أسماك تغذينا بالزئبق السام
إعداد/ طحمد شهاب
هو ذاته المعدن السائل، الذي اعتقد إسحق نيوتن، بأنه مصدر الذهب، أصبح في يومنا هذا، أحد مكونات الدهانات، المصابيح الفلورسنتية، البطاريات، لقاحات الأطفال، موازين الحرارة وحتى حشوات الأسنان المسماة بالفضية، التي تحتوي على 50 في المائة منه، إنه الزئبق. نشرت إدارة الغذاء والدواء الأميركيّةUS Food and Drug Administration في تقاريرها الأخيرة، أن معظم أنواع الأسماك الدهنيّة وعلى رأسها أسماك التونة، تحتوي على كميّات من عنصر الزّئبق، التي تضرّ بصحة الإنسان، خصوصا، الأجهزة العصبية والهضمية، جهاز المناعة، الجهاز التناسليّ، الرئتين، الكليتين والعينين. فيما تجري مراكز البحوث، إستقصاءً عن علاقة الزئبق بأمراض: ألزهايمر، باركنسون، إضطراب نقص الإنتباه والتصلب المتعدد.
كيف ولماذا؟
تقول منظمة الصحة العالمية (who)، أن الإنسان ذاته، هو المسبب الأول لإطلاقات الزئبق في البيئة، إبتداءاً بالغازات التي تطلقها محطات توليد الطاقة، (في الولايات المتحدة وحدها، تضخ محطات الكهرباء، التي تدار بالفحم وحدها، نحو 50 طناً من الزئبق في الهواء سنوياً)، إلى محارق النفايات، مروراً بنُظُم التدفئة السكنية وصولاً إلى عمليات تعدين الزئبق والذهب ومعادن أخرى. ويتحول هذا الزئبق إلى أمطار، تهطل على المحيطات، البحار، البحيرات، الأنهار والجداول المائية. بعدها، تعمل العضويات الموجودة في المياه، على تحويله إلى مركبات الزئبق العضوية – مثيل الزئبق CH3Hg، لتمتصُّ الأسماك الصغيرة وقشريات البحر، ميثيل الزئبق، عندما تتغذى من هذه المياهِ. إلى أن تنتهي السلسلة، بالتهام الأسماك المفترسة الكبيرة، تلك الأسماك الصغيرة والقشريات، بما فيها من ميثيل الزئبق CH3Hg وهو أحد مركبات الزئبق العضوية، شديدة السمية. قد يتساءل بعضنا، طالما تحتوي معظم أنواع الأسماك والمحاريات، تقريباً، على مقادير ضئيلة من ميثيل الزئبق، لماذا توجد مستويات أعلى من ميثيل الزئبق في الأسماك الأكبر حجماً والأطول عمراً؟ الجواب يكمن في أنها تعيش عمراً أطول. وبالتالي، لديها وقت أطول لتجميعه في أجسامها. كما يعود السبب، إلى الكميات الهائلة التي تلتهمها من الاسماك والقشريات، الملوثة أصلاً بالزئبق.
التسمم
نبدأ بحقيقة لا جدال فيها: إن الزئبق mercury مادة سامة وخطيرة، بصورة فظيعة. فنقطة واحدة منه، على أي عضو في جسم الإنسان، قد تكون مميتة. كما أن نقطة واحدة منه، في أكبر بحيرة، قد تجعل كل السمك الموجود فيها غير صالح للأكل. ومن اعتاد أكل تلك الأنواع من الأسماك، التي تحتوي على مستويات عالية من ميثيل الزئبق، بشكل منتظم، يتعرض أكثر من غيره، لتراكم ميثيل الزئبق في دمائه، مع مرور الوقت. يمر ميثيل الزئبق الموجود في لحوم الأسماك والقشريات، بسهولة عبر أمعاء الإنسان، وصولاً إلى الدم؛ ومنه يتوزع إلى جميع الأعضاء والأنسجة. إلا أن تأثيره، يبلغ أقصاه في الدماغ. وحتى يومنا هذا، لم يستطع العلماء تفسير سبب إحتياج الزئبق لشهور كي تظهر تأثيراته. إلا أن هؤلاء العلماء، قالوا إن الجسم البشري، يمكنه أن يتخلص من ميثيل الزئبق بشكل طبيعي، لكن ذلك يستغرق سنة كاملة.
التونة الزرقاء
تستوطن سمكة التونة، “زرقاء الزعنفة”، مياه البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. يصل طولها إلى أكثر من مترين ويتجاوز وزنها نصف طن. قد تعمر حتى تبلغ الأربعين عاماً وتعتبر من ألذ الأسماك، سواء أكانت طازجة أم معلبة. إلا أن تناولها بكثرة، ضار جداً، كونها تحتوي على نسب عالية من الزئبق، خصوصاً نوعي التونة سوداء الزعنفة blackfin والتونة زرقاء الزعنفةBluefin . وتوصي منظمة الصحة العالمية، بألا يتجاوز تركيز الزئبق في أسماك التونة الزرقاء 500 جزء من البليون. لكن الأرقام تشير إلى أن نسبة الزئبق، في بعض تلك الأسماك، قد تصل إلى 20000 جزء في البليون. ولذلك، تنصح المنظمة بعدم الإكثار من تناولها. الماكريل
Mackerel يطلق على هذا النوع إسم«الإسقمري الياباني»S.japonicus أو «إسقمري المحيط الهادئ»، إذ يستوطن الجزء الغربي من هذا المحيط، من أسترالية حتى بحر اليابان. ويوجد أيضاً، في المحيط الهندي، خليج عدن، الخليج العربي، جزيرة مدغشقر وفي البحر المتوسط كله. تحتوي سمكة الملك الماكريل على مستويات عالية من ميثيل الزئبق، فيؤدي تناول وجبات كبيرة منه، إلى الإصابة بالأمراض، مثل الحساسية الجلدية والنوبات القلبية. وإن كان لا بد من تناول الماكريل، فلنحرص على إختيار الماكريل الأطلسي Atlantic mackerel ، فهو أقل سمية!
السمك الخشن البرتقالي
سمكة الخشن البرتقالية Hoplostethus atlanticus، توجد في مياه أيسلندا، المغرب، ناميبيا وصولاً إلى جنوب أفريقيا؛ وبين الهند والمحيط الهادئ (قبالة نيوزيلندا واستراليا) وفي شرق المحيط الهادئ، قبالة تشيلي. تعيش ما حوالى 150 سنة، تحتوي على مستويات عالية من عنصر الزئبق، الذي يؤثر على الجهاز العصبي، مما يتسبب بخدر الأصابع والشفاه، إلى جانب تأخر المشى عند الأطفال.
الرنجة
يحتوي هذا النوع من الأسماك على مستويات عالية من الزئبق، قد تصل إلى 0.01 جزء من المليون. ويمكن العثور عليه في المحيط الأطلسي (من إبرادور إلى ولاية كارولينا الجنوبية). وفي نهر كونكتيكت، البحيرات العظمى وبحيرات على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية. ولا بد من تجنب الإكثار من تناول سمك الرنجة، لأنها على المدى البعيد، تسبب الإصابة بمرض السرطان.
سمك أبو سيف
Xiphias gladiusسمكة كبيره تعيش في المياه الدافئة من البحر والمحيط، لها جسم طويل وملفوف وعيون كبيره وهي وجبة لذيذه لعشاق الصيد. يبلغ طول هذه الأسماك حوالى مترين وتزن قرابة 115 كيلوغراماً. في بداية العام1970، نصحت بعض البلدان بعدم تناول سمك السياف، بسبب كمية الزئبق الخطرة التي وجدت في بعض العينات.
ماذا يمكن لعشاق السمك أن يأكلو؟
توجد خمسة أنواع من أكثر الأسماك شعبية، تحتوي على مستويات منخفضة من الزئبق، هي: الجمبري، التونة الخفيفة المعلبة، السلمون، سمك سيث والسلور والسردين.
ساحة النقاش