نوراعبد الحليم 323
قد نكتشف فجأة ان الحوارات التي تدور في المنزل و الأحداث التي تقع داخله يتناقلها أفراد العائلة و الجيران.. و أحيانا المدرسون في مدارس الأبناء و نتساءل ماذا حدث ؟ و من الذي يقوم بتسريب أخبار الأسرة خارج جدران المنزل ؟
إنها ظاهرة الطفل الجاسوس الذي ينقل أخبار الأسرة أحيانا بعفوية شديدة و دون إدراك و أحيانا اخري بشكل مقصود و متعمد لإحراج أحد أبويه أو إخوته أو أقاربه, خاصة إذا لم يلبوا طلباته. وجود مثل هذا الطفل في محيط الأسرة يعني وجود خلل في التربية داخل المنزل, و افتقاد الأبوين لمعرفة أبسط دعائمها و أساليبها, هذا ما يؤكد عليه د. يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة و يضيف أن الطفل في بعض الأحيان يلجأ لمثل هذا السلوك دون تفكير في ايقاع ضرر بالغير, أو طلب مصلحة من وراء ذلك, فهو يجد في نفسه متعاطفا تجاه الطرف الذي ينقل الأخبار إليه, إما لأنه يحسن معاملته و يبدي اتجاهه حنوا واضحا, او لأن الطفل يشعر بأن هذا الطرف قد تكون الأم مثلا تعاني قهر الأب فينقل إليها كل التطورات التي يعاصرها حتي تتجنب بطشه, و أحيانا أخري يكون تجسس الطفل مبنيا علي أمر من الأب بقصد تسجيل كل ما تفعله الأم و اعادة سرده للأب عند عودته من العمل.
و يضيف دـ يسري عبد المحسن أن المنظومات الأجتماعية تسهم أيضا في تشكيل وعي و سلوك الطفل, مثل شلة الأصدقاء ووسائل الإعلام, كذلك المدرسة, فهذه المنظومات يكون تأثيرها مضاعفا مقارنة بدور الأسرة, فالطفل يتأثر بالبيئة المحيطة به دون أن يتعمد ذلك مثلا: اصدقاء المدرسة قد يعلمونه الجاسوسية, و كذلك وسائل الإعلام التي تساعد علي ترويج النماذج السيئة و ترسيخها في ذهن الطفل, بل و الأكثر من ذلك أنها تحبب الأطفال في تلك النماذج و تجعلهم فئة ظريفة فيحاول الأطفال تقليدها. و يؤكد استاذ الطب النفسي علي دور الأسرة في تعليم أبنائها الصراحة منذ الصغر و تعويدهم علي قول الصدق الذي يسمو بمكانة الإنسان و يجنبه الوقوع في كثير من المهالك و المواقف الأجتماعية الحرجة, علاوة علي فرض رقابة واعية علي كل المصادر المؤثرة في تكوين فكر و شخصية الطفل. و لعلاج الطفل الجاسوس يجب استثمار ذكائه و قدراته في مجال أكثر نفعا, فنوجه طاقاته لتأليف القصص او ممارسة الرياضة أو غيرهما من الانشطة التي تملأ وقت فراغه, و تعود عليه بالنفع.
ساحة النقاش