إنه اعتقاد خاطئ إذا ظننا أن الإدمان عبارة عن مدمن شرير في زقاق مظلم أو سكارى عنفاء يتعثرون في مشيتهم فقط. فالإدمان يلمس حياة معظم الناس في ثقافتنا. وأصعب مشاكلنا الإنسانية التي نواجهها مصدرها سلوكنا الإدماني/القهري. فأي إدمان نعاني منه يضيق من أفقنا، ويسلبنا إرادتنا، فنصبح مسيرين، وغير قادرين على التحكم في حياتنا. وعندما تصبح حياتنا خالية من حق الإختيار ننظر إلى وجودنا نفسه على أنه مجرد نتيجة بيولوجية لتناسل أجدادنا. فنحن لم نعد أحراراً.
في عملي الخاص كمدير لبرنامج "بالمر" العلاجي لإدمان المخدرات، اكتشفت أن هناك مفهوم نمطي جداً وخاطئ للإدمان. عندما كنا نعالج المراهقين المدمنين، كان علينا أيضا أن نتعامل مع والديهم وعائلاتهم، حينئذ وجدت نفسي محاطاً من كل جهة بالإدمان . ففي كل مكان حولي كنت أجد إما إدمان للعمل، أو إدمان للتدين، أو إدمان الإعتمادية، أو اضطرابات في العادات الغذائية، أو آباء مدمنين لأبنائهم، أو مدمنين لتدخين السجائر، أو مدمنين للغضب، وإلخ.
فأدركت أن عليّ أن أوسّع من تعريفي للإدمان. كما أدركت انه من المهم أن يتعرف أي إنسان على سلوكياته القهرية، وعلاقاته المدمرة للحياة، واختباراته المغيرة والمحرفة لأمزجته.
الإدمان هو أي علاقة مرضية مع أي مادة أو فعل مغير للمزاج وينتج عن تلك العلاقة تأثيرات تدمر الحياة. يتكون الجزء المرضي من العلاقة عندما يحدث ترك أو هجر.  فإن عدم القدرة على التواصل بطريقة صحية ناتج من الإحساس بالخزي، والإحساس بالخزي يكون دائما  نتيجة للعلاقات المكسورة.
ففي اللحظة التي يتحطم فيها جسر العلاقة الشخصية للأطفال مع من يقدمون الرعاية لهم، يتكون لديهم إعتقاد راسخ أنه ليس من حقهم بعد الآن أن يعتمدون على أي شخص، ويفقدون الثقة في أنفسهم وفي الآخرين. وبهذا قد أصبحوا مهيئين لأن يكونوا مقيدين بقيود وهمية لأنماط سلوكية منغمسة في الذات، أي مهيئين لتكوين علاقات مرضية كعلاج للخزي الذي يشعرون به. والعلاقة المريضة تعني ضمناً أن بها قدر لا يستهان به من الوهم الزائف المضلل. فالوهم  والإنكار هما جوهر السلوك الإدماني القهري. ففي الإنكار، ينكر المرء أن ما يقوم به حقاً مضر سواء له أو للآخرين. وفي الضلال والوهم، نستمر في تصديق أن ما يحدث لا يحدث بالرغم من الحقائق والوقائع. كل إدمان ما هو إلا قيد وهمي نكرر تقييد أنفسنا به المرة تلو الأخرى.