أول تحليل علمي يرصد وقائع الثورة عبر الإنترنت(3)
ربما تكون ثورة25 يناير المصرية هي أول ثورة تدار إدارة لحظية تشاركية من قبل جماهيرها الواسعة, دون الحاجة إلي قيادة موحدة تديرها, ويعتبر موقع التواصل الاجتماعي بالرسائل القصيرة تويتر واحدا من المفاتيح الأساسية.
وربما كان هو كلمة السر التي أضفت علي الثورة هذه الصفة, لأن دور تويتر في الثورة كان أقرب إلي دور الجهاز العصبي لدي الكائن الحي, فالجهاز العصبي يقوم بجمع والتقاط ونشر المعلومات بين خلايا الكائن الحي وجسده ومخه وعقله, ليستطيع التعامل مع المواقف التي يتعين عليه اتخاذ قرارات بشأنها, سواء كانت هذه المواقف تتعلق بالعمليات الحيوية الداخلية والخارجية, أو تتعلق بعلاقاته وتفاعلاته مع الآخرين والبيئة من حوله, وخلال الثورة أتاح موقع تويتر للثوار نظاما فوريا لجمع ونقل وتبادل المعلومات والإشارات ومعالجتها واستخدامها في اتخاذ القرارات طوال الوقت, فجعلهم يتفاعلون بسرعة مع الخطر والاحتياجات والفرص, ويتواصلون بسهولة مع بعضهم البعض أثناء التدافع الحي للأحداث وتلاحقها, فمن خلال هذا الموقع وأدواته تداول عشرات الآلاف من الناس عشرات الملايين من الرسائل القصيرة المركزة الموجهة من شخص لمجموعة أو العكس, وكانت جميعها تتعلق بشيء( يحدث الآن) أو حدث منذ لحظة أو سيحدث بعد لحظة, وكانت هذه الرسائل الموجزة المركزة تنطلق من تليفون محمول إلي تويتر نفسه أو صفحة علي فيس بوك أو موقع إخباري, أو تنطلق من أي من هؤلاء لتجد طريقها إلي التليفونات المحمولة, ويكفيك أن تعلم أنه خلال الفترة من10 يناير إلي10 فبراير جري إنتاج وتدوير أكثر من93 مليون نسخة من رسائل تويتر العربية بين الجماهير في مصر والعالم العربي والأجنبي, وغطت هذه الرسائل أغراض شتي, شملت الدعوة للتظاهر والمشاركة في الثورة وحشد الناس لها, والمساهمة في تنظيم لأعمال الثورة وفعالياتها وتوضيح أسبابها وأفكارها ومتابعة أحداثها لحظيا وفضح وتوثيق الاعتداءات عليها سواء من قبل الأمن أو غيره, وهكذا قدم تويتر للثوار في مصر فرصة رائعة لتداول المعلومات بغاية السرعة والنعومة والكفاءة, والاستجابة السريعة للطوارئ والفرص في الوقت المناسب, ومن ثم وفر الدعم اللحظي بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات سريعة سليمة ذات تأثير في مختلف مراحل الثورة, بدءا بالتخطيط المبكر وحتي الآن.
ساحة النقاش