أملاح وادى النطرون الاستراتيجية
اعداد/ دكتور حسن بخيت
استشارى تعدين-رئيس المجلس الاستشارى العربى للتعدين
هناك خلط فى مفهوم مصطلح الملح عند كثير من الناس بين ملح الطعام الذى يستخدم فى الغذاء والصناعة وبين باقى قائمة كبيرة من الاملاح المعدنية الاخرى مثل أملاح البوتاسيوم وأملاح المغنسيوم واملاح كبريتات الصوديوم وأملاح كربونات الصوديوم ( الصودا اش ) وخلافه .وتلك الاملاح الاخيرة يتم استيردها من الخارج حيث تدخل فى كثير من الصناعات مثل صناعة الزجاج والمنظفات والأدوية وخلافه.لذا عندما نسمع عن استيراد مصر للملح بقيمه تصل الى 3 مليار جنيه فالمقصود بها هذه الاملاح .
لذا فالتحدى هو ايجاد مصادر طبيعة لهذه الاملاح على ارض مصر مما يقل فاتورة الواردات وتشغيل عمالة وتأمين احتياجات الصناعات الوطنية خاصة مع عصر الاوبئة التى قد يتأثر حركة التصدير والاستيراد .
تكلمت فى بوستات سابقه عن املاح البوتاسيوم واملاح الليثيوم والتى تشير بعض الدراسات والابحاث على تواجدهما بمصر ويحتاج الامر خطة لطرح بعض هذه المناطق للتنقيب والتقييم .
وفى هذه المقالة اشير الى ملح هام يتوقف عليه الكثيرمن الصناعات وعلى راسها صناعة الزجاج والمنظفات الا وهو الصودا اش او ما يعرف باسم كربونات الصوديوم او الطبيعى منه والذى يسمى الترونا .
وعندما اتحدث عن الترونا فأكيد اتكلم عن موطنه القديم التاريخى بوادى النطرون والذى تسجله المراجع كونه ممن اقدم الموقع حيث اشتقت منه كلمة الترونا وقد استخدمه القدماء المصريون فى عمليات التحنيط وكذلك فى صناعة الزجاج .
والذى يدهشنى هو عدم وجود محجر او منجم حديث للترونا بوادى النطرون على الرغم من وجود دراسات لفرق اجنبية على بعض المناطق بوادى النطرون والتى تشير الى وجود املاح كربونات الصوديوم بكل صوره ولعلى الصور التى ارفقها مع هذا االبوست صور لانواع من هذه الاملاح .
سئلت احد الزملاء الذين كان لهم جهدا كبير مع هذه الاملاح سئلته هل تم حفر ابار فى هذه المناطق فقال نعم بعض الابار لا تتعدى عمقها 5 متر
بمراجعة اكبر مناجم الترونا بامريكا التى تحتوى على احتياطى 40 مليار وبمعدل انتاج سنويا 17 مليون طن نجده يتحدث عن ترسبيات مننذ حوالي 50 الى 60 مليون سنه خلال عصر الإيوسين اثناء تكوين بحيرات كبيرة ثم جفافها كما تتميز ههذه المناطق بوجود البنتونيت.
المطلوب الان مراجعه الاعمال والدراسات التى تمت على وادى النطرون واستكمال عمليات التنقيب والتقييم سواء بالمناطق التقليديه او الامتدادات الافقيه والدراسات تحت سطحيه.
اوصي بان يكون هناك برنامج حفر متدرج لهذه المناطق حتي مناطق تواجد خام البنتونيت بوادي الحقيف . علما بان مناجم التورنا بتركيا تصل اعماقها الي ما يزيد عن ٢٠٠ متر ويتم استخراج هذه الاملاح بنظام الحقن بالمحاليل الساخنه للاذابه ثم السحب للخارج كأنك تسحب مياه جوفيه ولهذه العمليات تكنولوجيات خاصه بها ثم تستقبل هذه الاملاح واخضاعها لسلسله من عمليات المعالجات المختلفه مثل الترشيح .
و طبقا لبيانات جيولوجيه رواسب الترونا الموجوده بامريكا بيتحدث عن ترسيبات عمرها ٥٠ مليون سنه فمن الممكن ان تكون هناك ترسيبات علي اعماق وكذلك المسح الافقي بعيدا عن المناطق التقليديه حتي الساحل الشمالي.
والتأكد من خلو هذه المناطق من اى املاح ذات قيمه اقتصادية قبل اعطاء اى موافقات للقيام بانشطة عمرانية او صناعية.
وذكر الدكتور مصطفى الحشاش أن إدارة المشروعات بهيئة الثروه المعدنيه لديها دراسات تفصيلية عن الخواص الطبيعيه والكيميائية للصخور الكربونية بالتل الثانى بالساحل الشمالى بمنطقة الحمام حيث تم حصر تواجد الحجر الجيري الصناعى الذى يحتوى على كربونات الصوديوم الصودا اش بكميات تصل إلى ٦٧٤٥٥٦٧ طن.
ويذكر أحد الباحثين أن كل البحيرات العشرة تحولت الي مشروعات سياحية ومباني وصرف صحي عدا بحيرة واحدة ١ كم ووجد بها الكيروسوف لان كل المعالم اندثرت وغزو المباني الخرسانية غطي معظم هذه المناطق..
في سبتمبر 2002 وكذلك عام 2004 قام فريق من جامعة أكسفورد بزيارة وادي النطرون لفحص عمليات المعادن والتكوين وتمت زيارة معظم البحيرات بالتعاون مع هيئة االمساحة الجيولوجية المصرية (EGSMA) وقد تم أخذ عينات للتحليل.
ويذكر ما نشر من تقرير هذه البعثة المشتركة ان وادي النطرون هو منخفض داخلي في الصحراء الكبرى بشمال مصر موازى لطريق القاهرة الاسكندرية الصحراوى غرب مدينة السادات . تصل الأجزاء السفلية من الوادي إلى 23 مترًا تحت مستوى سطح البحر و 38 مترًا تحت مستوى فرع روزيت لنهر النيل. يحتوي الوادي على سبع بحيرات قلوية كبيرة تتراكم فيها رواسب ملح غنية بالنترون ، بالإضافة إلى مستنقعات مالحة ومستنقعات المياه العذبة (واحات).
تصل المياه الى هذا المنخفض عن طريق التسرب الجوفي من وادي النيل وتساقط الأمطار في فصل الشتاء في بعض الأحيان. ويتراوح عمق البحيرات بين 0.5 و 2 متر وتنظمه التغيرات الموسمية في تسرب تيار تدفق المياه والتبخر.
المصدر الرئيسي لتغذية ملاحات وادي النطرون بوجه عام ومن ضمنها ملاحة أم الريشة يتمثل في مياه الرشح الواردة من من بحيرة قارون والتي تقع على خط طول واحد تقريبا مع منخفض وادي النطرون من اتجاه الجنوب ومن الرشح الناتج من الأراضي الزراعية والترع والمصارف الواقعة شرق منخفض وادي النطرون ةومن الرشح الناتج من ملاحة الفاسدة والتي تقع جنوب أم الريشةواخيرا من المياه الجوفية المحتواة بطبقة الرمل النوبي .
ولهذا فإن تلك المنطقة لكونها منخفض فإن مياه الرشح والمياه الجوفية الآتية من المصادر المختلفة تتجمع لتبدأ في النشع والظهور على السطح اعتبارا من شهر أغسطس حتى تصل إلى أقصاها في شهر ديسمبر لتبدأ في الانحسار من شهر مايو حتى شهر أغسطس من كل عام
النطرون عبارة عن خليط من أملاح التبخر تسودها معادن كربونات الصوديوم ، وتتراكم في شكل طبقات ضحلة وقشورفي عدة مستنقعات في منخفض وادي النطرون وتم استخراج النطرون وتداوله من هذه المناطق منذ آلاف السنين حيث تشير كتابات االقدماء المصريين إلى هذه الرواسب الطبيعية. ولا يعتبر النطرون هو المعدن الوحيد بل تحتوي أيضًا على كميات متفاوتة من البوركايت ، والجيلوسيت ، والترونا ، والهاليت ، والشماليت ،والبيرسونايت ، والثانارديت. جميع البحيرات عبارة عن منخفضات تغذيها الينابيع مع مصدر نهائي في مياه النيل.
معدلات التبخر العالية في الظروف المناخية الجافة ، خاصة خلال أشهر الصيف ، يعني ارتفاع الملوحة عن 300 درجة مئوية في البحيرات الأكثر ملوحة هي املاح الكبريتات والكلوريد والكربونات والصوديوم وتوجد أيضًا آثار من المغنيسيوم.
تصنف المياه في البحيرات من أنواع Cl إلى SO4-Cl. يُعتقد أن زيادة مستويات الكلور في المحاليل الملحية بوادي النطرون تزيد من قابلية ذوبان المعادن في المحاليل الملحية بالبحيرة ، بسبب تكوين مركبات الكلور القابلة للذوبان مع العناصر. تنخفض تركيزات المعادن في المحلول الملحي بالترتيب. Pb> Cu> Cd> Ni> Zn> Fe> Mn.
تاريخياً كان يستخرج النطرون مباشرة قيعان البحيرة الجافة وقد استخدم لآلاف السنين كمنتج تنظيف لكل من المنزل والجسم ممزوجًا بالزيت فقد كان شكلًا مبكرًا من الصابون. يخفف الماء أثناء إزالة الزيت والشحوم. تم استخدام النطرون غير المخفف كمنظف للأسنان وغسول للفم مبكرًا. تم خلط المعدن بالمطهرات المبكرة للجروح. يمكن استخدام النطرون لتجفيف وحفظ الأسماك واللحوم. كان أيضًا مبيدًا حشريًا منزليًا قديمًا وكان يستخدم في صناعة الجلود بالإضافة إلى تبيض الملابس.لقد استغلت البشرية مبخرات وادي النطرون لآلاف السنين لتوفير معادن كربونات الصوديوم والملح لاستخدامها في مجموعةمتنوعة من الحرف والصناعات المختلفة.
تم استخدام المعدن أثناء احتفالات التحنيط في مصر القديمة لأنه يمتص الماء ويتصرف كعامل تجفيف عند تعرضها للرطوبة بالاضافه لخاصية قتل البكتريا نظرا لان الكربونات الموجودة في النطرون تزيد من درجة الحموضة (ترفع القلوية) ، مما يخلق بيئة معادية للبكتيريا. تم كذلك إضافة النطرون إلى زيت الخروع لصنع وقود لا يدخن ، مماسمح للحرفيين المصريين القدماء برسم الأعمال الفنية المتقنة داخل المقابر القديمة دون تلطيخها بالسخام. كما استخدم النطرون (كربوناتالصوديوم) من المنطقة في صناعة الخزف المصري وفي صناعة الزجاج من قبل الرومان القدماء
يقع وادي النطرون في منخفض جغرافي على بعد حوالي 100 كيلومترشمال غرب القاهرة بالقرب من الطريق الصحراوي بين القاهرة و الإسكندرية و يبلغ طول الوادي حوالي 50 كيلومترًا وعرضه 10 كيلومترات ويمتد في اتجاه شمالي غربي - جنوب شرقي موازي تقريبًا للطريق وعلى بُعد ما بين 10 و 20 كيلومترًا منه.
يشير تقرير فريق جامعة اكسفورد ان منخفض وادى النطرون ينخفض عن سطح البحر بحوالى 24 مترا ولكنه يرتفع بلطف إلى الجنوب الغربي إلى سلسلة من التلال على ارتفاعها يتراوح من 80 الى 90 مترا فوق مستوى سطح البحر ثم يصل في النهاية إلى ارتفاعات جبل حديد (185)
يشير التقرير من الناحية الجيولوجية أن المنطقة مغطاة بالرواسب الطينية التي كانت موجودة عند تدفق النيل عبر المنطقة ويوجد تحتها كربونات البليوسين والميوسين ومحاطة بتلال جبل حديد وجبل قنطرة وتغطي هذه بدورها عمودًا رسوبيًا سميكًا من كربونات حقب الحياة الحديثة كربونات الميزوزويك .
تم القيام بعمليات حفر على نطاق واسع بحثًا عن احتياطيات بترول المحتملة ولاستغلال المياه الجوفية لتعبئتها كمياه معدنية وهو مورد تشتهر به الصحراء الغربية في مصر وفي قاع منخفض وادي النطرون توجد سلسلة من البحيرات المتبخرة ، تختلف في الحجم حسب موقعهم في الوادي وتوقيت السنة. تحتوي جميعهاعلى الماء في الشتاء ، ولكن في الصيف بعضها يجف تمامًا ، بينما يحتفظ معظمها بكميات متفاوتة من المحاليل الملحية وفائقة الملوحة طوال الأشهر الأكثر سخونة. هذا الاختلاف في كمية المياه في البحيرات وبالتالي حجمها يعني أن بعض البحيرات تميل إلى الاندماج في واحدة في بعض الأحيان من العام ، مما يجعل تحديد العدد الفعلي للبحيرات عشوائيًا إلى حد ما.
تتكون معظم الرواسب التبخرية في وادي النطرون من الكربونات والكبريتات وكلوريدات الصوديوم. القائمة الكاملة لتركيبات المعادن الموجودة فى الجدول الاتى :-
أن معدن النطرون نادر جدًا في الوادي ومعظم الكربونات على شكل كربونات الصوديوم ,هيدرات وترونا. ومن ثم فإن معظم "النطرون من وادي النطرون" لا يحتوي على أي معدن نطرون فيه ، ليس هذا فقط ، ولكن يبدو أن مصطلح "النطرون" يستخدم للتعبير عن كل الاملاح الموجودة .
ومن خلال تحليل عينة نطرون من مقبرة قديمه وجد انها تتكون من كميات متساوية من كلوريد الصوديوم والكبريتات والكربونات (لوكاس 1912) وهكذا يتم استخدام مصطلح النطرون كمعدن أحادي الطور او املاح متعددة الانواع .
بالنسبة للترونا الطبيعية فأن الولايات المتحدة تستخرج وحدها 10 ملايين طن من الترونا سنويًا ، ومن المعروف أن أكبر الاحتياطيات ، في حوض النهر الأخضر في وايومنغ ، تزيد عن 500 مليون طن من الخام عالي الجودة (Warren 1999). المنتج الرئيسي الآخر للترونا الطبيعي هو بحيرة مجادي في وادي شرق إفريقياالمتصدع ، والتي تنتج حوالي 250000 طن سنويًا (Warren 1999). كما ان تركيا دخلت على الخط .
ومع ذلك يتم إنتاج غالبية كربونات الصوديوم في العالم صناعيًا باستخدام Solvayprocess طريقة سولفاى ، الذي طوره إرنست سولفاي لأول مرة في عام 1863. تقدم عملية Solvay خلط الأمونيا وثاني أكسيد الكربون في محلول كلوريد الصوديوم المشبع لتكوين كلوريد الأمونيوم القابل للذوبان وراسب من بيكربونات الصوديوم ، الذي يتم تسخينه بعد ذلك لإنتاج الصوديوم الكربوني.
يتمثل الاستخدام الحديث الرئيسي لكربونات الصوديوم في صناعة الزجاج ، تليها المواد الكيميائية والصابون والمنظفات ، وصناعة الورق والعديد من الاستخدامات الثانوية الأخرى .
ساحة النقاش