كتب:عائشة منيسي
التأثيرات النفسية لثورة25 يناير أدت الي شفاء العديد من المرضي الذين كانوا يعانون من الاكتئاب وعثر المزاج وحتي بعض حالات الإدمان بين المصريين, مما دعا بعض الأطباء النفسيين الي توجيه النصح لمرضاهم بالذهاب الي ميدان التحرير
و ذلك للحصول علي هذا الأثر النفسي المفيد وإنبعاث الأمل بقهر الإحباط والإنتصار للكرامة التي طالما الغاها عهد حسني مبارك. وحول الأبعاد النفسية لثورة25 يناير المصرية, يقول الدكتور خليل فاضل استشاري الطب النفسي: إن تراكم ما لا يقل عن ثلاثين سنة من الكبت والقهر والظلم والإحساس بعدم الانتماء نتيجة الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية وانعدام تكافؤ الفرص, أدي هذا إلي تراكم الإحساس بالمرارة والعجز المكتسب بمعني قلة الحيلة وتسرب اليأس إلي النفس, وقد تراكم كل هذا في العقل الجمعي داخل صدور الناس بشكل شعبي وعام, ولأن الشباب كان قادرا علي كسر الحاجز ولو بشكل افتراضي من خلال الفيسبوك, فإنه تقريبا كان الأول عالميا في نقل الواقع الافتراضي إلي الأرض وتحديدا لميدان الرمز' التحرير' الذي توجت فيه مشاعر الرفض الراقي المتحضر, الإصرار العناد, المواجهة, التضحية, وكأنه نهض من علي سرير التحليل النفسي' الشيزلونج' ليعالج نفسه بنفسه بالصياح بالصلاة جماعة وبالشعارات, بكتابة اللافتات, بتطوير إذاعة الثورة, بتكوين اللجان الشعبية وبفرز الغث من السمين والقدرة علي الاستمرار حتي انتزع حريته بثورته وتعداها إلي مرحلة الحفاظ عليها وقبول التحديات, فكأن الناس في حلهم وترحالهم كانوا شبه منومين أو مخدرين, فكأنه نوم المارد الذي استيقظ وقام وتمرد.
وطبقا لما يقوله الدكتور خليل فاضل: في البوح النفسي يعتمد العلاج علي التحرر من العقد, ومن الخوف, من الريبة والشك, من القسوة والصمت, وكأن ذلك الجبل الجاثم علي الصدر قد انزاح فيتبع ذلك شهقة وضحكة وصرخة وبكاء, كان النظام السابق' لا أبوي' اعتمد علي إفراغ المخ والعقل الواعي والباطن من محتواه بعمليات الإقصاء والاخصاء والإلهاء, إقصاء الناس عمدا عن ممارسة حرياتهم وحقوقهم, إخصاء بسلب القوة والقدرة بجهاز بوليسي جهنمي ممثلا في جموع المخبرين ورجال أمن الدولة غير الشرفاء, والإلهاء بالعبث بمقدرات الوطن من خلال الانشغال بقضايا غبية وفضائح غريبة مع تقديم كبوش فداء حين ميسرة لامتصاص الغضب الظاهر, لكن المكتوم الذي لم يفصح عنه خدم النفسية المصرية إلي حد بعيد التي قهرت أسلوب' الخواء والإفراغ من المعني, قلب ولب الاكتئاب القومي, ومن ثم عندما قام من سريره المريض كان منتصرا بجدارة, متمتعا بصحة نفسية غالية يشوبها بعض الخوف من بكره وهذا أمر عادي جدا خاصة بعد الولادة, والتعافي من آلام المخاض, لم الشمل وتضميد الجروح, هنيئا لنا بمصر وبالمصريين وبثورتهم الفريدة والمتميزة للغاية.
من جانبه أكده الدكتور وائل هندي أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق ورئيس شعبة طب نفس الطوارئ والكوارث باتحاد الأطباء النفسيين العرب أن كل النظريات النفسية والاجتماعية المتعارف عليها في العهود السابقة فشلت في التنبؤ بثورة25 يناير مما يفقدها صلاحيتها في تفسير ما حدث من إنجاز عظيم يتعدي إنجاز أيام حرب أكتوبر1973. فقد أثبتت الثورة المعدن الاصيل للإنسان المصري ومدي تحديه للتفسيرات والتأويلات والتوقعات القديمة مما يجعلنا بحاجة الي نظريات جديدة للتفسير والتعامل مع ما أنجزه المصريون.
ساحة النقاش