مؤشرات على عودة الاستقرار النسبي إلى الاقتصاد المصري كما جاء بتقرير DW الألمانية
تعرضت مصر منذ ثورة يناير/ 2011 لضربات موجعة عصفت بقطاع السياحة وأدت إلى خروج استثمارات هامة من الدورة الاقتصادية بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية والهجمات الإرهابية التي طالت منتجعات سياحية ومناطق أخرى كثيرة.
رغم ذلك يبدو الاقتصاد المصري حاليا في حالة استقرار نسبي تعكسها نسبة نمو يزيد معدلها على 4 بالمائة خلال العامين الماضيين.
ففي ضوء تقارير صندوق النقد الدولي الأخيرة هناك معدلات نمو جيدة في مصر. فقد حقق الاقتصاد المصري بالفعل بفضل إصلاحات مالية واقتصادية قامت بها الحكومة خلال العامين الماضيين نسبة نمو زادت على أربعة بالمائة خلال العام الماضي. وتذهب تقديرات واستطلاعات -بينها تقدير وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني- إلى أن هذه النسبة ستكون بحدود 4.5 إلى 5 بالمائة خلال العامين القادمين. ومع أنها من النسب الجيدة بمقاييس الدول الصناعية، إلا أنها ليست كافية لدولة نامية مثل مصر للحد من مستوى الفقر وتوفير فرص عمل للقسم الأكبر من الشباب الذين يدخلون سوق العمل سنويا.
فمثل هذه الفرص تحتاج حسب رأي العديد من الخبراء إلى إعادة توزيع الدخل الحكومي الناتج عن النمو لصالح محدوي الدخل والطبقة المتوسطة ، أيضا إعطاء زخم أقوى لتشجيع القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمبادرات الفردية من خلال زيادة فعالية القروض الميسرة ، وتعزيز فرص الصادرات المصرية.
وتشير التقارير الاقتصادية إلي أن الدعم الخليجي ساهم بالفعل في دعم الاستقرار المالي من خلال زيادة احتياطات مصر من النقد الأجنبي ، كما ساهم هذا الدعم في تغطية تكاليف الإنفاق الحكومي على خدمات أساسية عامة ومشاريع هامة. وعزز الانجاز السريع لمشروع توسيع قناة السويس برؤوس أموال مصرية الثقة بقدرة مصر على تنفيذ مشاريع إستراتيجية تدفع بعجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام.
ويعود الفضل الأساسي في الاستقرار الاقتصادي النسبي بالدرجة الأولى إلى إصلاحات اقتصادية ومالية قاسية للكثير من المصريين تمت بعيدا عن الأضواء منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة.
فقد ركزت هذه الإصلاحات على تقليص الدعم الحكومي لمصادر الطاقة ، وتوسيع الوعاء الضريبي بشكل أدى في المرحلة الأولى من الإصلاحات إلى تخفيف العجز عن الموازنة بنحو 55 مليار جنيه، أي ما يزيد على 7 مليارات من الدولارات. وسيكون لتراجع أسعار النفط إلى أكثر من 70 بالمائة أثر إيجابي آخر على الموازنة بسبب تقليص قيمة فاتورة استيراد مصادر الطاقة بمليارات أخرى سنويا.
في سياق متصل رفعت الحكومة نسبة الفوائد في البنوك لجذب ادخارات المصريين واستثمارها في مشاريع عملاقة مثل مشاريع الطاقة الكهربائية التي تنفذها شركة سيمنز الألمانية بقيمة 9 مليارات دولار.كما ناقش البرلمان خلال أيام قليلة 22 قرارا تتعلق بعقود اقتصادية وصادق عليها. وتشمل هذه العقود تحديث شبكة قطاعات البنية التحتية والإسكان في مجالات السكك الحديدية والطاقة والإسكان والمياه وغيرها.
غير أن النجاح الملموس الذي حققته السياسة الاقتصادية المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أكثر من صعيد لا يعني تجاوز تحديات اقتصادية تهدد الاستقرار الاجتماعي في حال لم يتم التخفيف من حدتها خلال فترة سريعة.
وحسب رأي العديد من المراقبين والمحليين فأن التحدي الأقسى الذي يواجه الاقتصاد المصري يتمثل بارتفاع نسبة البطالة والفقر في صفوف الشباب الذي يشكلون أكثر من نصف سكان البلاد. ويقترح الخبراء ضرورة الإهتمام بالمشروعات الصغيرة ويتساءل الخبراء فيما إذا كان البرلمان الجديد سيتمكن من إصدار تشريعات وفرض قوانين تراعي متطلبات الشباب المصري المهمش، لاسيما وأن عددا من كبار رجال الأعمال المصريين من العهد السابق ممثلين فيه بقوة. وتتهم جهات عدة الكثير من هؤلاء بممارسة الفساد واستغلال النفوذ السياسي للوصول إلى الثروة. وهناك خبراء آخرون لديهم مخاوف من تأثير هؤلاء ونجاحهم في تهميش أو منع إصدار تشريعات تساعد على دعم وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحد من بطالة الشباب، لكنها قد تنافس أعمال "حيتان المال والأعمال".