الصناعة العربية وتحديات تحديث أساليب الإنتاج

نايف عبوش
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2014 ميلادي - 16/6/1435 هجري
زيارة: 1285

   
  Share on favoritesShare on facebook Share on twitter Share on hotmailShare on gmail Share on bloggerShare on myspaceShare on digg

الصناعة العربية
وتحديات تحديث أساليب الإنتاج

 

لم تَعُد أساليب الإنتاج التقليدية القائمة حاليًّا في الصناعة العربية مُجْديةً بكل المعايير المعتبرة، سواء بمؤشرات تقييم أدائها الصناعي، أو بمقاييس الحدِّ من تلويثِها المفرط للبيئة، وبالتالي فإن معالجات التغيير التقليدية التي تجري عليها من خلال الاقتصار على مجرد إصلاحها بالصيانة، أو بالتحديث المتدرِّج لعملياتِها الإنتاجية، لم تَعُدْ هي الأخرى مقبولةً، بعد أن أصبحت أساليب الإنتاج الصناعي في عالَم اليوم تقومُ على اعتماد مناهج عملٍ جديدة ومتطوِّرة جدًّا، لعل في المقدِّمة منها - كما هو معروف - أسلوب (الإنتاج النظيف)، وهو منهج حديث في الإدارة، يقوم على التغيير الجذري لأساليب العمل في الأنشطة الصناعية، ونَبْذ الأساليب القديمة في العمل، وإعادة تصميم العمليات الأساسية التي تقوم عليها المنشأة، بهدف زيادة كفاءة العمليات الصناعية، وترشيد استخدام الموارد المتاحة، وتقليل التأثيرات السلبية للصناعة على البيئة، بالحد من طرح المخلَّفات الضارة، بحيث تتمكَّن المنشأة الصناعية عند ذاك من أن تُقدِّم إنتاجها السِّلعي بجودةٍ عالية قادرة على المنافسة في السوق، وتُلبِّي احتياجات الزبائن، وتُحقِّق لهم الرفاهية المنشودة.


لقد أصبح واضحًا عقمُ الأساليب التنظيمية التقليدية في معالجة الإخفاقات، وتصحيح الإرباكات المتراكمة في الصناعة العربية، باعتماد الممارسات الإصلاحية الترقيعية؛ لأنها تُهدِر المزيد من الموارد والجهود، وتستَنْزِفُ الطاقات وتستهلك الوقت، من دون تحقيق زيادة ملموسة في مستوى كفاءة الأداء الصناعي، وذلك باعتمادِها على أساليبِ الإنتاج القديمة ذاتِها، من دون مساسٍ بجوهرها؛ حيث يقتصرُ التغييرُ في هذه الحالة على الجوانب الشكلية في مفاصل نشاط المنشأة الصناعية فقط، مما يُساهِم في اتِّساع حجم هُوَّة التخلُّف في الصناعة العربية عن مواكبة التطوُّرات التقنية المتسارعة في أساليب الإنتاج في العالَم.

لذلك يتطلَّب الأمر اعتمادَ سياقات تنظيمية إستراتيجية معاصرة، قادرة على مواكبة التحوُّلات الجذرية في أساليب العمل الجارية في سوق الصناعة العالمية، ولعل من بين أهم تلك السياقات المتطورة أسلوب (الإنتاج النظيف)، وأسلوب (إعادة هندسة الأعمال)، المعروف اختصارًا بـ: (الهندرة)؛ حيث يتضمَّنان إعادة التصميم الجذري للعمليات الإدارية الإستراتيجية التي تساهم في تحقيق القيمة المضافة في المنشأة، إلى جانب تغيير أساليب التنظيم، والسياسات، والبنَى التحتية الساندة، بهدفِ زيادة كفاءة العمليات الصناعية، وترشيد استخدام الموارد، وتقليل التأثيرات السلبية للصناعة على البيئة بشقَّيْها (بيئة العمل، وبيئة البُؤَر الاستيطانية المجاورة لها في الوقت نفسه)؛ حيث لم يَعُدِ النشاط الصناعي معزولاً عن الاهتمامات البيئية.

لذلك بات تطبيق إستراتيجية الإنتاج النظيف في الصناعة العربية، يتطلَّب العمل بصورة متعاشقة، من خلال النهوض بهذه الصناعة، في إطار إستراتيجية تنمية مستدامة، تُلبِّي احتياجات المجتمعات العربية، وتحافظ على سلامة البيئة في الوقت نفسه؛ مما يُساهِم في تقليل استِنْزاف الموارد الطبيعية، وتعظيم الإنتاج، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتحسين نوعية المنتجات الصناعية، وزيادة قدرتها على المنافسة في سوق مُعَوْلَمة ومفتوحة.

وقد يساهم الإنتاج النظيف أيضًا في تحقيق مردود اقتصادي إضافي، بإعادة استخدام النفايات والفضلات الصناعية في مجالات نافعة.

ويلاحظ أن أسلوب الإنتاج النظيف يُعتَبر وسيلةً مهمة لتطوير التكنولوجيات الصناعية بشكل حركي مستمر؛ حيث يعتمد آلية المعالجة الوقائية، بحَسْم المشاكل التي تُواجِه العملية الإنتاجية من المنبع جذريًّا باستئصال مسبِّباتِها، وليس الاقتصارُ على مجرَّد ملامسة أعراضها ونتائجها، وبذلك يُكوِّن تقنية إنتاجية تكاملية تعمل بكفاءة أعلى، باستخدام كميات أقل للمواد الأولية والطاقة، وبمطروحات أقل من النفايات والانبعاثات الضارة، وبالتالي خفض التأثيرات السلبية للصناعة على البيئة إلى الحد الأدنى، كما هو الحال في صناعة إنتاج المنظِّفات من مواد من منشأ نباتي، بدلاً من الإبقاء على إنتاجها من مواد ذات منشأ نفطي في الصناعة التقليدية؛ حيث تسبب انبعاثات غازية ملوثة للبيئة، ومستنفدة لصحة العمالة.

واستنادًا لِما تقدَّم من معطيات، فقد بات من الضروري أن يُبادِر صُنَّاع القرار في الصناعة العربية باتِّخاذ خطوات جادة، للشروع في إستراتيجية تحديثٍ صناعي شاملة، لاعتمادِ تقنيات الإنتاج النظيف في مختلف أنشطة الصناعة العربية، رغم كل المعوِّقات والصعوبات التي تواجه التطبيق، والعمل على إلزام المجهِّزين عند التعاقد معهم، بنقل تقنيات صناعات الإنتاج النظيف إلى السوق العربية، وبمواصفات لا تقلُّ عن المواصفات التي تعمل بها في البلد الأم المنتج لهذه التقنيات، والسعي في الوقت نفسه لتهيئة البيئة الوطنية الملائمة لاستيعابِها بتوفيرِ فرص التدريب عند النقل والتوريد، بما يُؤمِّن تراكم الخبرة مع الزمن لتشغيل هذه التقنيات المتطورة، وتكوين المهارات، والكفاءات اللازمة، للتعامل معها، وإدارتها بأداءٍ فعَّال، يُمهِّد لتوطينِها في مرحلة لاحقة، ويعمل على ردمِ فجوةِ التخلُّف القائمة بين الصناعة العربية وبين الصناعة في البلدان المتقدمة، المصدِّرة للمعرفة والتقنيات الصناعية المتطورة.

 



   


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/69328/#ixzz316g15yNI

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2014 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,598,281