المجتمع والعائلة وطفل التوحد
من اللحظة الأولى لانتكاسة طفلهم تحتاج العائلة إلى الكثير من الجهد للوصول إلى التشخيص، فالتوحد مجال واسع وصور متعددة، قد يكون الوصول إلى الحقيقة صعباً، وعند الوصول إليها تكون أكثر إيلاماً وقسوة، يحتاج الوالدين إلى المساعدة الطبية لإصابتهم بحالة انفعالية تحد من تفكيرهم، وهنا تكمن أهمية وجود الطاقم الطبي المتمرس لإعطائهم الراحة النفسية ومساعدتهم على تخطي الأزمة، وشرح الأمر لهم بطريقة سهلة ومبسطة، والإجابة على جميع تساؤلاتهم، ثم يكون هناك الاحتياج للتدريب والتعليم، وهنا يكمن أهمية وجود مراكز متخصصة في هذا المجال لمساعدة الوالدين ، وهنا لن تنتهي المشكلة ، فالعائلة تستمر معاناتها وتزداد إحتياجاتها، وهنا يأتي دور المجتمع بكل جمعياته الخيرية والاجتماعية لمساعدة الأسرة مادياً ومعنوياً.
الصــدمــة:
كم هي مؤلمة تلك اللحظات التي يتلقى فيها الوالدين الخبر بأن طفلهم مصاب بالتوحد ، ولكن ..... تمشي الرياح .............. بما لا تشتهي السفن، ينزل الخبر عليهم كصخرة كبيرة ، وتأخذهم الصدمة بعيداً، وتتطاير الأفكار هنا وهناك كفقاعات الصابون، جميع العواطف يمكن توقعها وهو رد فعل طبيعي لدى الجميع ، من الغضب إلى الحزن، الإحساس بالذنب، الخجل واليأس، وحتى عدم تقبل الحقيقة أو الطفل. وتجول الأسئلة في خواطر الوالدين :
o لماذا نحن؟
o ما هي الأسباب ؟
o هل كان بالإمكان منع حدوثه ؟
o ما هو مستقبله ؟
o ماذا نستطيع أن نعمله له ؟
o هل من علاج ؟
في لحظة الصدمة ، قد يسيطر على الوالدين أو أحدهما شعور خاص ، شعور سلبي ، يكون عقبة في الطريق إلى تقبل الطفل ، ولكن مع وقوف الوالدين كلاً يشد أزر الآخر ، ومساعدة الطاقم الطبي المتمرس ، والإيمان بالله وعطائه ، والتبصر حول عطاء الله لكل خير سابق ، كل ذلك سيقلل من شدة الصدمة ، ويجعل قبوله كفرد من العائلة أمراً مقبولاً.
الطفل والعائلة:
الأسرة كيان لكل فرد فيه مهامه ومسئولياته ، وقد لوجظ أن الأم هي الملامة في أغلب المجتمعات على مشاكل الطفل وما يحدث له من عيوب خلقية أو أمراض ، وذلك ليس له أساس من الحقيقة ، كما أن العناية بالطفل تفرض عليها وحدها وفي ذلك صعوبة كبيرة، كما أن إهتمام الأم بطفلها المصاب بالتوحد قد يقلل من إهتمامها ورعايتها لزوجها وأطفالها الآخرين ، كل ذلك ينعكس على الأسرة ، وهنا الإحتياج لتعاون وتفاهم الوالدين سوياً ، ومساعدة الأب للأم على تخطي الصعاب ، وعدم تحميلها فوق قدراتها البدنية والنفسية.
العائلة والمجتمع :
سيكون للأهل والأقرباء دوراً مهماً في العلاقة بين الطفل ووالديه، وأسلوب حياتهم اليومية والاجتماعية، يؤثر سلباً وإيجابا على هذه العلاقة، فكلمات الرثاء وعندما يقال عنه كلمات غير سوية قد تؤدي إلي إحباط الوالدين وانعزالهم عن الآخرين، يخفون طفلهم، والطريق السليم هو تجاهل ما يقول الآخرين وإخبار الأصدقاء بأنه طفل كغيره، له مقدرته الخاصة، وان رعايتكم له ستجعله في وضع أفضل، لا تجعلوه مدار الحديث مع الآخرين، ولا تبحثوا عن طريقه المواساة من الآخرين، اجعلوا حياتكم طبيعية ما أمكن بالخروج للمنتزهات والأسواق، ولا تجعلوه عذراً للتقوقع والانعزال عن الآخرين.
أهمية وجود جمعيات متخصصة للتوحد :
الوالدين لا يستطيعون القيام بكل ما يحتاجه الطفل من تدريب وتعليم بدون مساعدة الآخرين لهم ، فليس لديهم الخبرة والمعرفة ، وهنا يأتي دور المؤسسات الإجتماعية العامة والخاصة في دعم هذه الأسرة بالخبرات والتجارب وكذلك الدعم المادي والنفسي .
لن يفهم العائلة وشعورها إلاّ من كان لديه طفل مصاب مثلهم ، وهؤلاء يمكن الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم ، كما يمكن الاستفادة من الطاقم الطبي والخبراء في المعاهد المتخصصة ، ومن هنا تبرز أهمية وجود جمعية متخصصة في التوحد في كل منطقة، من خلالها يمكن التعرف على التوحد كمشكلة إجتماعية ، تقييم مراكز التشخيص ، الإهتمام بوجود مراكز للتدريب والتعليم ، وأن تكون مركزاً للمشورة والإلتقاء لعائلات الأطفال التوحديون .