<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif";} table.MsoTableGrid {mso-style-name:"Table Grid"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-unhide:no; border:solid windowtext 1.0pt; mso-border-alt:solid windowtext .5pt; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-border-insideh:.5pt solid windowtext; mso-border-insidev:.5pt solid windowtext; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; text-align:right; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman","serif"; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-language:#0400;} </style> <![endif]--><!--<!--
§ مقدمة
يشهد المجتمع العالمي المعاصر تغيرات علمية و تكنولوجية و اجتماعية متسارعة، و التي من أهمها تحول الإنسانية من عصر الصناعة أو الحداثة إلي عصر جديد له مسميات مختلفة أشهرها عصر المعلومات، عصر التكنولوجيا، عصر ما بعد الصناعة، عصر ما بعد الحداثة، و لقد اتفقت هذه المسميات جميعها علي أن العصر الجديد سوف يشهد تغيراً شاملاً في طبيعة المعرفة و في جميع مناشط الحياة علي جميع الأصعدة سواء المحلي أو الإقليمي أو العالمي.
و لقد لعبت الثورة العلمية و التكنولوجية المتقدمة دوراً كبيراً في إعادة فحص النسق القيمي لثقافات الشعوب، حيث أن هذه التحولات السريعة قد نقلتنا من " أزمة القيم " أي عدم القدرة علي تفسير السلوك في ضوء ثوابت مرجعية إلي " قيم الأزمة "، ذلك أن مستحدثات التطور العلمي و التكنولوجي قد تخلق كثيراً من الأزمات، مما يتطلب زيادة الحاجة إلي نموذج و رؤية مغايرة في التفسير و القبول. و قد زاد ذلك كله من الإشكاليات التي تتعلق بصعوبة التنبؤ بقيم المستقبل(1).
كذلك فإن مستحدثات التكنولوجيا و التطور السريع في عالم الاتصالات قد ألقت على ثقافات الدول النامية أطروحات مغايرة في منطلقاتها القيمية و غاياتها، وهي تشكل أزمة ثقافية في بيئة هذه المجتمعات. و عند تنامي مؤشرات الأزمة القيمية و الثقافية تكون الحاجة إلى مراجعة مسلمات الفكر، مما يترتب عليها "التغيير".
ولقد فرض هذا التطور السريع معياراً جديداً للحكم على تقدم الشعوب و الأفراد. إذ لم يعد البقاء للأقوى كما كان بالأمس، و إنما صار البقاء للأكثر ذكاءً، للأقدر على استثمار المعرفة و المعلومات المتاحة، للأقدر على مواجهة التغيير. لقد أصبحت الشعوب تتنافس في القدرة على تهيئة المناخ لتقبل التغيير و مواكبة التطور و توجيه حركة الحياة ذات الإيقاع السريع.. و بمعنى أكثر وضوحاً.. إنها ثقافة التغيير.
و أمام التحولات التي أظهرها التقدم التكنولوجي الهائل، تغيرت البيئة الاجتماعية للعمل والبيئة التنظيمية في بناء المؤسسات، أو ظهر بدلاً منها نظم ذات بنية إنسانية تقوم على علاقات إنسانية أفقية تعتمد على المرونة والشفافية، واستخدام تكنولوجيا الاتصال.فكان لابد أن تنعكس هذه البنية على بنية التنظيم الاجتماعي للمدارس والجامعات أيضا، وأن يتسلح أبناؤنا بمهارات الاتصال والتواصل وقيم الحوار الفعال. وأفضى كل ذلك إلى تنافسية عالمية شديدة تتطلب من المجتمعات تعظيم قدراتها التنافسية، وخلق ذلك الحاجة إلى اعتبار الشباب هم ميزة تنافسية بمدى ما يتسلح به الشباب من قدرة في التعامل مع مصادر المعرفة. وأصبح على التعليم – خاصة التعليم الثانوي- أن يسلح طلابه بمهارات التعلم الذاتي مدى الحياة ويكسبهم مهارات التفكير الناقد والإبداعي والقدرة على تغيير عالمهم الحالي والدخول إلى عالم المعرفة الجديد(2).
و في ضوء دعوة المؤتمر الذي عقدته مؤسسة الفكر العربي بعنوان " العرب بين ثقافة التغيير و تغيير الثقافة "، و الذي دعا في أحد محاوره إلى التأكيد على دور المؤسسات التعليمية في إحداث ثقافة التغيير(3).
و نظراً لما يتميز به طالب المرحلة الثانوية من خصائص معينة ترتبط بطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها، ( منها: ما يتعلق بطبيعة التكوين المعرفي، و ما يرتبط بمستوى النضج القيمي و الأخلاقي، إضافة إلى بعض الاعتبارات الخاصة بمستويات الطموح التي تحرك إرادة الفعل لدى الطالب في هذه المرحلة ) و الخصوصيات المميزة لثقافة التغيير في مجتمعنا و القيم المرتبطة بها.
كانت محاولة البحث الحالي للكشف عن دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها.
§ مشكلة البحث:
في ضوء التحولات العالمية المعاصرة و التغيرات المحتملة في عالم الغد و ما يترتب عليها من تغيرات مجتمعية و تكنولوجية و ثقافية تكون السمة الرئيسية لبيئة التعلم هي سرعة التغير مما يفرض على القائمين برسم السياسة التعليمية و تحديد أهدافها وضع ذلك في الاعتبار. ففي سياق عالم متغير تتطور فيه المعرفة وتتجدد بسرعة لا تكون وظيفة التعليم النقل المنظم للمعلومات، بل و تتجاوز أيضاً مجرد الحديث عن غرس الروح النقدية و تعلم طرق التفكير. فتعليم الغد مطالب بتأكيد عدد من المهارات الرئيسية مثل القدرة على التكيف و المرونة و القدرة على التعامل مع التغير السريع، و القدرة على نقل الأفكار من مجال إلى آخر، و القدرة على استشراف التغير و الاستعداد له و التهيؤ للتأثير فيه(4).
إن ما نشهده في عصرنا من مظاهر التقدم و إيجابياته و ما يرافقها من علل التقدم و سلبياته هو النتيجة المباشرة لظاهرة التغير السريع و الجذري الذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً، مما يتطلب لغة جديدة في قراءة المتغيرات، منهجية مغايرة في اختيار السبل الكفيلة بتأكيد فعاليات الأمة في عالم الغد، مما يعني أن القضية لا تتوقف عند مستوى التغيير، و لكن التساؤل حول مضمون هذا التغيير و غاياته المأمولة.
و على ضوء ما سبق، يعد البعد القيمي من أهم العناصر الداعمة لاستقرار المجتمع و تحديد وجهته في عمليات التغيير- و الذي يحمل في طياته المعنى الحقيقي للارتقاء- و إذا كان التخطيط هو أحد مداخل التغيير المجتمعي، فإن القيم هي التي تمنح الإنسان في هذا التغيير مسئولية دعم الإنجازات و الحفاظ على المكتسبات بما يعطي روحاً جديدة لشعور هذا الإنسان بتجاوز مشكلات الواقع إلى ما يمكن تسميته بـ " أمن القيمة ". فالقيم بهذا المعنى لا تعني فقط إطارات للفكر السلوكي، و لكنها في نفس الوقت المسرح الداخلي لحركة الإرادة الإنسانية نحو الفعل و الإنجاز. و من ثم فإن المضامين القيمية في ثقافة التغيير تعني بمنهجية التفاعل مع المستجدات، و العمل على تنشيط الميكانيزمات الكامنة في ثوابت الهوية لاستيعاب المتغيرات بطريقة واعية(5).
و هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى قصور دور المدرسة الثانوية في تحقيق وظيفتها القيمية و الثقافية على الوجه الصحيح، منها:
· أثبتت العديد من الدراسات أن هناك نقد مستمر لدور المدرسة الثانوية في إعداد طلابها للاندماج الواعي في حضارة العصر، وأن هناك قصور في أدائها لدورها في بناء شخصية الطلاب بقدرات متميزة تأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين متغيرات الحاضر والإعداد لعالم المستقبل(6).
· تراجع مستوى التعليم الثانوي عموماً، و تدني قدرته على مواجهة المتغيرات الاقتصادية و التكنولوجية مما يؤدي إلى شيوع البطالة بين خريجيه، و يرجع ذلك إلى الثلاثية التقليدية الخطيرة التي تهيمن على التعليم المصري و المتمثلة في:
- سيادة نمط التدريس القائم على الحفظ و التلقين.
- سيادة نمط التقويم التقليدي الذي يقيس القدرة على الحفظ و الاستظهار، و الذي يعتبر المدخل الوحيد للالتحاق بالجامعة، بل بالتخصص الذي يرسم حياة الطلاب.
- سيادة الكتاب السطحي الذي يقدم المعلومة للطالب لحفظها و تكرارها، و اعتباره المصدر الرئيسي و الوحيد للمعلومة، مما أدى إلى التفاقم المستمر لظاهرة الدروس الخصوصية و بالتالي غياب مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، وضياع معنى مجانية التعليم من الناحية العملية(7).
· ضعف الروح العلمية لدى الطلاب، و عدم الثقة في وجود مستقبل أفضل. و من أهم المشكلات التي ظهرت بين طلاب المرحلة الثانوية نتيجة لذلك: التحصيل العلمي من أجل النجاح، تهميش دور المدرسة في تحقيق وظيفتها العلمية و الفكرية، تدني نظرة الطلاب لكل ما يتعلق بالعملية التعليمية في المدرسة، عدم حرص الطلاب على نظام / أو استقرار المناخ التعليمي داخل الفصل، ضعف الرغبة العلمية و تدني مستوى الطموح، زيادة المشكلات السلوكية / و الأخلاقية من جانب الطلاب تجاه المدرسين في المدرسة(8).
§ بالرجوع إلى بعض الدراسات السابقة ذات الصلة بالموضوع تبين:
أ) أن هناك دراسات تتعلق بثقافة التغيير و القيم المرتبطة بها:
· أوضحت دراسة [Hargreaves, Andy - 1997 ](9) أن المهمة المركزية في التغيير التربوي هي خلق " ثقافة التغيير التربوي " التي تعني بتطوير علاقات التعاون بين الإدارة المدرسية و المعلمين، و بين المعلمين أنفسهم، و بين المدرسة و المعنيين بأمورها خارج أسوارها، بحيث تقوم تلك العلاقات على الثقة و الصراحة و المكاشفة و الالتزام بالتحسين المستمر.
· و قد بينت دراسة [European Commission- 2002 ](10) أن الجامعة المبدعة / الخلاقة يمكنها إعادة تقديم ثقافة التغيير من خلال التأكيد على مثاليات الجامعة التقليدية و في نفس الوقت تعد نفسها للمستقبل، و ذلك من خلال إعداد طلابها كباحثين و ليس مجرد متلقين للمعلومات، كذلك من خلال التعاون النشط مع المجتمع المحيط، لكن الأهم في ذلك أن تأخذ دورها كممد للمعلومة و القيم الأكاديمية و الديمقراطية.
· و قد أكدت دراسة[Michael Fullan - 2002 ] (11) على أهمية وجود المغزى الأخلاقي في ثقافة التغيير باعتباره البوصلة الأخلاقية التي توجه التغيير، كذلك تأكيد المسئولية الاجتماعية لدى أفراد المجتمع نحو التغيير للأفضل. كذلك بينت الدراسة أن للقادة الدور الرئيس في خلق ثقافة التغيير داخل المؤسسة، من خلال أربع مجالات هامة، هي: الوعي الذاتي، الإدارة الذاتية، الوعي الاجتماعي، إدارة العلاقات بين الأفراد.
· و قد أوضحت دراسة [Deborah Patterson and Carol Rolheiser - 2004 ](12) أنه لخلق ثقافة التغيير داخل المدارس فهذا يتطلب إحداث تغييرات كبيرة في بيئة التعلم المدرسية، و هذا لن يتأتى إلا من خلال تنمية أخلاقيات العمل في فريق بين الطلاب، و العمل على التخطيط لوجود الحوار و المناقشة بين الطلاب و المعلمين.
كذلك أوضحت الدراسة أن نجاح عملية التغيير التربوي داخل المدرسة يستند إلى ثلاث أسس هامة، هي: التخطيط الإستراتيجي، التفاعل الدينامي، المجهود الجماعي بين جميع العاملين بالمدرسة ( إدارة – معلمين – إداريين ).
· و قد أكدت دراسة [Megan D. Sullivan - 2004 ](13) على أهمية الجوانب الأخلاقية والقانونية في ثقافة المؤسسة. ، فضلا عن أهمية تلك الجوانب عند تقدير تفاعلات تكنولوجيات المعرفة. و أكدت على أن ثقافة التغيير داخل المؤسسة لا بد أن تعتمد على وجود التواصل بين أفراد المؤسسة القائم على المشاركة، والثقافة التعاونية و أن هذه الخصائص هامة للثقافة اللازمة لدعم و لتحقيق التغيير الثقافي.
· و قد توصلت دراسة [رشدي أحمد طعيمة - 2006](14) إلى أنه من أجل خلق ثقافة التغيير في المجتمع ، لا بد من :-
- دعم المحفزات: مثل ثقافة الديمقراطية، الحرية و الإبداع، منطق الأولويات، الأصالة و المعاصرة، رفض الخطأ، نشر الثقافة العامة، التعريب و الهوية القومية، إعداد المعلم، الشفافية و المساءلة، استشراف المستقبل.
- مواجهة المثبطات: مثل شيوع الفساد، تعدد التبعيات، التناقض بين القول و الفعل، التطرف، السلبية و اللامبالاة، هيمنة الأفكار القديمة، الغزو القيمي.
· وقد أوضحت دراسة [ عبد الفتاح حجاج- 2006](15) أن ثقافة التغيير أضحت ظاهرة غير مسبوقة في مصر و العالم ككل، على جميع المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، و بالتالي يعد التعليم هو السبيل لإحداث ثقافة التغيير في المجتمع. فهو يعد الأفراد لفهم التغيير و امتلاك المهارات اللازمة لإحداثه.
· و أكدت دراسة [عبد الودود مكروم - 2006](16) على أن المضامين القيمية في ثقافة التغيير في مجتمعنا المصري لا بد أن تستند إلى ثلاث محاور تشكل في مجملها الرؤية تجاه المستقبل، و هي: قيم الهوية، قيم التقدم، و قيم التعاون الدولي و السلام العالمي.
· و قد بينت دراسة [Judd Allen - 2006 ](17) أن ثقافة التغيير تعني ببناء وعي جماهيري لدى الأفراد و الجماعات لبناء بيئة ثقافية داعمة للتغيير. و يلزم لنجاح ثقافة التغيير في المجتمع أن تكون مرتبطة بالمضامين الثقافية للمجتمع، و ذلك في ضوء المعادلة:
نجاح دائم= مبادرة فردية + دعم ثقافي
المبادرة الفردية تتطلب وعي لدى الأفراد بضرورة تحقيق التغيير ، و الدعم الثقافي يتحقق عندما تكون فكرة التغيير مرتبطة بالمعايير و القيم الثقافية للمجتمع .
ب) وهناك دراسات تناولت دور المدرسة الثانوية في تنمية القيم المختلفة لدي طلابها:-
· فقد هدفت دراسة [عبد الودود مكروم - 1983](18) إلى توضيح ماهية التربية الخلقية لتلميذ المرحلة الثانوية ، و توضيح الدور الوظيفي الذي يجب أن تقوم به المدرسة الثانوية في التربية الخلقية لتلاميذها ، و محاولة التعرف على المشكلات التي تعوق التنمية الخلقية لتلاميذ المدرسة الثانوية . و قد أبرزت الدراسة: أن المدرسة الثانوية لا تحقق هدف التربية الخلقية لتلاميذها في الوقت الحاضر، و ذلك يرجع إلى مشكلات تتعلق بالبيئة المدرسية و تنظيمها، و مشكلات تتعلق بالقائمين على العملية التربوية. كذلك أكدت أهمية العناية بالتنمية الخلقية للأفراد من قبل الدولة عن طريق توجيه المؤسسات التربوية التي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في ترشيد سلوك الأفراد و تنميته خلقياً.
· و قد هدفت دراسة [عصام الدين هلال - 1983](19) إلى الوقوف على التغيرات الواجب إحداثها في العملية التعليمية داخل المدرسة الثانوية حتى تتحقق الوظيفة القيمية التي تتطلبها عملية التنمية الشاملة في مصر. و قد أبرزت الدراسة عدم صحة فرض الدراسة بأنه " ليس لدى العناصر البشرية المؤثرة في المناخ التعليمي لدى المدرسة الثانوية في محافظة السويس القيم اللازمة لعملية التنمية " و هذا يؤكد ضرورة انتهاج أسلوب جماعي يمكن من وجود المشاركة المجتمعية في جميع القضايا التي يتعرض لها مجتمعنا اليوم.
· و هدفت دراسة [نايف حامد همام - 1984](20) إلى التعرف على مدى حاجة الشباب للتوجيه / التأثير التربوي الذي يمكن أن تحققه المدرسة الثانوية في تربية الشباب من خلال عناصر العملية التعليمية ( المدرس ، المقررات الدراسية الدينية ، إدارة المدرسة ، بعض مجالات النشاط المدرسي ) . و قد أبرزت الدراسة أن:-
* للعناصر التربوية في المدرسة الثانوية دورها الفعال و المؤثر في توجيه الشباب و توعيتهم و تدعيم القيم و الفضائل لديهم.
* هناك قصور كبير في الإمكانيات التي تعين المدرسة و تمكن المسئولين من توجيه الشباب التوجيه الصحيح بما يمكن المدرسة من تحقيق أهدافها التربوية.
· و قد هدفت دراسة [رفعت عمر عزوز - 1990](21) إلى التعرف على دور المدرسة الثانوية في تحقيق بعض أهداف التربية الإسلامية. و قد أبرزت الدراسة أن المدرسة الثانوية لا تقوم بواجباتها التربوية بشكل مرضي و التي تسهم في تحقيق أهداف التربية الإسلامية ، و أبرزت أهمية الاهتمام بالإعداد السلوكي و الروحي للمعلم المسلم .
· و قد أكدت دراسة [أحمد شبارة - 1992](22) على أهمية تنمية القيم العلمية لدى طلاب المرحلة الثانوية بطريقة مباشرة من خلال مناهج دراسية محددة ، مع تأكيده على بعض الاعتبارات الخاصة بطرق التدريس و معايير التقييم .
· و قد حددت دراسة [Rouse – 1998 ](23) بعض المهارات و القدرات التي ينبغي توفرها لدى طلاب المدرسة الثانوية في تفاعلهم مع التحديات المعاصرة ، من أبرزها الوعي بأبعاد التحديات التكنولوجية و المعرفية ، و القدرة على المناقشة و الحوار و نقد آراء الآخرين ، و القدرة على التعلم الذاتي بأبعاده المختلفة ، و تطبيق خطوات التفكير العلمي في التعامل مع القضايا التعليمية و المجتمعية .
· و قد أكدت دراسة [Finnan, C - 2000 ](24) على أن هناك مجموعة من العوامل التي تشكل ثقافة المدرسة ، هي : ثقافة الطلاب ، دور القيادة و اتخاذ القرار ، تنمية المسئوليات و المعايير لدى الطلاب ، الممارسات الجيدة و الإعداد المتكامل للطلاب ، و أخيراً قيم التغيير.
· و قد هدفت دراسة [عبد الودود مكروم - 2002](25) إلى التعرف على إسهامات المدرسة الثانوية في تنمية القيم العلمية لدى طلابها ، و التعرف على واقع دور المدرسة و المشكلات التي تعوق فعالية دورها في هذا المجال. و قد أبرزت الدراسة :
* أن هناك قصور في دور المدرسة الثانوية في تنمية القيم العلمية لدى طلابها.
* أن المناخ المدرسي / أو البيئة الأكاديمية التي يعيشها الطلاب داخل المدرسة من أهم العوامل المؤثرة في تنمية القيم العلمية لدى الطلاب .
* التأكيد على أهمية دور عناصر العملية التعليمية خاصة الضمير العلمي لدى المعلمين في تأكيد الوظيفة العلمية و القيمية للمدرسة .
· و قد أوضحت دراسة [ سعاد البراهيم - 2007](26) دور المدرسة في قيادة عملية التغيير والتطوير التربوي ، و أن مدرسة المستقبل تتطلب قيادة مدرسية فاعلة مفتوحة تعتمد على المشاركة الفعلية لجميع العاملين في المدرسة، والذين يتحملون المسؤولية الكاملة لتحقيق الأهداف التربوية ورفع الأداء وتحقيق الجودة التربوية الشاملة. كذلك أوضحت التحولات اللازمة في دور الإدارة و المعلمين لتحقيق التغيير التربوي المنشود .
· و قد حددت [الخطة الاستراتيجية القومية لإصلاح التعليم قبل الجامعي في مصر (2007/2008 – 2011/2012 )](27) منظومة القيم و المبادئ الأساسية للتعليم قبل الجامعي ، و هي : العدل الاجتماعي ، التميز و التحسن المستمر ، تمكين الطالب و المدرسة ، المعلم المتميز و القيادات المدرسية المستنيرة ،
التنمية المهنية المستدامة ، المواطنة و المجتمع المدني ، المشاركة ، الحوار و التسامح و قبول الآخر ، الديمقراطية ، تنمية الثقافة الوطنية و قيم المجتمع المصري و تطلعاته إلى المستقبل ، الشراكة بين القطاع العام و الخاص ، المحاسبية و الشفافية ، اللامركزية .
§ تساؤلات البحث :
يمكن تحديد مشكلة البحث في محاولة الإجابة عن التساؤل الرئيس التالي :-
" كيف يمكن للمدرسة الثانوية أن تسهم في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها ؟ "
و عن هذا التساؤل تتفرع التساؤلات الآتية :-
1 - ما المقصود بكل من : ثقافة التغيير ، قيم ثقافة التغيير ؟
2 - ما دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها ؟
3 - ما التصور المقترح لتفعيل دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها في ضوء المنظور الإسلامي؟
§ أهداف البحث :
يهدف البحث الحالي إلى :
1- توضيح ماهية قيم ثقافة التغيير في ضوء الفكر العربي و الإسلامي .
2- توضيح الدور الوظيفي للمدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي طلابها.
3- وضع تصور مقترح لتفعيل دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها في ضوء المنظور الإسلامي؟
§ أهمية البحث :
من أهم التحديات التي تواجه ثقافة المجتمع المصري في ظل المتغيرات العالمية المعاصرة و علي رأسها تيار العولمة: ضرورة الدخول بقوة إلي عصر المعلومات، و التدفق المعرفي بحيث يمكن اللحاق بأسرع ما يمكن بكل منجزات العصر العلمية و التكنولوجية بما تفرضه من أنماط ثقافية، مع التأكيد في ذات الوقت علي منظومة القيم التي تشكل خصوصية الثقافة المصرية(28) .
لذا تتضح أهمية البحث الحالي في أنه:-
· يستمد أهميته الرئيسة من أهمية المرحلة الثانوية حيث تستمد مرحلة التعليم الثانوى أهميتها من حساسية وضعها فى السلم التعليمى ، حيث إن مرحلة التعليم الثانوي معنية بشريحة عمرية هامة من الطلاب، وهى شريحة تمثل فترة الشباب المبكر، التي تعتبر مرحلة غاية فى الأهمية على صعيد المجتمع والفرد. فهذه الشريحة هى التى ترسم مستقبل أى مجتمع، حيث هى القوة البشرية التى تنهض، أو قادرة على النهوض، لصناعة المعرفة والعمل فى سوق متقدم لتكنولوجيا الإنتاج. كما أن هذه المرحلة ذات أهمية على مستوى الفرد حيث إنها المرحلة التى يتحدد على أساسها وفى ضوء خبراتها مسار نمو الفرد اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا فى المستقبل. لذلك يعتقد معظم المربين والمصلحين أن هذه المرحلة من السلم التعليمى إنما يجب أن تحتل أهمية خاصة من حيث الإصلاح والتطوير لتمكين الشباب – مبكرا – من المقومات والمهارات التنافسية وفق المعايير العالمية، وخاصة ونحن فى عصر المعلوماتية والمعرفة والسماوات المفتوحة، وكذلك تمكينه من المعارف والمهارات التى تساعده إما على مواصلة الدراسة الجامعية أو الالتحاق بسوق العمل فى أسواق متقدمة تكنولوجيا(29).
· يعد البحث الحالي استجابة لما تفرضه طبيعة مرحلة التطور في مجتمعنا المعاصر ، و ذلك لأن :-
- الإنسان هو محور التغيير ، و على ضوء طموحات هذا الإنسان تتحدد وجهة التغيير و فعالياته ، فنحن محتاجون باختصار إلى إعادة بناء الإنسان المصري . و حينما يكون الحديث حول بناء الشخصية المصرية القادرة على مواجهة تحديات المستقبل ، فإننا نؤكد على دور التربية في ذلك ، حيث يتجه الجهد التربوي إلى بناء الإنسان استناداً إلى علمية المنهج و عالمية الوعي ، شخصية تستند إلى أصالة التاريخ الحضاري بما يحدد وجهتها ، و بما ينمي لديها الثقة بمقدراتها على حسن استثمار واقعها وفق هويتها و طموحاتها الذاتية ، و بما يمكنها من مسايرة التطورات العالمية مسايرة الشركاء لا مسايرة الأتباع(30) .
- يعتمد نجاح عملية التغيير في المجتمع على قدرتها على إحداث التقدم و التنمية في المجتمع استناداً إلى القيم الاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع ، و تكون عملية التغيير أكثر نجاحاً عندما تتحول هذه القيم في حياة الإنسان إلى سلوكيات و عادات فعالة ، و هنا يتأكد دور التربية في جعل عملية التغيير حقيقة وواقعاً ملموساً .
- في عصر تطور تكنولوجيا المعلومات و الاتصال ، و عصر تدفق المعلومات و تسارعها ، نحتاج إلى تعليم يؤدي إلى تنوع البشر و تمايزهم و إقدارهم على تلقي المعلومات و تنظيمها و حسن استخدامها. نريد تعليماً يبني قبل كل شيء الإيمان بالله ، و الأخوة في الله ، و الأخوة في الإنسانية ، و يرسخ قيم العلم و العدل و الحرية و الوحدة و الإحسان في العمل ، و يقيم مشاعر العدل و السلام في عقول البشر . نريد تعليماً يبني قناعات التغيير من التزامن المحكم إلى الزمن المرن ، و من الاعتماد على الحكومات إلى الاعتماد على الذات و المؤسسات ، و من ديمقراطية التمثيل الشمولي إلى ديمقراطية المشاركة الشعبية(31).
· يعد البحث الحالي محاولة لاستجلاء المعالم الأساسية لقيم ثقافة التغيير بما يتفق مع خصوصية مجتمعنا المصري، كمدخل لتجويد فعالية الوظيفة العلمية و القيمية للمدرسة الثانوية . إضافة إلي إسهام البحث في الكشف عن معالم دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدى طلابها، و ذلك انطلاقاً من/ تأكيداً علي الخصوصية الذاتية و الهوية الثقافية للمجتمع المصري.
§ مصطلحات البحث :
· ثقافة التغيير Culture of Change : يمكن تعريفها بأنها " قابليات المجتمع لاستكمال الرؤية حول الكيفية التي تتفاعل بها عناصر المنظومة الثقافية في المجتمع مع مستجدات التطور العالمي .
· قيم ثقافة التغيير : تعرف بأنها " الأطر الفكرية التي تحدد معالم رؤية المجتمع في تفاعله مع المستجدات في ضوء الثوابت المميزة لهويته الثقافية و بما يدعم مفهوم التنمية المجتمعية و الوجود الحضاري على المسرح العالمي" .
§ منهج البحث :
استخدم البحث الحالي " المنهج الوصفي " و ذلك :-
بالرجوع إلي أدبيات التربية و الدراسات السابقة ذات الصلة بالموضوع للتعرف علي ماهية ثقافة التغيير و القيم المرتبطة بها في ضوء الفكر العربي والإسلامي، و محاولة استجلاء معالم و حدود الإسهامات المتوقعة من المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي طلابها ، و التعرف علي بعض اعتبارات و متطلبات تفعيل دور المدرسة الثانوية في تنمية قيم ثقافة التغيير لدي طلابها.
الإطار المفاهيمي للبحث
أولاً : ثقافة التغيير: المفهوم – الأسس :-
يعيش عالمنا اليوم ثورة علمية و تكنولوجية هائلة ، بكل ما تحمل الثورة من معنى ، و مع هذه الثورة تبدلت رؤية مجتمعاتنا العربية و الإسلامية تبدلت تبدلاً جذرياً بقدر ما تبدل العالم المحيط بها .
و لم يمس التغيير- نتيجة الثورة العلمية و التكنولوجية- رؤيتنا للكون و للطبيعة فقط ، و لكن مس أيضاً مفهومنا عن أنفسنا و بدأ البحث في الإنسان الذي أصبح تاريخه جزءاً من تاريخ تطور الطبيعة و المادة ، و أصبحت النفس مجموعة من �
ساحة النقاش