وقف العرب موقف رجل واحد في مواجهة العدو الإسرائيلى، كل قدم ما يمكن تقديمه حتى ولو كان بسيطا، ففي نهاية الأمر هي الوحدة، وفي الوحدة قوة، وبالقوة قهرنا العدو.. هذا التضامن العربي دفع الشيخ زايد بن سلطان مؤسس دولة الإمارات بأن يقول حينها:«سنقف مع المقاتلين في مصر وسوريا بكل ما نملك، ليس المال أغلى من الدم العربي وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال»، وهو نفس ما أكد عليه الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي أمر بقطع البترول العربى عن الغرب.. وهي ليست مواقف الإمارات والسعودية وحدهما، بل شاركت غالبية الدول العربية في ملحمة حرب أكتوبر المجيدة التى نجح فيها الجيش المصرى من دحر العدو الإسرائيلي، وكان على رأس هذه الدول العراق والجزائر والسودان والكويت وليبيا وغيرهم، ممن أرسلوا قوات ومعدات لدعم الجيش المصرى من أجل تحقيق النصر.
الكاتب الصحفي رجاء النقاش كتب في عدد “مجلة المصور” الصادر بتاريخ 9 نوفمبر 1973 أي بعد الحرب بأيام يقول:” لاشك أن معركة 6 أكتوبر كانت مفاجأة تاريخية للعرب أنفسهم ولم تكن مفاجأة للعالم فقط ولقد كان العرب بحاجة إلى مفاجأة من هذا النوع، ومفاجأة بهذا الحجم لكى يستردوا أشياء كثيرة فقدوها خلال السنوات الماضية حتى أصبح العرب أمام أنفسهم خلال السنوات الست الطويلة وكأنهم قد خرجوا من دائرة الحياة الحقيقية وكان يوم 6 أكتوبر بالنسبة لهم هو يوم العودة إلى الحياة.
أن مصر تلعب دائما دور القيادة المؤثرة، ودائما هي العنصر الرئيسي في توحيد العرب فكريا وثقافيا وحضاريا بصرف النظر عن الوحدة السياسية، ومن المعروف تاريخياً أن صلاح الدين عندما أراد أن يرد الصليبيين ويقضى عليهم قرر أن تكون قاعدة العمل بالنسبة له هي مصر، وتحرك بالفعل من مصر فتحركت الشام كلها واستطاع صلاح الدين أن يهزم الصليبيين، لأن حركة مصر تتيح الفرصة لكي يتحرك العرب جميعا ويتقدموا.
كان اليأس العربي عندما أصيبت مصر بنكسة 5 يونيو، ولكن قلوب العرب ظلت مع ذلك تتجه إلى مصر وتفكر فيها وتنتظر منها أن تنتفض، وعندما نشبت معارك أكتوبر أحس العرب جميعا بعودة الروح إليهم”.
وعن الدعم العربي لمصر خلال حرب أكتوبر المجيدة يكشف الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه “الطريق إلى رمضان” إنه خلال الأيام الأولى لحرب أكتوبر 73 تبرعت ليبيا بمبلغ 40 مليون دولار، 4 ملايين طن من الزيت، وأن المملكة العربية السعودية تبرعت بمبلغ 200 مليون دولار وأن دولة الإمارات تبرعت بمبلغ 100 مليون دولار قد تكون هناك تبرعات أخرى من هذه الدول أو من دول عربية أخرى قبل حرب أكتوبر وأثناءها.
بعد ساعات من بدء المعركة، أمم العراق حصة أمريكا من شركة نفط البصرة، وبذلك أنهى آخر وجود للمصالح الأمريكية في العراق، ووطد في نفس الوقت سياسته البترولية الرامية إلى انتزاع الثروات القومية من أيدى الاحتكارات الأجنبية ووضعها في خدمة الشعب وقضايا العرب المصيرية.
وحسبما جاء في العدد السنوي “نحن العرب” الصادر عن مجلة المصور بعد حرب أكتوبر مباشرة، على لسان السفارة بالقاهرة فإن العراق لم يتخذ هذه الخطوة كرد سريع وحاسم على الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلى فحسب، وإنما اتخذها طبقا لالتزام الثورة في العـراق باستخدام سلاح البترول في المعركة إلى جانب القدرة العسكرية.
وقد كان للعراق، والقوات الجوية شرف المساهمة في المعركة على الجبهة المصرية منذ الضربة الأولى، أما على الجبهة السورية قد اشتركت القوة الجوية في القتال خلال ساعات من بدء المعركة وبدأت القوات العربية تتدفق على ساحة المعركة منذ اليوم الثاني لبدء القتال. وفى الثامن من أكتوبر، وبعد يومين من نشوب المعركة، أعلن العراق عن وضع قواته العسكرية تحت تصرف مصر وسوريا.
وعن عدد القوات العسكرية العراقية التي شاركت في الحرب يقول الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته المطبوعة عن حرب أكتوبر..” بهذه المناسبة أن أشيد بالسرب العراقي وبالطيارين العراقيين، فقد كان أداؤهم فى ميدان المعركة رائعًا مما جعلهم يحوزون ثقة وحداتنا البرية، ففي أكثر من مناسبة كانت تشكيلاتنا البرية عندما تطلب معاونة جوية ترفق طلبها بالقول نريد “السرب العراقي”، أو نريد “سرب الهوكر هنتر» إن هذا في حد ذاته يعتبر خير شهادة لكفاءة السرب العراقي، وحسن أدائه خلال حرب أكتوبر. ولم يقتصر الدعم العراقي على الجبهة المصرية ولكنه أسهم إسهاما فعالاً في الجبهة السورية، فبمجرد اندلاع حرب أكتوبر 73 قام العراق بإجراء سريع يهدف إلى تأمين جبهته مع إيران ويسمح له بإرسال جزء من قواته إلى الجبهة السورية، وقد أشرك العراق فى القتال 4 أسراب جوية، وفرقة مدرعة، وفرقة مشاة، فكانت قواته فى الترتيب الثالث بعد مصر وسوريا من ناحية الكم والكيف.
- الإمارات:
ما اتخذته الإمارات من إجراءات لدعم المعركة، كان بناء على مواقف الإمارات كلها وتأييدها وذلك سواء في استخدام سلاح البترول أو في مجال الدعم الاقتصادي أو السياسي وأكد المسئولون في دولة الإمارات العربية أن المعركة القائمة بيننا وبين الإسرائليين هي معركة العرب جميعا، ومن هنا فإن أى دعم تقدمه دولة الإمارات للمعركة إنما هو دفاع عن دولة الإمارات بالدرجة الأولى.. ويعتقد قادة وشعب الإمارات العربية بأن مصر رئيسا وشعبا وتاريخا هي قلعة الأمة العربية كلها- حسبما جاء في العدد السنوي من مجلة نحن العرب 1973- ويضيف المسئولون قولهم: لقد كانت دولة الإمارات العربية تقوم بواجبها كاملا إزاء دول المواجهة ودعم صمودها وتطوير قدراتها وعندما بدأ الهجوم 6 أكتوبر بادر رئيس دولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان - إلى الاتصال بأخيه الرئيس أنور السادات وأخيه الرئيس حافظ الأسد وأكد لهما أن جميع إمكانيات دولة الإمارات قد وضعت تحت تصرف مصر وسوريا
وكان من أبرز مواقف دولة الإمارات في مجال الدعم العربي، ما حدث في مؤتمر البترول العربي بالكويت حين بادرت دولة الإمارات بتنفيذ توجيه المؤتمر بخفض 5 في المائة من إنتاج النفط، ولكنها لم تكتف بذلك، بل تجاوزت هذا الخفض إلى 10 في المائة ثم بادرت إلى منع إمداد النقط من هولندا، ومن الولايات المتحدة الأمريكية التي تستورد نحو 12.5في المائة من إنتاج نفط دولة الإمارات كما أن هولندا تستورد نحو 18في المائة من إنتاج دولة الإمارات.
وعندما قامت الحرب بين العرب وإسرائيل، كان الشيخ زايد في لندن، فقطع رحلته وعاد إلى بلاده ليعلن في شجاعة
وقال قولته الشهيرة:” ليس المال أغلى من الدم وليس البترول أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهات القتال في مصر وسوريا .. ولهذا سنقف بكل ما نملك مع إخوتنا المقاتلين العرب.. وبدأ الشيخ زايد يضع كل إمكانيات البلاد والشعب في خدمة المعركة.
بالإضافة إلى مساهمته في المعركة من ماله الخاص ومن ميزانية التنمية في الدولة، فقد فرض ضريبة الجهاد على التجار والشركات، وأصدر قرارا بالتبرع بمرتب شهر بالنسبة لكل العاملين بمن فيهم الموظفون البريطانيون والأمريكيون، وظهرت في شوارع بلاده لافتات تدعو المواطنين إلى التبرع بكل ما يستطيعون لإنقاذ الأمة العربية ولمساعدتها على هزيمة الذين يريدون تشريد العرب.
وقال الشيخ زايد إنه سيضحي بكل شيء في سبيل قضية العرب وأنه كان على اتصال مستمر من أول يوم للمعركة بمصر وسوريا وأن الاتصالات التليفونية بينه وبين الرئيسين السادات والأسد، لم تنقطع وذلك للاطلاع على الموقف بصورة دائمة وتنسيق الجهود، فالعرب الآن أصبحوا قادرين على معركة طويلة مع العدو يكون فيها النصر بإذن الله لأصحاب القضية الذين شردوا من بلادهم.
وعندما سألوه : إلى أي مدى سيصل وقف ضخ البترول بالنسبة لأمريكا والدول قال لهم : لو أن بترولنا كله يذهب إلى الولايات المتحدة لقطعناه.. ولو وجدنا أن وقف الضخ نهائيا يفيد المعركة السياسية الشرسة التي نخوضها فلن أتردد لحظة واحدة في إيقافه، ولكن هناك دولا تفهمت الموقف العربي مثل اليابان وفرنسا وإنجلترا ولهذا فلن يصيبها أي ضرر فالبترول سلاح في المعركة .. وهو ليس أغلى من الدم العربي ولهذا فإن كل ما نفعله هو أن نحاول استثماره لصالح المعركة ضد أعداء العرب الحقيقيين.
- الجزائر :
عندما اندلعت حرب 6 أكتوبر، تحركت الدبلوماسية الجزائرية لتقوم بدورها الفعال فى مؤازرة مصر، و مساندتها، كما يدل على هذا اتصالات الرئيس الجزائري الشخصية حينا ومراسلاته حينا آخر، برؤساء دول: فرنسا، والصين، وإنجلترا، والولايات المتحدة، وبالقادة السوفييت، وبالأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة .
وقد كانت هذه الجهود الدبلوماسية معززة تجنيد الطاقات داخل البلاد.. ولأن الجزائر تعتبر نفسها طرفا مباشرا في المعركة ضد إسرائيل، فقد قام حزب جبهة التحرير بتجنيد الرأي العام ودعوة المواطنين للتبرع بالدم والتضحية، وأصدرت المنظمة الوطنية للمجاهدين، والاتحاد العام للعمال، والاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين - نداءات لبذل أقصى الجهود في مساندة معركة المصير العربي..
وما كادت تندلع الشرارة الأولى للحرب حتى اجتمع مجلس الثورة الجزائرى، وقرر إيفاد وحدات من القوات الجوية والفرق الطبية إلى الجبهة المصرية والسورية.. فمنذ اليوم الأول كلف الرئيس بومدين، العقيد عبدالغنى عضو مجلس الثورة وقائد الناحية العسكرية الخامسة بمهمة لدى الرئيس السادات وألغيت العطلات بالنسبة للجنود والضباط، وسادت حالة الاستعدادت الشاملة فى الثكنات والوحدات وصدرت البيانات الجزائرية بوضع كل الإمكانيات العسكرية الجزائرية تحت تصرف الجبهة العربية فى المعركة.
وهو أيضا ما أكده الفريق الشاذلي في مذكراته:” تعتبر الجزائر فى المركز الثاني بين الدول العربية التي ليست من دول المواجهة من حيث الدعم العسكري الذي قدمته للمعركة ويأتي ترتيبها بعد العراق، وعلاوة على الدعم العسكري الذي قدمته الجزائر، فقد سافر الرئيس هواري بومدين إلى موسكو في نوفمبر 73 حيث دفع للاتحاد السوفيتي 200 مليون دولار ثمنا لأية أسلحة أو ذخائر تحتاج إليها كل من مصر وسوريا وذلك بمعدل 100 مليون دولار لكل منهما.
السعودية:
منذ وقوع العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا ونشوب القتال على جبهتي سيناء والجولان - أعلن جلالة الملك فيصل التعبئة العسكرية العامة في المملكة، ووضعت جميع القوات المسلحة على أهبة الاستعداد لخوض المعركة ضد المحتل الغاشم ... وكما هو معروف فقد أمر.
وفي رسائل وجهها جلالة الملك فيصل- كما نشر في مجلة نحن العرب 1973- لكل من الرئيس أنور السادات والرئيس حافظ الأسد وجلالة الملك حسين - أعلن العاهل السعودي وضع كافة إمكانيات المملكة لدعم الجبهات العربية حتى يمن علينا الله بنصره .... وفي يوم 27 رمضان أصدرت حكومة المملكة العربية السعودية بيانا بوضع جميع القوات العربية السعودية الموجودة في سوريا تحت إمرة القيادة السورية.
ولقد أعلن جلالة الملك فيصل في مناسبات عديدة أنه يضع مصلحة العرب والمسلمين فوق جميع الاعتبارات وأن المملكة على أتم الاستعداد للبذل والتضحية لنصرة الأشقاء العرب .. وعندما اجتمعت الدول العربية المصدرة للبترول خلال معركة العرب الأخيرة مع إسرائيل وأصدرت قرارا بتخفيض الإنتاج بنسبة 5في المائة شهريا بصورة متزايدة تتصاعد شهريا.
بينما نشر في مجلة المصور بعددها 26 أكتوبر 1973، تصريحات الأمير فواز بن عبد العزيز أمير مكة وجدة والطائف وشقيق الملك، بأنهم مستعدون لشد الأحزمة على البطون إذا استدعى الأمر. وقال إن الأصدقاء الحقيقيين هم أصدقاؤنا في المعركة وأن من يساند عدونا في حرب التحرير الشريفة لهو عدونا ولن يكون لنا صديقا . وقال الأمير فواز عن استعمال البترول السعودي كسلاح في المعركة: والله لو حتم علينا أن نعود إلى الحياة في الخيام ونكتفى بأكل التمر وشرب اللبن في البادية مرة أخرى لنفعل في سبيل تحرير الأرض العربية ورفع العار من رءوسنا. وحسب ما جاء في مذكرات الفريق الشاذلي فإن السعودية دعمت مصر بـ 200 مليون دولار، وكما وجهت وحدات من الجيش السعودي إلى الجبهة السورية، وأن الملك فيصل أكد ذلك قائلا:” ما نقدمه إليكم من مال هو أقل بكثير مما تقدمونه أنتم من تضحيات بالأرواح وغيرها “.
ليبيا:
لم تكن ليبيا الشقيقة بعيدة عن دعم إخوتها مصر وسوريا، فحسب ما أكد عليه الأستاذ هيكل والفريق الشاذلي فإن ليبيا دعمت الجبهة المصرية والسورية بالمال والسلاح.. فعند قيام حرب أكتوبر 73 كانت القوات الليبية المتمركزة فى مصر عبارة عن سربي ميراج (أحدهما يقوده طيارون ليبيون، والآخر يقوده طيارون مصريون) ولواء مدرع، إن حجم هذه القوات يجعل ليبيا في المركز الثالث بين الدول العربية التي ليست من دول المواجهة من حيث الدعم العسكري الذي قدمته للمعركة، وهي تأتي بعد العراق والجزائر.
المغرب:
المملكة المغربية كانت تشعر بالواجب نحو الأشقاء في سائر البلاد العربية سواء في السلم أو الحرب.. فقد أرسلت فرقة مدرعة من الجيش المغربي إلى سوريا في شهر مارس 1973 ... كان الملك الحسن الثاني يتوقع اعتداء ثانيا تشنه إسرائيل على الدول العربية، وكان يؤكد على أن هذا هو واجب العرب جميعا في صد هذا العدوان، والعمل على تحرير الأراضي العربية والإسلامية المقدسة.. وعندما أطلقت الرصاصة الأولى في الجبهتين المصرية والسورية كان الملك الحسن الثاني سباقا إلى تلبية نداء الواجب، فأرسل قوات مغربية إلى مصر.
يقول الفريق الشاذلي في مذكراته عن حرب أكتوبر:” عندما علم الملك بأنباء الحرب قرر إرسال لواء المشاة فورا ودون أى انتظار، وقد استخدم فى ذلك جميع وسائل النقل الجوي المتيسرة في المغرب جميعها بما في ذلك شركة الخطوط الجوية المغربية، وعندما حضر الكولونيل الدليمي إلى مصر، لزيارة الوحدات المغربية زارني في المركز 10 يوم 27 من أكتوبر وقال لي إن جلالة الملك يهنئك على الأداء الرائع الذى قمـتـم بـه ويتمنى لكم التوفيق.
- الأردن:
كما كانت الأردن حريصة دائما على تنسيق جهودها مع الدول العربية الشقيقة قبل المعركة وخلالها .. وقد زار جلالة الملك حسين القاهرة للاجتماع بالرئيس أنور السادات حيث تم الاتفاق على تنسيق جهودهما مع سائر الجهود العربية، كما زار الملك فيصل .. ثم حضر وفد الأردن مؤتمر القمة العربي لنفس الغرض .. وقد عمدت الأردن بأن تقوم بجميع التزاماتها خلال المعركة حسب إمكانياتها ولذلك عندما أعلنت الحرب وطلبت سوريا اشتراك الجيش الأردني في المعركة استجابت الأردن في الحال وأرسلت فرقة مدرعة كاملة تحت القيادة السورية.
ورحبت الأردن بدخول الجيش السعودي لأراضيها، وقدمت له كافة التسهيلات اللازمة لتدعيم الموقف العربي وعندما قرر جلالة الملك فيصل بأن يشترك الجيش السعودي في المعركة بالجبهة السورية قدمت الأردن جميع التسهيلات اللازمة لتحرك الجيش السعودي.
كذلك قامت حكومة الأردن بتنسيق جهودها مع الفدائيين بعد أن أفرجت عنهم، وقد سمح للفدائيين بأن يعملوا من الأراضي الأردنية وأن يشتركوا مع الجيش السوري في الجولان وقد أصبح للفدائيين حرية مزاولة نشاطهم من الأراضي الأردنية، وبالتالي فإن الأردن قد التزمت بجميع القرارات التي قررها القادة العرب في مؤتمراتهم ولقاءاتهم الشخصية.
السودان:
منذ اللحظة الأولى أعلن الرئيس جعفر النميرى أن السودان شعبا وحكومة وجيشا في خدمة المعركة، وأن قوات سودانية في طريقها لتكون تحت تصرف القيادة العربية، كما أمر بفتح مراكز تبرع بالدم بهدف إرسال كميات من الدم المتبرع به إلى مناطق القتال وسفر ثلاث بعثات طبية إلى جبهات القتال، وتتكون كل بعثة من ١٧ شخصا.
كما صدر في الخرطوم قرار برفع الحظر عن تصدير اللحوم والزيوت إلى مصر، مساندة من حكومة السودان لجمهورية مصر العربية، رفم أن هذه السلع كانت محظورة التصدير للخارج فترة طويلة، إضافة إلى استثناء مصر من قراره السابق بإيقاف تصدير الحبوب الزيتية إلى الخارج تقديرا لمعركة المصير العربي، وتخصيص عدد من القطارات يوميا لنقل المواشي والمواد التموينية إلى مصر، كما قامت قوات الشعب المسلحة السودانية إضافة إلى اشتراكها الفعلى في جبهة القتال، التبرع بمرتب يوم لصالح المجهود الحربي العربي.
كل الدول العربية كانت حاضرة:
كل الدول العربية شاركت بما تستطيع المشاركة به في معركة المصير التي انتصرنا فيها، فدولة اليمن ساعدت مصر على إغلاق مضيق باب المندب ومنع مرور أي سفن حربية خلال الحرب.. وقال حينها السفير اليمني في القاهرة، يحيى محمد المتوكل- إن الجيش اليمني في حالة استعداد كامل، وأخطرت الجهات المسئولة إلى مصر باستعداد اليمن لإرسال ثلاثة ألوية من الجيش اليمني للجبهة المصرية . وتطوع في الحال عشرة آلاف بهدف الاشتراك فى المعركة .. وقد قدمت الحكومة المصرية شكرها واقترحت بأن يكون هذا التطوع للجبهة السورية ... وفتحت أبواب التبرع من جميع الهيئات والأفراد، وقد جمع في شهر واحد مبلغ ثمانية ملايين ريال برغم ضعف الإمكانيات المادية لليمن.. ومساهمة من اليمن في المعركة، وضعت رقابة شديدة على باب المندب وأبدت كامل تعاونها مع مصر في هذا الموضوع.
كما اشتركت الكويت في قطع البترول عن الولايات المتحدة وهولندا، وتبرعت الكويت بمائة مليون دينار مساهمة في دعم المجهود الحربي.. وهو نفس الموقف الذي اتخذته عمان وقطر والبحرين بمنع تصدير البترول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، بالإضافة إلى إرسال إمدادات طبية وعينية إلى دول المواجهة.