وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35).
( البقرة ).
كرامة الإنسان تكمن في فكره
( باسكال)
(من كتاب قوة التفكير للدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله )
بعد مرور 1400 سنة على الرسالة المحمدية، يثبت غير المسلم أن الإنسان هو أكرم المخلوقات إن استقام فكره.
وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
وهاهنا تكمن كرامة الإنسان، فيما علمه ربه، وفيما أعطاه القدرة على التفكير والتمييز ومعرفة الحقائق وتحليل المواقف والبحث والتأمل والتدبر والقدرة على إتخاذ القرار وسرعة البديهة.
قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
بعد أن علمه ربه جعله يواجه بما تعلم أرقى مخلوقات الله، وهم الملائكة، ملائكة النور والرحمة، ملائكة التسبيح والتقديس لله رب العالمين، وهم أيضا لهم قدرة على التمييز، وتحليل المواقف الذهنية، ولهم أدب وذوق رفيع، فقد كتموا ما لا يليق من الكلام.
إذا أنت كريم بما لديك من نور الله، أنت كريم بما حفظت من كتاب الله، أنت كريم بإتباعك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنت كريم بإيمانك، وبفكرك ، وبكلامك ، وبتصرفاتك، وبتعاملاتك..
أنت كريم بتلبيتك لنداء ربك، فتحفظ لسانك وذلك بحفظ أفكارك، وإلا دخلنا في زمرة المنافقين والعياذ بالله، الذين قد اختلف ظاهرهم عن باطنهم.
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
كلما حدثتك نفسك بمعصية قل لها اختشي على دمك، ألا تستحي من الله الذي أسجد لك ملائكته وأنت لازلت في ظهر آدم عليه السلام؟
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
صفتان لإبليس عليه اللعنة هما الإباء والإستكبار، فكلما أبت عليك نفسك طاعة لله قل لها هذه صفة الشيطان، والشيطان في النار هو وكل من اتبعه، وعذاب ربك شديد
أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ
ولابد أن نعلم أن الإباء يحملك قهرا إلى الإستكبار ولو بعد حين، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من الكبر، ثم إن الإباء والإستكبار يحملانك بسرعة البرق إلى الكفر والعياذ بالله.
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35). ( البقرة).
أسكن الله آدم عليه السلام وزوجه الجنة، ثم أهبطه إلى الأرض عندما عصى، لنتذوق نحن الفارق الكبير بين توبة آدم عليه السلام ومعصية الشيطان والعياذ بالله.
نحن هنا في هذه الدنيا لنتعظ ونتعرف على قضاء الله وقدره الذي لا يمكن أن يكون في الجنة، لأن الجنة للنعيم المقيم وهي للخلود وهي للمتقين.
كرامة الإنسان تكمن في فكره
إن كانت أفكارك محترمة، فنفسك هي أول من سيحترمك، وإن كانت أفكارك نيرة ( يعني من النور ) فحياتك كلها منيرة وسيحترمك كل من يراك حتى عدوك، والوحيد الذي سيحاول جرك إلى الظلام وإلى النار هو الشيطان الرجيم فاتخذه عدوا واترك عداوة الناس فما لهم في الدنيا من بقاء ولا خلود.
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)(فاطر).
والتغلب على هذا الشيطان الرجيم لن يكلفك غير كلمات تقولها بصدق فيخنس ويصغر ويذهب إلى جهنم وحده فهي مصيره المحتوم:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ.( الأعراف )
أما الآن أعتقد والله أعلى وأعلم أنكم أصبحتم جاهزي ومستعدين لحمل وصايا رب العالمين، تلك الوصايا التى وضع فيها ربنا المنهج كله، والتى بها سيقومنا ربنا فنستطيع التحرير، تحرير أنفسنا وعقولنا وقلوبنا وأوطاننا.
كفاية عليكم ماعرفتم من نداءات سورة البقرة، ضعوها نصب أعينكم، أجعلوها مفاتيح النجاح والفلاح والتقدم ورضى الرحمن إن شاء الله تعالى.
لا تفرطوا في أي حرف من كتاب الله مما مر علينا، أجعلوا النداءات أو خلاصتها هي الأخلاق التى ستتحلون بها بعد كل مرة تتخلون فيها عن خلق سيئ وقبيح أو عادة سيئة.
إن فعلتم فأنتم بإذن الله ممن قال الله فيهم :
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
غدا إن شاء الله سأضع لكم ملخص النداءات مرة أخرى، ثم في رمضان إن بلغت رمضان سأضع لكم ملخص المنهج الإسلامي كله والذي خصصه ربنا تبارك وتعالى لشباب هذا العصر عصر الأليكترونيات والكلوبات والشاتيات والكاسيات العاريات، حفظنا الله وإياكم من المهالك..
اللهم بلغنا رمضان، وأجعلنا فيه من المعتوقين من النار، وطهر قلوبنا وعقولنا وأفئدتنا من كل ما علق بها ويعوق مسيرتنا إليك..
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
ربنا واجعلنا من أولي الألباب الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، وأجعلنا اللهم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه...
وصل اللهم وسلم وبارك على الحبيب المصطفى الذي بعثته بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين.
ساحة النقاش