بقلم: حامد عمار
استعرض هنا بعض الاقتراحات الجريئة الفعالة في تطوير التعليم التي طرحتها غير مرة مشاركا كعضو في المجلس الأعلي للتعليم الجامعي.
وكان آخرها في اجتماعه الأخير الذي استعرض فيه المجلس في 2 سبتمبر2012 الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد برئاسة الوزير التربوي الطموح لتطوير التعليم كي يصبح ويمسي قوة فعالة في بناء المجتمع الديمقراطي وتقدمت خلال تلك الجلسة بثلاثية من الأفكار اعتقد في جدواها وأولوياتها لحراك التعليم في إعداد مواطن اليوم والغد.
وقد اهتديت في معايير تلك الثلاثية علي أساسين مهين في تطوير التعليم. أولهما سياسة اقتحام جسم التعليم ذاته, وليس الاقتصار علي مشروعات أو تحسينات جانبية كإضافة موضوع أو مقرر رأسي باسم جديد أو حتي بتغيير امتحان الثانوية العامة ليقتصر علي سنة واحدة بدلا من سنتين.
والمعيار الثاني في مقترحاتي ينطلق من قاعدة ما يعرف فنيا بعامل الأثر المضاعف في حراك الجسم التعليمي وتشعب آثاره. وهو المعروف بقانون التأثير المضاعفMultiplyingEffect. ويجسده إلقاء حجر في الماء فيحدث في البداية دائرة صغيرة من التموج تتسع إلي تموجات في دوائر ومساحات أوسع وأكبر.
وكانت أول اقتراحاتي في تلك الجلسة الدعوة إلي إطالة فترة العام الدراسي موزعة علي الفترتين الدراسيتين. وحساب هذه الفترة تقتصر علي أيام العمل الدراسي( مشفية) بعد استبعاد أيام العطلات الأسبوعية والأعياد وفترة الامتحانات والكونترولات.
والحاصل أن فترة الدراسة في مدارسنا وجامعاتنا تصل إلي(170) يوما من العمل, وتعتبر من أقصر فترات الدراسة المتبعة في معظم الدول النامية والناهضة, والتي تصل مدتها ما بين200 ــ210 من أيام العام, بينما تصل في الدول المتقدمة إلي220 ــ230 يوما, وقد تصل في بعض الدول الاسكندنافية إلي250 يوما. وقد بينت بعض البحوث أن طول فترة الأجازة السنوية الصيفية وانقطاع التعليم خلالها ليس في صالح الطبقات الفقيرة أو المتوسطة الحال.
لذلك اقترحت وما زلت أقترح ــ إطالة فترة التدريس الفعلية في تعليمنا إلي ما بين200 ــ210 من أيام العمل المدرسي أو الجامعي. وهذا يعني امتدادها إلي ثلاثة أسابيع في كل من الفصلين. ولا يتسع المجال هنا لتفصيل ما يمكن أن يتحقق في هذه الإطالة من اقتحام وآثار مضاعفة في فاعلية العملية التعليمية. ومنها ضمان إتمام المقررات الدراسية دون عجلة, ومد المساحة الزمنية اللازمة للحوار بين الطلاب والمدرسين, والاهتمام بالأعمال المتصلة بالتقويم الشامل. هذا فضلا عن توفير فسحة من الزمن لممارسة الأنشطة الفنية والرياضية, وتنظيم الرحلات المدرسية لزيارة بعض المشروعات وزيارة الآثار.
والاقتراح الثاني يقتحم أسلوب إعداد المناهج وتأليف الكتب المدرسية بالتكليف لا بالمسابقة. وفي هذه الحالة تتضمن تلك المهمات بالإضافة إلي جهد الفنيين والتربويين مشاركة المثقفين والعاملين في مجالات المشروعات الاقتصادية والصناعية والزراعية والعلوم الطبيعية وغيرها ممن يستفاد بخبراتهم الميدانية في تغذية المناهج والكتب المدرسية بذخيرة من الواقع ومشروعاته.
واعتقد أن هذه المشاركة بين التربويين وخبراء الميدان سوف تثري مناهج التعليم وتخلصها من جفاف ما يعانيه الطالب من الطابع الأكاديمي الضيق في معظم المقررات الدراسية. كذلك يتضح للطالب الارتباط بين ما يتعلمه وألوان المعرفة وتطبيقاتها الميدانية. وقد اطلعت في الولايات المتحدة علي مجموعة من كتب المواد التي تتم فيها المشاركة والتأليف وتطبيقاتها العملية في مجال المعرفة الحياتية وصلتها بالواقع المعاصر وآفاقه.
وتقدمت كذلك في تلك الجلسة بما أكرره دائما من ضرورة الاقتصار علي تعليم لغة أجنبية واحدة في مرحلة الدراسة الثانوية, وهي التي بدأ بدراستها من المرحلة الابتدائية.
وقد أثبتت خبراتنا بأن تعليم لغة أجنبية ثانية والتي لا تمتد لأكثر من ثلاث سنوات, سوف تضيع هباء, كما نشعر بذلك وكما يشعر به كل من تعرض منا تعلم لغتين في المرحلة الثانوية. وحذف اللغة الأجنبية الثانية سوف يتيح إضافة وقتها إلي ما هو أهم وأبقي في تعليم اللغة الأجنبية الأولي أو إلي اللغة العربية إلي أي فرع من المواد العلمية. وأظن أننا نزيح بذلك هموم تعليم لغة أجنبية لن يتعامل معها أو يوظفها في تعليمه أو حياته, لتنتفع بوقتها مواد تعليم أخري
ساحة النقاش