بقلم: خليفة أدهم 109
حالة الشد والجذب والجدل بين القوي السياسية, والترقب من جانب السواد الاعظم في المجتمع التي تعيشها مصر حاليا, مشابهة في التحول الديمقراطي ونجحت في عبورها واللحاق بركب الدول الصناعية, وحققت طفرة كبيرة في مستويات المعيشة والدخول لمعظم فئات المجتمع وتضييق الفجوة بين الاغنياء والفقراء.
واذا كانت القائمة تضم العديد من الدول في هذ الشأن, الا ان ثمة تجربتين بالتحديد يبدو انهما اقرب من حيث التركيبة والبنية الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية ـ الي حد كبير ـ من مصر, وهما تركيا وماليزيا, وإن كنت أعتقد أن التجربة التركية هي الأجدر بالاستفادة ليس فقط لطبيعة العلاقة بن القوي الاسلامية والعلمانية والمؤسسة العسكرية, ولكن ايضا مستوي اداء حزب العدالة والتنمية بعد وصوله للسلطة باقراره بعلمانية الدولة والانفتاح علي الاقتصاد العالمي علي اسس من تعزيز الشفافية وتدعيم تنافسية الاقتصاد وتحفيز الاستثمار.
وتبقي التجربة التركية بكافة مقوماتها جديرة بالدراسة والاستفادة منها, بدءا من حالة الرفض للقوي الاسلامية من جانب القوي السياسية الأخري والتشكيك في نواياها تجاه ومدي التزامها بقواعد اللعبة الديمقراطية وعدم الانقضاض عليها, وحتي وصول حزب العدالة والتنمية الي السلطة في عام 2002, والسياسات الاقتصادية التي تبناها وساهمت في تدعيم مناخ الاعمال ومستوي البنية التحتية والتشريعية ورفع مهارات القوي العاملة والموارد البشرية بالاعتماد علي تطوير التعليم حيث يعطي أولوية للانفاق علي التعليم في الموازنة العامة, حتي قاربت مايتم تخصيصه للدفاع لأول مرة, إلي جانب السياسات الاقتصادية والتجاربة المحفزة للاستثمار والانتاج ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد, ومع توظيف علاقات تركيا الخارجية لصالح دفع الاداء الاقتصادي من خلال الترويج لمناخ الاعمال وجذب الاستثمار, أو تنمية الصادرات التركية.
والحقيقة أنه ماكان لهذه الطفرة الاقتصادية أن تتحقق بدون ارساء قواعد الديمقراطية, وإقرار حزب العدالة والتنمية الحاكم بعلمانية الدولة.وبنظرة سريعة علي بعض المؤشرات التي تعكس كيف استطاع هذا البلد أن يخرج من وطأة الأزمة الاقتصادية التي كانت تحاصره بشدة, الي هذه الآفاق التي تضعه في مصاف الدول الصناعية, كما تبعث لدينا في مصر كثيرا من الامل في القدرة علي عبور تحديات هذه المرحلة الانتقالية الي المكانة التي تستحقها مصر بحضارتها العريقة وبامكانياتها الضخمة. لقد حقق قطاع الصناعة في تركيا تطورا هائلا خلال السنوات الماضية لتصبح الآن ضمن اكبر02 دولة في الانتاج الصناعي, والخامسة عالميا في صناعة المنسوجات, كما أن صناعة السيارات تحتل المرتبة الثانية في قائمة الصادرات التركية بفضل التطور الهائل حيث يصل حجم الانتاج الي مليون سيارة سنويا من أبرز الانواع العالمية وتجاوز عدد مصانع السيارات الالف تستوعب نصف مليون عامل, اضف الي ذلك النهضة في قطاع المقاولات.
وعلي عكس الجدل الحالي الذي يستغرق الكثير من الاهتمام ويثير الكثير من القلق حول موقف القوي الاسلامية في مصر من السياحة في حالة وصولها الي السلطة فقد نجح حزب العدالة والتنمية في تبديد الشكوك تماما إزاء هذا الأمر حيث أولي تنمية قطاع السياحة اهتماما كبيرا كاحد القطاعات الاساسية في الاقتصاد حيث تضاعف عدد السائحين ليصل إلي 30 مليون سائح تقريبا وتضاعفت الايرادات الي 22 مليار دولار مقارنة بنحو5.8 مليار دولار عام 2002
إننا أحوج مانكون في هذه المرحلة الي أن نتعاطي مع هذه التجربة, وأن تنظر القوي الإسلامية الي تجربة حزب العدالة والتنمية الذي حاز علي ثقة الناخب التركي للمرة الثالثة علي التوالي, كما لم ننجح في تغيير وجهة نظر الغرب بل نال إعجابه بادائه وقدراتها علي التعامل مع التطورات المحلية والعالمية من منطلق المصالح التركية.
المزيد من مقالات خليفة أدهم<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
ساحة النقاش