رحلة في أعماق الماضي البعيد لنرى فيه مستقبلنا القريب
******
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
(الزاريات)
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي في الله سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أسمحوا لي أن أعيش معكم خواطري التى هزت مشاعري، خوفا وطمعا في رحمة الله، فقد رأيت مستقبلنا في هذه الآيات الكريمة التى تحكي لنا عن الأمم السابقة، والشيئ بالشيئ يذكر، فهيا بنا نمضي في رحلة قصيرة في أعماق الماضي البعيد والقريب، لكي نستنبط مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأحفادنا، فلن نجد لسنة الله تبديلا أو تحويلا...
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31)
هذا سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، يسأل الملائكة الكرام، بعد أن بشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، بادرهم خليل الرحمن بسؤال، قوي ومحدد وفي منتهى الأهمية والخطورة قال:
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31)
أعتقد أن أي عاقل لابد من أن يسأل نفس السؤال للأحداث التى تحيط بنا، ثورة خامدة وأخرى صاعدة وأمراض وآلام وأحكام وفقر مدقع وتسيب لا حدود له، وتشعب وتفرق وتحزب ومفارقات تدخل على النفوس كآبة وحزن وخوف وربما رعب من الأحداث ...
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31)
فهل سئلنا أنفسنا لماذا تعصف بنا الأقدار هكذا؟ أعتقد أن كثيرا منا دار بذهنه هذا السؤال، وربما لم يجد من يسأله فاحتفظ به في قلبه كعلامة استفهام كبيرة وقوية ومؤرقة ...
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32)
يا ألله، يا أرحم الراحمين، أبدا لم يكن كلامك عبثا، بل هو لحكمة بالغة وقوية، أنت تعاقب المجرمين، وأنت سبحانك القاهر فوق عباده، فلا تجعلنا معهم يارب العالمين، أخطأنا ووقعنا فيما جرت به المقادير، وأنت أرحم الراحمين...
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33)
الآن نرى العذاب يقع علينا من السماء، في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق، حجارة أو حديدا من صنع البشر، فرحماك ياربي لسنا من المجرمين، آمنا بالله رب العالمين فلا تعاقبنا بما فعل السفهاء منا يا أرحم الراحمين ...
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34)
يارب ربما وقعنا في الإسراف، ولكننا الآن عرفنا مدى قوة عقابك وشدة عذابك، فارحمنا وأغفر لنا أسرافنا في أمرنا يا كريم، يارب محمد وإبراهيم عليهما أفضل الصلاة وأزكى السلام، يامن يسبح له ما في السموات وما في الأرض فاجعلنا من المسبحين الحامدين الذاكرين التائبين الذاكرين لله رب العالمين.
فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35)
يارب العالمين آمنا بالله ورضينا بقضاءك واتبعنا رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا من زمرة المجرمين والمسرفين برحمتك يا أرحم الراحمين.
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36)
الآن عرفنا كيف يجب أن تكون بيوتنا، لابد من أن تكون بيوتا مسلمة لا تدخلها الشياطين، حتى لا يقع عليها عذاب رب العالمين، لا تستخدموا التليفزيون إلا فيما يرضي الله حتى لا يقع علينا غضبه ويحل بنا عذابه، فنحن الآن نرى ونسمع بكل تلك الأقدار والمصائب.
وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)
لقد رأينا آياتك يارب، فأنقذنا من عذابك برحمتك، إنا تبنا إليك، رأينا بيوتا قد خربت، ونساءا تسبح أطفالهم في دمائهن، ورأينا عزيز الأمس ذليل اليوم، فارحمنا ولاتجعلنا من القوم المجرمين.
وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) يارب لقد اتبعنا رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ارسلته فينا يزكينا ويعلمنا فاجعلنا لك ذاكرين حامدين طائعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
هذا ما فعله فرعون، وأخشى ما أخشاه أن يوقعنا الشيطان في مثل عمله فنغفل عن الآيات التى ساقها إلينا ربنا اليوم رحمة وفضلا وتذكرة فإن الذكرى تنفع المؤمنين، لا تنسو أن غزوة بدر الشهيرة كانت يوم 17 رمضان واليوم هو 18، فقد مرت علينا الأيام تجري، فحذار أن نغفل لحظة عن مصيرنا المحتوم، ورجاءنا في الله العلي العظيم أن يعتقنا من النار ولا يجعلنا مع المجرمين.
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)
نعم يارب العالمين تذكرنا والله، فقد وعينا آياتك، فاجعلنا لها مطبقين ملبين وحذرين نخاف عذابك ونرجو لقاءك ونتمنى رضاك.
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
ربي فررنا إليك، لا يوجد بيت في بلادنا إلا وحل به قضاءك وأنذاراتك ورسائلك، فاحفظنا بلا إله إلا الله، فليس لنا رب سواك، واجعلنا من تابعين خاتم رسلك وأنبياءك الذي بعثته فينا هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم .
وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونعوذ بك من شر ما تعلم ونسألك من خير ماتعلم إنك أنت علام الغيوب.
استغفر ربك وتب إليه بل وفر إليه فرارا فهناك نجاتك ونجاتنا ونجاة أسرتك وأخوتك ووطنك.
ساحة النقاش