«والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير»
سورة فاطر الآية 35
إن خلق الإنسان هو المعجزة الكبرى في هذا الكون وظل لغزا يستعصي عن الأفهام حتى أنعم الله علينا بالعلم وكشف لنا الكثير من هذه الأسرار والتي أفادت البشرية في اكتشاف الكثير من الأمراض الوراثية والتي تنتقل عبر الأجيال وتسبب مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة والحديث هنا عن تشوهات الأجنة والتي إما أن تنجم عن عوامل بيئية مثل نقص التغذية عند الأم أو استعمال بعض العقاقير في المرحلة الأولى من الحمل أو تعرض الجنين في مراحل عمره الأولى لبعض السموم مثل بعض المواد الكيميائية والتدخين والتعرض للإشعاع.


أما السبب الرئيسي الآخر فهو الأسباب الوراثية حيث يحمل كلا الزوجين أو أحدهما أحيانا كروموسوما مورثا به تشوه أو قد يحدث اضطراب في عدد الكروموسومات عند اختلاط البويضة والحيمن . ويتكون كل كروموسوم من وحدات صغيرة يطلق عليها الجينات وهي التي تحمل الصفات الشكلية للكائن البشري. وعدد هذه الكروموسومات هو 46 كروموسوما مصفوفة في 23 زوجا ويوجد ضمنها زوج واحد فقط مسئول عن تكون جنس الجنين أحدهما يطلق عليه الصفة X والنصف الآخر الصفة Y . أن أكثر من 70% من حالات الإجهاض المبكر سببها التشوة في الأجنة بل إن كثيرا من هذه الحالات تحدث مبكرا للغاية قبل أن تكتشف المريضة أنها حملت . وبعض الحالات يستمر الجنين في النمو حتى يولد . إن أكثر هذه الحالات شيوعا هي وجود كروموسوم زائد في رقم 21 وهو ما يطلق عليه الطفل المنغولي وهناك حالات تشوه أخرى أقل حدوثا كما في متلازمة تيرنر ومتلازمة كلاين فلتر وهناك مئات من الأمراض الوراثية أو المتلازمات التي تم اكتشافها وإن كان أغلبها نادر الحدوث.
ويضيف د.سعد الدين قناوي أن من أهم الأسباب التي دفعت العلماء إلى تكثيف دراسة الجينات الأمراض الوراثية المعقدة بغرض التصدي لها من أجل الوقاية من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية للمواليد وقد تم استحداث التقنية التي تتيح للزوجين تحديد جنس الجنين عن طريق فحص الأجنة التي سوف تحمل بها الأم إن شاء الله لضمان خلوها من الأمراض الوراثية ولا تقتصر فائدة التقنية الجديدة على هذا الجانب بل أضافت بعدا جديدا لعلاج هذه الحالة حيث أصبح بالإمكان اختيار أجنة سليمة متوافقة نسجيا مع أي من الأخوة المصابة بأمراض الدم الوراثية في الأسرة.
وهناك أمراض وراثية تحدث نتيجة خلل في أكثر من مورث واحد وينتج عنها حالات عيوب القلب الخلقية وتشوهات المخ والضمور الفقري وضمور العضلات والتشوه في الجهاز العصبي والكلي والجهاز الهضمي وقد تم حديثا تطوير تقنيات في الأعوام الماضية لفحص أي تشوهات بكروموسومات الأجنة قبل نقلها للرحم وكذلك لفحص حيامن الزوج قبل حقنها في بويضات الزوجة بغرض منع حدوث تشوهات مستقبلية بالجنين.
ويشيع الاعتقاد أن الأمراض الوراثية غير شائعة بين الأطفال ولكن هناك 1-3% من الأطفال الذين يصابون بأمراض وراثية بعضها غير متوافق مع الحياة ويؤدي إلى وفاة الجنين وبعضها يؤدي إلى إحداث إعاقة للمولود أو تشوهات خلقية.
ويرى د. سعد أن أسلوب الوقاية من الأمراض الوراثية أصبح حقيقة ممكنة بعدة وسائل أحدثها هو اختيار الأجنة وراثيا قبل مرحلة العلوق بالرحم وتتم من خلال برنامج طفل الأنابيب والتخصيب المجهري. حيث يقوم الطبيب بعد تخصيب البويضات بالحيامن ووصولها إلى مرحلة 8-10 خلايا متشابهه بفحص خلية واحدة وراثيا لتشخيص التركيبة الوراثية الكاملة للجنين – يتم هذا الاختبار بارتشاف خلية واحدة من البويضة المخصبة بواسطة أجهزة دقيقة مجهرية دون الإضرار بالبويضة ثم يتم البدء في تحليل مكونات نواة الخلية بطرق معملية مختلفة لاكتشاف الكروموسومات المعيبة أو الجينات الوراثية الناقلة لكثير من الأمراض أو لتحديد جنس المولود كروموسوميا.
و يتم استخدام هذه الطريقة في بعض الحالات وأهمها:
1. اضطراب عدد الكروموسومات سواء بالنقص أو الزيادة وارتباطه بتقدم عمر المرأة بعد سن 35 سنة وارتباطه وراثيا كذلك بعمر الأب في 10-20 % من الحالات.
2. اختبار ثلاثية الكروموسومات لاستبعاد متلازمة الطفل المغولي .
3. اختبار ثلاثية الكرموسوم رقم 22، 16 لاستبعاد الأسباب الوراثية لتكرار الإجهاض.
4. عيوب الكروموسومات الجنسية المؤنثة لاستبعاد متلازمة تيرز وكلاينفلتر.
5. اضطرابات الجينات الفردية مثل أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجلية وأنيميا البحر المتوسط والثلاسيميا)
6. اختيار جنس الجنين لتجنب الأمراض المتعلقة بالذكور مثل الهيموفيليا (سيولة الدم) أو المتعلقة بالإناث كالتخلف العقلي.
وبوجود هذه التقنية الحديثة بمراكزنا أضحى الأمل كبيرا للكثير من العائلات والتي يوجد فيها أطفال مصابون بأمراض وراثية وسوف يحمل الغد القريب إن شاء الله آفاقا أخرى في هذا المجال.

المصدر: مركز الرجمة
el-rahmapt

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى المكثف للأطقال

  • Currently 23/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 1228 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2011 بواسطة el-rahmapt

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

2,317,193

مركز الرحمة للعلاج الطبيعى

    أ.د/ محمد على الشافعى
 استاذ مشارك العلاج الطبيعى للأطفال  بكلية العلاج الطبيعى جامعة القاهرة و استشارى العلاج الطبيعى المكثف للأطفال 
لمشاهدة قناه الفيديو الخاصة بالمركز 

اضغط