<< أطِبِ الكلامَ ، و أفْشِ السلامَ ، و صِلِ الأرْحامَ ، و صَلِّ بالليلِ و الناسُ نِيامٌ ، ثمَّ ادْخلِ الجنةَ بِسلامٍ >>
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني خلاصة حكم المحدث: صحيح
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، اللهم أجعلنا من تابعيه بإحسان إلى يوم الدين، واحشرنا اللهم في زمرته وكل من ارتضيت من عبادك برحمتك وقدرتك وعزتك وجلالك يا أرحم الراحمين واجعل حياتنا كلها في رحاب الحمد لله رب العالمين.
أما بعد أخوة الإيمان، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، لدينا هنا الآن حديث جمع فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاصة النداءات الأولى من العلي العظيم لعباده المؤمنين، سنعيش تفصيلها كلمة كلمة بإذن الله فتابعونا رحمكم الله:
أطِبِ الكلامَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)( البقرة).
( يأمرنا ربنا بأن لا نقول كلمات الرعونة والنفاق والتى كان يستعملها اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع توضيح موقف الكفرة والمشركين حتى نعتز ونتمسك بما لدينا من كتاب الله العلي العظيم)
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة.
(وهذا هو النداء الثاني يبدأ بالتذكير برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه منا وفينا ويزكينا ويعلمنا إلى يوم الدين الكتاب والحكمة، ثم يدلنا على الطريقة المثلى التى بها نحظى بمعية الله العلي العظيم ).
طبعا من واصل معنا من أول النداءات سيتذكر كل الآيات والأحاديث التى تأمرنا بأن نحسن كلامنا، فإلى الله يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. إذا عندما نتكلم بالطيب كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نكون قد طبقنا النداء الأول بحذافيره إن شاء الله .
و أفْشِ السلامَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)(البقرة النداء الثالث).
طبعا هنا قد لا تبدوا العلاقة واضحة بين أمر الله في نداءه الثالث بالأكل من طيبات ما رزقنا ربنا وبين إفشاء السلام، ولكن هناك علاقة قوية جدا، لأن الأحبة يجتمعون دائما على مائدة الطعام فلو كان الطعام حلالا طيبا والكلام طيبا أصبح الجمع كله طيب بإذن الله، يقولون ويطعمون في سلام.
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (البقرة). النداء الرابع.
وهنا نجد أن العلاقة قوية جدا بين إفشاء السلام وكيفية تطبيقه كما جاء في صدر الآية الكريمة وقبل النداء، ثم ينبهنا ربنا أنه كتب علينا القصاص في القتلى حتى لا نقع في هذه الورطة الكبيرة وهي سفك الدماء.
و صِلِ الأرْحامَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
( النداء الخامس).
بعد أن وحد الله تبارك وتعالى وجهتنا وجمع بيننا في محاسن الأخلاق والمودة والمحبة في البر والتقوى والطعام والشراب، الآن يجمع بيننا في عبادة راقية جدا ترق لها القلوب وتستسلم النفوس لله رب العالمين فنجتمع كلنا تحت راية الصائمين وهذه في حد ذاتها من أكبر مظاهر صلة الرحم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)( البقرة النداء السادس).
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) ( البقرة النداء السابع ).
ويبين لنا ربنا تبارك وتعالى كيف نبرهن على أننا نؤمن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين فنعبده وننفق في سبيله في جميع منافذ الإنفاق .
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) ( البقرة النداء الثامن).
أول ما يفسد الصلة بين الناس هو المن والأذى، فليس فيه من الخلق الحميد شيئ، وهو يفسد النفوس والمشاعر ويفتح الباب على مصراعيه لشياطين الجن والإنس.
و صَلِّ بالليلِ و الناسُ نِيامٌ ، ثمَّ ادْخلِ الجنةَ بِسلامٍ
الآن نصل إلى درجة عالية جدا ورفيعة المستوى وهي مرتبة الشرف الأولى كما حددها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال:
<< واعلَم أنَّ شرَفَ المؤمنِ قيامُ اللَّيلِ ، وعزَّهُ استغناؤُهُ عنِ النَّاسِ >>
إسناده حسن.
ساحة النقاش