حدود العلاقة الجنسية أمام الأولاد
الأب والأم في العائلة لا يمثلان السلطة فحسب بل هما نموذج وقدوة وهما المثل الأعلى للأبناء، في كل تصرفاتهما، فالتربية لا تتم فقط من خلال الوسائل المباشرة الواعية المتمثلة بقيام الأب والأم بوضع الحدود والضوابط ومتابعة التزام الأولاد بها وعدم خروجهم عليها, وإنما يتم القسط الأكبر من العملية التربوية بطريقة لا شعورية إلى حد كبير، وذلك من خلال أثر الوالدين كنموذج وقدوة لأبنائهم من خلال المعايشة والسلوك اليومي. إن لدى الابناء عموماً ميلاً نفسياً عميقاً إلى التشبه بوالديهم، ومن خلال الصورة التي تتكون لدى الأبناء يعتبرون الوالدين مثالاً يحلمون بتحقيقه في نفوسهم عندما يكبرون، وعملية التمثل هذه تكون في أحسن أحوالها عندما تكون العلاقة بين الطفل ووالديه دافئة وحميمة وقائمة على الحب، خاصة عندما يمضي الأب والأم وقتاً طويلاً مع الطفل، بحيث يرى الطفل والديه في مواقف حياتية متنوعة ويرى كيف يتصرفان ويلاحظ القيم التي يؤمنان بها والتي تحكم سلوكهما.
وإن أي صور سلبية يراها الأطفال تؤدي إلى القلق النفسي، وهذا القلق أو الاضطراب في تكوين الهوية هما من أكبر أسباب الانحراف عند المراهقين.
وعندما نتكلم عن العلاقة الجنسية, فالجنس مقدس وطاهر وهو دافع أوجده الله في الإنسان وقد رأى الله أن كل ما خلقه هو حسن جداً, والعلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته تحقق الوحدة وتعمق مفهوم الاندماج والانتماء بأروع وأجمل وسيلة, فلقد كانت إرادة الله من البدء أن يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً لذا فإن العلاقة الجنسية بين الزوجين علاقة قدسها الله.
وعلى الرغم من أهمية العلاقة الجنسية بين الزوجين وعلى الرغم من قدسية هذه العلاقة, إلا أنه من غير المناسب أن يمارس الزوجان الجنس أمام الأطفال وذلك لسببين هامين:-
أولا :- خصوصية هذه العلاقة بين الزوجين, إذ لا يجوز أن يشاهد أحد أياً كان هذه العلاقة ذات الطبيعة الخاصة جداً بين إثنين صارا بالزواج جسداً واحداً .
ثانياً :- من المعروف أن عقل الطفل وقلبه كآلة التصوير التي إذا انطبعت عليها أية صورة من الصور فإنها تبقى كما هي إلى نهاية حياته تشكل كيانه وتتحكم في تصرفاته, ولذا ليس من اللائق أن يرى الطفل والديه في وضع جنسي.
ولكن هذا لا يمنع أن يظهر الزوجان مشاعر الحب أمام أولادهما بطرق مختلفة ومتنوعة دون أن يكون الأمر فيه ضرر, وهذه السلوكيات تختلف من مجتمع لآخر, ومن أسرة لأخرى, ومن هنا فيمكن لكل زوجين أن يختارا من هذه التصرفات ما يناسب حياتهما ووفقاً للثقافة التي تحكم رؤيتهما للأمور فمن مجموعة من التصرفات والسلوكيات التي يفعلها الزوجان أمام أبنائهما وتعبّر عن مشاعر الحب، ومن هذه السلوكيات المسموح إظهارها أمام الأبناء:
1- أن يقول الزوج لزوجته يا حبيبتي, وأن تقول الزوجة لزوجها ياحبيبى أو "ياحبي"
2- قد يكون من المناسب أن يقبل الزوج زوجته على خدها أو رأسها أو يدها, وقد تفعل الزوجة نفس الشئ.
3- من الممكن أن يضم الزوج زوجته بيدٍ واحدة, أو أن يضع يده على كتفيها, كما قد يحدث نفس الأمر من الزوجة لزوجها.
4- من الممكن أن يضم الزوج زوجته بيديه إلى صدره, كما قد يحدث العكس.
5- قد يدلك الزوج ظهر زوجته أمام الأبناء, وقد تفعل الزوجة نفس الأمر مع زوجها.
6- ليس عيباً أن تتزين الزوجة للزوج وتظهر بعض المفاتن .
7- من المناسب أن يمسك الزوج يد زوجته ويلاطفها في الكلام.
8- من الضروري أن يقدم الزوجان لبعضهما الهدايا أمام الأولاد.
9- ليس عيباً أن يدغدغ الزوج زوجته لكي تضحك, وقد تفعل الزوجة نفس الشئ مع زوجها.
10- ليس شراً أن يحمل الزوج زوجته أمام أبنائه.
11- قد يكون من المناسب أن يتحدث الزوجان عن ذكرياتهما الطفولية أو أيام الخطبة وبداية الزواج.
12- من اللائق أن يسمع الزوج زوجته كلمات الشوق والعشق والغرام.
13- قد يكون من المناسب أن يدلل الزوج زوجته بتصغير اسمها, كما قد يحدث العكس.
هذه بعض الأفكار والسلوكيات من أجل تربية الأبناء على الحب، وتدريبهم على التعبير عن مشاعر الحب، وخصوصاً عندما يشاهدون مثل هذه الممارسات بين حين وآخر من الوالدين، وقد علقت إحدى السيدات تعليقاً جميلاً على نقطة التدليك قائلة: إن سر الحب الذي بيني وبين زوجي وعلاقة الحب عند أبنائي كان بسبب ما رأيته من أمي، حيث إنها كثيراً ما كانت تدلك أبي أمامنا، فأصبحت أنا اليوم كثيراً ما أدلّك زوجي أمام أبنائي، ويضحك أبنائي ويساعدونني في تدليك والدهم، ويسود البيت جو من الحب والمرح والسعادة، وقالت أخرى إن سبب فقدان الحب في بيتي مع زوجي وأبنائي أني لم أشاهد يوماً أمي وأبي يلاطف بعضهما الآخر أو يتخاطبان بعبارات الحب وكنت بالمقابل أسمع وأرى كثيراً منهما كل ماهو سلبي, الأمر الذي جعلني أنا وأخوتي نتخرج في مدرستهما المنزلية جافين، ناشفين، جامدين ولعدم رؤيتي لمشاعر الحب بين والدي عندي مشكلات جمة مع زوجي بسبب هذه التربية.
قارئي العزيز إن للعلاقة الجنسية بين الزوجين قدسيتها وخصوصيتها التي لا يجوز لطرف ثالث أن يدخل فيها, ولكن إظهار المشاعر المختلفة وفقاً لظروف كل مجتمع وكل أسرة أمر مهم وحيوي
ساحة النقاش