بحيرة قارون الواقع والمستقبل
تسعي الدولة جاهدة الي توفير الغذاء البروتيني عن طريق كافة المصادر المتاحة لحل مشكلة نقص البروتين ، وحيث ان الاسماك تعتبر من المصادر الغذائية المهمة لسد الفجوة الغذائية خاصة في البروتين الحيواني وذلك لاحتوائها علي نسبة من البروتين تزيد علي 60% من الوزن الطري الذي يتميز بسهولة الهضم والامتصاص والتمثيل مقارنة بالبروتين الموجود باللحوم الحمراء
وتتميز محافظة الفيوم بوجود مساحة كبيرة من المسطحات المائية ممثلة في كل من بحيرة قارون ومسطحات وادي الريان والتي تبلغ مساحتهما معا حوالي 90 ألف فدان وتمثلان مصدرا مهما من المصادر الرئيسية للثروة السمكية في مصر هذا بالاضافة الي المزارع الاهلية التي تعتبر من المشاريع الرائدة في محافظة الفيوم لاستغلال الاراضي البور الغير الصالحة للزراعة وقد زادت اعدادها ومساحتها بصورة كبيرة في الاونه الاخيرة .د بدات بعدد 2 مزرعة مساحتها 19فدانا عام 1984 ووصلت حتي بداية هذا العام 2002 إلي 117 مزرعة مساحتها 2313 فدانا ، بالاضافة الي 6 مزارع اخري مساحتها 35 فدانا لم تستوف طلبات الترخيص ، وتشجيعا لتنمية هذا المشروع تم تأسيس جمعية للاستزراع السمكية بمحافظة الفيوم ، وهذا يرجع الي الاهتمام الكبير الذي توليه وزارة الزراعة للاستزراع السمكي وتشجيع الاستثمار في هذا المجال وذلك وفق خطة استراتيجية لنشر وتنمية الاستزراع السمكي بصورة مختلفة ( مزارع سمكية – اقفاص سمكية – مرابي طبيعية ) ليسير جنبا مع تطوير وتنمية المصادر الطبيعية للاسماك ( بحار – بحيرات – انهار ) وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي والوصول بنصيب الفرد من الاسماك في مصر الي 14 كيلوا جراما سنويا .
اولا : المسطحات المائية بالفيوم :
1 - بحيرة قارون :
تعتبر بحيرة قارون من البحيرات الداخلية التي لا تتصل بالبحر وتبلغ مساحتها حاليا نحو 53 ألف فدان منخفض الفيوم ويتراوح منسوب البحيرة بين 44.2متر تحت مستوي سطح البحر ، ويبلغ متوسط عمق المياه بها حوالي 44.8 متر في جملته ويقع واكثر من 75%من مسطح البحيرة بين عمق (2-5 ) امتار ونحو 20% من مسطحها بين عمق (5-8 ) امتار ، ويغذي البحيرة مصرف البطس ومصرف الوادي واثنا عشر مصرفا فرعيا اخر ، وقد تبين ان هذه المصارف تغذي بحيرة قارون بحوالي 69% من مياه الصرف بمحافظة الفيوم.
وكانت مياه البحيرة عذبه ومصايدها مزدهرة حتي عهد قريب ، ولكن قل انتاجها من الاسماك النيلية بسبب :
1 - حرمانها من مياه الفيضان العذبة المحملة بالمخصبات كالنترات والفوسفات الضرورية لزيادة الانتاج الاولي .
2 - زيادة معدل البخر بحرارة الشمس نظرا لاتساع رقعة البحيرة .
3 - تراكم املاح مياه الصرف الصحي .
4 - الصرف الصحي لمدينة الفيوم ومراكز المحافظة دون معالجة .
وتبع ذلك ارتفاع ملوحة المياه بشكل مطرد عاما بعد اخر ، فبعد ان كانت ملوحيتها حوالي 12 جراما في الالف عام 1928 اصبحت ملوحتها 38 جراما في الالف وتتغير هذه الملوحه بتغير منسوب المياه في البحيرة لذا يجب التعامل مع هذه البحيرة بالاسلوب العلمي للمحافظة علي منسوب البحيرة ثابتا – حيث وجد ان هناك تذبذبا في منسوب مياه البحيرة عاما بعد اخر (طبقا للدراسات التي اجرتها وزارة الاشغال العامة والموارد المائية ) ولكي نحافظ علي منسوب امثل وثابت للبحيرة ، يجب احداث توازن بين المياه الداخلية للبحيرة وكمية البخر من سطح البحيرة واذا اعتبرنا ان منسوب 43.80 متر هو المنسوب الامثل والمتوسط علي مدار العام بالنسبة للبحيرة ، فانه للحفاظ علي هذا المنسوب ثابتا يجب ان تتحقق المعادلة التالية : -
كمية المياه المغذية للبحيرة – كمية البخر من سطح البحيرة
ويقدر متوسط كمية البخر كم سطح البحيرة بعد رصدها لسنوات عديدة بحوالي 400 مليون متر مكعب سنويا واذا اعتبرنا ان كمية المياه الداخلية لمحافظة الفيوم عن طريق بحر يوسف لاغراض الري واغراض اخري هي 2300 مليون متر مكعب سنويا ، وان متوسط كمية مياه الصرف الداخلة لكل من بحيرة قارون ومسطحات الريان تمثل ربع هذه الكمية ، فإن مياه الصرف سنويا تقدر بحوالي 575 مليون متر مكعب وتستقبل بحيرة قارون ثلثي هذه الكمية اي حوالي 385 مليون متر مكعب ( يستقطع منها حوالي 35 مليون متر مكعب لاعادة استخدامها في بحر وهبي ) وبذلك تصبح كمية المياه الحقيقية الداخله الي بحيرة قارون سنويا حوالي 350 مليون متر مكعب وبالعودة الي المعادلة السابقة نجد ان هناك عجزا يساوي (400-350 ) = 50 مليون متر مكعب سنويا في كمية المياه الداخله للبحيرة والتي يلزم تعويضها للحفاظ علي منسوب ثابت للبيحيرة
الموقف الحالي :
اوضحت الدراسات والبحوث ان الجزأين الشرقي والجنوبي من البحيرة اقل ملوحة من الجزأين الشمالي والغربي ومع ازدياد وتطور ملوحة مياه البحيرة ، اصبحت بيئتها تقترب من البيئة البحرية فانقرضت بذلك انواع الاسماك النيلية مثل القرموط والثعابين والبني واللبيس والبياض فيما عدا البلطي الاخضر الذي له القدروة علي التكيف مع الملوحة بدرجة عالية ، وازدهرت فيها اسماك البوري والطوبار التي تنقل زريعتها للبحيرة بالملايين سنويا من مراكز تجميع الزريعة ببور سعيد ودمياط والسويس وجمصة ، واشتهرت اسماك البوري الفاخرة من بحيرة قارون ببطارخها الكبيرة ، كما نجحت ايضا اقلمة اسماك الموسي البحرية وتم نقل زريعة اسماك الدنيس والقاروص وبعض القشريات ( الجمبري ) ونجحت تربيتها في بحيرة قارون وامتازت بسرعة النمو وجودة المذاق مما يبشر بالخير
وقد نتج عن نقل زريعة الاسماك البحرية الي البحيرة باستمرار ان عمرت البحيرة ايضا ببعض الاحياء النباتية والحيوانية الاخري التي تعيش في البحر المتوسط والتي تأقلمت في البحيرة من غير قصد من جراء بعض اطوار نموها مع زريعة الاسماك البحرية الواردة للبحيرة وبعضها يصلح كغذاء لاسماك البحيرة ، وضمن تلك الاحياء طلحب احمر من نوع بوليسيفونيا والذي انتشر بكثرة هائلة في البحيرة ، وهو يستخدم كغذاء لمعظم انواع الاسماك الموجودة بالبحيرة
وقد لوحظ انخفاض كمية الصيد الناتج من البحيرة ، ومن المعروف ان الاسباب الرئيسية التي تؤدي الي نقص الانتاج السمكي عادة ما تكون نتيجة للعلاقات المتبادلة بين انواع الكائنات التي تعيش في البحيرة مع الظروف البيئية المحيطة بها ، وكذلك تدخل الانسان المباشر عن طريق صيد الاسماك بطرق غير مشروعة
لكل هذه العوامل ولاهمية البحيرة لمصر عامة ولاقليم الفيوم خاصة ..اتجهت الجهود للعناية بها وخاصة انها مصدر مهم من مصادر الثروة السمكية في مصر
الانتاج السمكي :
تحولت بحيرة قارون من بيئة مياه عذبة الي بيئة مياه مالحه مما ادي الي انخفاض كبير في الانتاج السمكي ، خاصة اسماك المياه العذبة والتي كانت موجودة في البحيرة بكافة انواعها ماعدا البلطي الاخضر ، ولتعويض هذه النقص في الانتاج اتجهت الابحاث الي الاستعانة بالاسماك البحرية ، وبدأ نقل زريعة اسماك العائلة البورية في عام 1928 من محطة طلمبات المكس بالاسكندرية بالسكه الحديد واستمر النقل بعد ذلك سنويا حتي تم اكتشاف مناطق اخري لتجمعات زريعة هذه الاسماك المهمة اقتصاديا في كل من ( بور سعيد – دمياط – السويس ) وطبقا لخطة موسم 2000/2001 تم دعم البحيرة بــ 31.973 مليون وحدة زريعة من العائلة البورية " بوري حر – بوري عربي – طوبارة – سهيلة " 00 كذلك بدأ نقل اسماك الموسي للبحيرة عام 1938 0 كما نقلت عن طريق الصدفة زريعة اسماك البساريا والثعابين الي البحيرة ، وفي بداية السبعينات تم نقل اعداد من زريعة اسماك الدنيس والقاروص الي البحيرة خاصة من منطقتي رشيد ودمياط 00 كما بدأ في عام 1998 نقل امهات اسماك الموسي من بحيرة البردويل لدعم وتجديد قطيع اسماك الموسي ببحيرة قارون .
وهذا ان دل علي شيء فإنما يدل علي اهمية بحيرة قارون كمصدر مهم من مصادر الثروة السمكية رغم كل المعوقات الموجودة ويجب تضافر جهود جميع الجهات المعنية للتغلب علي هذه المعوقات لكي تعود بحيرة قارون سمة من سمات محافظة الفيوم وعلما من اعلام الثروة السمكية في مصر .
وبالرغم من ان المزارع السمكية حاليا من المشاريع الرائدة في محافظة الفيوم والتي بلغ عددها 117 مزرعة بمساحة 2312 فدانا الا انها لا تفي وحدها بحاجة اقليم الفيوم من الاسماك كما لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لتحقيق المستهدف وهو الوصول بنصيب الفرد من الاسماك الي 14 كيلو جراما سنويا .
ولذلك تولي الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية اهتماما كبيرا للاستزراع السمكي وتشجيع الاستثمار في هذا المجال وذلك وفق خطة استراتجية لنشر وتنمية نشاط الاستزراع السمكي بصورة مختلفة " مزارع سمكية - اقفاص سمكية – مرابي طبيعية " ليسير جنبا الي جنب مع تطوير وتنمية المصادر الطبيعية للاسماك " بحار – بحيرات – انهار " وذلك بتحقيق الاكتفاء الذاتي والوصول بنصيب الفرد من الاسماك في مصر الي 14 كيلو جراما سنويا .
وتعمل الهيئة جاهدة لتنفيذ كل ما تتطلبه عملية تنمية المسطحات المائية من تدعيمها بالاسماك ودراسة طرق ومواعيد الصيد وتحديد انسب وطرق للصيد ، وكذلك تحديد انسب مواعيد لمنع الصيد طبقا للمعايير العلمية الاجتماعية بما يتواكب مع صالح البحيرة والصياد معا .
الحلول المقترحه للتغلب علي المشكلات والصعوبات التي تواجه بحيرة قارون :
1 - ضرورة الانتهاء من المرحلتين الثانية والثالثة من الشركة المصرية للاملاح والمعادن " اميسال " حتي يمكن تثبيت الملوحة في البحيرة واستخراج الاملاح المعدنية منها للاستفادة بها في الصناعات المختلفة من ناحية والعمل علي تقليل معدل الملوحة سنويا في بحيرة قارون من ناحية اخري مما سيكون له الاثر الايجابي علي تنمية الثروة السمكية وتأمينها كثروة وقومية .
2 - اعادة دراسة انشاء مفرخ سمكي بحري نظرا لان المصادر الطبيعية للزريعة لا تفي باحتياجات المسطحات المائية من الزريعة كما ان هذا يضمن توافر زريعة نقية منقولة للمسطحات بدون شوائب او مفترسات .
3 - العمل علي دراسة السياسة المائية بما يتواكب مع زيادة مياه الصرف الزراعي بمعدلات يمكن معها تقليل نسبة الاملاح في البحيرة والعمل علي تطهير جميع المصارف المغذية للمسطحات المائية وخاصة بحيرة قارون وتصميم سياسة مائية لتغذية بحيرة قارون بالمياه العذبة حتي يمكن الحفاظ علي المستو ي الحالي للملوحة بالبحيرة فلا تتحول الي بركة ميتة في المستقبل 0
4 - دراسة مكونات بحيرة قارون للوقوف علي المتغيرات التي طرأت علي تنمية البحيرة .
5 - العمل علي حماية البيئة من التلوث حتي لا تعاني المسطحات المائية من التلوث نتيجة إلقاء المخلفات الصناعية والزراعية والبشرية وتراكمها مما يؤثر تأثيرا بالغا علي الثروة السمكية من حيث الانتاج ، بالاضافة الي الصحة العامة ، وهذا يستلزم تنفيذ التشريعات الخاصة لحماية البيئة
6 - تدعيم شرطة البيئة والمسطحات المائية بالامكانات اللازمة والتي تكفل لها القيام بالمتابعة المستمرة واحكام الرقابة علي بحيرة قارون خاصة وانها تقع في منطقة سياحية وتقع بجوار القري والعزب
7 - التوصية بإنشاء نجارة لتصنيع وصيانة مراكب الصيد وورش الصيانة الموجودة بمركزي ابشواي وسنورس لتكون بمثابة مراكز صيانة لوحدات الصيد العاملة ببحيرة قارون بصفة خاصة والعاملة بمسطحات الفيوم بصفة عامة
8 - الاهتمام بالاحصاءات السمكية حيث تعد هذه الاحصاءات هي الاساس والعامل المؤثر والمنتج والمستثمر ، والباحث بالنسبة لاي مشروعات استثمارية في القطاع السمكي
9 - الاهتمام بالاستزراع السمكي والتوسع في انشاء المزارع السمكية حتي تسير جنبا الي جنب مع المصادر الطبيعية للاسماك ، خاصة وان الفجوة السمكية في مصر
تتزايد سنه بعد اخري نظرا لان انتاج الاسماك من المصادر الطبيعية لن تزيد علي معدله التقليدي ما لم يأخذ القطاع السمكي في مصر دفعة قوية لتنمية الثروة السمكية وهذه الدفعة لن يكون لها تأثير واضح الا في مجال المزارع السمكية لذلك يجب حصر كل الاراضي البور الموجودة بالمحافظة واعتبارها اراضي صالحة للاستزراع السمكي لتسهيل اصدار التراخيص وتخفيض الرسوم الخاصة بتأمين فتحة مياه الصرف ، وتسهيل توصيل المرافق وخاصة الكهرباء الي منطقة المزارع السمكية لامكان رفع الانتاجية باستخدام الاستزراع المكثف الذي يستلزم وجود كهرباء