لو قدر لرياض السنباطي أن ينشأ في بلاد تؤمن بالموسيقى وسيلة للارتقاء بالشعوب لبلغت الموسيقى العربية شأنا غير الذي هي عليه اليوم.
لو قدر له ذلك حقًا، لكنّا اليوم نعيش زمانًا موسيقيًا عربيًا آخر تذوب فيه الفوارق بين المحلية والعالمية من حيث قيمتها وتأثيرها، بين الذات الفردية والذات الاجتماعية، بين الأنا والآخر. زمان ستكون فيه الموسيقى العربية لغة انسانية عالمية عابرة للزمان والمكان ذات فلسفة ومضمون يعبرّان عن الحياة والحب والجمال، وفلسفة نجد انعكاسها على الخير والقيم الانسانية.
تأخذك أعمال الموسيقار رياض السنباطي من عالمك الى عوالم بعيدة تسكن في خوابي الماضي، تستلهم ذاكرة الجذور، ثم تعرج بك الى مستقبل النبوءة. كأنها تبشر بزمان آخر.
هي درر فنية نفيسة كان السنباطي ينثرها في حياتنا الفنية والثقافية. عثرنا على بعضها وما يزال محار كثير ينتظر. درر لم تلق ما تستحقه من رعاية وتقدير على مستوى التوجه الثقافي للدولة، منذ أفول نجم الحقبة الناصرية التي تألق وزراء الثقافة فيها وتنافسوا في إعلاء شأن الفن والثقافة، لا في مصر وحدها بل في الوطن العربي ككل.
و«أشواق» درة من هذه الدرر. نحاول اليوم أن نكشف بعضا من أسرارها كنموذج لعمل فني بديع يشدك الى الأعماق لتقطف لؤلؤة ثم يرفعك الى الأعالي لتقطف نجمة. هذا العمل الكلاسيكي البناء والرومانسي الانتماء قد بلغ آفاقا تعبيرية متجاوزة في عمقها للمألوف في تلحين القصيدة العربية التي يعدّ السنباطي أستاذها بحق، لما يتميّز به من فهم عميق للنص وأبعاده ورؤاه وقدرته الفائقة على دفعه نحو آفاق أوسع وغايات أبعد. فبقدر ما يعبّر السنباطي بدقة متناهية عن المعاني بقدر ما يكون متجاوزا حتى، لكأن موسيقاه تكتب نصها الخاص دون خيانة للنص الأصلي بل تدفعه الى آفاق تعبيرية جديدة بالغة الجمال والشعرية ما خطرت ربما على قلب الشاعر فتغدو القصيدة بين يديه عالما من الجمال المتراكم.
أترانا أمام ملحّن فقط أم أمام شاعر يكتب بالنغم يضيف ويثري ويتجاوز؟
حيرة محببة
يوقعنا هذا العمل الرفيع في حيرة محببة بين مقاصد النص الذي لا يخلو من إشارات ملتبسة وطموحات الموسيقى. لكن عمق الخيال السنباطي وأسلوبه الروحاني المعروف اختار في مقدمته الموسيقية الأخّاذة أن يحسم أمر هذا التأرجح بين درجات الحب، وأبى الا أن يبلغ العاشق مقام الوجد. هذا الالتباس الجميل في نص مصطفى عبد الرحمن، وفي بعض مفرداته ــ الجوى / الشك / الضلال ــ يشعِرنا في لحظات أننا أمام نص يكاد يلامس حالة من حالات الحب في عالم المتصوفة. حتى اذا رسونا على مشارف التحرر من أغلال بشريتنا، أعادنا الشاعر مرة اخرى الى حقيقتنا الانسانية في مواكبة عبقرية للسنباطي الذي عبّر بحساسية بالغة عن حركة الروح في الصعود الى الأسمى ثم الهبوط الى الأدنى. من خلال مقامَي النهوند والرست اللذين يتبادلان في متن القصيدة وظيفة الإيحاء والتعبير الشجي عن طرفي الصراع بين مادية العشق وروحانيته، وبين واقعيته وخياليته. وفي المنتصف يحتل المشهد اللحني مقام البيّاتي الذي سيكون حلقة الوصل والفصل بين عالم الخيال المشوق وعالم الواقع.
والمتأمل في المقدمة الموسيقية لقصيدة «اشواق» لا يمكنه بحال من الأحوال إلا أن يقف مذهولًا أمام هذه العبقرية الموسيقية المرتكزة الى حدس ملهم وقلب مستهام وإحساس مرهف لا يمكنه الا أن يستنتج أنه ليس أمام عمل عقلي بل حدسي الانطلاقة والالهام، ينقلنا الى عالم غير مرئي، الى عالم الروح بكل صفائه وبراءته.
تبدو المقدمة الموسيقية بمثابة حوار درامي على مستويين. الأول خارجي بين آلة العود المنفردة والأوركسترا، والثاني حوار داخلي بين العود وذاته تجسِّده حركة اللوازم الأخّاذة التي يعزفها العود منفردًا في تنويعات مقامية بديعة ترفد المقدمة بروافد جمالية تسمو بها فوق التصنيف المقولَب. لكأن المقدمة سيمفونية صغيرة تضمنت في طياتها قالبَي الصوناتا (المقطوعة التي تكتب خصيصا لآلة منفردة) والكونشيرتو (الحوار بين آلة منفردة والأوركسترا). ويمضي لحن المقدمة الموسيقية في احتدامه كلما اقتربنا من مطلع القصيدة كقلب يزداد خفقانه كلما اقترب من بلوغ المرام، حيث تتوحد الوَتَريات في التعبيرات الصاخبة الدرامية وتتآلف آلات الأوركسترا جميعها للتعبير عن هذا الاحتدام. احتدام يبلغ ذروته ثم ما يلبث أن تهدأ حركته فتختفي الآلات الإيقاعية المصاحبة، ويسلّم السنباطي خواتيم المقدمة للوتريات (الكمنجات والتشيللوهات) وحدها، لتبدو كأرواح معلقة في الهواء، هائمة تتلفت باحثة عن خليل طال غيابه، فيحاورها العود كأنها استغاثة الروح والجسد اذ يتجاذبان الشوق الى لقاء الحبيب.
يستهل السنباطي القصيدة بغناء مُرسل دون إيقاعات على خلفية من العزف الشجي المصاحب للغناء مما يعطي للتعبير الأدائي عمقا وتكثيفا شعوريا شديد التأثير. من مقام النهوند على (اللا) يغنّي السنباطي من درجة منخفضة نسبيًا تلائم حالة الشجن المقيم الذي إعتادته النفس حتى بات هتافها أو نداؤها الى المناجاة أقرب:
«أيها الناعم في دنيا الخيال / تذكّر العهد وماضي الصفحات»
ثم يواصل مناجاته صعودا بشكل متدرج أفقيا في البيت الثاني الذي يبدأ باستفهام:
«أعلى بالك ما طاف ببالي / من ليال وعهود مشرقاتِ؟»
لا رأت عيناك شكّي وضلالي/ وحنيني ولهيب الذكرياتِ»
من النهوند الى البياتي
عند هذا الحد يقف مقام النهوند ليسلّم زمام اللحن لمقام طروب كثير السلطنة هو مقام البياتي الذي يحتل من قصيدته اللحنية واسطة العقد، ترافقه الإيقاعات للتعبير عن واقع يستعيده من الماضي. واختار السنباطي مقام الرست للتعبير عن الواقع الآني المعاش في الحاضر. وفي هذا الاختيار إحساس شديد الرهافة، فهو هنا يستعرض تلك الصور التي حدثت في الماضي وأصبحت اليوم مجرد ذكرى. البياتي اذًا هو المنطقة الوسطى أو حلقة الوصل بين الخيال والواقع، اي انه المقام المناسب للتعبير عن الواقع المعاش في الماضي. وهو المقام المسيطر في منتصف القصيدة. والبياتي في هذه القصيدة البديعة ثلاثي الأبعاد والغايات.
ــ بياتي بطعم الحسرة
«... عندما يعرضها الماضي لعينيّ /
«صورًا تجلو الذي ضّيعتَ مني من ليال بهوانا راقصاتِ».
ــ وبياتي ثانٍ بطعم البهجة والسرور حين يستعرض شريط الذكريات السعيدة مصحوبا بإيقاعات
«هتف الصبح وغنّى بنشيد / رائعَ اللحنِ شجيّ النغماتِ»
«كالُمنى تقبل كالحلم السعيد/ في خيال كابتسام الزهرات»
بيد اني لا أبالي بالوجود/ وأمانيه الحسان النيرات».
تستوقفنا في هذا البيت كلمة «خيال» الذي شكلت انعطافة لحنية سريعة نحو مقام آخر بما يناسب السياق اللحني الذي إختاره السنباطي للتعبير عن كل ما هو من قبيل الخيال. والتمني. وكأن السنباطي أراد ان يكبح جموحَ نفسه اللاهثة خلف سراب ويذكرها.
أما البياتي الثالث فيغنيه السنباطي من جوابه، لعل الحبيب الذي أشاح بقلبه يسمع ويلبي:
«إن يكن قلبك لا يسمع لحني/
فلمن يا فتنة الروح أغني؟ للهوى سر المعاني الخالدات».
الآهات الثلاث
ثم ينتقل الى مقام الحجاز كار عبر لازمة تمهد للمقطع التالي. ومقام الحجاز هذا مقام شديد الايحاء بالجوى وبحرقة الفراق. وهو مقام يمنحك الإحساس بالعمق والبعد والترحال ما يجعله مناسبا للتعبير عن البعد التاريخي. من هذا المقام الساحر صاغ الاستاذ محمد عبد الوهاب مقطوعة «جبل التوباد» من مغناة «مجنون ليلى» التي غناها هو وأسمهان. هذه اللازمة الحجازية الرائعة التي تطلق الوتريات من خلالها آهاتها الخاصة في كل اتجاه صعودا ثم هبوطا، هيأت المناخ لدخول المقطع ــ الذروة في القصيدة اللحنية، مقطع الآهات الذي بلغ فيه السنباطي أعلى مستويات التعبير اللحني والأدائي.
فهذه الآهات الثلاث التي يتردد صداها في أرجاء الكون الفسيح ليست سوى زفرات من نشيج الروح تكابد شوق الشوق وترتجي املا جلّ أن يتحقق. أتراها مناجاة انسان لإنسان؟ لسنا ندري بالضبط. لكأن القلب من شدة الجوى قد تبدلت أحواله وثقلت أحماله فبات يتطلع الى التخلص من علائق الدنيا الى ما هو اسمى وأعلى، حتى لتخال الحبيب المنشود هنا مَلَكًا. أو لعله قيمة أو معنى.
«آه لو تسمعني
«أشكو الجوى يا حبيبي
آه آه آه لو تسمعني».
هذا الدفع بالتأوه الى حالة النزف الروحي هو من خيال الملحن لا الشاعر. لذا تراه يكرر المقطع واللازمة و«الآه» ثلاث مرات ليكون التأثير أكثر نفاذا.
ومن عجيب خيال السنباطي تلك اللازمة البديعة التي يعود فيها الى مقام البياتي في استخدام رابع وبديع. هي لازمة تتقدم فيها الإيقاعات وتتّقد حركة الكمنجات لتعبّر عن الحركة النفسية المحتدمة لتخلق مناخا أقرب الى الاحتفالية لكنها احتفالية النيران المشتعلة في كبد العاشق ومهرجان الألم الذي يجرح قلبه...
«وترى القلب ونيران الهوى ولظاها / ودموع الشجن لترفقت بقلبي
فانطوى ما بقلبي من هوى أرقني».
حتى اذا هدأ الأجيج الذي تعبّر عنه اللازمة الموسيقية التي تلي بنحو مدهش، عاد ليستسلم من جديد فيعود اللحن الى الهبوط ليستقر عند كلمة «أرقني»، تمهيدًا لجملة لحنية هادئة شديدة التعبير عن حالة الاستسلام تلك، يعقبها سؤال ملؤه الحسرة والأسى عن أيام خلت من مقام البياتي ايضا حتى تكتمل دائرة الحالة الشعورية السائدة في هذا المقطع:
«أين أحلام شبابي؟ أين مني؟ أمسيات من فتون وتمني وعيون الدهر عنا غافلات».
ثم انتقالٌ مقاميٌ سَلِس الى النهوند في المقطع التالي بعد لازمة هي امتداد لكلمة «غافلات» لتكثيف المعنى تستقر على مقام البياتي على «اللا» في صياغة لحنية بالغة العذوبة والجمال، يتجلى فيها إحساس السنباطي المرهف، وفهمه العميق للمعاني وللغة الشعرية في نص مصطفى عبد الرحمن. في المقطع التالي:
«يا حبيبي أيقظ الماضي شجوني
حينما طافت رؤاه في خيالي
«وتلّفت بعيني ليقيني
«فإذا الحاضر كالليل حيالي
واذا بي قد خلت منك يميني
وانطوى ما كان من صفو الليالي».
هو النداء الثاني يصوغه ذوق الملحن الرفيع من مقام النهوند تماما كالنداء الأول مما يخلق نوعا من الترابط يشد طبقات البناء اللحني والشعوري بعضها الى بعض، ويحافظ على وحدةالموضوع.
ولا يخفى على المتأمل في تلحين هذا المقطع كيف استطاع السنباطي أن ينجز هذا التحول السحري للمعاني الذهنية الى موسيقى شديدة التعبير عنها كأنها هي هي. ففي الابيات الأربعة الأولى يرسم في صعود لولبي متدرج ملامح ذاك «الطواف» بريشة النهوند. المقام البحر الذي تتيح نغماته الشجية التعبير عن الإبحار في الذاكرة واستحضار ماضٍ برمته نظرا لرحابته وسعة اشتقاقاته، حتى اذا فاجأته لحظة الصحو أيقن أنه كتب قصة حبه على الماء.
«وتلفت بعيني ليقيني /فإذا الحاضر كالليل حيالي».
يقين الشِعر ويقين الموسيقى
هذا «اليقين» الشعري هو ذاته «اليقين» الموسيقي الذي صاغه السنباطي من الطبقة المنخفضة. فأعماق النفس هي مستقر اليقين، فيما لحن كلمة «عيني» من منطقة أعلى تليها لازمة صغيرة جدا هي بمثابة جسر للعبور من إيهام العين الى حقيقة اليقين،هذا «اليقين» الشعري هو ذاته «اليقين» الموسيقي الذي صاغه السنباطي من الطبقة المنخفضة. فأعماق النفس هي مستقر اليقين، فيما لحن كلمة «عيني» من منطقة أعلى تليها لازمة صغيرة جدا هي بمثابة جسر للعبور من إيهام العين الى حقيقة اليقين، إذ إنّ العين لا ترى الا ظاهر الأشياء التي تطفو على السطح وقد تخدعنا. هكذا تتّضح لنا موسيقيًا الجدلية بين عين اليقين الثاقبة ومحلها البصيرة ويقين العين الخادعة ومحلها البصر. ثم يعود الى واقعه المادي الخالي من حضور الحبيب فتراه يعبر عنه بالانتقال السلس الى مقام الراست:
«واذا بي قد خلت منك يميني / وانطوى ماكان من صفو الليالي».
هذا الغياب المادي كان يحتاج الى مقام وصفي واقعي الإيحاء قادرٍ على تصوير هذا التجسيد المتمثل في قول الشاعر «واذا بي قد خلت منك يميني ..»، فكانت هذه التحويلة المعبرة جدا من مقام الخيال (النهوند) الى مقام الواقع (الرست)، ليختم أخيرا فصول هذا الشوق الجارف بطلبٍ يصحبه توتر نفسي حاد يبوح بحالة من الرفض والتمرد على هذا الحرمان. يترجمه الشاعر بصيغة الأمر التي ختم بها القصيدة ويترجمها الملحن موسيقيًا بملامسة مقام الكورد الدرامي بارتفاع وتيرة التوتر للتعبير عن الخروج من واقع الاستسلام الى آفاق التمرد والثورة المفتوحة على جميع الاحتمالات:
«طال بي شوقي لأيام التغني
وليال كن بعضي غاب عني
فأعد لي ما انطوى من بشريات».
هل السنباطي تقليدي؟
ما نلحظه في هذه الابيات الثلاثة هو ذلك المد في لفظة «طال» المناسب تماما لطول المعاناة وثقلها، وكأنه أراد أن يضع الحبيب أمام طول المعاناة حتى يمهد لنفاد الصبر الذي بدأ يتسلل في البيت الثاني حيث الصعود التدريجي مع عبارة «غاب عني»، حتى بلوغ الذروة في البيت الأخير واللازمة الختامية التي تتلاشى تدريجيا على طريقة الـFondu ferme بلغة السينمائيين، اي الاختفاء التدريجي للصورة حتى يطويها الظلام. من هنا يمكننا القول إن موسيقى السنباطي هي لغة تصويرية تكاد تراها.
تتجاوز قصيدة أشواق حدود التصنيف الموسيقي بين قديم وحديث أو كلاسيكي، أو رومانسي، او حداثي. هي تجمع كل هذه المدارس، بعناصرها وخصائصها النابعة من هوية الموسيقى العربية في ضفيرة واحدة لا على طريقة القص واللزق أو التفكيك والتتابع الركيك لهذه العناصر كما نراه في أعمال آخرين أسهموا في تفكيك وحدة البناء الموضوعي للأغنية العربية منذ بداية السبعينيات التي شهدت تحوّلات سياسية وثقافية كبيرة أثرت كثيرا على الفنون بشكل عام والموسيقى بشكل خاص. نحن هنا أمام عمل لا يكاد يتنوع الا ليتوحد.
ان التجديد عند رياض السنباطي يتجاوز الأشكال والبناء. هو حركة داخلية وينابيع عذراء تتفجر من روح السنباطي ووجدانه ورؤاه وإحساسه الخاص بالجمال. لذا نجد أن العديد من الكتابات النقدية تنحو نحو اعتبار السنباطي تقليديا في تناوله للمقامات الموسيقية. ذلك أنهم ينظرون بمجهر أكاديمي لا بمجهر جمالي. صحيح ان السنباطي في هذا العمل استخدم مقامات تتداخل في تكوينها واجناسها ودرجات ركوزها، ولم يلجأ الى الغريب او النافر، وهذا ما يعتبره بعض النقاد تقليديا. ذلك انّ السنباطي يعنى قبل اي شيء بتحويل النص الشعري الى نص موسيقي يعبر عنه بمنتهى الامانة والصدق وبتكثيف الحالة الشعورية التي يعبر عنها النص. فهو عاشق للكلمة أمين عليها، عميق الاحساس بها، هي قنديله وهداه. وهو في ذلك يتفوق من وجهة نظرنا على جميع أقرانه بما فيهم الأستاذ محمد عبد الوهاب...
هو تارة جديد وتارة أخرى قديم. وهو كلاسيكي جدا احيانا وحديث جدا أحيانا اخرى، وفق ما يتطلبه النص الشعري. القيمة الجمالية اذًا هي منطلق رياض السنباطي ومقصده، مبتداه ومنتهاه.تكمن حداثته في لغته الموسيقية لا في المدرسة الموسيقية التي ينتمي اليها. في قدرته على التطوير المستمر لتقنياته واساليبه وفي إيحاءاته النغمية وقدرتها على الربط بين الدلالة اللفظية والصورة الموسيقية والانفعال الوجداني، اي توظيف الصورة الموسيقية لتجسيد المعنى وروح النص. فاللغة الموسيقية ليست مجرد مقامات وأوزان، هي طريقة في التفكير والرؤية والتأمل. هي تلك العلاقة الحميمة بين العمل الفني والسلوك الجمالي التي تتبدى في العلاقة بين الشكل والمضمون وآليات الربط بينهما. هي تجربة رؤيوية خاصة اذًا، من العبث اخضاعها للتصنيف. والتقليدي حقا ليس في موسيقى السنباطي بل في رؤية بعض النقاد وتصنيفاتهم. فهو تارة جديد وتارة أخرى قديم. وهو كلاسيكي جدا احيانا وحديث جدا أحيانا اخرى، وفق ما يتطلبه النص الشعري. القيمة الجمالية اذًا هي منطلق رياض السنباطي ومقصده، مبتداه ومنتهاه.
هذه القيمة هي التي تصنع الفرق بين الموسيقى الخالدة التي تتحدث لغة انسانية عالمية وتلك التي يأسرها عصرها وقوالبها فيطويها الزمان.هذه القيمة هي التي تصنع الفرق بين الموسيقى الخالدة التي تتحدث لغة انسانية عالمية وتلك التي يأسرها عصرها وقوالبها فيطويها الزمان.
سمر محمد سلمان
صحافية وناقدة موسيقية.
https://www.youtube.com/watch?v=Nka4a4m-_zI&t=2s