اقترحت الدراسة التي أعدها حزب الحرية والعدالة لتطوير منظومة الإعلام في مصر تصفية للمؤسسات الصحفية القومية إما ببيعها كلية للقطاع الخاص أو تمليكها للعاملين فيها أو للمؤسسات العامة مع تغيير قانون الصحافة وإلغاء المجلس الأعلي لها ونقل اختصاصاته إلي نقابة الصحفيين.
وفي رأيي أن بيع المؤسسات الصحفية القومية بكاملها للقطاع الخاص سوف يجعل رءوس الأموال العملاقة تسيطر علي الرأي العام في مصر وسوف تكون إصدارات هذه المؤسسات في خدمة أهداف رأس المال وفي هذا من الخطورة ما فيه.
فالمؤسسات الصحفية القومية في النظام السابق علي ثورة يناير كانت في خدمة هذا النظام وخدمة أهدافه وسياساته وكانت إحدي الوسائل المهمة في تأليه الحاكم وتشجيعه علي التشدد في ديكتاتوريته ونقل ملكيتها للقطاع الخاص بالكامل سيتكرر مثل هذا العوار في رسالتها مع تغير الجهة المستفيدة.
والحل الأكثر واقعية أن يتم تمليك 51 في المائة من أسهم هذه المؤسسات للعاملين فيها باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية الذين قامت علي أكتافهم هذه المؤسسات علي أن يتم تمليك ال 49 في المائة لمؤسسات مشتركة من قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص لضبط إيقاعها من الناحيتين المالية والإدارية.
لاشك أن هذا الحل سوف يجعل هذه المؤسسات تنطلق في أداء رسالتها لخدمة المجتمع بشكل أفضل لأنها ستكون بعيدة عن سيطرة الحاكم الذي كان بيده تعيين قياداتها من رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير والذين كانوا يتصرفون أيضا وكأنهم مالكو هذه المؤسسات فالتعيينات في أيديهم والعلاوات في أيديهم والنقل التعسفي في أيديهم. وكانت مجالس الإدارة ومجالس التحرير صورية لا رأي لها إلا رأي رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.
ومن هنا تكدست هذه المؤسسات بعمالة زائدة عن حاجتها سواء من الصحفيين أو من الإداريين أو من العمال وأصبحت ميزانياتها تئن.. فالإنفاق أكبر من الإيرادات. الأمر الذي جعلها مدينة بملايين الجنيهات فضلاً عن عجزها عن سداد الضرائب المستحقة واشتراكات التأمينات الاجتماعية وغير ذلك.
وليس الأمر مقصورا علي العمالة الزائدة بل الأهم في نوعية العاملين من صحفيين وإداريين وعمال لأن المجاملات والوساطات والمحسوبيات تدخلت في هذه التعيينات فأصبح أنصاف المتعلمين صحفيين وإداريين وعمالاً في حين يجب أن تكون هذه العمالة علي أعلي مستوي للنهوض برسالتها الإعلامية.
لا مانع أن يكون لهذه المؤسسات مجلس أمناء يديرها يكون مستقلا عن الحكومة ويوضع له قانون بكيفية تشكيله واختيار رئيسه وأعضائه علي أن يراقب أداء هذه المؤسسات والتزامها بميثاق الشرف الصحفي.
وهناك رأي بأن يتم اختيار قيادات هذه المؤسسات بالانتخاب من بين العاملين فيها "رئيس مجلس الإدارة ورؤساء التحرير والمدير العام" وأري أن الانتخاب في مثل هذه الأحوال لن يفرز أفضل العناصر القيادية فالشعبية وحدها لا تكفي لاختيار أفضل رئيس مجلس إدارة أو رئيس تحرير.
وإذا كان هناك إصرار علي الانتخاب فيجب أن يتم اختيار القيادة عن طريق مجلس الأمناء من الثلاثة الحاصلين علي أكبر نسبة من أصوات الناخبين بعد إجراء مقابلة معهم من قبل المجلس.
هذه مجرد رؤية لخروج المؤسسات الصحفية القومية من المشاكل التي تعانيها وتهدد مستقبل عشرات الآلاف من العاملين فيها.. وهي رؤية قابلة للنقاش والتعديل.
ساحة النقاش