الغرض من مقالي هذا ليس تصيدا لأخطاء أحد العلماء المرموقين و الذى أقدره و أكن له كل الإحترام، و لكن الغرض هو تسليط الضوء على مشكلة حقيقية.
ياسر برهامى الشيخ و العالم السلفي و هو أحد أعلام الدعوة السلفية يقول في حوار مع منال الطيبي المنسحبة من الجمعية التأسيسية و المعترضة على زواج الأطفال، يقول برهامي لها "هل أنت مؤمنة بالقرآن؟", ياسر برهامى ربط تفسيره أو قناعته بأحد التفسيرات لآية في القرآن بالإيمان بالقرآن نفسه! و هو بالمناسبة إرهاب فكري و استبداد ديني واضح و مرفوض.
للأسف بعض "العلماء" يفهم الشريعة حسب منظور ضيق، و من ضعف تفقه عامة المصريين بالدين فهم يسمحون لبعض التيارات الإسلامية بتحديد أحكام الشريعة بل و سوف يشرعون خلال أسابيع القوانين وفق تفسيرات قديمة لم يتم مراجعتها و هذا لأنهم لا يريدون ببساطة إعمال العقل.
http://www.youtube.com/watch?v=_JbXgSXnbjo
أنا لا أفقه شيئا عن التفسير و الآتي هو نقل و ليس رأي خاص. و الآية موضع الخلاف هنا تحدد فترة العدة بعد الطلاق. و افترض المفسر ان الله عز و جل عندما حدد عدة الطلاق للائي لم يحضن انه يقصد البنات اللائي لم يبلغن سن البلوغ و الحيض بعد و بالتالي الآية تقر ضمنا زواج الأطفال قبل البلوغ. هو منطق مغلوط لأن المرأة المطلقة يمكن أن تمتنع عن الحيض لأسباب كثيرة و ليس لأنها بنت صغيرة لم تحض بعد.
و في مقال في جريدة المصريين و هي بالمناسبة جريدة ذات انحياز سلفى واضح يستخدم الكاتب اللغة و الاسلوب القرآني في البلاغة ليدحض به هذا التفسير المغلوط في إطار دعوة لمراجعة الملفات الشائكة و هي جرأة غير معهودة للتيار السلفي و هذا يحسب للكاتب و الجريدة. رابط المقال
كما قلت الغرض من مقالي هذا ليس تصيدا لأخطاء أحد العلماء و لكن لإظهار المشكلة الحقيقية و هي أن البعض يريد أن يطبق الشريعة من منظوره الضيق و في نفس الوقت يريد إقصاء باقي التيارات و المؤسسات الدينية بحجة أنهم انحرفوا عن صحيح الدين. نحن في صدد تيار رافض لإعمال العقل يدعي أنه يمتلك الحقيقة وحده. و المأساه أن الإخوان لأغراض سياسية بحتة أعطوا السلفيين اليد العليا في كتابة بعض مواد الدستور حسب أهوائهم، على حساب الأزهر. و الآن هم من يشرعون القوانين في مجلس الشيوخ وفقا للشريعة كما يفهمونها!
و المبشر في هذا الموضوع أن انفتاح التيارات و الأيدولوجيات في جو صاخب و مليئ بالصراعات السياسية و الفكرية، هو ليس شرا كله بل هو صحي و مثمر و سوف ينتج عن الصراعات مراجعات من داخل الفصائل نفسها لتقريب وجهات النظر و الوصول إلي الطريق الصحيح. و لكن بشرط وهو أن يعترف كل فصيل أنه لا يمتلك الحقيقة المطلقة و ألا يجور كل فصيل على الآخر في حقه على الاعتراض و الأخذ برأيه. و هذه هي الديمقراطية التي نريدها و لكن هيهات.. فالديمقراطية أصلا حرام!!