في مؤتمر علمي يطرح الأبعاد الاجتماعية للمشكلة
لا‏..‏ للتمييز ضد مرضي فيروس سي
كتب:حسن فتحي


لاتكاد عائلة مصرية تخلو من مريض بفيروس سي‏,‏ هذا الفيروس الذي تحول في العقدين الماضيين إلي فزاعة بسبب النظرة القاصرة من الحكومات المتعاقبة باتجاه الحسم‏.

 

, رغم الإقرار بمسئولية الدولة عنها بفضل حقن البلهارسيا, ولايمكن إنكار الدور السلبي لبعض وسائل الإعلام تجاه تضخيم القضية وتحويلها إلي إيدز للمصريين. مما دفع دولا عربية إلي حظر دخول هؤلاء أراضيها طلبا للرزق, بعدما ضاقت بهم سبل العيش في بلدانهم, وبعد أن كان الحظر عربيا, تحول إلي مصري أيضا, حين استحكمت منذ5 سنوات أبواب شركات كبري ومؤسسات بل وإحدي الوزارات في وجه هذه الفئة من المصريين, والذين يقدر عددهم تقريبا بنحو9 ملايين, فأين يذهبون؟ وهم لايشكلون أدني خطورة حتي علي المقربين منهم, هل يتحولون إلي قنابل اجتماعية موقوتة مرشحة للانفجار في أي وقت في وجه المجتمع, لأنهم يرون آذانا صما وقلوبا غلف وتمييزا واضحا ضد حقهم في العمل والحياة, فيما يعد مخالفة صريحة للدستور وحقوق الإنسان وقوانين الصحة العالمية, التي تدعو إلي دمج مرضي الإيدز في مجتمعاتهم, رغم خطورة مرضهم!
وإذا كانت ثورة25 يناير قد أذنت ببزوغ فجر جديد من الحرية والعدالة الاجتماعية, فإن هذه العدالة تحتم ضرورة أن يتمتع هؤلاء بكامل حقوقهم في العمل دون تمييز, سواء في الداخل أو الخارج, وبعد أن بدأت خطوات خارجية تؤتي ثمارها عبر منظمة العمل الدولية بدعوي من التحالف الدولي لدعم مرضي الفيروسات الكبدية, فإن علي كل الجهات الداخلية أن تراجع مواقفها, وإلا فإن مرضي فيروس سي مدعوون للمطالبة بحقوقهم قضائيا أو حتي بالتظاهر مليونيا, رغم رفضنا لفئوية المظاهرات, لكن الوضع مع هؤلاء يشكل إجحافا وإصرارا علي الإقصاء مع سبق الإصرار والترصد, ولن يكون مقبولا بعد اليوم وجود أي تمييزصحي ضدهم, خاصة بعدما تكفلت وزارة الصحة بالعلاج, وبعد أن اتفقت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية أخيرا علي تدويل مشكلة فيروس سي وعمل لجنة دولية لاقناع الدول والجمعيات المانحة بدعم مشروع العلاج والوقاية من الفيروسات الكبدية, وهو ما كنا قد دعونا إليه قبل نحو عام, ودعا معنا الحكومة آنذاك الدكتور حسني سلامة أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بقصر العيني إلي رفع الراية الحمراء طلبا للعون من الخارج, اقتداء بنموذج جنوب أفريقيا في علاج مرضي الإيدز, حيث استطاعت حكومتهم خفض سعر علاج مريض الايدز من13 ألف دولار سنويا الي110 دولارات فقط, عن طريق الاعلان الرسمي عن المشكلة ومخاطبة الهيئات الدولية وشركات الادوية لتوفير العلاج بسعر رمزي يناسب الدخل المحدود.
وكان البعد الاجتماعي للقضية محور مناقشات المؤتمر السنوي العاشر للجمعية المصرية لدراسة الجديد في امراض الكبد, حيث تتمثل هذه المشكلة, كما عرضها الدكتور سلامة, في توعية المريض نفسه للحفاظ علي كبده من تناول أدوية أو اي شيء يضره, والحفاظ علي باقي أعضاء الأسرة حتي لا تنتقل العدوي لأفراد آخرين فيها, ومساهمة شركات الادوية في دعم العلاج الفعال للمرضي مثل عقاري الانترفيرون والريبافيرين بأسعار تناسب القطاع العريض من المرضي, وأكد الدكتور محمد العتيق أن الاصابة بالفيروس لا تمنع العلاقات العادية داخل الاسرة او الزواج. الدكتور عبدالرحمن الزيادي أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب عين شمس يري أن التمييز ضد مرضي فيروس سي عمل غير أخلاقي ولايتفق نهائيا مع معايير منظمة الصحة العالمية, فإذا كان مريض الإيدز لايمنع من العمل, وهو الفيروس الأشد خطورة وفتكا, فكيف لأي جهة عمل محلية أو دولية أن تمنع مواطنا يحمل فيروس سي أو أجسامه المضادة من العمل, بل ويبلغ الأمر في تشدد إحدي دول الخليج إلي حد منع زوجة من زيارة زوجها في موطن عمله, رغم أنها لن تعمل لأنها تحمل الفيروس أو أجسامه المضادة!, ويؤكد أننا فشلنا كأطباء في إقناع ممثلي هذه الدولة عبر الجامعة العربية, وقت أن كان الدكتور علي عبدالفتاح وزيرا للصحة, بخطأ مايتخذونه من إجراءات. وإذا كان حجم المشكلة لدينا متفاوتا بين10 إلي12% أو أكثر, فإن عدد الحاملين للحمض النووي للفيروس بين هذه النسبة لايتجاوز7:8% وإذا كانت الحكومة تعهدت بعلاج المرضي بالإنترفيرون, فيجب علي المجتمع أن يغير سلوكه وأن يكون واعيا ومنصفا لهؤلاء الناس.
ومشكلة هؤلاء المرضي بدأت تأخذ منحني قاسيا, برأي الدكتور هشام الخياط أستاذ ورئيس قسم الجهاز الهضمي والكبد بمعهد بلهارس, منذ5 سنوات مع حرمانهم من السفر للخارج, مؤكدا أن مريض فيروس سي إذا كان لايخالط مرضي ولايعمل بالقطاع الطبي, فهو لايمثل أي خطورة لأن المرض تنتقل عدواه بالدم فقط, بمعني أنه يمكنه العمل أيضا في مجال التغذية, قد تفاقمت حالة المرضي وذويهم حين حيل بينهم وبين السفر لوجود أجسام مضادة لديهم رغم عدم وجود فيروس في دمائهم بناء علي تحليل بي سي آر, فمثلهم لايشكل أي خطورة, لأنهم لايحملون الفيروس, بل ويضرب الدكتور الخياط لنا مثلا بأن رئيس قسم الكبد في مستشفي جبل سيناء في نيويورك كان يعاني من فيروس سي وعولج منه بالإنترفيرون وطوال فترة مرضه وعلاجه لم يمنع أبدا من مناظرة مرضاه!, والاحتياط الوحيد الواجب اتخاذه هو توقف الجراح المصاب بالمرض عن إجراء العمليات الجراحية حتي يتم شفاؤه من الفيروس أو من له صلة بعمليات نقل الدم من هيئة التمريض, وفيما عدا ذلك لامبرر مطلقا لمنع موظف في أي مؤسسة أو مصلحة أو وزارة أو شركة من ممارسة عمله, لأن ذلك يعد تمييزا عنصريا غير دستوري علي الإطلاق, لأننا مارسنا سلوكا خاطئا ضدهم في التوظيف داخل البلاد مثلما واجهوا المصير نفسه في دول الخليج, فأين يذهبون؟, والأخطر من ذلك أن هذه النظرة العنصرية بدأت تهدد كيانهم الأسري, حيث بدأت بعض الزوجات في رفع دعوي خلع أو طلاق ضد أزواجهن لمجرد أنهم حاملون لفيروس سي أو أجسامه المضادة!!
فلاتوجد دولة في العالم تمنع مريض فيروس سي لديها من العمل, والمخاوف من تكبد فاتورة علاجهم لم يعد لها مبرر لأن الدولة متكفلة الآن بعلاجهم, هكذا يؤكد الدكتور جمال عصمت أستاذ الكبد بقصر العيني وعضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية بعيدا عن المؤتمر, بل ويطالب مرضي فيروس سي بتأسيس جمعية تتولي عنهم رفع قضايا علي الشركات والوزارات التي ترفض تعيينهم داخل مصر, أما بالنسبة لمنع العمالة المصرية في الخارج, وتحديدا في دول الخليج, فيؤكد الدكتور عصمت أن التحالف الدولي لدعم مرضي الفيروسات الكبدية تحدث إلي منظمة العمل الدولية منذ عام لمخاطبة هذه الدول بمخالفة مايفعلونه لقوانين العمل الدولية, وقد خاطبت المنظمة بعض هذه الدول, وقد تراجعت دولتان ـ وفقا لقوله ـ هما الكويت والإمارات عن هذه الشروط, لأنه لامبرر مطلقا لمنع حامل للفيروس أو من لديه أجسام مضادة وحالة كبده جيدة من العمل, ومن الممكن أن تكون شروط المنع مقصورة فقط علي طبيب جراح أو ممرضة, لكن مامعني أن يتم حرمان عامل بناء أو موظف عادي أو أي شخص لايحتك بالمرضي من حق التوظف لمجرد أن لديه أجساما مضادة للفيروس أو حاملا للفيروس, بل الفيصل ينبغي أن يكون في تقييم حالة الكبد, فإن كانت تمنعه من القيام بالعمل, كأن يكون مصابا بفشل كبدي, فهذا أمر مختلف, بنفس المنطق الذي لايمكننا معه منع مريض السكر من العمل إلا إذا أصيب بفشل كلوي أو غرغرينا, والسؤال هو كيف يكون حال المجتمع حين نقرر حرمان9 ملايين مريض بفيروس سي و10 ملايين مريض بالسكر من العمل؟!!!
بقي الآن دعوة حكومة الدكتور عصام شرف إلي إصدار قرار يمنع أي مؤسسة مصرية من عدم توظيف المصريين في حال كان السبب هو الإصابة بفيروس سي أو وجود أجسام مضادة له, حتي نعيد لهؤلاء جميعا اعتبارهم وحقهم في العيش الآمن داخل وطنهم الذي عاد إليهم, ومن حقهم أن يعودوا إليه؟

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 360 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,719,605