الأوتيـــزم الخطر الصامت يهدد أطفالنا
يشهد عالمنا المعاصر سلسلة من الاضطرابات النمائية فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وامتدت أيضاً لتشمل أهم مجالات الحياة الإنسانية وهو مجال العلم والبحث العلمى0 كان من نتيجة ذلك أن برزت وشاعت الفوضى وصاحبها العديد من الآثار النفسية والاجتماعية السلبية والخطيرة لعل أبرزها أن طعن (بضم الطاء) الفكر الصحيح فى خاصره، والمنهج السليم فى دعائمه وما واكب ذلك من فوضى فى المصطلحات من جهة واستغلال الآخرين من أجل مكاسب شخصية من جهة أخرى (الميكيافيلية)
ولعل من الأسباب التى أدت إلى شيوع مثل هذه الظواهر السلبية الحرية اللامسئولة، ضآلة الخبرات العلمية، الاعتقادات الخاطئة، جمود الفكر، الخيال الزائف والمطلق……إلخ وسيادة المثلث المظلم فى الشخصية لدى البعض والمتمثل فى الميكيافيلية Machiavellianism أى المخادعة/ المخاتلة والنرجسية Narcissism والعصابية Neurosis 0
ويعد المصطلح الشائع تحت مسمى التوحد والمعنى به Autism أبرز المصطلحات التى استخدمت بشكل غير دقيق وخاطئ، ومن المثير للدهشة أن هذا الاستخدام الخاطئ قد شهد انتشاراً واسعاً فى العديد من البلدان العربية هذا وقد ساعد على انتشاره بالشكل الخاطئ العديد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مما يتحول بالإعلام من دوره الأساسى وهو تقديم معلومات للرقى بالناس إلى تقديم معلومات لإرضاء بعض الناس، هذا بالإضافة إلى عدم وجود ترجمة عربية لمصطلح Autism شأنه شأن مصطلح Hysteria الهستيريا وغيرها من المصطلحات الأخرى كالتكنولوجيا، والديمقراطية وغيرها ……..إلخ فمصطلح autism الأوتيزم هو اضطراب نمائى يصيب بعض الأطفال قبل أن يكتمل عمر الطفل ثلاث سنوات وله العديد من الأسباب، ويتبدى فى العديد من الصور، وعلى الرغم من أنه قد أطلقت مسميات عديدة متنوعة على كلمة Autism نذكر منها : التوحد، الاجترارية، الذاتوية، وتعد كلمة التوحد (التوحدية) المصطلح الأكثر شيوعاً واستخداماً فى الدراسات والبحوث العربية0 إلا أننى قد استخدمت هذا المصطلح بشكل آخر تفادياً للخلط والتداخل حيث إننى استخدمت مصطلح الأوتيزم لوصف Autism ، كاضطراب نمائى حيث إن الترجمات الأخرى المستخدمة فى الدراسات والبحوث العربية0 تبعد تماماً عن حيز ومجال الأوتيزم المعنى به الاضطراب النمائى باستخدامهم لمصطلح التوحد وذلك تجنباً للسطحية فى التفكير، والظاهرية فى الفكر، فاللفظ العربى التوحد فى اللغة العربية هو ترجمة لمصطلح Identification ، والتوحد فى علم النفس والصحة النفسية لا يشير إلى اضطراب أو مرض كما هى الحال فى الأوتيزم0 فالتوحد خاصية أساسية وطبيعية لنمو الأطفال خلال مرحلة الطفولة0 فالتوحد علامة من علامات النمو السوى والطبيعى0 والتوحد هو خروج مؤقت عن الذات، بينما الأوتيزم هو تقوقع قد يكون مستمراً داخل الذات0 ومن بديهيات الصحة النفسية التمركز حول الآخر، وزيادة النسيج الاجتماعى بدلاً من التمركز حول الذات هو علامة من علامات المرض النفسى، حتى وإن كان ولابد من تمركز حول الذات فهذا لا يعنى أن يستمر هذا التمركز لفترات طويلة، بل لابد من أن يكون لدى الفرد مرونة فى التأرجح بين الذات وبين الآخرين