موقع بسمة امل العائلى

موقع بسمة امل العائلى للاسرة والتنمية البشرية والتربية الخاصة

 

 

اللبن المتخمر و فوائده العلاجية  

الأستاذ الدكتور/ إبراهيم عبد الباقي أبو عِيانة

أستاذ علوم الأغذية

 

رحل الروسى " إيليا متشينكوف" عن عالمنا 1916م ولم يَرحل حلمه؛ فى توطين بكتيريا حامض اللاكتيك فى الأمعاء، لتَهب للإنسان الصحة و طول العمر، لكن ورثته من العلماء أقسموا ألا يخذلوه. ولم تمر سنوات حتى تحقق حلمه، فأقاموا جيلاً من الألبان والمنتجات المتخمرة، أضافوا لرصيدها من المغذيات والعناصر الحيوية عنصراً جديداً هدفه وغايتة إثراء صحة الإنسان.

ابن سينا سبق متشينكوف:

 

منذ أكثر من ألف عام سَجّل أبو على ابن سينا في كتابة الطبي "القانون" أن الألبان المتخمرة مادة غذائية مُنَشِّطة خاصة لكبار السن. ظلت أفكار ابن سينا تُدَرّس فى جامعتى "لوفان ومونبيلية" حتى عام 1650م. وفي عام 1857م أثبت العالِمُ الفرنسي "باستير" وجود كائنات مجهرية مستقيمة منتجة لحمض اللاكتيك فى اللبن المتخمر، حتى تمكن العالِم البريطاني Sir Joseph Lister, 1878"" من عزل البكتيريا المنتجة للحموضة في اللبن.  لكن يُعد " ايليا متشينكوف" الحاصل على نوبل وصاحب نظرية إطالة الحياة الذي حلم بتوطين بكتيريا اليوغورت (الزبادي) فى أمعاء الانسان معتقداً أنها ستوفر بالأمعاء وسطاً حامضيًا يحد من تَشًكُّل وامتصاص السموم الناشئة عن هضم وتمثيل البروتينات.

إن العَالَم الحديث مَدِين لمتشينكوف بهذه الفكرة السحرية، فهو من أثار انتباه العالم (بعد ابن سينا) لأهمية تناول الأغذية المتخمرة بانتظام، وللأسف، على الرغم من تناوله كميات هائلة من الألبان المتخمرة إلا أنه فارق الحياة عن عمر 71 عاما. حيث غاب عنه أنه من الصعب توطين بكتيريا اللاكتيك التقليدية المُخمرة للـــلبن في الأمعاء؛ فهذا الوسط لا يناسبها.

لكن العلماء لم يكل لهم ساعد ولم يهدأ لهم بال - كعادتهم إن همتهم مُعضلة وأرقتهم مُشكلة -  حتى عثروا على ضالتهم وهي بكتيريا موطنها الأصلى هو أمعاء الإنسان ولها القدرة على تخمر اللبن وكانت هذه بداية ثورة حقيقية في علم التغذية والمنتجات المتخمرة، ليس للألبان فحسب بل لكل الأغذية التي يمكن تخميرها.. أُطلق على هذه البكتيريا Probiotics أو ما يُعرف "بالمحفزات الحيوية". بالتالي فإن الألبان المتخمرة تحتوي على المغذيات الطبيعية فى اللبن (بروتينات ولاكتوز ودهون ومعادن وفيتامينات..) والتى تتحسن قيمتها بعملية التخمر، بالإضافة إلى المحفزات الحيوية التي لها دور بالغ في زيادة المناعة وتحسين التـوازن الميكروبي في الأمعاء من خلال زيادة عدد البكتيريا النافعة مقابل البكتيريا الضارة الموجودة فيها، ولهـا خصائص حيوية فسيولوجية وتأثيرات بيوكيميائية إيجابية لصحة الإنسان. رغم أنه من الأفضل أن تضاعف استفادتك بتناول اللبن المتخمر العلاجي لكن مهما تناولته زبادي أو “لبن رايب" فسيعود بالنفع على صحتك.
<!--

وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فمن الفوائد الغذائية للألبان المتخمرة زيادة المُتاح البيولوجى من عناصر الحديد والزنك والمنجنيز والنحاس والفوسفور والكالسيوم، كما تزيد الكفاءة الهضمية للبروتينات، بالإضافة لزيادة محتوى اللبن المختمر من الفيتامينات.

الدور الوقائي والعلاجي للألبان المختمرة:

 

تُسهم الألبان المُختمرة بشكل فعال في تحفيز المناعة الذاتية، بل ولها دور علاجي ربما غير محسوس إلا أنه موجود وبقوة لكننا لم ننتبه له، أو لعدم تسليط الضوء إعلامياً عليه، لكن الأكيد أنها تمتلك آليات علاجية تبدأ من علاج الرشح ونزلات البرد حتى أخطر الأمراض وسنستعرض هذا الدور بشيء ٍ من التفصيل:

 

·       علاج نزلات البرد والأنفلونزا: هذا ما نشرته مجلة Vaccine   مُؤخَّراً، حيث ثبت بحثياً أن المحفزات الحيويـة تفيد فى عـلاج المرضى المصابين بالأنفلونزا ونزلات البرد، وأظهرت النتائج اختلافاً ملحوظاً في قدرة تلك المحفـزات الحيوية على تقليل حدة وفترة الإصابة وظهور أعراضهما.

خفـض معـدل الإصـابة بارتفاع ضغط الدم والجلطة القلبية بسبب ارتفاع محتواه من الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم، التي تتواجد فيه بصورة متوازنة، كما يسهم تدني محتواه من الـصوديوم في تفعيل هذا الدور الوقائي كما أن نسبة البوتاسيوم إلى الصوديوم فيه 1:3.33، بينمـا تصل نسبة الكالسيوم إلى الفوسفور 1.27 :1، وهي نسب مثالية لصحة الانسان. كما أن الدور المانع للجلطة يتم من خلال عدة آليات منها:

 

1.                  منع تجلط الدم وتجمع الصفائح الدموية والتقليل من مقاومة الإنسولين في الخلايا.

 

2.                  يُخفض مستوي الكوليسترول ويُعتبر من أغذية الحمية.

·       للمحفزات الحيوية القدرة على تحـسين القدرات المناعية للأمعاء من خلال زيادة البروتينات المناعية IgA مما يساعد الإنسان في الوقاية والحمايـة من أنواع الإسهال والالتهابات المعوية، وخاصة عند الأطفال، وكذلك بسبب مقدرتها على تثبيط نمو ونشاط البكتيريا الممرضة المُسببة للإسهال.
·       
تمنع وتثبط نمو الخلايا السرطانية حيث أن للمحفزات الحيوية القدرة على ذلك عن طريق تقوية مناعـة الأمعاء الغليظة، فقدرتها على تغيير درجة الحموضة في الأمعاء الغليظة يساعد في تثبـيط نمو الميكروبات الضارة وما تفرزه من سموم، كما أن للمحفزات الحيوية القدرة على إفراز مواد أيضية تسهم في تثبيط الخلايـا البكتيرية المساعدة في حدوث سرطان القولون وكذلك قدرة تلك المواد على منع المواد المسرطنة مـن إحداث الخلل الجيني، بالإضافة إلى الارتباط بالمركبات المسرطنة ومنعها من التأثير على خلايا القولون.

للــلبن المختمر تأثيراً مليناً ومسهلاً لمرور الفضلات، مما يسهم في الوقاية من خطر الإمساك ومضاعفاته كداء الأمعاء الردبي وسرطان القولون، وإن كانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن هـذا التـأثير يختلـف حـسب المجموعات البشرية وطبيعتها الغذائية ونوع البكتيريا المستعملة في تحضير اللبن المُختمر

للمحفزات الحيوية قدرة فائقة في الوقاية والتخفيف من حدة من بعض الأمراض المناعية مثل التـهاب القولـون المـزمن وداء كرون والتهاب القولون التقرحي المـزمن، ويرجع ذلك إلي:

 

·       قدرة المحفزات الحيوية في الألبان المُختمرة علـى زيـادة إنتاج البروتينات المناعية IgA في القولون.

 

·       التوسط في التفاعلات المناعية في القولون والتقليل من إنتـاج مركبات السيتوكين Cytokines التي تتوسط التفاعلات المناعية المؤدية إلى حدوث الإلتـهاب.

 

·         علاج التهاب القولون: يرى العلماء المتخصصون أن الألبان المتخمرة وما تحويه من محفزات حيوية تُعد من أنجع وأكثر السبل أماناً في معالجة مرضى التهاب القولون المـزمن لخلوها من الآثار الجانبية التي تسببها الأدوية الشائعة.

·       تسهم في علاج قرحة المعدة والإثنى عشرحيث أن للمحفزات الحيوية وبكتريا حامض اللاكتيك قدرة على تثبيط بكتيريـا Helicobacter pylori المسببة لهذه القرح
<!--

·       تُخفض السموم الفطرية: التى تُعد من أهم المواد المسرطنة.

 

·        تُخفض تأثير السموم والمعادن الثقيلة مثل الكادميوم.

 

·        تخفف من حده الغيبوبة الكبدية: حيث للمحفزات الحيوية قدرة على استخدام الأمونيا كمصدر وحيد للنيتروجين فبالتالى تحد من زيادة الأمونيا فى الدم.

 

·       الحد من عدوى القناة البولية التناسلية، هذا ما أكدته بعض الدراسات.

 

·        تخفف من الحساسية لبروتينات وسكر اللاكتوز التي يعاني منها بعض الافراد.

تنتج أكثر من سبع مواد شبيهة بالمضادات الحيوية (تسمي البكتريوسين) تعمل على القضاء على البكتريا الممرضة مثل بكتريا التيفود والدوسنتاريا.

مما سبق يجدر بنا التأكيد على تناول الألبان المتخمرة شتاءً وصيفاً لما لها من تأثير مُنعش ومُرطب ومُهضم ومُقو، بالإضافة لتأثيراتها الوقائية والعلاجية لنزلات البرد وأمراض القولون وضغط الدم والأورام.

احرص علي تناول المنتجات البروبايوتك، فإن لم تجد فعليك بأي لبن متخمر فهو يحمل من النفع الكثير، تناول الألبان المتخمرة على أى صورة وأى مُسمى زبادي، داهي، رايب، كفير، كشك، لبن، يوغورت، روب، خاثر، ﻜﻴﻭﻤﺱ، مقلب او متخثر، مُنكه أو ساده، تناوله فى الصحة والمرض، تناوله صباحاً ومساءًا، عَوّد أطفالك عليه، قدمه تحيه لضيوفك، اصنعيه فى بيتك أو اشتريه من المتجر، تناولوه كما هو أو محلى بالعسل فكل الألبان المتخمرة أيا كانت تؤدي إلى الصحة.

 

==========

المصدر

موقع علم وحياة

المصدر: موقع علم وحياة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 369 مشاهدة
نشرت فى 20 يونيو 2020 بواسطة hassanrzk

ساحة النقاش

حسن عبدالمقصود على

hassanrzk
موقع اجتماعى عائلى يهتم بقضايا الاسرة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

434,137