تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن شركات النظافة الأجنبية "الحلقة الأخيرة"
بطرس غالي وزير المالية طلب من أحمد نظيف تعديل العقود
بعد 3 سنوات فقط:الشركات حصلت علي 129 مليون جنيه بدون حق
من يقف وراء "بوز آلن هاملتون" الأمريكية صاحبة مسرحية التعديل؟
خدعونا بفزاعة التحكيم الدولي.. والعقود تخضع لأحكام القوانين المصرية
جمالات يونس
في الحلقتين الأولي والثانية من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن شركات النظافة كشفنا ملابسات واحدة من أكبر عمليات النهب المنظم في تاريخ مصر عبر السنوات العشر السابقة حيث كلفتنا تلك الشركات ما يزيد علي 4 مليارات جنيه حتي الآن دون أن تقدم خدمة حقيقية.
وفي هذه الحلقة الأخيرة يكشف التقرير عن وقائع جديدة غاية في الخطورة.. فيما يخص تعديل العقود.. حيث تبين للجهاز المركزي للمحاسبات أن التعديل كان مطروحاً منذ عام 2006 أي بعد أقل من ثلاث سنوات من بداية عمل الشركات وهو ما ظهر في المذكرة التي عرضها د. يوسف بطرس غالي وزير المالية في 9/11/2006 علي د. أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها والتي طلب فيها وزير المالية صياغة عقود جديدة بحيث تحصل الشركات علي مستحقاتها المالية والمتأخرة أما فيما يتعلق بدراسة العقود المبرمة بين هيئات النظافة والشركات وعلاج التشوهات بها فإن وزارة المالية تقوم حالياً باختيار أحد بيوت الخبرة المتخصصة في هذا المجال لإعادة صياغة العقود.
والسؤال الذي يطرحه تقرير الجهاز المركزي لماذا طلب بطرس غالي من أحمد نظيف تعديل العقود علي الرغم من أن كراسة الشروط والعروض الأصلية تلزم الشركة بكل التفاصيل التي من أجلها طلبت الشركات تعديل العقود فضلاً عن أن الشركات أصلاً لم تنفذ ما جاء في كراسات الشروط التي التزمت بها سواء من جمع القمامة من المنازل لمدة 6 أيام في الأسبوع أو غسيل الشوارع الرئيسية يومياً ونظافة وكنس الشوارع الفرعية علي مدار 24 ساعة وكذلك نظافة الحواري والأزقة علي الأقل ثلاث مرات أسبوعياً ورفع مخلفات الشوارع ومخلفات الهدم والبناء حتي 5 أمتار مكعبة يومياً علي مدار 24 ساعة وهذا لم ينفذ في يوم من الأيام؟!
بوز آلن هاملتون
ولم يكذب وزير المالية الأسبق بطرس غالي فأسند إلي شركة "بوز آلن هاملتون" الأمريكية باعتبارها أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة لتقوم مع محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية بتعديل العقود والغريب أن هيئات النظافة وافقت علي ذلك بل وتضمن خطاب بطرس غالي لنظيف بنداً في غاية الخطورة أعطي الشركات الفرصة للمطالبة بزيادة مبالغ التعاقد يقول: فيما يخص خطة العمل لتحسين مستوي الخدمة فيجب أن تتغير وفقاً لاحتياجات كل محافظة وبالتبعية تتغير قيمة التعاقد.. وبالتالي تحتفظ الشركات بحقها في المطالبة بأي زيادة تحدث في الأسعار.
وبناء علي ذلك قام بطرس غالي بصرف مبلغ 22 مليون جنيه لشركة E. E. S وأثبت الجهاز أن المستحق لهذه الشركة هو 3 ملايين جنيه فقط والسؤال لماذا قدم بطرس غالي 19 مليون جنيه لهذه الشركة دون وجه حق؟! ولماذا وافق لهيئة النظافة علي صرف 110 ملايين جنيه من وزارة المالية لسد العجز في ميزانية الشركات؟! والسؤال الأهم لماذا تحملت وزارة المالية كل هذا العناء لتوفير هذه الملايين رغم أن العقود مبرمة بين هيئات النظافة والمحافظات والمفروض أن تمول من ميزانية هذه الجهات؟!
حاميها حراميها
حدث كل ذلك رغم أن كراسة للمنطقة الشمالية علي سبيل المثال ذكر فيها أن كل الخدمات السابقة التي ستقدمها الشركات تمثل الحد الأدني المطلوب والأفضلية للعروض الفنية التي تقدم أحدث أساليب العمل وتتبع أحدث التقنيات الفنية والتكنولوجية بحيث تحقق معالجة عالية لتلوث البيئة بأساليب اقتصادية ممتازة.. وأن محافظة القاهرة طلبت من الشركات المتقدمة عام 2000 أن تأخذ في اعتبارها الزيادة السكانية المتوقعة ويجب أن يظهر ذلك في حجم الأعمال ونسبة تزايدها خلال سنوات العقد وأسلوب مواجهة هذه الزيادة من توفير العمالة والمعدات اللازمة دون أدني مسئولية علي المحافظة وبشرط الحفاظ علي المستوي الممتاز للخدمة خلال فترة التعاقد.
أحلام في الهواء
الأكثر من ذلك جاء العرض الفني لشركة أما العرب المسئولة عن المنطقة الشمالية يضم 16 بنداً ألزمت الشركة نفسها بهما فيهما يخص اقتصاديات إعادة تدوير المخلفات وإنشاء المدافن الصحية والنفايات المتطورة لتحسين البيئة وبرامج التدريب والتعليم وتغيير سلوكيات السكان تجاه إدارة المخلفات الصلبة وتوفير فرص عمل واستخدام أفضل المعدات والسيارات بالإضافة لإدارة المخلفات المنزلية حيث ألزمت الشركة نفسها بالجمع يومياً من الباب للباب باستخدام حاويات توفر خدمة الجمع بطريقة آمنة علي أن يبدأ نظام الجمع مع الفصل من المنبع بعد ثلاث سنوات من التشغيل علي أن تستخدم الشركة أسطول من العربات ذات المكبس والمقطورات والحاويات وعربات صغيرة ذات ثلاث عجلات للمناطق المزدحمة في الأحياء وتراعي الشركة في ذلك نسبة الزيادة السكانية المتوقعة سنوياً وهي 2% وأن الجمع سيكون يومياً في الظروف غير العادية والاضطرارية فإن خدمات الجمع ستكون أعلي من ذلك ونظراً للظروف المناخية فإن عملية الجمع ستبدأ في الصباح الباكر وتنتهي قبل ساعات الذروة المرورية مع توفير سلات مهملات وزيادتها في الأماكن المزدحمة وكذلك كفاءة عالية للكنس الآلي وغسيل الشوارع والميادين وتصريف المياه المتجمعة والمحملة بالطين وتنظيف أرصفة المشاة ومسارات الترام والحدائق والمسطحات الخضراء والتخلص من المياه الراكدة.. ولم تلتزم الشركة ببند واحد مما قطعته علي نفسها ومع ذلك حدث من يغير لها العقود ويغدق عليها بالملايين دون وجه حق بدلاً من تحصيل الغرامات لما نصت العقود والتي وصلت في بعض الأحيان إلي 30% رغم أن العقود تنص علي أنه في حال وصول الغرامات إلي 10% تفسخ العقود!!
مخالفات صارخة
والأمر لم يختلف كثيراً مع الشركة المسئولة عن المنطقة الغربية سواء في العرض الفني الذي قدمته أو عدم الالتزام بتنفيذ أي بند من هذه العقود ومع ذلك في 30/5/2007 تم التوصل إلي اتفاق ودي بين هيئة نظافة القاهرة والشركة بإنهاء العلاقة التعاقدية وإبراء ذمة كل الأطراف بطريقة ودية!! لتحصل شركة أما العرب التي فشلت فشلاًَ ذريعاً في المنطقة الشمالية علي حق العمل في المنطقة الغربية ايضا بل وتعدل العقود مرة أخري في 27/9/2009 بمخالفات صارخة حيث حصلت شركة أما العرب المسئولة عن نظافة المنطقتين الشمالية والغربية علي ما يقرب من 74 مليون جنيه في العقود الجديدة ويؤكد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن ذلك يتعارض مع أداء الشركات في الفترات السابقة والتزاماتها الواردة بكراسة الشروط والمواصفات ويخالف ما تقدمت به في العروض الفنية من حيث تحديد التزاماتها وواجباتها وحقوقها!
فزاعة التحكيم
أما أخطر ما يكشف عن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات فهو خدعة التحكيم التي استخدمها المسئولون السابقون كفزاعة لإرهاب الناس من أن الشركات ستلجأ للتحكيم الدولي في حالة فسخنا للعقود معها فقد أكد التقرير أن الاتفاقات المبرمة مع الشركات تقضي علي أن العقود تخضع في إبرامها وتفسيرها وتنفيذها لأحكام القوانين المصرية والتي تعتبر قواعدها مكملة لنصوص هذه العقود فيما لم يرد فيه نص وعلي الأخص القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية.
أسئلة مشروعة
بعد هذا العرض لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات حول مؤامرة شركات النظافة الأجنبية علي شعب مصر هناك أسئلة مشروعة لابد أن نطرحها.. هل سيتم تحصيل مستحقات الدولة التي حصلت عليها هذه الشركات بدون وجه حق؟ ثم بعد 7 سنوات هل حققت تجربة أداء هذه الشركات حلم النظافة للمصريين؟
ويبقي سؤال للجهاز المركزي للمحاسبات إذا كانت هذه الشركات لم تقم بأداء الخدمة المطلوبة فأين الغرامات؟
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 286 مشاهدة
نشرت فى 9 نوفمبر 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,605,088