لماذا نقع في الظلمات مرة بعد مرة؟؟؟
مثلا ولله المثل الأعلى عندما يقع خلاف بين اثنين.. ثم يشتد الخلاف إلى حد العناد أو الخصام والقطيعة .. ثم يرسل الله لنا بفضله من يصلح ذات بيننا .. ونتصالح .. ولكننا قد نعود سريعا لنفس المشكلة عندما نعود إلى نفس نقطة الخلاف .. هل تعرفون لماذا؟
لأن المصالحة تمت ظاهريا .. تصافحنا وتسامحنا ولكن عقلنا الباطن يحتفظ بنفس الملف ونفس الفكرة ونفس العقيدة.. لذلك عندما نعاود النقاش مرة أخرى فيخرج لنا عقلنا الباطن الملفات التى نسينا أن نصحح مفاهيمنا والتى لم نكلف أنفسنا عناء تصحيح المسار.. والفترة الزمنية التي تفصل بين المصالحة والوقوع في الخلاف مرة بعد مرة قد تكون متقاربة جدا.
لذلك قد أعطانا الله تبارك وتعالى من فضله الوسيلة التي بها نسعد .. هذه الوسيلة تكمن في تصحيح المسار .. ولن يتم ذلك أبدا إلا بتصحيح فهمنا وأفكارنا ومعتقداتنا... نستخلص ذلك من الآية التالية:
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)
[ سورة الحج ]
الإخبات هو الخضوع والخشوع لله رب العالمين.. إذا عندما تتم المصالحة بين الناس يجب على كل منهم أن يعلم علم اليقين أن ما وقع بينهم هو من الظلمات ومن الشيطان .. فيستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم و يصححوا فكرهم الذي سبب لهم المشاكل.. وقد نبهنا الله تبارك وتعالى إلى ذلك في كثير من الآيات نذكر منها ما يلي:
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)
[سورة الحج ].
مداخل الشيطان تكمن في تغييب العقل (( الخمر)) وأيضا في (( الميسر أي المقامرة )) والإنسان قد يقامر بصديق عزيز من أجل تحقيق مصلحة شخصية.. كما فعل إخوة يوسف عليه السلام.
هذا كلام فضيلة الدكتور النابلسي .. وهو صحيح لدرجة أن كل إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يتحقق من ذلك.
ولكن كيف يمكننا أن نصحح مسار أفكارنا ونزيل أثارها من قلوبنا؟ سوف نجد الإجابة على ذلك في الآية التالية :
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)
[ سورة الحج ].
إذا الوسيلة الفعالة لقمع الشيطان وتصحيح المسار هي أن نلجأ إلى الله الواحد القهار .. ندعوه مخلصين له الدين .. بمعنى أن نُخلصَ قلوبنا وعقولنا من غزو شياطين الإنس والجن.
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)
لازال رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ولا زال حبل النجاة من العذاب والشقاق والنفاق مدودا من العزيز الحميد لكل من أراد حياة نقية تقية ثابتة على الحق المبين.
ساحة النقاش