ليس ثمة تحاليل معينة في الوقت الحاضر أو فحوصات مخبرية للكشف بشكل مبكر عن أورام الدماغ، و الواقع أن فرص الشفاء تعتمد على نوع الورم و موضعه ضمن الجهاز العصبي المركزي و ليس على التشخيص المبكر، و بالنسبة لأغلب أورام الدماغ و الحبل الشوكي ثمة دلائل قليلة جدا عن أن التشخيص المبكر و بالتالي المعالجات المبكرة تزيد من فرص الشفاء، و بطبيعة الحال يتم الاشتباه بوجود مثل هذه الأورام حين تظهر لدى المريض جملة من الأعراض التي قد تشير إليها، و في اغلب الأحوال تظهر هذه الأعراض بتدرج بطيء يزداد سوءا بمرور الوقت، غير أنه بالمقابل قد يظهر بعضها بشكل مفاجيء و حاد، و تُعد النوبات الصرعية من أول الأعراض المعتادة لأورام الدماغ لدى العديد من الحالات، و رغم أن القليل من مثل هذه النوبات ينجم عن الأورام الدماغية لدى الأطفال، إلا انه يلزم في مطلق الأحوال استشارة طبيب أخصائي بالأعصاب لتحديد مسببات هذه النوبات، و مدى الحاجة لإجراء المزيد من الفحوصات حال ظهورها عند أي طفل.
و من جهة أخرى يعتمد التشخيص المبكر لأورام الدماغ و الحبل الشوكي في اغلب الأحوال على موضع نشوء الورم ضمن أنسجة الجهاز العصبي، حيث تظهر الأعـراض بشكل واضح و في مراحل مبكرة عند نشوء الأورام بالمواضع الحساسة و المهمة، و يتأخر ظهورها عند نشوء الأورام بمواضع اقل أهمية، و بطبيعة الحال يؤثر نشوء الورم و نموه على الوظائف الحيوية المرتبطة بموضع نشأته، و بالتالي تشير الأعراض الأولية إلى موضعه، فمثلا تسبب أورام الحبل الشوكي عادة خدرا و ضعفا بالقدمين معا، بينما تتسبب الأورام الناشئة بنصفي كرة المـخ في حدوث اختلالات حركية بالجسم، و قد سبقت الإشارة إلى مجمل هذه الأعـراض، و بهذا الصدد يُعد ارتفاع الضغط داخل الجمجمة العارض الأكثر شيوعا لأورام الدماغ، و الذي قد يسبب بدوره أعراضا تالية، مثل الصداع الشديد و المستمر، و الغثيان و التقيؤ، و اختلال الرؤية، و يُعد الصداع من أكثر هذه الأعراض شيوعا و يظهر لدى أكثر من نصف حالات الأطفال، و بينما يؤدي ارتفاع الضغط عند بعض الأطفال إلى ازدواج الرؤية و الحول بالعيون، قد يؤدي إلى فقد الرؤية كليا لدى البعض الآخر، و يجدر بالذكر أنه من المعتاد أن يتم التحقق من ارتفاع الضغط داخل الجمجمة بفحص قاع العين، لتحري وجود تضخم بالعصب البصري، أو ما يُعرف بوذمة الحُليمة البصرية ( papilledema )، و كما سلفت الإشارة ينجم ارتفاع الضغط بالدماغ كنتيجة مباشرة لنمو الأورام و إعاقتها لتدفق السائل المُخّي الشوكي أو سدها لقنواته، و من مؤشرات الارتفاع التدريجي لمثل هذا الضغط لدى الأطفال ما دون سن المدرسة ظهور أعراض مختلفة، مثل الاهتياج المستمر، و فقدان الشهية، و تأخر النمو الطبيعي و تراجع و انحدار القدرات العقلية و المهارات الحركية.
و من الأعراض الشائعة لدى الأطفال بسن المدرسة، ظهور انحدار مفاجيء بالأداء الدراسي و الخمـول و الإعيـاء المتواصل و التقلبات المتطرفة بالشخصية و المزاج، و الشكوى من متاعب جسدية مبهمة، و نوبات الصداع المتقطعة، و من جهة أخرى ثمة أعراض شائعة لدى الأطفال الرضّع تشمل ازدياد حجم الرأس بشكل غير طبيعي قد يكون مصحوبا بظهور انتفاخ بالمواضع اللينة من الجمجمة، إضافة إلى التقيؤ المستمر و ضعف النمو البدني، و تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض قد لا تعني بالضرورة وجود أورام بالجهاز العصبي المركزي إذ أنها تنتج أيضا عن العديد من الأمراض الأخرى.




حول التشـخيص
عند ظهور الأعراض التي يمكن أن تُعزى إلى وجود أورام بالدماغ أو بالحبل الشوكي، يقوم الأطباء بإجراء سلسلة من الفحوصات و التحاليل المخبرية و التي تبدأ بالفحص السريري و تقصي التاريخ الصحي للطفل، لجمع المعطيات عن وظائف الدماغ بفحوصات الأعصاب، و بطبيعة الحال يقوم طبيب اختصاصي بالأعصاب أو جراح مختص بالجراحات العصبية بمثل هذه الفحوصات، و بهذا الصدد نشير إلى أن تشخيص و معالجة أورام الدمـاغ و الحبل الشوكي ينبغي أن تتم بمركز متخصص بأورام الأطفال و على يد فريق متكامل من الأخصائيين، من المعتاد أن يترأسهم جـراح مختص بالأعصاب ( neurosurgeon ) يتولى مسؤولية التشخيص و تقدير الحالة من جميع الجوانب و إجراء الجراحات، يعاونه فريق من الأخصائيين بعلـوم الأمراض و بالأورام و بالعلاج الإشعاعي و بالغدد الصماء، و أطباء نفسيـون و مختصون في المعالجات الطبيعية و إعادة التأهيل، إضافة إلى أخصائيون اجتماعيون و طاقم تمريض اختصاصي بمعالجة الأطفال المرضى بالسرطان.
تبدأ الخطوة التالية، عند وجود معطيات قوية تدفع للارتياب بوجود ورم بالجهاز العصبي، بإجراء الفحوصات التصويرية المختلفة و التي تلتقط صورا مفصلة للأعضاء الداخلية تتم دراستها من قبل أخصائيي الأعصاب و الأشعات، بغية تحديد مدى وجود النمو الورمي، و من ثم تحديد مختلف جوانب الورم بدقة، و تقليديا يتم استخدام التصوير الشعاعي المقطعي ( Computedtomographyscan )، إضافة إلى التصوير بالمرنان المغناطيسي ( Magneticresonanceimaging باستخدام الموجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم )، و الذي يمكنه إظهار أورام الدماغ بوضوح في اغلب الأحوال، إضافة إلى تحديد مواضعها بدقة، و يُعد مفيدا على وجه الخصوص في تحديد الأورام بجذع الدماغ و المخيخ.
و ثمة العديد من الفحوصات التصويرية الأخرى و المستخدمة لدى أورام الدماغ، من أهمها التخطيط الشعاعي الطبقي بدفق الكهيربات الموجبة ( PositronemissiontomographyPETscan )، و الذي يتم بحقن جرعة منخفضة الإشعاع من مادة حيوية مثل سكر الجلوكوز، و يبين التخطيط معدل استهلاك الخلايا الورمية للسكر كمصدر للطاقة، و يقارنه بمعدل استهلاك الخلايا الدماغية الأخرى، و بصفة عامة، تستهلك الأورام الدماغية من الدرجات العليا معدلات عالية من السكر أكثر من الخلايا الدماغية السليمة ( فرط الأيض hyper-metabolism )، بينما تستهلك الأورام من الدرجات الدنيا معدلات اقل ( نقص الأيض hypo-metabolism )، و من ناحية أخرى يتم استخدام مثل هذا الفحص لاحقا لتقييم مدى استجابة الأورام للمعالجات المختلفة، كما يتم استخدام التخطيط الوعائي ( Angiography )، بُغية التقاط صور إشعاعية مختلفة للأوعية و الشعيرات الدموية بواسطة الأشعة السينية عقب حقن نوع معين من الصبغات بالأوعية الدموية القريبة من موضع الورم، مما يساعد على توضيح إمدادات الدم للنسيج الورمي.
و على الرغم من أن الأعراض و الفحوصات السريرية و الاختبارات التصويرية بأنواعها المختلفة قد تؤكد بوضوح على وجود أورام الدمـاغ أو الحبل الشوكي، غير أن الوسيلة الوحيدة للتأكد تماما، و إعطاء تشخيص نهائي و من ثم تمييـز نوع الـورم و خواصه على وجه الدقة، تتم بإجراء الخزع الجراحي الذي يستهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم لفحصها مجهريا، و يتم مثل هذا الخزع بان يقوم جراح الأعصاب بإجراء جراحة فتح للجمجمة و إزالة أكثر كمّ ممكن من نسيج الورم، أو باستخلاص خزعة باستخدام إبرة شعرية يتم توجيهها بدقة نحو كتلة الورم باستخدام التصوير المقـطعي أو المرنان المغناطيسي، و هي عملية تُعرف بتقنية الخزع المجسم ( stereotacticbiopsy )، و كما هو الحال عند تشخيص الأورام، يقوم اختصاصي بعلوم أمـراض الأعصاب ( neuropathologist ) بفحص العينة بدقة تحت المجهر لتحديد نوع الخلايا الورمية و خواصها الحيوية، تمهيدا لترتيب الخطط العلاجية الملائمة.
و من جهة أخرى يتم تقليديا إجراء عملية البزل القطني ( Lumbarpuncture ) بهدف استخلاص عينة من السائل المُخّي الشوكي و فحصها تحت المجهر للتحري عن وجود خلايا سرطانية، مع إجراء تحاليل إضافية لتقصي وجود بعض المركبات التي تفرزها بعض الأورام، مثل أورام الخلايا التناسلية، كما يتم إجراء خزع للنخاع العظمي ( BoneMarrowBiopsy ) لدى بعض الحالات، خصوصا أورام الأوليات النخاعية ( medulloblastomas ) التي يمكنها الانتقال خارج الجهاز العصبي، للتقصي عن مدى وجود انتقال للخلايا الورمية بعيدا عن مواضع النشأة ضمن الجهاز العصبي.
( يُرجى الانتقال لصفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية لمزيد من التفاصيل حول مختلف هذه الفحوصات ).




تصنيف أورام الجهاز العـصبي المركزي
من أساسيات معالجات السرطان إتباع أنظمة تصنيف للأورام، و التي تتم من خلال جمع المعطيات الكافية حول الورم بمختلف التحاليل و الفحوصات، بدءا من تحديد نوع الورم و موضعه و حجمه و خواصه الحيوية، إلى التحقق من مدى انتقاله من موضع نشوئه إلى الأنسجة المحيطة أو إلى أية مواضع أخرى، و من خلال جميع المعطيات يتم تصنيف درجة الورم ( grading )، و يتم تحديد تصنيفه المرحلي ( Staging )، و ذلك ليتسنى ترتيب الخطط العلاجية الملائمة، و للتكهن بالمردود العلاجي المتوقع.
و فيما يتعلق بأورام الجهاز العصبي المركزي، تتمثل هذه المعطيات في العديد من العوامل التي يمكن من خلالها ترتيب الخطة العلاجية و التكهن بالمسار العلاجي الممكن، و تشمل عمر الطفل و نوع الخلايا المتسرطنة و درجتها و موضع الورم ضمن الجهاز العصبي، و الكمّ الممكن إزالته جراحيا من أنسجته و ما قد يتبقى منها عقب الجراحة، و مستوى أداء الطفل البدني ( تبعا للأعراض الناتجة عن الورم )، و مدى انتقال الخلايا السرطانية عبر السائل المُخّي الشوكي إلى مواضع أخرى بالدماغ و الحبل الشوكي، إضافة إلى مدى وجود انتقال للسرطان إلى مواضع أخرى خارج الجهاز العصبي ( و إن كان ذلك نادرا ).
و في الوقت الحاضر ليس ثمة نظام تصنيف مرحلي لأورام الجهاز العصبي المركزي كما هو الحال لدى أنواع الأورام الأخرى، رغم وجود عدة مقترحات بهذا الشأن، غير أنها ليست متبناة من قبل مختلف المدارس الطبية، و تقليديا يتم الاكتفاء بتصنيف أورام الدماغ في فئات حسب موضعها ضمن الدماغ و نوع الخلايا حيث تنشأ، و مظهر و سلوك الأنسجة الورمية، و المتداول بالتالي تصنيفها بشكل عام إلى فئتين : علوية تنشأ بالجزء العلوي من الدماغ أو فوق خيمة المخيخ ( Supratentorial )، و سفلية تنشأ بالجزء السفلي من الدماغ أو تحت خيمة المخيخ ( Infratentorial )، ثم يتفرع التصنيف حسب النوع، و من ناحية أخرى يتم تحديد درجة الورم عقب استخلاص عينة من أنسجته و فحصها مجهريا لتحديد نوع الخلايا المتسرطنة و مظهرها و مدى شذوذها عن الخلايا الطبيعية، و بالتالي مدى ( عدوانيتها )، و من المعتاد تصنيف درجة هذه الأورام بتدرج بين الرقم ( 1 ) إلى ( 4 )، حيث للأورام بالدرجة العليا مظهر أكثر شذوذا و تنمو بسرعة اكبر من الأورام بالدرجة الدنيا، كما أنها أكثر تسـرطنا.
و لدى بعض الأنـواع من أورام الدمـاغ ( مثل أورام الأوليات النخـاعية ) يتم تصنيف الحـالات حسب درجة الخطر إلى فئـتين، فئـة الخطر المعـتدل ( average-risk ) و فئة الخطر السيئ ( poor-risk ) بناءاً على عمر الطفل، و موضع تركز الورم، و الكمّ الممكن إزالته جراحيا من أنسجته، و ما قد يتبقى منها عقب الجراحة، إضافة إلى مدى انتقال الورم من موضع نشوئه، إلا أن مثل هذا التصنيف غير متداول لدى اغلب أورام الجهاز العصبي المركزي.



حول معـالجات أورام الجهاز العصبي المركزي
كما هو الحال لدى معالجة السرطان، تتم معالجة الأطفال المرضى بأورام الدمـاغ و الحبل الشوكي بالعمل الجراحي كعلاج أولي و أساسي و بالعلاج الإشعاعي مع العلاج الكيماوي أو بدونه و ذلك حسب نوع الـورم، و بطبيعة الحال يتم ترتيب الخطة العلاجية لكل طفـل على حدة بُغية توفير أفضل الفرص في الشفاء، مع الأخذ في الحسبان دوما المضاعفات المتأخرة للمعـالجات و للمرض، و يجدر بالذكر أن معالجة الأطفال الرُضعّ و من هم بسن تقل عن الثلاث سنوات تعتمد بشكل أساسي على جراحات إزالة الأورام و العلاج الكيماوي فحسب، و تأخير استخدام المعالجات الإشعاعية ما أمكن ذلك، بُغية تجنب المضاعفات المتأخرة للإشعاع و التي قد تعيق النمو البدني الطبيعي و تؤثر على التطور المعرفي للطفل، و بصفة عامة يحرص الأطباء المختصون بالمعالجات الإشعاعية كل الحرص على تقليل الكمّ المتعرض للإشعاع من أنسجة الدماغ السليمة لدى الأطفال بجميع الأعمار.
و ثمة فرص جيدة للشفاء لدى العديد من الأطفال المرضى بهذه الأورام عقب تلقي المعالجات القياسية و الملائمة، و تتحسن الفرص بشكل كبير لدى حالات الأورام المنحصرة بمواضعها، و فيما يتعلق بالعوائد العلاجية، تفيد الإحصاءات الطبية بأن معدلات الشفاء للخمس سنوات القياسية للأطفال المرضى بأورام الدماغ تبلغ في المتوسط 60 % لكل أنواع هذه الأورام، ( يُشير معدل الخمس سنوات شفاء القياسية إلى نسبة المرضى الذين يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، و بالطبع يشفى الكثيرون تماما و يعيشون أكثر من ذلك بكثير، و يستخدم هذا المعدل عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطـان )، غير أن النسب تتفاوت بطبيعة الحال تبعا لنوع الـورم و موضعه، و من الصعب تقييمها بنسبة محددة، و على سبيل المثال يتم تحقيق الشفاء لدى حوالي تسعين بالمئة من الأطفال المرضى بالأورام النجمية الناشئة بالمخيخ بالعمل الجراحي.



الجراحـة

بصفة عامة تبدأ الخطط العلاجية لأورام الدماغ بقيام جراح الأعصاب بإزالة أكبر كمٍّ ممكن من أنسجة الورم موضوع الجراحة، و قد يتمكن العمل الجراحي منفردا من إزالة كامل النسيج الورمي لدى الكثير من الحالات، غير انه من المعتاد أن تتم السيطرة على أغلب الأورام بالمعـالجة المشتركة بين الجراحة و العلاج الإشعاعي، و مثل هذه الخطط مفيدة على وجه الخصوص في معالجة بعض أنواع الأورام النجمية بالمخيـخ ( cerebellarastrocytomas )، و الأورام النجمية المصفـرة متعددة التشكـل
( Pleomorphicxanthoastrocytoma) و بعض حالات أورام البطانة العصبية ( Ependymoma )، و أورام الظهارة العصبية ذات التشوه الجنيني ( Dysembryoplasticneuroepithelial)، و الأورام الدبقية العقدية ( Gangliogliomas )، و بعض الأورام السحائية ( Meningiomas )، و الأورام القحفية البلعومية ( craniopharyngiomas )، إضافة إلى بعض الأنواع بالدرجات الدنيا من الأورام الدبقية الأخرى.
بينما من جهة أخرى من غير الممكن تحقيق الشفاء بالعمل الجراحي منفردا لدى الأورام المرتشحة، مثل أورام الأوليات الدبقية ( glioblastomas ) أو الأورام النجمية مشوهة الخلايا ( anaplasticastrocytomas )، غير أن العمل الجراحي بالمقابل يساعد في تقليص حجم كتلة الورم مما يزيد من فاعلية العلاجين الإشعاعي و الكيماوي.
بالإضافة إلى ذلك يساعد العمل الجراحي في التخفيف من حدة بعض أعراض و تأثيرات أورام الدماغ، خصوصا الأعراض الناجمة عن ازدياد الضغط داخل الجمجمة، بما في ذلك الصداع، و الغثيان و التقيؤ، و اختلال النظر، كما أن الجراحات تساعد في تخفيف أعراض الصرع عند وجودها لدى المريض مما يمكن من السيطرة على النوبات بشكل أفضل بالمعالجات الدوائية.



و من العمليات الجراحية المعتادة لدى بعض حـالات أورام الدمـاغ ما يُعرف بجـراحة منعطف السائل المُخّـي الشـوكي ( shuntsurgery)، حيث يؤدي وجود أي انسداد أمام تدفق السائل المُخّي الشوكي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة، مما يؤدي بدوره إلى نشوء الكثير من الأعراض المذكورة آنفا، بل و قد يؤدى ذلك إلى حدوث تلف دائم بالدماغ، و بغية نزح السائل المُخّي المتجمع، يقوم جراح الأعصاب بتركيب وصلة مصنوعة من أنبوب لدن يعمل كتحويلة ( shunt ) يُزرع احد طرفيها بالبطين الدماغي الذي يحتوي على السائل المُخّي، و يتم تركيب طرفه الآخر بالتجويف البطـني عادة، أو بالقلب في بعض الأحيان، و يمر هذا الأنبـوب تحت الجـلد من الرأس مرورا بالرقـبة و الصدر، و يمكن استخدامه بشكل مؤقت أو يبقى بشكل دائم، و قد تُجرى مثل هذه العمليات قبل المباشرة بجراحات استئصال الأورام أو عقب انتهائها.

العـلاج الإشعـاعي
العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizingradiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.
و يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و إشعاع خارجي ( external)، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة المؤججة على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لمعالجة بعض أنواع الأورام الصلبة، بينما يتم استخدام الإشعاع الخارجي فحسب لدى أورام الدماغ، ( و إن كان الإشعاع الداخلي، باستخدام أنابيب شعرية دقيقة لإيصال العناصر المشعة داخل كتلة الورم أو قريبا منها لا يزال تحت الدراسة )، و بطبيعة الحال، و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة، كما يحرص الأطباء على توجيه جرعات إشعاعية عالية نحو كتلة الورم مع تجنب أن تتعرض أنسجة الدماغ السليمة المحيطة بموضع الورم لكميات كبيرة من الإشعاع ما أمكن ذلك.
و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.
و للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بالموضع المعالج من الجسم، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات: مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها، و من ناحية أخرى ثمة مضاعفات متأخرة تظهر على المدى الطويل، من أهمها مخاطر تطور أورام ثانوية ( و إن كانت بنسبة ضئيلة ) و تأخر النمـو البدني الطبيعي و تأخر التطور الإدراكي و المعـرفي، و تلافيا لمثل هذه المضاعفات المتأخرة على الأطفال الصغار جدا تحرص الخطط العلاجية لدى اغلب أنواع الأورام على تجنب استخدامه كلما أمكن ذلك.
و من المعتاد أن يتم تأجيل العلاج الإشعاعي لأورام الدماغ لدى الأطفال بسن تقل عن الثلاثة سنوات، تجنبا لنشوء المضاعفات المتأخرة على النمو الإدراكي، و قد تتم المباشرة بالعلاج الكيماوي، سواء لتأخير البدء بالعلاج الإشعاعي، أو لتخفيض جرعاته أو لتجنبه كلية، و ذلك حسب الحالة، و بطبيعة الحال ينبغي موازنة مثل هذا التأخير و خطورة المرض و احتمالات عودة النمو الورمي.
و من جهة أخرى قد يتعرض الأطفال ممن تلقوا جرعات إشعاعية عالية و لمساحات واسعة من الرأس لتغيرات كبيرة بوظائف الدماغ، و تشمل الأعراض ظهور تغيرات بالشخصية و المزاج، و ضعف أو فقدان جزئي للذاكرة، و نوبات مرضية و بطء النمو البدني، و بعض الأعراض الأخرى حسب المواضع المعالجة من الدماغ، و قد يكون من الصعب أحيانا تحديد ما إن كانت مثل هذه الأعراض ناجمة عن الورم نفسه أو الجراحات أو العلاج الإشعاعي أو ناتجة عن مجمل هذه الأسباب.
بينما و تقليديا تتم المعالجة الإشعاعية لكامل الدماغ و الحبل الشوكي إن أظهرت فحوصات المرنان المغناطيسي أو البزل القطني وجود انتقال للورم على امتداد مسرى السائل المُخّي الشوكي و نحو الأسطح السحائية، و تُعرف مثل هذه المعالجة بالإشعاع الجمجمي الصُلبي ( craniospinalradiation )، و تستخدم خصوصا لدى بعض الأورام التي من المعتاد أن تنتقل إلى السائل المُخّي، مثل أورام الأوليات النخاعية و أورام الأدمة الظاهرة العصبية الأولية ( Primitiveneuroectodermal).
و تجدر الإشارة إلى أن الإشعاع المؤين ذو فاعلية أكبر ضد الخلايا سريعة النمو، و نتيجة لهذه الخاصية يؤثر بفاعلية على خلايا أورام الدماغ بالدرجات العليا أكثر من تأثيره على الأورام بالدرجات الدنيا، و على سبيل المثال يمكن تحقيق الشفاء بالعلاج الإشعاعي لدى أكثر من نصف حالات أورام الأوليات النخاعية، و تقريبا لدى جميع حالات الأورام الجرثمية ( germinomas ) بالخلايا التناسلية، و لسوء الحظ فانه من غير الممكن شفاء اغلب أورام الدماغ بالإشعاع، غير أنه بالمقابل يمكن السيطرة على الأورام أحيانا بالعلاج الإشعاعي عند وجود بقايا من النسيج الورمي عقب الجراحات، خصوصا لدى الأورام النجمية و أورام الخلايا الدبقية قليلة التغصن و أورام البطانة العصبية.
و يجدر بالذكر أنه خلال فترات تتراوح بين أربعة إلى ثمانية أسابيع عقب دورات العلاج الإشعاعي للدماغ، ينشأ لدى بعض الأطفال ما يُعرف بظاهرة النوام المرتبط بالإشعاع ( radiationsomnolencesyndrome )، و التي يمكن تمييزها بوضوح من خلال كثرة النعاس، و الخمول الحركي ( lethargy )، و انخفاض مستويات النشاط و الطاقة، إضافة إلى فقد الشهية للطعام، و الحمى، و نوبات من حدة الطبع و سهولة الإثارة و التوتر العصبي، و عادة تنتهي هذه العوارض خلال بضعة أسابيع و قد يفيد أحيانا استخدام مركبات الكورتيزون في التلطيف منها، كما يجدر بالذكر انه لدى حوالي خمسة بالمئة من الحالات ينشأ عارض يعرف بالتنخّـر الإشعاعي ( radiationnecrosis ) و ذلك عقب عدة اشهر أو سنوات من انتهاء المعالجات الإشعاعية لأورام الدماغ، و تنشأ عن تكون كتلة متضخمة من الأنسجة و الخلايا الميتة سواء المتسرطنة أو الطبيعية بحقل المعالجة، و بطبيعة الحال لا تُعد مثل هذه الكتلة بخطورة عودة النمو الورمي مجددا، و من المعتاد إزالتها جراحيا.
( يُرجى الانتقال لصفحة العلاج الإشعاعي للإطلاع على مزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته ).




العـلاج الكيمـاوي
العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج في مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و فعّاليته المتميّزة تعود إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا الطبيعية. و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحالات، أو جزء من برنـامج علاجي متكـامل يتضمن عدة علاجات مشتركة، و اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، يتم بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.
و قد يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً (systemic)؛ نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها، و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب الجراحة و استئصال الورم؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).
و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن مثل ‏ القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل المُخّي الشوكي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا ( Ommayareservoir ).
و تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة. و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا الدم، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، والتي تتفاوت في الشـدّة و النوعية من عقـار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة عـلاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نـوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، وهذه التأثيرات متعددة؛ و تشملإحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الدم )‏، و مضاعفات الفـم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط الشعر المؤقت، و الإمسـاك و الإسـهال، و الإعيـاء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.
و ثمة العديد من العقاقير الكيماوية المستخدمة في الخطط العلاجية لأورام الدماغ، سواء منفردة أو بتوليفات مشتركة، نذكر منها : عقار سايكلوفوسفامايد ( cyclophosphamide )، و سيسبلاتين ( cisplatin )، و فينكريستين ( vincristine )، و كاربوبلاتين
(carboplatin )، و ايتوبوسـايد ( etoposide )، و ميلفـالان (melphalan )، و تيوتيبا ( Thiotepa )، و عقار كارموستين
( Carmustine )، و لومستين ( Lomustine )
و تجدر الإشارة إلى أنه من المعتاد استخدام العلاج الكيماوي لدى أورام الدماغ بالدرجات العليا فحسب، و تُعد بعض أنواع هذه الأورام، مثل أورام الأوليات النخاعية أكثر استجابة للعقاقير الكيماوية من غيرها، و كما سلفت الإشارة قد يستخدم العلاج الكيماوي قبل المباشرة بالجراحات و العلاج الإشعاعي أو عقب الفراغ منهما، و من جهة أخرى و بخلاف المعالجات الإشعاعية يمكن إعطاء العقاقير الكيماوية للأطفال بجميع الأعمار و من هم بسن تقل عن الثالثة.
و من جهة أخرى ثمة معالجات دوائية أخرى لا تُعد ضمن عقاقير العلاج الكيماوي و مستخدمة لدى أورام الدماغ، منها بعض المركبات مثيلة الستيرويدات، مثل عقار ديكساميتازون ( dexamethasone )، و التي تستخدم لتخفيف التضخم الناشيء حول معظم أورام الدماغ، مما يساعد في التخفيف من حدة الصداع و بعض الأعراض الأخرى، إضافة إلى العقاقير الخاصة بمعالجة النوبات المرضية، مثل عقار دايفينيل هيدنتون ( diphenylhydantoin ) و المعروف باسم ديلانتين ( Dilantin ).
و يجدر بالذكر أن المعالجات بالإعاضة الهرمونية قد تصبح ضرورية عند نشوء تلف بالغدة النخامية أو الوطاء أو قربهما، مما ينجم عنه النقص بمعدلات بعض الهرمونات، سواء بتأثيرات الأورام بشكل مباشر أو بسبب من المعالجات الجراحية و الإشعاعية، و ذلك بغية تعويض و تصحيح العجز الهرموني بالجسم.
( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).



حول الخطط العـلاجية حسب أنواع أورام الدمـاغ و الحبل الشوكي
الأورام النجـمية المرتشحة من الدرجة الدنيا ( Low-grade astrocytomas )
من المتعذر شفاء مثل هذه الأورام بالعمل الجراحي منفردا، نظرا لإرتشاحها إلى أنسجة الدماغ السليمة، و بشكل عام تبدأ الخطط العلاجية بإزالة اكبر كم ممكن من نسيج الورم جراحيا و من ثم البدء بالعلاج الإشعاعي، غير أنه من المعتاد أن يتم الاكتفاء بالعمل الجراحي فحسب لدى الأورام من الدرجة الدنيا، و الترقب بانتظار أن تظهر علامات على عودة نمو الورم، و بالنسبة للأطفال ما دون سن الثالثة و في حالة تعذر إزالة الورم أو عاد للنمو ثانية عقب إزالته، توصي الخطط العلاجية القياسية بضرورة تأجيل العلاج الإشعاعي و البدء بالعلاج الكيماوي و لحين تقدمهم في العمر أكثر، بحيث يمكن استخدام المعالجات الإشعاعية، و بهذا الصدد تفيد الدراسات الطبية أن الإشعاع يؤثر بنفس الفاعلية على أنسجة الأورام النجمية سواء من الدرجات العليا أو الدنيا.
الأورام النجـمية المرتشحة من الدرجة العـليا ( High-grade astrocytomas )
مثل أورام الأوليات الدبقية ( glioblastomas ) أو الأورام النجمية مشوهة الخلايا ( anaplasticastrocytomas ) و كما هو الحال مع الأورام بالدرجات الدنيا، من المتعذر شفاء هذه الأورام بالعمل الجراحي منفردا، و من المعتاد أن تبدأ الخطط العلاجية بالعمل الجراحي لإزالة أكثر ما يمكن من النسيج الورمي و من ثم البدء بالعلاج الإشعاعي يعقبه عادة العلاج الكيماوي، بينما لدى الأطفال ممن تقل أعمارهم عن الثلاث سنوات، يتم البدء بالعلاج الكيماوي مباشرة عقب الجراحة و لحين بلوغهم سن اكبر بما يسمح بتلقي المعالجات الإشعاعية.
الأورام النجمية غير المرتشحة
و التي تشمل الأورام النجمية الشعرية اليافعة ( juvenilepilocyticastrocytomas ) و التي تنشأ غالبا بالمخيخ لدى الأطفال، و الأورام النجمية ضخمة الخلايا لما تحت البطانة ( subependymalgiantcellastrocytomas ) و التي ترتبط في اغلب الأحوال بحالة التصلب الدرني الموروث ( tuberoussclerosis )، فهذه الأورام قابلة للشفاء بالعمل الجراحي منفردا لدى معظم الحالات، بينما يستدعي الأمر أحيانا تلقي المعالجات الإشعاعية عند تعذر الاستئصال الكامل للورم، و من جهة أخرى تزداد صعوبات تحقيق الشفاء التام عند تمركز الأورام النجمية الشعرية بمواضع دقيقة بحيث تتعذر إزالتها كليا بالجراحة، مثل تمركزها بالوطاء أو بجذع الدماغ.
أورام الخلايا الدبـقية قليلة التغـصن ( oligodendroglioma )
من المتعذر شفاء هذه الأورام المرتشحة بالعمل الجراحي منفردا، مع أن الجراحات تخفف من حدة الأعراض المصاحبة في اغلب الأحوال، و من المعتاد استخدام العلاج الكيماوي عقب العمل الجراحي أو العلاج الإشعاعي.



أورام البطـانة العـصبية ( Ependymoma )
و منها أورام أوليات البطانة العصبية ( ependymoblastomas )، و التي كما سلفت الإشارة لا ترتشح في اغلب الأحوال كما تفعل الأورام النجمية، و يمكن معالجتها بالعمل الجراحي منفردا، و من المعتاد التوصية باستخدام العلاج الإشعاعي تلافيا لعودة النمو الورمي، و قد يتم استخدام العلاج الكيماوي لدى بعض الحالات خصوصا بأورام أوليات البطانة العصبية.
أورام المسرى البصـري الدبقية ( Opticnervegliomas)
و تُعد هذه الأورام على وجه الخصوص متعذرة الإزالة بالعمل الجراحي، حيث تقع بموضع غير متاح للجراحة و يصعب على الجراح الوصول إليه، كما أنها تتمركز بالأعصاب الموصلة إلى العين و قد يفقد الطفل بصره كلية عند إزالتها، و يفضل بالتالي المباشرة بالعلاج الإشعاعي على الرغم من تأثيراته على البصر بدوره، و بطبيعة الحال يتم استخدام العلاج الكيماوي بدلا من الإشعاع لدى الأطفال الصغار.
الأورام الدبـقية بجـذع الدمـاغ ( Brainstemgliomas )
على غرار الأورام الدبقية بالعصب البصري، من غير الممكن إزالة الأورام الدبقية بجذع الدماغ ما لم تكن منحصرة كليا بمواضعها، غير أنها من المعتاد أن ترتشح عبر أنسجة جذع الدماغ، و نظرا لما لهذا الجزء من أهمية حيوية و أساسية لحياة الجسم، لا يمكن لجراح الأعصاب أن يزيل مثل هذه الأورام المرتشحة، و من المعتاد معالجتها بالعلاج الإشعاعي فحسب، و قد يضاف العلاج الكيماوي في بعض الأحيان.
الأورام الأوليّـة ( Primitivetumors )
بما في ذلك أورام الأدمة الظاهرة العصبية الأولية ( Primitiveneuroectodermaltumors ) بتفرعاتها، و أورام الأوليّـات النخـاعية ( Medulloblastomas ) و أورام أوليات الصنوبرية ( pineoblastomas )، و أورام الأوليّـات العـصبية
( neuroblastomas )، فهذه الأنواع من الأورام السريعة النمو تتم معالجتها تقليديا بالعمل الجراحي تعقبه مباشرة المعالجات الإشعاعية، و التي تتم لكامل الدماغ و الحبل الشوكي و ليس لموضع الورم فحسب، حيث يظهر انتقال لهذه الأورام في اغلب الأحوال إلى السائل المُخّي الشوكي.
و من المعتاد استخدام العلاج الكيماوي إضافة إلى الإشعاع عند الحاجة لتخفيض الجرعات الإشعاعية، غير انه عند وجود انتقال متسع للخلايا السرطانية يتم إعطاء الجرعات القياسية من العلاج الإشعاعي في كل الأحوال، و بطبيعة الحال يتم استخدام العلاج الكيماوي بديلا عن المعالجات الإشعاعية عقب الجراحات لدى الأطفال ما دون الثالثة من العمر، و من جهة أخرى يتم استخدامه تقليديا لمعالجة الأورام الراجعة.
الأورام السحائية ( Meningiomas )
من الممكن غالبا شفاء الأطفال المرضى بأورام أغشية السحايا عند التمكن من إزالة كامل النسيج الورمي جراحيا، و بالمقابل تتعذر إزالة الورم كليا بالجراحة لدى البعض خصوصا عند تموضع الورم بقاعدة الدماغ، أو عند عودة الأنواع المتسرطنة من هذه الأورام ثانية عقب إزالتها كليا في المعالجات الأولية، و من المعتاد استخدام العلاج الإشعاعي بغرض معالجة بقايا الأورام التي تتعذر إزالتها كليا بالجراحة، و بغرض منع نموها ثانية، كما يستخدم لدى عودة مثل هذه الأورام عقب الجراحات، و يجدر بالذكر أن العلاج الكيماوي أو المعالجات الهرمونية لازالت قيد البحث بالنسبة لهذه الأورام و لم تظهر نتائج فعالة.
أورام خلايا شفان ( Schwannomas )
و هي كما سلفت الإشارة أورام حميدة في اغلب الأحوال و يمكن شفاؤها بالعمل الجراحي منفردا، بينما يستدعي الأمر بطبيعة الحال استخدام العلاج الإشعاعي لدى الأنواع المتسرطنة منها عقب الجراحات.
أورام الحبل الشـوكي
تتم معالجة أورام الحبل الشوكي بنفس أنماط مثيلاتها بالدماغ، حيث يمكن معالجة الأورام السحائية بالعمل الجراحي منفردا، و كذلك الحال لدى بعض أورام البطانة العصبية بالحبل الشوكي، بينما عند تعذر إزالة أورام البطانة كليا بالجراحة يتم استخدام العلاج الإشعاعي بعدها مباشرة، و من جهة أخرى من المتعذر إزالة الأورام النجمية بالحبل الشوكي جراحيا بشكل تام، و يتم البدء بالمعالجات الإشعاعية عقب استخلاص الخزعات مباشرة.



أورام الضفائر المشيمية ( Choroidplexustumors )
في اغلب الأحوال يمكن شفاء الأورام الحُليمية الحميدة ( choroidplexuspapillomas ) بالعمل الجراحي منفردا، بينما يتعذر ذلك لدى العديد من حالات السرطان النسيجي للضفائر المشيمية ( choroidplexuscarcinomas ) الخبيث، و الذي تتم معالجته عادة بالعلاج الإشعاعي أو الكيماوي أو بتوليفة مشتركة من كليهما.
الأورام القحفية البلعـمية ( craniopharyngiomas )
و يمكن معالجة هذه الأورام لدى معظم الحالات بالعمل الجراحي يتبعه العلاج الإشعاعي، و تجدر الإشارة إلى أن إجراء جراحات محافظة بإزالة جزئية لهذه الأورام يعقبها العلاج الإشعاعي تسبب مضاعفات جانبية اقل من جراحات الاستئصال التام.
أورام الخـلايا التناسلية ( Germcelltumors )
من الممكن تحقيق معالجة فعالة باستخدام العلاج الإشعاعي منفردا لدى الأورام الجرثمية ( germinoma )، و هي الأكثر شيوعا ضمن أورام الخلايا التناسلية، بينما يتعذر ذلك بنفس الدرجة لدى الأنواع الأخرى سواء المختلطة مع الأورام الجرثمية أو المنفصلة، و التي تتم معالجتها عادة بتوليفات مشتركة من العلاجين الإشعاعي و الكيماوي، و قد يستدعي الأمر لدى بعض الأطفال استخدام المعالجات الإشعاعية للدماغ و الحبل الشوكي معا عند وجود انتقال لمثل هذه الأورام إلى السائل المُخّي الشوكي.



عقب انتهاء معالجات أورام الدماغ و الحبل الشوكي
من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة الورم، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على تفاصيل أكثر )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدوري، التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية و الأشعات المختلفة، خصوصا لموضع نشأة الورم الأصلي، و يتم إجراؤها بجدولة زمنية معينة حسب الاعتبارات الخاصة بكل حالة على حدة، و الواقع أنه و بالنسبة لأغلب الأطفال فإن المعركة الحقيقية لاستعادة أوضاعهم البدنية و الذهنية الطبيعية تبدأ عقب انتهاء معالجات الأورام، و تجدر الإشارة إلى أن أنسجة الدمـاغ لدى الأطفال قادرة على التعـافي و التعويض بدرجة اكبر من البالغين، كما يمكن تبين مـدى الأضرار الناتجـة عن الأورام و مضاعفات العلاجات المتلقاة خلال وقت قصير عقب انتهاء المعالجات الأولية و تعافي الأطفال، و إن كان ذلك قد يتأخر قليلا لدى الأطفال الصغار بسن دون الثالثة، و ثمة العديد مما هو ضروري من الإجراءات الطبية و الفحوصات و المعالجات المهمة للمساعدة في تحقيق أفضل النتائج لاستعادة عافية هؤلاء الأطفال، و مساعدتهم على التقدم نحو الشفاء التام.
و مبدئيا يتم إجراء مختلف الفحوصـات التصويرية عقب انتهاء المعالجات لتقصي مدى التغيرات بأنسجة الدمـاغ و مواضعها، و من ثم إجراؤها دوريا لتحري مدى عودة النمـو الورمي بالدرجة الأولى، و بنفس الوقت يتم عرض الطفل على أخصائيين بعدة مجالات لتقييم الحال و تقديم العلاجات اللازمة عند الضرورة، و بشكل عام يمكن تلخيص مثل هذه الإجراءات في النقاط التالية :
  • فحص الطفل من قبل أخصائي بالأعصـاب، لتقييم الوظائف العصبية و التوازن الحـركي، و مقدرة العضلات و مدى ضعفها، خصوصا إن عانى الطفل من أنواع الشلل أو الضعف العضلي، و من ناحية أخرى يتولى أخصائيون بالمعالجات الطبيعية و إعادة التأهيل فحص الطفل و تقديم المعالجات الملائمة.
  • قد يتم عرض الطفل على اختصاصي بمعالجة قدرات التحدث و الاتصال إن تضرر مركز التحدث و القدرات الكلامية و اللغوية بالدماغ، بُغية مساعدة الطفل على تحسين المقدرة على التخاطب و التواصل.
  • ينبغي بطبيعة الحال إجراء فحوصات للعيون و القدرات السمعية من قبل أخصائيي العيون و الأذن، و إن تم تحديد أية مضاعفات بالرؤية أو السمع، فقد يستدعي الأمر إدراج الطفل بالفصول التعليمية و العلاجية الخاصة بالمشكلات البصرية و السمعية، لإعادة تأهيله.
  • من المعتاد فحص الطفل من قبل أخصائي بالأمراض النفسية و العصبية عقب التشخيص و قبل المباشرة بمعالجات الأورام بطيئة النمو، لتقييم مدى الأضرار الناجمة عن تأثيرات هذه الأورام، و تستمر مثل هذه الفحوصات دوريا أثناء المعالجات و عقب انتهائها، ( عقب إجراء الجراحات و عقب تلقي أي من العلاجين الإشعاعي و الكيماوي )، و أيضا عقب تعافي الطفل و استقرار الحال، ( عادة عقب مرور ثلاثة إلى أربعة اشهر )، و يقوم الطبيب النفسي خلال هذه الفحوصات بتقييم تطور الطفل الإدراكي و المعـرفي و نمـوه من عدة نواحي، مثل القدرات الذهنية و الذكاء العام و سرعة معـالجة المعلومات، و قدرات السمع و التخـاطب، و الذاكرة و مهارات التعلم، و بطبيعة الحال ينبغي إجراء هذه الفحوصات قبل التحاق الطفل بالمدرسة، حيث يلزم التنسيق بين المدرسين و أخصائيي العمل الاجتماعي و بين الفريق الطبي المعالج للإطلاع على ظروف الطفل الصحية دوريا و للمساعدة في توفير المناخ التعليمي الملائم لحالته.
  • ثمة دائما احتمال حدوث عجز و نقص بالإفراز الهرموني للغدة النخامية عند نشوء أورام بقاعدة الدماغ، أو عند تلقي المعالجات الإشعاعية بهذا الموضع، و لدى بعض الحالات قد يظهر مثل هذا العجز بشكل واضح نتيجة النمو الورمي عند التشخيص، مما يستدعي فحص الطفل من قبل أخصائي بالغدد الصماء قبل البدء بالمعالجات، و تقليديا يتم إجراء فحوصات وظائف الغدد الصماء عقب مرور ستة اشهر من انتهاء المعالجات الإشعاعية، بغية تقييم مدى العجز الهرموني، و متابعة وتيرة النمو الطبيعي، و مشاكل البلوغ سواء المبكر أو المتأخر، و تجدر الإشارة إلى وجود أعـراض أخرى تظهر عند تضرر الغـدة النخامية، مثل الإعيـاء المستمر و الهمود، و ضعف الشهية، و الشعور الدائم بالبرد، و الإمساك، و التي قد تشير جميعها إلى انخفاض مستويات بعض الهرمونات، مثل الهرمون الدرقي أو الهرمونات الكظرية، و بطبيعة الحال قد يستلزم الأمر تلقي معالجات الإعاضة الهرمونية لموازنة العجز و النقص بالإفراز الهرموني.
و غني عن القول أنه من المهم جدا في كل الأحوال أن يتم إخطار الفريق الطبي في الحال عند ظهور أية أعراض أو مضاعفات جديدة، و التي قد تدل على حدوث انتكاس و عودة النمو الورمي، أو تشير إلى وجود مضاعفات و تأثيرات جانبية للعلاجات المتلقاة، كي يتسنى اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة بشكل مبكر.

المصدر: د/ محمد الشافعى
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 1445 مشاهدة
نشرت فى 3 فبراير 2011 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,314,840

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط