كانت البحيرات المصرية لآلاف السنين مصدراً للخير والثروة السمكية . وفي أقل من خمسين عاما تحولت الي مصدر اكيد للتلوث ومناسر للصوص واوكار للشر ووالفساد .
وما بقي بها من أسماك لم يعد صالحا للاستهلاك الآدمي . منذ أقل من نصف قرن أو نحو ذلك . كان السمك والجمبري هو طعام نحو ذلك . كان السمك والجمبري هو طعام الفقراء . ودارت الايام دورتها وتحول السمك الي طعام للأثرياء فقط . بل ربما للشريحة العليا من الأثرياء . كان من السهل علي عام 1961 أن أتقدم من منفذ البيع لمحل سمك شهير في أرض شريف بالعتبة . وأمد له يدي بنص فرنك ( قرشين ) وأطلب منه بقرشين سمك مع رغيف . في كل حي من احياء القاهرة الغنية والفقيرة كان يوجد عدد كبير من المحال التي تبيع السمك .
هل ما حدث لهذه البحيرات بمثل مشكلة لم يتصد لها احد . أم أن هذا التحول من الخير للشر جزء من كل . أي أننا حرصنا في النصف قرن الماضي علي تحويل كل منابع الخير في مصر إلي مصادر للتلوث والشر ؟ . . طبعا حديثي عن البحيرات المصرية يسري أيضا علي النيل.
السؤال هو : هل ما حدث للنيل وللبحيرات يشكل مشكلة مزعجة للنخبة ؟ أم أنهم ينظرون الي ذلك باعتبارها فتنة لعن الله من أيقظها . أريدك أن تلاحظ أننا لا تقترب عادة من تلك المشاكل التي يعود إلينا الفضل في صنعها . وربما أيضا نسعد بها باعتبارها صناعة مصرية وليست من صنع الامبربالية .
راجع أوارق الصحف . راجع برامج الفضائيات . لن تجد اشارة ولو من بعيد لتلك المشكلة .. لماذا ؟
أنا أعتقد أن هناك اتفاقا صامتا بيننا جميعا لعدم فتح ملف النيل وما حدث له ولنا بعد إقامة السد العالي . لا نريد أن نكتشف شيئا يصدم عواطفنا . أما بحيرة السد العالي . التي قيل يوما ما إن السمك فيها لا يجد من يصطاده . وإن كل أنواع الأسماك الأليفة في البحيرة توحشت . وفجأة عرفنا أن المصنع الوحيد الذي أقيم علي ضفافها أغلق أبوابه لأنه لم تعد هناك أسماك في البحيرة . . ياصلاة النبي . . هي أكبر بحيرة صناعية في التاريخ بطول 500 خمسمائة كيلو متر ومساحتها 5250 خمسة آلاف ومائتان وخمسون كيلو مترا مربعا . كيف ولماذا اختفي منها السمك . تري من ضايقه وأرغمه علي ترك البحيرة ؟ . . أم هي مؤامرة من دولة معادية تمكنت من شفط السمك .
إن خبر اختفاء الأسماك من البحيرة لم يطرف له جفن من النخبة المفكرة الساهرة علي حل مشاكل الشعب المصري .
إن كان لي أن أتكلم مع حكومة مصر القادمة فإني أقول لها : عينك علي المؤرخ وليس علي الشارع .
هناك ملفات لابد من التعامل معها بصراحة وقوة . منها ملف السلام . ملف علاقتنا بحماس والأنفاق وملف النيل والسد العالي حتي لو تطلب الأمر الاستعانه بعلماء العالم كله . ليقولوا لنا ماذا نفعل ؟ للحصول علي الكهرباء . وإعادة النيل والبحيرات والبحيرة إلي ما كانت عليه من نظافة .
بقلم / على سالم
المصدر: الاتحاد التعاونى للثروة المائية - جريدة الصياد - العدد 68 مايو - يونية 2014
نشرت فى 1 سبتمبر 2015
بواسطة fisherman
الاتحاد التعاوني للثروة المائية
Cooperative Union of Egyptian Water Resources الاستاذ / محمد محمد علي الفقي رئيس مجلس الادارة [email protected] »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
468,980