أعد الدكتور أحمد برانية أستاذ اقتصاديات الموارد السمكية بمعهد التخطيط القومى ومستشار الاتحاد وأحد خبرائنا القلائل فى مجال الثروة السمكية دراسة مهمة حول "التخطيط وإعداد الخطة فى قطاع الثروة السمكية"ونظراً لأهمية الدراسة ورغبة فى الاستفادة منها نعرض تفاصيلها من خلال هذه السطور:
التخطيط وإعداد الخطة فى قطاع الثروة السمكية
من الطبيعى أن تبدأ العملية التخطيطية بتحديد الأهداف الكلية المرتقبة لهذا النشاط إذ أن تحديد هذه الأهداف يساعد على اختيار استراتيجية محددة تتضمن سياسات وأدوات مختلفة .. وهنا قد توجد قائمة عريضة من الأهداف تحدد طبقا لاولوياتها ...وهذه الاهداف هى:
1- تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاسماك.
2- الارتفاع بمستوى دخول ومعيشة العاملين بالصيد.
3- عدالة توزيع الدخول فى نشاط الصيد.
4- زيادة فرص العمالة فى نشاط الصيد.
5. المساهمة فى تحسين ميزان المدفوعات بزيادة الصادرات او الاحلال محل الواردات من الاسماك.
6. زيادة الناتج والدخل القومى من نشاط الصيد.
7. توفير مصدر غذاء بروتينى للسكان وبتكلفة اقل منه فى حالة المنتجات الحيوانية.
8. الحفاظ على مخزون الاسماك بالمصايد الطبيعية.كما هو الحال بالنسبة لمصر.
واذا كانت اهداف نشاط الصيد تختلف فيما بين الدول المختلفه باختلاف ظروفها الاقتصاديه وطبيعه نشاط الصيد بها ودوره النسبى فى النشاط الاقتصادى ,كما انها قد تختلف داخل نفس المجتمع من مرحلة الى اخرى من مراحل تطوره الاقتصادى وتطور ظروف نشاط الصيد به,الا ان هناك من الملاحظات التى يجب ان تكون فى ذهن المخطط فى هذه المرحلة من العملية التخطيطية وهى:
أ- مع تعدد الاهداف المرتقبة لهذا النشاط فيفضل ان تتضمن الخطة عددا اقل من الاهداف ,خاصة وان هناك من الاهداف السابق ذكرها ما قد يعنى فى مضمونه تحقيق اهداف اخرى من هذه القائمة.فهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاسماك قد يعنى فى مضمونه زيادة الناتج والدخل القومى من هذا النشاط ,كما قد يعنى ايضا الاحلال محل الواردات .ويضاف الى ذلك ايضا ان محدودية الموارد المتاحة للنشاط قد لا تسمح الا بتحقيق عدد اقل من الاهداف, ولهذا فان تضمن الخطة لعدد قليل من الاهداف يتوقع تحقيقها فى ضوء الموارد المتاحة يعد افضل من تضمنها لعدد كبير من الاهداف قد تفشل الخطة فى تحقيقها بسبب الموارد .اضف الى ذلك ايضا ان التخطيط لتحقيق عدد قليل من الاهداف يساعد على تجنب ما قد يوجد من تناقض بين وسائل تحقيق هذه الاهداف مع كثرتها حيث قد تتناقض.وعلى سبيل المثال وسائل تحقيق هدف زيادة فرص العمالة فى نشاط الصيد(فى بعض البلدان او فى بعض المصايد) مع وسائل تحقيق هدف زيادة الانتاج السمكى خاصة اذا ما كانت وسائل تحقيق الهدف الاخير تنحصر فى ميكنة قوارب ومراكب الصيد والاخذ بالتكنولوجيا الحديثة فى هذا المجال.
ب- كذلك يجب ان تكون اهداف النشاط واضحة ومحدودة يمكن قياسها وليست مبهمة اذ ان اهدافها مثل : تحقيق الاكتفاء الذاتى من الاسماك .او زيادة دخول مجتمع الصيادين ,او زيادة فرص العمالة قد لا تكون ذات مضمون.اذا لم تحدد معدلات أو حجم الزيادات المستهدفة فى الانتاج او مستوى الدخول,وفرص العمالة,فوضوح الاهداف وتحديدها يساعد على المواءمة فيمابين الموارد المتاحة للنشاط والاهداف المخططة من ناحية ,كما انه يساعد ومن ناحية اخرى على قياس ومتابعة معدلات النجاح فى تحقيق هذه الاهداف من ناحية اخرى.
ج- وكذلك ايضا وفى هذه المرحلة من العملية التخطيطية يجب التمييز مابين الهدف والوسيلة على المستوى الكلى للنشاط.
فزيادة الانتاج السمكى قد تكون هى الهدف على المستوى الكلى للنشاط ,وقد تكون الوسيلة هى زيادة أعداد وحدات أسطول الصيد او تطوير وحدات أسطول الصيد كوسيلة,قد يجعل المخطط يغفل عن جوانب واجراءات أخرى مهمة لتحقيق هدف زيادة الانتاج السمكى ومنها وعلى سبيل توفير الخدمات ومستلزمات التشغيل الاخرى كخدمات الصيانة ,والحفظ والتبريد والنقل وغيرها ,وذلك اذا ما نظر الى ان زيادة او تطوير وحدات أسطول الصيد دون تحقيق زيادة الانتاج المستهدفة اذا ما اغفلت الجوانب والاجراءات الاخرى.وفى هذا الشأن ايضا تجدر الاشارة الى ان التمييز بين الهدف والوسيلة ينظر الية للمؤشرات التى تساعد القيادة السياسية على الاختيار الرشيد والمنطقى لأهداف الخطة وبما يضمن تحقيقها لهذه الاهداف .فعلى المخطط لهذا النشاط توفيرالمعلومات عن المشاكل والمعوقات الاساسية للتنمية داخل هذا النشاط وطرح بدائل الحلول الممكنة .وتقدير الموارد اللازمة لكل منها الى جانب تقدير الموارد المتاحة والمحتملة فى هذا النشاط فى اطار افتراضات محددة,وذلك بهدف مساعدة القيادة السياسية على تحديد واختيار اهداف الخطة ,ثم على المخطط بعد ذلك المواءمة فيما بين الاهداف الاجتماعية والاقتصادية للخطة بما يضمن تحقيقها باقل تكلفة اقتصادية وهنا ايضا تجدر الاشارة الى ان دور المخطط فى مرحلة تحديد الاهداف الكلية للنشاط لايقف عند التخطيط على المستوى المركزى للنشاط وانما يعد هو المحصلة النهائية للمؤشرات التى يتلقاها المخطط على المستوى المركزى من المخططين على المستوى المؤسسى او الاقليمى والتى تعكس بدورها رغبات واهداف المجموعات المستهدفة من التنمية فى نشاط الصيد "وعلى نمو ما سيتم الاشارة اليه فيما بعد"
المسح التشخيصى للنشاط
سبقت الاشارة الى ان تحديد الاهداف الكلية لنشاط الصيد يعد هو الخطوة الاولى فى العملية التخطيطية للنشاط حيث يساعد على اختيار الاستراتيجية والسياسات والمشروعات اللازمة لتحقيق هذه الاهداف.
وقد يضاف هنا ايضا ان التحديد المسبق للاهداف الكلية للنشاط يساعد على تحديد المعلومات المطلوبة والمفترض ان يتضمنها مثل هذا المسح ,حيث قد تختلف المعلومات اللازمة باختلاف الاهداف. الا انه وكما سبق القول ان تحديد الاهداف الكلية للنشاط يتطلب توافر المعلومات اللازمة حول مشاكل ومعوقات التنمية بالنشاط ,وموارده المتاحة والمحتملة للمساعدة فى تحديد هذه الاهداف .وهنا قد يثور التساؤل ايضا حول اسبقية كل تحديد الاهداف الكلية للنشاط او تنفيذ المسح التشخيصى له تتوقف بطبيعة الحال على نوعية وكم المعلومات التراكمية المتاحة عن هذا النشاط والتى قد تختلف باختلاف البلدان المختلفة ,حيث اذا ما توافرت المعلومات المطلوبة بالكم والنوع اللازم لتحديد الاهداف الكلية للنشاط كلما ساعد ذلك على تحديد هذه الاهداف فى مرحلة سابقة لاجراء المسح التشخيصى ,وهو ما يساعد بدورة على تحديد المعلومات التفصيلية والمفترض ان يتضمنها هذا المسح للمساعدة فى تحديد الاهداف التفصيلية للنشاط واختيار السياسات والمشروعات اللازمة لتحقيق اهداف الخطة,وذلك عكس الحال فى حالة غياب مثل هذه المعلومات حيث قد يسبق تنفيذ المسح التشخيصى تجديد الاهداف الكلية للنشاط.
هذا بغض النظر عن ترتيب تنفيذالمسح التشخيصى للنشاط ,بالنسبة لمرحلة تحديد الاهداف الكلية للنشاط,فانه بالامكان الاتفاق على ان هذا المسح يعد من المكونات الاساسية للخطة .كما انه يعد مرحلة سابقة على باقى المراحل الاخرى لاعداد الخطة ,حيث يهدف هذا المسح الى توفير المعلومات اللازمة لاعداد الخطة المطلوبة لتحقيق الاهداف السابق تحديدها ,وذلك من خلال التعريف بحالة تطور هذا النشاط فى الماضى القريب ,والوضع الحالى للنشاط متضمنا المشاكل والمعوقات التى تواجة التنمية بهذا النشاط وتقييم الانشطة الاستثمارية الجارية بهدف التنمية ثم الاحتمالات القائمة والمرتقبة لتحقيق الاهداف المحددة لهذا النشاط.
وعليه فإذا كان هذا النشاط من العملية التخطيطية يهدف إلي توفير المعلومات اللازمة لإعداد الخطة في وقت قصير يسمح بإعداد الخطة في الوقت المناسب فمن المفترض في أن يركز علي تجميع وتحليل المعلومات والبيانات المتاحة والمطلوبة للتخطيط لتحقيق أهداف الخطة، ومن هنا علي القائمين بهذا النشاط الاسترشاد في تحديدهم للمعلومات المطلوبة وطريقة تصنيفها وتحليلها بالأهداف الموضوعة للخطة وإذا ما أفترض في هذه الحالة وجود فجوة فيما بين المعلومات والبيانات المتاحة وتلك المطلوبة فإنة بالامكان التغلب علي هذه الفجوة مرحليا من خلال إجراء التقديرات والاسقاطات المستقبلية حولها في ضوء المتاح منها، حيث يفترض في هذه الحالة أن تكون الدراسات والبحوث اللازمة لسد هذه الفجوة في المعلومات أحد برامج الخطة الجاري إعدادها أو تنفيذها في مرحلة ما قبل الاستثمار في برامج ومشروعات الخطة . ويمكن أن نخلص من ذلك إلي أن المسح التشخيصي للنشاط يجب أن يكونا مركزا أو محدودا علي المعلومات والبيانات التي تفيد في التخطيط لأهداف الخطة وبالتفصيل الذي يخدم هذا الهدف، ومن ثم الابتعاد عن التفصيلات والمعلومات التي قد لا تفيد في ذلك.هذا ومن الطبيعي أن تبدأ أولي خطوات تنفيذ المسح التشخيصي لهذا النشاط بوضع الإطار التفصيلي له متضمنا المجالات والمناطق المفترض أن يركز عليها، ثم وضع جدول زمني لكل نشاط داخل هذا المسح ثم البدء بتجميع الدراسات والبحوث والخطط السابقة التي أجريت حول هذا النشاط ،كما قد يتطلب الأمر ايضا القيام ببعض الزيارات لأقسام التخطيط بالمؤسسات المعنية بهذا النشاط أو المكاتب الإقليمية والمحلية والتي قد تتوافر لديها كثير من المعلومات المطلوبة وقد يضاف إلي ذلك أيضا الحاجة إلي تنفيذ بعض الزيارات الميدانية لبعض المناطق للحصول علي معلومات معينة. وإلي جانب البحوث والدراسات السابقة أيضا يفترض تجميع سلسلة زمنية للبيانات والمعلومات المتصلة بجوانب هذا النشاط وفي حدود المطلوب هذا ويمكن أن تضيف البيانات والمعلومات التي يفترض أن يشملها هذا المسح بشكل عام فيما يلي:
أ. البيانات والاحصاءات الاساسية للنشاط عن فترة زمنية ماضية وتشمل:
- مساحة المصايد " بحرية، مياه عذبة ، مزارع".
- الإنتاج السنوي من الأسماك من المصايد والأقاليم، والمناطق ومن حيث حجم الإنتاج ، والاصناف ، وموسمية الانتاج.
- توزيع إنتاج المصايد من الاقاليم والمناطق المختلفة من الأسماك علي مراكز الاستهلاك المختلفة.
- أسعار المنتج/ الجملة/ المستهلك بالنسبة للأصناف المختلفة من الأسماك علي مستوي المناطق والأقاليم ومراكز الاستهلاك المختلفة، والمواسم المختلفة.
- الاستهلاك السنوي من الأسماك " إجمالي / فردي" علي المستوي الإجمالي والإقليمي، والمحلي.
- المدخلات الأساسية لنشاط الصيد " شباك/ سنار. وقود زيت/ ثلج/ اعلاف...الخ" من حيث الكميات المستخدمة وأسعارها.
- كمية وقيمة الصادرات والواردات السنوية من الأسماك.
- كمية وقيمة الصادرات والواردات السنوية من معدات المصايد ، والمدخلات الوسيطة.
هذا ومن الطبيعي أن تتضمن عملية تجميع هذه البيانات والاحصاءات التأكيد من دقتها من خلال التعرف علي الطريقة التي جمعت وحسبت بها البيانات والاحصاءات ومدلولها.
ب- المصايد البحرية:
قد تشكل المصايد البحرية المصدر الوحيد للصيد في بعض البلدان علي حين قد تكون هي أحد المصادر الرئيسية للصيد في البعض الآخر من البلدان عند وجود مصادر أخري للانتاج.ويقصد بالمصايد البحرية هنا مساحة المياه الإقليمية للدولة المعنية وقد يكون من المفترض وجود المعلومات حول الظروف البيئية من مناطق الصيد التي تعد من المؤشرات التي تعكس امكانات الثروة السمكة بها إلا أن هذه المعلومات قد لاتكون معروفة بالنسبة لأغلب هذه المناطق ومن هنا فمن المفترض أن يشمل المسح التشخيصي لهذه المصايد .
وعلي مستوي المناطق المختلفة المعلومات التالية:
- الظروف المناخية " رياح/ حرارة/ أمطار ".
- الخواص الطبيعية للمياه "درجة حرارة/ الاكسوجين الذائب في المياه/ درجة الشفافية / درجة الملوحة"
- الخواص البيولوجية للمياه.
- الخواص الجيولوجية للقاع وأعماق المياه.
- تقديرات المخزون السمكي في المناطق المختلفة وأنواعة.
- الظروف الطلبيعية للشواطئ وحالة الطرق التي تصل بالمناطق الأخري.
- مواني، ومواقع إنزال الصيد الموجودة.وعلية وفي إطار المعلومات المشار إليها قد يمكن تصنيف مناطق الصيد في هذه النوعية من المصايد وفقا لاحتمالات تنمية الانتاج من الأسماك بها "ومع إفتراض أن زيادة الانتاج السمكي هو الهدف الأساسي لخطة التنمية" إلي ثلاث فئات أساسية وهي:
- مناطق ذات احتمالات كبيرة وسريعة لتنمية الإنتاج السمكي منها، وهي مناطق تتمتع بوجود محزون سمكي كبير مع وجود البنية الأساسية والتسهيلات التي تساعد علي استغلاله، إلا أنها في حاجة إلي استكمال البعض منها أوإلي حلول ممكنة وسريعة لبعض المعوقات التي تواجة استغلال المخزون السمكي بها.
- مناطق ذات احتمالات ضعيفة لتنمية الإنتاج السمكي منها، وهي مناطق تتميز بعدم وجود مخزون سمكي كبير إما بسبب ظروفها الطبيعية والكيماوية أو بسبب الصيد الجائر.
- مناطق ذات إحتمالات بعيدة للتنمية ،وهي مناطق قد تكون في حاجة إلي المزيد من الدراسات لاستكشاف خواصها الطبيعية والكيماوية والخزون السمكي بها ونوعياته،أو قد يتوافر بها مخزون سمكي كبير إلا أنه تغيب بها البنية الأساسية والتسهيلات اللازمة لصناعة الصيد بها والتي يتطلب توفيرها مدي زمنيا طويلا.
ج- المصايد الطبيعية الداخلية:
وهي تلك المصايد التي تقع داخل الحدود الأرضية للبلد المعني والتي قد تتمثل في مصايد مياه مالحة "بحيرات"أو مصايد مياه عذبة "أنهار وترع ومصارف داخلية " أو كلاهما كما هو الحال في حالة مصر.ومن أهم المعلومات التي يستهدف المسح التشخيصي لهذه المصايد توفيرها مايلي:
- تطور مساحة كل من هذه المصايد وأسباب التغير بها.
- مصادر المياه وأعماقها علي مدار العام.
- الخواص الطبيعية والكيماوية للمياه ودرجة التلوث بها من هذه المصايد.
- الظروف البيولوجية.
- تطور الانتاج من كل هذه المصايد وموسميته وإنتاجية وحدة المساحة منها.
- المخزون السمكي والمشاكل والمعوقات التي تواجه زيادة الانتاج منها.
د- الاستزراع السمكي:
ويقصد به نظم إنتاج الأسماك من خلال التربية والتغذية في مزارع خاصة ، والتي يفترض أن يتضمن المسح التشخيصي لها توفير البيانات والمعلومات التالية:
- أعداد ومساحة مزارع الأسماك .
- نظم الإستزراع السمكي المستخدمة وإعداد ومساحة المزارع لها.
- متوسط إنتاجية الوحدة منها، والتكلفة والعائد وفقا لنظم الإستزراع المختلفة.
- فرص وإحتمالات تطوير المزارع القائمة ونظم الإستزراع بها.
- المشاكل والمعوقات التي تواجة المزارع القائمة وإحتمالات التوسع فيها.
- الامكانات الطبيعية المتاحة للتوسع في الإستزراع السمكي من أرض ، ومياه ، وتوزيعها الإقليمي.