التوازن الاسلامى للنفس الاسلامية
جوانب النفس الانسانية
والتوازن الاسلامى لها
إن تحقيق التوازن بين جوانب النفس الإنسانية هو السمة الرئيسة في المحك الإسلامي ، الذي يميز بين السـلوك السـوي والسلوك غير السوي فهو يقوم على تحقيق التوازن بين الفرد من ناحية والمجتمع بمنظماته وهيئاته من ناحية أخرى، والكون بأسره من ناحية ثالثة. ويعتبر التوازن هو السمة الرئيسة في المحك الإسلامي، ولذا يمكن أن نطلق عليه «محك التوازن»، لأنه يعتمد على تحقيق التوازن بين جوانب النفس الإنسانية، ويوفق بين النزعات المتقابلة في الطبيعة البشرية، من الخوف والأمل، الحب والكره، الواقع والخيال، الجوانب الحسية والجوانب المعنوية، رغبة الفرد في السيطرة ورغبته في الخضوع،.. ويقوم المحك الإسلامي في السلوك على فكرة التوازن، أو الوسطية، بين الأطراف أو الأقطاب.. والتوازن هنا لا يعني احتلال نقطة متوسطة بين طرفين أو قطبين، وإنما يعني الجمع بين محاسن الطرفين دون عيوبهما.
ويمكن تلخيص بعض جوانب المحك الإسلامي فيما يلي:
الإسلام وسط بين الجماعية والفردية
الاسلام يلغي الحواجز بين الفرد والمجتمع، فلا ينظر إلى الفرد إلا على أنه فرد في جماعة، كما لا ينظر إلى الجماعة إلا باعتبارها جماعة مكونة من أفراد.. وإذا كان المسلم مطالبًا بالانتماء إلى الجماعة، فإنه مطالب أيضًا بإعمال عقله وضميره في كل سلوك، حتى لو انتهى ذلك به إلى مخالفة الجماعة.. فالإسلام ينهي عن الإمعة، وهي تقابل في المصطلح النفسي (المسايرة الآلية)
ولذا فالمسلم مطــالب بمقاومة ضغــوط الجمـاعــة عنــدما تخــطئ أو تنحرف، وعلى ذلك فالمسلم لا يخــاف إلا الله ولا أحد سـواه، ولا يخشى في الحق لومة لائم.. ويخاطب القرآنُ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قائلاً: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} (الأحزاب:37).
الإسلام وسط بين الروحية والمادية
ولكبح جماح شهوة المتعة، والسمو بالسلوك الإنساني، يدعو الإسلام إلى التمتع بالطيبات في حدود ما أحل الله، على ألا ينسينا ذلك حق الله وحق الآخرين علينا: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا} (القصص:77).
السلوك السوي في الإسلام وسط بين العبادة والعمل
: من المعلوم أنه لا رهبانية في الإسلام، فالمسلم مطالب بأن يعمل وأن يتعبد، بدون أن ينسيه أحدهما الآخر: {فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون} (الجمعة:10).
الجمع بين التطوع والالتزام
تمثل الأركان الخمسة في الإسلام قمة الالتزام بالنسبة للمسلم.. وبجانب هذه الأركان الملزمة هناك النوافل والسنن والأعمال التطوعية من مجالات البر والخير، فهي اختيارية، ويثاب عليها المسلم، وليس هناك حد أقصى لما يمكن للمسلم أن يقوم به من أعمال الخير: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} (المطففين:26)،
ولكن كل حسب استطاعته، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
السلوك السوي في الإسلام يتحدد بالوازع الداخلي والوازع الخارجي
يهتم الإسلام بتربية الضمير، أو الوازع الداخلي عند الفرد، ويعتبره الرقيب الحقيقي على أفعاله، لأنه الرقيب الدائم والمصاحب، ولكن الإسلام يعمل حسابًا لأولئك الذين تغلبهم دوافعهم، أو الذين لم ينمُ لديهم الضمير بدرجة كافية، فيقيم الوازع الخارجي رقيبًا عليهم، ورادعًا لهم، وليحميهم من أنفسهم، بدون يأس من أن يعودوا إلى حظيرة الصواب يومًا ما، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
الجمع بين التواضع والعزة
الإسلام يطالب المسلمين بأن يكونوا متواضعين لله وللناس: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} (الفرقان:63)، ويطالبهم بأن يكونوا ذوي عزة ومنعة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقون لا يعلمون} (المنافقون:8).
وبجانب ذلك، فإن السلوك السوي في الإسلام هو توازن بين الحرية والمسؤولية، وتوازن بين الثبات والتغير، وتوازن بين الإيجابية والسلبية.. وهو كذلك يجمع بين المثالية والواقعية.. وبما أن التفكك الأسري ما هو إلا اضطراب في محكات السواء والتوازن لأفراد الأسرة، فإن المحك الإسلامي يبقى هو الأمثل لحماية الأسرة من التفكك.. وإذا أخذ عدة أفراد في الأسرة الواحدة بهذا المحك، فإن من يضل منهم أو يفتقد الطريق، سوف يعود إلى الجادة، أي إلى التوازن بين الايجابية والسلبية.
----------------------
إعداد
حسن عبد المقصود على
موقع بسمة أمل العائلي
ساحة النقاش