ركوب الأطباق وغزو الفضاء

د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/4/2014 ميلادي - 15/6/1435 هجري
زيارة: 313

   
  Share on favoritesShare on facebook Share on twitter Share on hotmailShare on gmail Share on bloggerShare on myspaceShare on digg

ركوب الأطباق وغزو الفضاء

﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾

عصور الحضارة في القرآن


أتى عصر الفضاء، واجتاز الإنسان أجوازه، وحلَّق في أجواء السماء، مستخدمًا المنطاد والطائرات الشراعية، ثم الطائرات بأنواعها المختلفة، ثم وصل إلى القمر بواسطة المحطات الفضائية، وها هو يستعد لرحلة الهبوط على كوكب المريخ، وسيحاول الإنسان في المستقبل أن يسافر بين النجوم، وحينما فعل الإنسان ذلك، وجد القرآن أمامه يشير إلى ركوب الأطباق واجتياز الآفاق؛ حيث يقول تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 16 - 19].

 

من المؤكد أن البشرية لم تجتز أجواء الفضاء إلا بعد اختراع المناطيد والطائرات منذ ما لا يزيد عن مائتي سنة، ولم تعرف البشرية أيضًا ما يسمى بالأطباق الطائرة إلا منذ قرابة خمسين سنة ماضية، في وقت لم يركب الإنسان الفضاء إذا بنا نجد في القرآن إشارات حول غزو الفضاء،

 

ومن الإشارات الدالة على غزو الفضاء في القرآن، نتخيَّر إشارتين:

الموضع الأول: ركوب طبق عن طبق: ذكرت مادة ركب خمس عشرة مرة في القرآن الكريم؛ لتعبر عن ركوب السفينة، والفلك، وأمثال الفلك المشحون، والأنعام، والخيل، والحمير، والبغال وما لا نعلم، ومن بين تلك الآيات التي وردت فيها مادة "ركب" نشير على وجه الخصوص إلى موضعين وثيقي الصلة بموضوع الإعجاز العلمي للقرآن، وهما قول الله تعالى: ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8].

 

والموضع الثاني: هو جواب القسم في الآية 19 من سورة الانشقاق؛ حيث يقول تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 16 - 19].

 

ويمكن تلخيص آراء المفسرين في الآيات السابقة في النقاط التالية:

1- في قوله ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8]: اختلف المفسرون ما بين الخلق وما أعده الله في الجنة والنار، وأشياء غيبية أخرى، إلا أن سيد قطب في ظلال القرآن يشير إلى تقبُّل أنماط جديدة من أدوات الحمل والنقل والركوب والزينة لا يعلمها أهل هذا الزمان.

 

في قوله ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾: اختلف المفسرون أيضًا على عدة وجوه؛ أهمها:

قالوا: خطاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى: (( لتركبن )) بفتح الباء - يا محمد سماء حالًا بعد حال، وحالات السماء هي الانشقاق والطي، وكونها كالمُهل وحمرة كالدِّهان.

 

قالوا: خطاب موجه إلى الإنسان (( لتركبن )) - بفتح الباء - أي: لتركبن أيها الإنسان حالًا بعد حال.

 

قالوا: خطاب موجه إلى الناس ((لتركبن)) - بضم الباء: قوم كانوا في الدنيا خسيس أمرهم فارتفعوا في الآخرة، وآخرون كانوا أشرافًا في الدنيا، فاتَّضعوا في الآخرة، أو فطيمًا بعد ما كان رضيعًا، وشيخًا بعد ما كان شبابًا، رخاءً بعد شدة، وشدة بعد رخاء، وغِنًى بعد فقر، وفقرًا بعد غنى، وصحة بعد سَقم، وسقمًا بعد صحة.

 

منزلة عن منزلة: من كان على صلاح دعاه إلى صلاح فوقه، ومن كان على فساد دعاه إلى فساد فوقه.

 

الشدائد والأهوال: يقال للداهية الشديدة: أم طبق، وأصلها الحيَّات.

 

ركوب الأطباق وارتياد الفضاء:

يقسم تعالى في كتابه العزيز في مطلع سورة الانشقاق بالشفق بلونه الأحمر البهيج، وبالليل وظلامه، وبالقمر واكتماله، ويأتي جواب القسم من أربع كلمات ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾، وجاء لفظ "طبق" يحمل إعجازًا قرآنيًّا، لم تعرف البشرية حقيقته إلا في القرن العشرين، بعد أن تمكن الإنسان من ارتياد الفضاء.

 

وكانت إشارة القرآن لغزو الفضاء قبل محاولة إخوان رايت التحليق في الهواء في بداية القرن الماضي، وقبل اختراع الطائرات المروحية، والطائرات النفاثة، والصواريخ التي تحمل أقمارًا صناعية تدور في مدارات حول الأرض، وأخيرًا السفن الفضائية والمحطات الفضائية الدولية، ولم يكن موضوع السفر إلى الفضاء مطروحًا في التصور البشري عند نزول القرآن، وكانت قريش آنذاك تضرب أكباد الإبل مسيرة شهر في رحلة الصيف من مكة إلى الشام، ولم يصدق الكثير من كفار قريش، وبعض مَن دخلوا في الإسلام أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أُسري به في جزء من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمفسرون جزاهم الله خيرًا فهموا معاني متعددة للآية: وكان منها اجتياز السماء سماءً بعد سماء، وإن خصوا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن في التصور البشري واردًا أنذاك تصوُّر قدرة الإنسان على اجتياز الفضاء.

 

الملخص:

لو علم أهل الغرب أن مفاتح عصور الحضارة البشرية قد أشار إليها القرآن، ما دعاهم غرورهم أن يصفوا الإسلام جهلاً منهم بأن الإسلام دين الرجعية والتخلف، فالإسلام حقًّا هو دين الحضارة.


إن البشرية حينما بدأت تعيش عصر الطاقة باكتشاف الفحم الحجري في باطن الأرض، وجدت القرآن أمامها يشير إلى ذلك العصر، إن الله قد أنعم على البشرية بالنار التي تأتي من الشجر، ويتضح ذلك من قوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [يس: 80].

 

إن استخدام الفعل جعل في الآية يشير إلى حدوث عمليات في الشجر الأخضر يتحول بمقتضاها إلى مصادر للطاقة؛ من فحم حجري، وغاز طبيعي وبترول، وهذا هو ما توصل إليه علم الجيولوجيا، بل إن القرآن أشار إلى شجرة الطاقة العامة في قوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ [الواقعة: 71 - 73].

 

وحينما بدأت البشرية تتطلع إلى السفر في السماء، وتوصلت إلى اختراع البالون والطائرات بأنواعها، والمكوك الفضائي ومحطات الفضاء، وجدت القرآن قد أشار في إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 16 - 19].

 

وحينما توصل العلماء في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلى تفتيت الذرة إلى مكونات دون الذرة، كان ذلك إيذانًا بعصر جديد اسمه عصر الذرة صاحبه استخدام تفتُّت الذرة في المجالات السلمية التي تنفع البشر، وفي نفس الوقت تستخدم في صناعة أسلحة الدمار الشامل.

 

هنا أيضًا نجد القرآن يقدم مفتاح ذلك العصر، مخبرًا عن وجود ما هو أصغر من الذرة في وقت لم يعرف الناس حقيقة كلمة الذرة، نجد ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، وفي غيرها من الآيات.

 

والعالم يحقق الآن ثورة في علم الجينات بعد اكتشاف ما يعرف بالجينوم البشري أو "شفرة الحياة"، والتي لم يعلن عنه إلا في 26 يوليو سنة 2000، وهنا نجد القرآن كاشفًا النقابَ عن تلك الحقيقة في قوله تعال: ﴿ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴾ [عبس: 19]، بل إن القرآن يحذر من العبث بشفرات خلْق الله، ويعتبر ذلك عملاً شيطانيًّا، نجد ذلك في قوله تعالى وهو يلعن الشيطان على صنيعه القبيح: ﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 119].

 

بل إن القرآن يشير إلى ملامح عصر قادم فيه يصبح الإنسان مغرورًا، بما قد يحقِّقه من تقانة يشعر معه بأنه ممسك بزمام الأشياء، نجد ذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

 



   


 


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/69252/#ixzz316hNwwEr

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 142 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2014 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,724,499