لا لتجفيف البحيرات الشمالية

التلوث الزراعي والصرف الصحي يحاصرات البحيرات الشمالية

          تعرضت موارد البحيرات الشمالية للعديد من العوامل التي اثرت سلبا عليها في الفترة الاخيرة ومن أهمها برامج التجفيف والاستصلاح والتوسع العمراني وانشاء المزارع السمكية فتقلصت مساحة البحيرات علي مدي الاحقاب الماضية بأكثر من نصف اجمالي المسطح المائي لها ووجهت معظم المساحات المجففة منذ الخمسينات البرامج القومية لاستصلاح الاراضي بغرض زيادة الرقعة الزراعية لمواجهة زيادة الطلب علي الغذاء وخلق فرص عمل جديدة لمواجهة الزيادة السكانية 0

          وقد صاحب مشروعات الاستصلاح اقامة وتشييد الطرق السريعة الرئيسية والفرعية التي تقطع هذه البحيرات إلا أن سياسات التوسع الزراعي أو العمراني لم تأخذ في الاعتبار تحديد بدائل الاستخدام الاقتصادي الافضل لموارد البحيرات بما يضمن اقصي عائد ممكن منها وكذلك العديد من العوامل البيئية الأمر الذي أدي الي عدم تحقيق التوازن المطلوب بين العوامل الاقتصادية البيئية هذا بالاضافة الي الكثير من العوامل الاخري التي قد تؤثر في جدوي استغلال هذه الموارد مثل نوعية التربة وخواصها الانتاجية 0

          ومن هنا اجري مشروع اصلاح السياسات الزراعيى عدة دراسات منفصلة حول سياسات ومعوقات تنمية الموارد السمكية والارضية بالاشتراك مع الدكتور/ احمد برانيه استاذ الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومي والمهندس/ محمد الشناوي المستشار بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ومصطفي الشريف بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية 0

تقلص المساحات

          وتناولت الدراسات انشطة الصيد والانتاج السمكي في البحيرات الشمالية حيث اشارت الي ان مساحة البحيرات الشمالية الاربعة ( ادكو والمنزلة والبرلس ومريوط ) اصبحت 285 ألف فدان عام 1998 بعد ان كانت حوالي 640 ألف فدان في الثلاثينات وتتمثل أهمية هذه البحيرات في كونها مناطق الصيد وخزانات للمياه وموقع لاستقبال مياه الصرف الزراعي والصحي ، كما تستخدم في انشطة الاستزراع السمكي ، كما انها تعمل كحاجز يحمي الاراضي الزراعية في مناطق الدلتا من تغلغل مياه البحر بالرغم من ان البحيرات الشمالية في معظمها ضحلة الا انها غنية بالكائنات المائية ، كما ان اجزاء غير قليل من مسطحاتها المائية مغطي بالنباتات المائية وتتصل بحيرات المنزلة والبرلس وادكو بالبحر عن طريق البواغيز اما بحيرة مريوط فلا تتصل بالبحر ويتم صرف مياهها الي البحر عن  طريق محطة طلمبات الصرف بمنطقة المكس 0

مياه الصرف الزراعي

          وأكدت الدراسة ان بيئة البحيرات الشمالية قد تعرضت لتغيرات ملموسة بعد انشاء السد العالي فقط حلت مياه الصرف الزراعي والتي تمر بالبحيرات لتصب في البحر محل مياه النيل العذبة والتي كانت وقت الفيضان تستخدم في عملية غسيل وتطهير البحيرات من المياه المالحة والمخلفات المتراكمة وقد ترتب علي هذا تغيير جوهري في التركيب النوعي لاسماك البحيرات حيث انخفضت كميات الاسماك والقشريات البحرية وسادت اسماك المياه العذبة خاصة انواع البلطي وكذلك اسماك المياه الشروب وبالتحديد اسماك العائلة البورية وقد ساعدت التغييرات في النظام البيئي علي نمو النباتات المائية في البحيرات والتي وفرت اماكن مناسبة لتكاثر ونمو الانواع الجديدة من الاسماك ووفرت الظروف لتوافر قاعدة غذائية غنية لها 0

عمليات التجفيف

        كما تعرضت البحيرات منذ بداية الخمسينات الي عمليات التجفيف بغرض استصلاحها بواسطةالقطاعين العام والخاص مما ادي الي فقد 20% من مساحتها بالرغم من ان البحيرات الشمالية توفر امكانيات كبيرة للانتاد السمكي حيث يمكن زيادة الانتاج الحالي من خلال تنفيذ برامج فعالة لمكافحكة النباتات المائية والتي تساعد علي تقليل الفاقد من المياه نتيجة البخر والذي والذي تكون معدلاته اعلي في المناطق المغطاة بالنباتات المائية عن تلك المناطق الخالية منها ويتولد الانتاج السمكي للبحيرات من المصايد المفتوحة " الصيد الحر " والمصايد المغلقة " المزارع السمكية او الحوش " حيث يوجد حوالي 100 ألف فدان في المناطقالمحيطة بالبحيرات تستغل في الاستزراع السمكي في المياه الشروب ، بالاضافة الي عدة آلاف من الافدنة علي امتداد الشريط الساحلي للبحيرات علي البحر تستغل كمزارع بحرية والتي تستثمر فيها اموال كثيرة الي جانب توافر حوالي 182 ألف طن من الاسماك سنويا 0

          وتتضمن هذه المساحات حوالي 50.5 ألف فدان تستغل كمزارع سمكية   ( ليس لها وضع قانوني ) في الاراضي التي تم استصلاحها بتجفيف مناطق من البحيرات خاصة في بحيرتي المنزلة والبرلس واللتان تنتجان سنويا   حوالي 154ألف طن من الاسماك تمثل نحو 84% من الانتاج الكلي للمزارع السمكية في مناطق البحيرات 0

حدود البحيرات

كما توفر البحيرات امكانية واضحة لتنمية انشطة الاستزراع السمكي الشبه المكثف والقائمة علي مياه البحيرات و يقصد بذلك الحوش التي يمكن زيادة انتاجيتها من خلال تقنينها وتحويلها من مجرد وسيلة لجمع الاسماك الي اسلوب من اساليب الاستزراع السمكي ، كما ان الحوش المقننة سوف تساهم في المحافظة علي حدود البحيرات ومع هذا فعند معالجة مشكلة الحوش لابد من مراعاة مصالح الصيادين العاملين في المصايد المفتوحه في البحيرات حيث تحد الحوش مساحات الصيد المتاحة لهم كذلك فإن تقنين أوضاع المزارع السمكية غير المرخصه سوف يشجع علي ضخ استثمارات جديدة ويحسن من انتاجها 0

ويعتبر التلوث الزراعي والصناعي والصرف الصحي اهم معوقات تنمية مصايد البحيرات كما ان وقف تجفيف البحيرات يعتبر من اهم الوسائل للمحافظة علي مساحات البحيرات 0

وتستخدم عدة طرق ووسائل صيد في البحيرات الشمالية من اهمها الشباك الخيشوية ( الكنار ) الجوابي ، التحاويط ، الطراحه ، الصيد باليد وغيرها 0

توصيات مهمــة

وقد خلصت الدراسة الي التوصيات الاتية :

-    اعتبار مشكلة تجفيف المساحات المائية المنتجة للاسماك خاصة في البحيرات الشمالية قضية قومية يجب التصدي لها ومنعها حيث ان المصلحة القومية تحتم وقف عمليات التجفيف بغرض الاستصلاح والمحافظة علي مصايد هذه البحيرات وتنميتها نظرا لانخفاض العائد من استغلالها للزراعة مقارنة بالاستغلال السمكي للمصايد الطبيعية     او المزارع السمكية .

-    واكدت الدراسة ان تجفيف البحيرات يؤدي الي انكماش الرقعة المتاحة للصيج ويعني ذلك زيادة كثافى الصيد الجائر واضعاف قدرة المخزون السمكي علي استعاضة عناصره والذي يؤثر في النهاية علي استدامتها .. كما ان تجفيف الحزام الساحلي للبحيرات الشمالية يؤدي الي انخفاض منسوب المياه بها مما يسبب اضرارا شديدة للموارد السمكية .

-    واشارت توصيات الدراسة الي ضرورة تعظيم الاستفادة بالموارد المائية المخصصة لمساحات كبيرة من الاراضي المستصلحة الصالحة للزراعة واستغلال البنية الاساسية التي اقامتها الدولة .

-    كما اكدت أهمية ادارة مصايد البحيرات الشمالية باسلوب عامي يعتمد علي قاعدة بيانات دقيقة عن المخزون السمكي وجهد الصيد بالاضافة الي ترشيد استغلال موارد البحيرات الشمالية من خلال تطبيق اسلوب الادارة المتكاملة للمناطق الساحلية و تحت اشراف جهاز شئون البيئة لضمان بيئة نظيفة متوازنة والمحافظة علي الموارد الطبيعية والبيولوجية لهذه البحيرات كمنطقة حماية طبيعية لاراضي شمال الدلتا .

                                          بقلم / عمرو اسماعيل