كتبت - هالة أبو زيد: 165
أعلن عدد من كبار خبراء الكبد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيان مشترك لهم عن أهم التحديات المرتبطة بالإلتهاب الكبد الفيروسي المزمن سي بالمنطقة،
داعين السلطات المعنية ومقدمي الخدمات الصحية علي كافة المستويات بدول المنطقة للتعاون المتواصل لمواجهة تلك المشكلة الصحية والإجتماعية الخطيرة, وأكد البيان أن الإلتهاب الكبدي الفيروسي المزمن سي من أكثر الأمراض الوبائية انتشارا بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا, حيث يبلغ عدد الحالات المصابة بالمرض في دول المنطقة حوالي9.2 مليون حالة, مع تصدر مصر لدول المنطقة بنسبة79% من إجمالي عدد الحالات, وأن75% من الحالات ستتحول لإصابات مزمنة بفيروس سي, بينما تصل نسبة الحالات التي ستصاب بتشمع الكبد المزمن إلي30%.
يأتي هذا البيان في أعقاب الدراسة العلمية التي استغرقت عاما في عدد من دول المنطقة, وتضمنت المشاركة بعدد من المقالات العلمية التي كان الغرض منها قياس آراء مجموعة مختارة من كبار خبراء الالتهاب الكبدي الفيروسي سي من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما فيها مصر, ويتلخص الهدف الرئيسي للدراسة في التعرف علي أهم التحديات التي يفرضها المرض علي تلك الدول. وفي ضوء النتائج التي خرج بها هذا البحث, التقي خبراء الكبد في المنطقة وقاموا بتكوين شبكة موسعة للرعاية الإكلينيكية لمرضي فيروس سي المزمن والخروج بعدد من التوصيات المرتبطة بإدارة الحالات إكلينيكيا علي المستوي الإقليمي, بالإضافة لوضع عدد من التوصيات لمنع الإصابة بالفيروس.
في نفس الوقت, اقترح الخبراء مجموعة من الأبحاث المصممة خصيصا لكل دولة, مع التوصية بوضع مبادرات علمية لحشد جهود مواجهة الالتهاب الكبدي الفيروسي المزمن سي, وكان من أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة حول المرض في مصر, أن75% من المرضي ينتمون للفئة العمرية من15 إلي50 عاما, وقد كانت أغلب الإصابات من الذكور, ويوجد حوالي10% من المرضي مصابون بفيروسي الإلتهاب الكبدي الفيروسي سي وبي وفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة( إيدز) معا, ومع ذلك تعد الإصابات المتعددة بتلك الفيروسات من الأمور نادرة الحدوث, كما أن أكثر من90% من حالات الالتهاب الكبدي الفيروسي سي تنتمي للطراز الجيني الرابع, بينما يأتي الطراز الجيني الأول في المركز الثاني من حيث معدلات الانتشار.
ويقدر الخبراء أن حوالي65% من المرضي ينتمون لطبقات اجتماعية واقتصادية منخفضة, بينما تبلغ نسبة المرضي المنتمين للطبقة المتوسطة حوالي30%, وفيما يتعلق بطرق انتقال العدوي, بينت الدراسة أن75% من إجمالي الحالات أصيبت بالمرض نتيجة استخدام أدوات ومعدات طبية ملوثة بالفيروس أو نتيجة نقص عمليات التعقيم. كما حددت الدراسة أن خمس حالات الإصابة تمت نتيجة بعض الممارسات الإجتماعية غير السليمة, طبقا لموروثات أو عادات شائعة, بينما يعد تعاطي المخدرات عن طريق الحقن من بين طرق الانتقال نادرة الحدوث.
ووفقا للتقرير الذي أعدته الدراسة حول الأعباء الاجتماعية والاقتصادية للالتهاب الكبدي الفيروسي المزمن سي, فإن السبب الرئيسي للإصابة بالفيروس في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الناتج المحلي المنخفض يتمثل في استخدام المعدات غير المعقمة في أماكن الرعاية الصحية, وقد حث خبراء الكبد علي ضرورة اتخاذ تدابير صحية صارمة للتحكم في العدوي, كما وجد أن هناك تزايد في عدد الأشخاص الذين يصابون بفيروس سي عن طريق تعاطي المخدرات بالحقن ودق الوشم في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعليقا علي تلك الدراسة, يقول الدكتور ديفيد جولدبيرج استشاري الصحة العامة والأمراض الوبائية بمؤسسة حماية الصحة في اسكتلندا, والأستاذ الفخري في الصحة العامة بجامعة جلاسكو إن النتائج التي توصلت إليها سترفع الوعي بمدي تفاقم مشكلة مرض الإلتهاب الفيروسي سي بين المواطنين بهدف وقاية الأشخاص الأصحاء من الإصابة بالفيروس, ووقاية الأفراد المصابين بالعدوي من مضاعفات الالتهاب الكبدي الفيروسي سي والأمراض المصاحبة له.
وينصح الدكتور إبراهيم مصطفي أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بمعهد بلهارس الجهات المعنية في مصر بوضع وتنفيذ مبادرات توعية متكاملة عن فيروس الالتهاب الكبدي الفيروسي سي, بحيث تستهدف المواطنين عامة, أطفال المدارس, والفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض, ومراجعة معايير التحكم في انتشار المرض وتطويرها باستمرار, لضمان عدم تعرض المواطنين لخطر الإصابة بالفيروس, خاصة في مؤسسات الرعاية الصحية المتنوعة. ومن المهم أيضا أن نضمن قيام المواطنين بعمل التحاليل والاختبارات التي تكشف عن المرض مما يساعد في الكشف المبكر عن الفيروس بين الفئات الأكثر عرضة للإصابة به.
ولأن الكثير من الموضوعات المتعلقة بالالتهاب الكبدي الفيروسي سي شائعة في جميع دول المنطقة, يجب أن تقوم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدعم بعضها البعض, عن طريق تبادل أفضل الممارسات والنصائح الفنية والترويج لها, مع وضع مجموعة من المبادئ الإسترشادية واستخدامها علي المستوي الإقليمي. وبشكل أوسع, يجب علي حكومات دول المنطقة وضع خطة عمل متكاملة لتنفيذ توصيات البيان, بحيث تسير جنبا إلي جنب مع إنشاء شبكات قومية ومحلية تضم تخصصات متنوعة للوقاية والرعاية والعلاج, بما يؤدي لوضع منهج علمي فعال لإدارة الالتهاب الكبدي الفيروسي سي.
ساحة النقاش