ما حكم زوجة لا تطيع زوجها،؟
لسؤال:
ما حكم زوجة لا تطيع زوجها، وتعصيه في كثير من الأمور، وتسبه كالحمار مثلًا، وترد عليه بصوت مرتفع، مما يضطره لضربها بقوة، وتقول له: أنا لا أحبك، ولا أريدك، مع العلم أن لهما طفلًا عمره 10 أشهر، ما هو الحل؟
أرجو إفادتنا في أقرب وقت.
الإجابة:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
إن استقرار الحياة الزوجية واستمرارها، غاية من الغايات التي حرَص الإسلام عليها، وحث الناس عليها؛ فعلى كل من الزوجين أن يحافظ على ما يضمن استمرارها، ويدعم استقرارها، ويقوي أواصرها؛ فيتغاضي عن بعض حقوقه الخاصة، وأن يؤدي ما يجب عليه؛ فالحياة الزوجية حبل متين، وميثاق غليظ.
وإذا كانت العلاقة بين الزوجين موثقة هكذا؛ فلا ينبغي الإخلال أو التهاون بها، ولا إضعافها، ولذلك؛ فإنا ننصح الزوج بالصبر على زوجته قدر طاقته، وأن يذكرها بالله - عز وجل - وما أوجب عليها من طاعة الزوج في المعروف، مع عدم نسيان الزوج أن ينظر في أوجه القصور منه تجاهها، ومبدأ الخلل نحوها فيصلحه، لعل الأمور تستقيم فترجع عن نشوزها.
يقول الله – تعالى -: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19].
يقول الزمخشري في قوله – تعالى -: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ}: "فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها؛ فربما كرهتالنفس ما هو أصلحُ في الدين وأحمدُ وأدنى إلى الخير، وأحبت ما هو بضد ذلك" .اهـ من "الكشاف" (1 / 244).
ولا ينبغي له اللجوء إلى الضرب أولًا؛ لأنه ربما تعدى الحدّ المسموح به في ذلك؛ نظرًا لما قد يصحبه من غضب وانفعال، وإنما يبدأ بالنصح والوعظ؛ كما أرشدنا الله - تعالى - إلى كيفية التعامل مع الناشز، وذلك في قوله - تعالى -: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا* وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 34 - 35]، فبدأ - سبحانه - بالوعظ أولًا، فإذا لم يفد ذلك، هُجِرت في المضجع، فإذا لم يفد الهجر في المضجع، ضُرِبت ضربًا غير مبرِّح.
قال الرازي في تفسيره (5 / 195): "الذي يدل عليه أنه - تعالى - ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى منه إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى منه إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مُجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريق الأخف، وجب الاكتفاء به، ولم يجُز الإقدام على الطريق الأشق، والله أعلم" .اهـ.
قال في "الدر المنثور" (3 / 109): "وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه، عن ابن عباس - {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} - قال: تلك المرأة تنشُزُ، وتستخف بحق زوجها، ولا تطيع أمره، فأمره الله أن يعظها ويذكرها بالله، ويعظم حقه عليها، فإن قبلت، وإلا هجرها في المضجع، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديد، فإن رجعت، وإلا ضربها ضربًا غير مبرِّح، ولا يكسر لها عظمًا ولا يجرح بها جُرحًا" .اهـ.
ومتى استمرت المرأة على نشوزها، ولم يُجْدِ فيها الوعظ والهجر والضرب، ونحو ذلك مما تستصلح به المرأة الناشز، فله الخيار: إما أن يصبر عليها، أو يطلقها.
ونقول لتلك الزوجة: إن طاعة زوجها من أوجب واجبات الشرع، ما لم تكن في معصية الله – تعالى - وهي مقدَّمة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين، ففي الحديث الشريف: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدى المرأة حق الله - عز وجل - عليها كله، حتى تؤدى حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها - وهى على ظهر قتب - لأعطتها إياه»؛ رواه أحمد وابن ماجه، وقال شيخ الإسلامابن تيمية - رحمه الله -: "المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب"،،
والله أعلم
- المصدر: موقع الألوكة
حسن عبدالمقصود على
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش