Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

التمكين القانونى للفقراء والضعفاء

د. محمد ماهر الصواف

 عندما تتراجع قوة القوانين وينتشر الفساد ولا تطبق القواعد القانونية على الجميع، ويستغل البعض الثغرات القانونية لإستغلال الفقراء دون وجه حق، وعندما لم تعد سلطة القانون هى الحكم بين الناس، ويصبح الغنى قادراً على الإفلات من العقوبة  أو يتجاوز كل القوانين، فليس من الغريب أن يلجأ الفقير والمظلوم لقانون الغابة ويطبق القانون بطريقته الخاصة وتنتشر بذلك الفوضى والبلطجة ويفقد الناس الإستقرار والآمان ومن ثم الإنتماء للوطن والعزوف عن السعى لنهضته وتقدمه .

ويزداد الأمر صعوبه إذا ما شكك البعض من رجال الدين فى جدوى القوانين الوضعية لكونها من صنع البشر، إذ أن الإنسان فى رأيهم عرضة للجهل والهوى والظلم، ولن يستطيع وضع القوانين الصالحة للمجتمع وينطلق هذا الرأى الدينى من أن أسمى ما وصل إليه رجال القانون موجوداً فى الشريعة من يوم نزولها.

ويجب أن نسلم أنه فى ظل هذا المناخ وإفتقاد المجتمع الإعتقاد فى قوة القانون وأهميته يصعب تحقيق التنمية المستدامة، ويفقد المجتمع أهم آلياتها . فكيف يمكن تحقيق التنمية الإقتصادية وتشجيع الإستثمار فى مجتمع لا يحترم القانون ؟ وكيف يضمن المواطن سلامة المعاملات والإلتزام بالإتفاقات والعقود المبرمة مع الغير؟  وكيف يمكن إحترام الحقوق الاقتصادية والإجتماعية وغيرها من الأهداف المحورية للتنمية  فى مجتمع  يتهرب من تنفيذ الأحكام القضائية وينتشر فيه البلطجة والعنف دون خوف من القانون ؟

وفى هذا الإطار اهتمت الأمم المتحدة والمنظمة العربية لحقوق الإنسان بقضية التمكين القانونى للفقراء وذلك بدعم حقوق الفقراء من خلال تمكينهم من اللجوء إلى القانون للحصول على حقوقهم والارتقاء بمصالحهم، وتم إصدار وثيقة بعنوان "من أجل قانون فى خدمة الجميع". وقد تبنت هذه الوثيقة مفهوم التمكين القانونى للفقراء "كإستراتيجية للتنمية"، وأوضحت الأمم المتحدة من أنها ليست بديلاً عن مبادرات التنمية الأخرى، فمتى أصبح القانون فى خدمة الجميع فسيتم تعريف ما للجميع من حقوق وما عليهم من التزامات مع إنفاذ تلك الحقوق والالتزامات وهو ما يسمح للأفراد بالتفاعل فيما بينهم فى مناخ تسوده الثقة ولا تعصف به المفاجآت.

 وأشارت الوثيقة أن سيادة القانون ليست أداة تجميل فى عملية التنمية الإقتصادية ولكنها مصدر عملى للدفع نحو التقدم، فإذا وقف القانون عائقاً أمام الفقراء فى تحسين أوضاعهم أو وجدوه عقبة فى سبيلهم نحو الكرامة والأمن، فسيتم عندئذ نبذ القانون كمؤسسة شرعية، أما إذا ما تم قبول القانون وإستيعابه بوصفه سبيلاً للحماية وتكافؤ الفرص، مع ضمان عدالة العملية القانونية وحيادها فسيكون القانون حينئذ موقراً ومحترماً باعتباره أساس العدالة.

وحددت هذه الوثيقة أربعة ركائز أساسية لتحقيق هذه الإستراتيجية وهى تيسير الوصول إلى العدالة وسيادة القانون، وحقوق الملكية، وحقوق العمل، وحقوق ممارسة الأعمال التجارية، واعتبرت أن هذه الركائز الأربعة تدعم بعضها البعض .

ولا شك أن هذه الإستراتيجية ضرورية فى ظل ما تعانية الدول النامية من فساد ووساطة ومحاباه ، فمن الملاحظ أنه فى هذه الدول يستغلون أصحاب النفوذ والأغنياء علاقاتهم الشخصية غير الرسمية بإنجاز أعمالهم ومصالحهم بالجهاز الإدارى بسرعة وبدون روتين وأحيانا بالمخالفة للقانون، ويترتب على ذلك ضياع حقوق الفقراء والضعفاء والإضرار بمصالحهم . وعادة ما يجدوا الإهمال وسوء المعاملة من الموظف العام إذا تقدموا له للحصول على خدمة عامة ، بل وقد يتم التعدى على كرامتهم وإهانتهم . ومن الغريب ان يحدث ذلك أيضا فى مصر رغم ماجاء فى الدساتير المصرية من نصوص تقضى بأن اﻟﻤان ﻟى اﻟﻘﺎﻧن ﺳاء، وهم  ﻣﺘﺴﺎوون فى  اﻟﺤﻘق واﻟاﺟﺒﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻻ ﺗﻤﻴﻴ ﺑﻴﻨﻬ ﺑسبب اﻟﺠﻨ أو اﻷﺻﻞ أو اﻟﻠﻐﺔ أو اﻟ أو اﻟﻌﻘﻴة وأن الكرامه حق لكل إنسان .

 ومن هنا تكتسب قضية التمكين القانونى للفقراء أهمية كبيرة وينبغى على الدولة أن تعمل بالتوازى مع برامج الإصلاح الاقتصادى على صياغة تشريعات وسياسات وبرامج لحماية الفقراء للحد من الآثار السلبية لإجراءات الإصلاح حتى يمكن تحقيق  السلام الإجتماعى .  

 

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

279,834

ابحث