<!--<!--<!--

العوامل الدولية والمحلية المؤثرة فى حركة تجارة الأسماك العربية

تعتبر تنمية المبادلات التجارية بين الدول العربية أحد المحاور الأساسية التى يقوم عليها المشروع الإقتصادى الكبير وهو السوق العربية المشتركة وقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً جوهرياً فى الجهود التى تهدف إلى تنمية التجارة العربية البينية أملته إعتبارات ومعطيات محلية وخارجية .

وتعتبر الأسماك ومنتجاتها أحد عناصر التجارة الخارجية التى تحاول الدول والتكتلات الإقتصادية تعظيم الإستفادة منها ،ووضعها ضمن قوائم معاملاتها التجارية مع الأسواق الأخرى على المستويين الثنائى والدولى خاصة مع تفاقم أزمة الغذاء فى العديد من الدول وبالتحديد تلك الدول التى تعانى من العجز الغذائى والدخل المنخفض والتى من بينها بعض الدول العربية .

وإذا كان الميزان التجارى العربى الإجمالى من السلع الزراعية الغذائية يعانى من عجز مزمن والذى قدر عام 1998 بحوالى 19.8 مليار دولار أمريكى فإن الميزان التجارى للأسماك ومنتجاتها قد حقق فائضاً قدره 452.2 مليون دولار أمريكى فى العام نفسه كذلك فإن الصادرات السمكية تعتبر أحد مصادر الدخل الرئيسية لبعض الدول العربية مثل موريتانيا والمغرب واليمن وتونس وإذا ما أخذنا فى الإعتبار الإمكانيات المتاحة لزيادة الإنتاج السمكى العربى ( حتى فى ظل التقنيات المتاحة ) والتى تتمثل فى حوالى 1.7 مليون طن من الأسماك السطحية وما يمكن تحقيقه من إضافة من خلال ترشيد إستغلال الأسماك القاعية والرخويات والقشريات والجارى إستغلالها فإنه يمكن تصور الإمكانيات المتاحة لزيادة حجم التجارة العربية من الأسماك ومنتجاتها .

وفى ظل المتغيرات التى سادت معظم دول العالم والتى نتج عنها إتباع معظم الدول لسياسات إقتصادية تقوم على التحرر الإقتصادى وتفعيل دور أليات العرض والطلب ، وسيادة دور القطاع الخاص فى الأنشطة الإقتصادية وتحرير التجارة الدولية مع توقيع إتفاقيات الجات وإقامة منظمة التجارة العالمية ، أصبح العامل الحاكم فى توجيه مسار الأنشطة الإقتصادية ومنها التجارة الخارجية هو عامل الكفاءة والذى يعنى إنتاج سلعة بأعلى جودة وأقل تكلفة أى الكفاءة القادرة على المنافسة سواء فى الأسواق الأجنبية أو الأسواق العربية .

وعليه فإنه من غير المتوقع تنمية التجارة البينية العربية بقرار سياسى أو لمجرد الرغبة فى تحقيق شعارات قومية من الصعب تطبيقها على أرض الواقع والذى يحكمه تبادل المنافع على المستويين الجزئى والكلى والفردى والعام .

ومن هذا المنطق فإن السؤال المهم هو :

-                  ما هى الإمكانيات والوسائل لتعظيم العائد من التجارة العربية السمكية ؟

والإجابة على هذا السؤال تتطلب تحديد ما يلى :

1-            أهم سمات وخصائص تجارة الأسماك العربية كما يعكسها الوضع الحالى لهذا النشاط .

2-            المعوقات والمحددات التى تؤثر على حركة تجارة الأسماك العربية داخل المنطقة العربية وخارجها .

3-            أليات تنشيط وتنمية تجارة الأسماك العربية .

** السمات الرئيسية لتجارة الأسماك العربية **

-                 يقدر حجم التجارة السمكية العربية بحوالى 718.4 ألف طن ، قيمتها 1479.5 مليون دولار أمريكى فى عام 1998 حيث قدرت قيمة الصادرات من الأسماك ومنتجاتها بحوالى 965.8 مليون دولار وقيمة الواردات 513.7 مليون دولار .

-                 إرتفعت نسبة الزيادة فى كمية وقيمة الصادرات العربية فى عام 1998 بحوالى 4.2 % ، 32.8 % على التوالى مقارنة بعام 1997 .

ويرجع ذلك إلى الزيادة فى قيمة الصادرات السمكية للمغرب بنسبة 116 % وتونس بنسبة 19.4% بسبب زيادة أسعار الأسماك المصدرة من هذين البلدين فى حين إنخفضت الصادرات السمكية فى عمان بنسبة 23.8% وموريتانيا بنسبة 24.9% .

-                 تمثل صادرات المغرب عام 1998 حوالى 56.2% من الصادرات السمكية الإجمالية يليها تونس 15.4% ثم موريتانيا 13.9% أى أن حوالى 86% من صادرات الأسماك العربية يتركز فى الدول الثلاث .

-                 فى عام 1998 حققت الواردات من الأسماك ومنتجاتها بالمقارنة بعام 1997 زيادة قدرها 16.4% من حيث الكمية ،22.1% من حيث القيمة .

-                 تتصدر مصر والسعودية وليبيا والدول العربية المستوردة الرئيسية للأسماك حيث بلغت قيمة وارداتها من الأسماك فى عام 1998 حوالى 295.3 مليون دولار ،أى حوالى 58%من إجمالى قيمة الواردات العربية من الأسماك .

-                 إن معظم الصادرات العربية (حوالى 90%)من الأسماك تتجه إلى أسواق أجنبية (أوروبا واليابان)كما يتم إستيراد السلع من خارج المنطقة العربية ،وأنه فى العديد من الحالات يتم تداول الأسماك المنتجة فى الدول العربية من خلال وسيط أجنبى مثال ذلك أن مصر تستورد بعض الإنتاج العربى الأصل عن طريق وكلاء هولنديين وإيطاليين وبريطانيين .

ويمكن تفسير هذا الوضع بإرتباط الصناعات السمكية (الصيد والتصنيع)فى الدول العربية ذات الوفرة فى مواردها السمكية بالإستثمارات الأجنبية من خلال تعاقدات وإتفاقيات مع منظمات وشركات أجنبية بسبب عدم توافر الإستثمارات الوطنية أو العربية ولهذا تسيطر هذه الشركات والمؤسسات على تجارة الأسماك .

-                 بالإضافة إلى محدودية التجارة العربية البينية فإنها تتسم بتركيز التبادل بين عدد محدود من الدول تكون فى معظم الأحوال من الدول المتجاورة مثل ليبيا مع المغرب وتونس وموريتانيا والجزائر وكذلك بين دول التعاون الخليجى .

-                 إن معظم الصادرات والواردات العربية هى أسماك طازجة أو مبردة أو مجمدة غير مصنعة .

** العوامل المؤثرة فى حركة التجارة العربية السمكية **

يتركز إهتمام المصدرين والمستوردين فى الدول العربية كما فى غيرها من الدول فى البحث عن الأسواق المناسبة والتى تحقق تعظيم العائد من المبادلات التجارية للسلع والخدمات المختلفة .

ومع تعاظم دور القطاع الخاص فى الإقتصاديات العربية وتحرير التجارة الدولية بعد عقد إتفاقيات الجات وإقامة منظمة التجارة العالمية أصبح مبدأ الكفاءة القائم على المنافسة هو العامل الحاكم فى توجيه حركة التجارة الخارجية حيث يصبح مستوى جودة السلع والتكلفة أهم مؤشرات الكفاءة وللمحافظة على الأسواق التقليدية والدخول إلى أسواق جديدة .

وكما سبق أن ذكرنا فإن سمات التجارة السمكية العربية أنها تتركز تصديراً وإستيراداً فى مجموعة الدول الأوروبية وبكميات أقل فى بعض الدول الأسيوية وبالتحديد اليابان كما أن المنتجات العربية من الأسماك يتم تبادلها بين الدول العربية خلال وسيط أوروبى وليس مباشرة بين المصدرين والمستوردين العرب وهذا يعنى أمرين :

الأول :أن السوق الأوروبية (مجموعة دول الوحدة الأوروبية )تعتبر كما يقال السوق التقليدية للأسماك العربية .

الثانى :أن هناك تبادلاً تجارياً فى الأسماك بين الدول العربية ولكن يتم بشكل غير مباشر عن طريق طرف أجنبى ثالث لأسباب مختلفة عاقت وتعوق تحقيق تبادلها مباشرة .

وإذا ما أخذنا فى الإعتبار مبدأ تحقيق أكبر منفعة من التبادل التجارى وفى ظل حرية التجارة فإن كلاً من المصدر والمستورد العربى للأسماك سوف يتجه إلى الأسواق التى تحقق له أكبر عائد فى ظل الخدمات والتسهيلات المتاحة .

والسؤال المهم هو ..إلى أى مدى يمكن الإحتفاظ بالأسواق الأوروبية واليابانية فى ظل العديد من المتغيرات والمستجدات سواء على المستوى الإقليمى والدولى وأيضاً بالنسبة لإتجاهات الطلب على الأسماك وتفضيلات المستهلكين فى هذه الدول .

إن إجابة هذا السؤال المهم تتطلب إستعراض الحقائق الأتية :

1-           تتعرض المنتجات السمكية العربية لمنافسة غير متكافئة مع المنتجات الأجنبية سواء فى الأسواق الأوروبية واليابانية أو فى الأسواق العربية المستوردة لهذه المنتجات بسبب عامل الجودة وإنخفاض التكلفة .

فقد دخل منافسون جدد فى تجارة الأسماك خاصة من الدول الأسيوية ويقدمون منتجات منافسة من حيث توافر معايير الجودة وتنوع المنتجات .

خاصة فى مجال المنتجات غير التقليدية ومنتجات القيمة المضافة كما أنهم إستطاعوا تقديم أسعار منافسة مستفيدين من إنخفاض تكلفة الإنتاج نتيجة وفرة الموارد السمكية وإنخفاض الأجور وأسعار عملاتها الوطنية .

2-           أصبحت الأسواق الأوروبية واليابانية أكثر ديناميكية وحساسية وتعقيداً وأصبحت أكثر الأسواق تكلفة لدخولها وذلك لأسباب مختلفة من أهمها التطور المستمر فى معايير الجودة والمواصفات الصحية فى جميع المراحل بدءاً من مرحلة الصيد إلى مرحلة التصنيع والتداول وأن تحقيق هذه المعايير يتطلب ضخ إستثمارات كبيرة فى كافة المراحل بدءاً من مرحلة الصيد حتى التسويق خاصة مع الإرتفاع المتوقع فى تكاليف المشروعات السمكية بسبب ما سيترتب على تطبيق إتفاقية الجات فى مجال حقوق الملكية الفكرية وإرتفاع تكلفة الحصول على التكنولوجيا اللآزمة لتحديث الصناعات السمكية وتكاليف إستخدام العلامات التجارية .

3-           تحاول بعض الدول الأجنبية الإلتفاف حول مبدأ حرية التجارة كما جاء فى الإتفاقيات الدولية بحجج مختلفة مثل حماية البيئة والدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة عمالة الأطفال .. إلخ.

4-           تناقص إمكانيات الوصول إلى الأسواق الأوروبية وغيرها من الأسواق الأجنبية للمنتجات السمكية المصنعة (المجهزة ونصف المجهزة)فى الدول العربية نتيجة تصعيد مستويات التعريفة الجمركية على هذه المنتجات بعد جولة أوراجواى (ويعطى هذا الوضع مؤشراً مهماً فى حركة وإتجاه الأسماك فى المنطقة العربية حيث يمكن فرض تعريفات أقل فى إطار حكم الدول الأكثر رعاية أو نظام الأفضليات المعمم) .

5-           إن إعتماد الصادرات السمكية العربية على الموارد الأولية (أسماك حية أو مبردة أو مجمدة)يحرم الإقتصاديات العربية من فتح مجالات جديدة للإستثمار والعمالة وخلق قيمة مضافة بما يساعد على زيادة العائد من تصدير الأسماك المصنعة .

والخلاصة أنه إذا ما أريد المحافظة على الأسواق الأجنبية التقليدية فلا بد من قبول التحديات التى تفرضها المنافسة العالمية من حيث الإرتفاع بمستوى الجودة وبأسعار تنافسية والعمل على تطوير المنتجات العربية بما يتناسب مع التطورات المتلاحقة فى أذواق المستهلكين وإحتياجاتهم وما يتطلبه ذلك من تعديلات فى هياكل الإنتاج والتسويق وتدريب القوى العاملة والإستثمار فى البحث والتطوير ،وأن هذا يتطلب ضخ إستثمارات غير قليلة وهذا يعنى أن تكلفة المحافظة على هذه الأسواق الأجنبية أو الدخول إليها أصبح مكلفاً للغاية وهذا مشروط بإمكانية تحاشى أشكال القيود المختلفة التى تفتعلها الدول الأجنبية وذلك للحد من إنسياب المنتجات العربية خاصة المصنعة إلى أسواقها .

وعلى الجانب الأخر فإن الأسواق العربية تتوافر لها المميزات الأتية :

1-           إتساع وتنوع الأسواق العربية حيث يقدر عدد السكان فى عام 1998 بحوالى 270.4 مليون نسمة يتزايد بمعدل متوسط سنوى حوالى 2.2% علاوة على إتجاه أسعار اللحوم والدواجن إلى الإرتفاع بسبب إرتفاع أسعار مدخلات هذه الصناعات .

2-           على الرغم من تفضيل المستهلك العربى للأسماك الطازجة بشكل عام إلا أن مجموعة من العوامل أثرت فى الفترة الأخيرة فى تفضيلاته والتى إنعكست فى زيادة الطلب الحالى والمتوقع على المنتجات السمكية المصنعة والنصف المصنعة ومن أهمها ما يلى :

-                 التوسع فى المراكز الحضرية وبالذات فى العواصم والمدن المهمة .

-                 تطوير شبكة الطرق والمواصلات التى سهلت إنسياب الأسماك إلى مراكز الإستهلاك .

-                 تزايد الوعى والإهتمام بالغذاء الصحى .

-                 زيادة إعداد المرأة العاملة وبالتالى زيادة الطلب على السلع المصنعة وشبه الجاهزة لتوفير الوقت المنفق فى شراء الطعام وتجهيزه .

-                 إنتشار أجهزة التجميد والتبريد فى المنازل مما يساعد على حفظ المنتجات السمكية لفترات مناسبة .

-                 تطوير المنتجات السمكية وتنوعها مما يتيح إختيارات واسعة أمام المستهلكين والتى تناسب جميع الأذواق والعادات .

-                 إدخال المنتجات السمكية فى برامج تغذية التجمعات الكبيرة مثل المستشفيات والمدارس والجامعات ،والقوات المسلحة والشرطة والمصانع وكذلك برامج المعونات الغذائية .

3-           إن الدول العربية غير متنافسة فى إنتاج الأسماك بسبب تعدد وإختلاف الأنواع وإختلاف مواسم الإنتاج نتيجة إختلاف الظروف البيئية فى المصايد العربية .

4-            توافر الإرادة السياسية لتقوية التعاون الإقتصادى العربى وتأهيل الظروف المناسبة لتشجيع وتنمية التجارة العربية البينية من خلال الإتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف مثل إتفاقيات مناطق التجارة الحرة الثنائية وإتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تمهيداً لقيام إتحاد جمركى ثم سوق عربية مشتركة وكذلك وجود العديد من المؤسسات والآليات التى تهدف إلى تنمية التبادل التجاري العربي .

المصدر: جريدة الصياد العدد الرابع عشر مايو ويونية 2002
fisherman

الاتحاد التعاونى للثروة المائية

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 319 مشاهدة

الاتحاد التعاوني للثروة المائية

fisherman
Cooperative Union of Egyptian Water Resources الاستاذ / محمد محمد علي الفقي رئيس مجلس الادارة [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

469,815