البدانة.. سوء تغذية

صفاء صالح

.. هى أوامر نتلقاها من الدماغ.. نأكل بفعل عقل يدفعنا لالتهام حلو.. نذيب به طعم مرارة أيام.
التعبير الدارج "أشعر بأن ريقى جف" أو أنه "مُر" مما يجعلنا نلتهم كثيراً من سكر وشيكولاتة.. ونضيف حتى طعم الملح.. لسنوات وأيام تمر.. يتحمل بعدها جسد كامل أحمال.. تعوق حركة ممتدة.. وتسوء معها نفسية.. لكننا نخشى مواجهة أنفسنا بحقيقة أحزان.
معرفتك لتركيبتك الجسدية وتحديد طريقة مسلكك العقلى واستعداداتك النفسية والمرضية وبالتالى تحديد ميولك واهتماماتك وأطرك الاجتماعية التى يتوافق معها تبدو ضرورية وبحسب الظروف المناخية الملائمة يتشكل النموذج الأمثل لطعامك.
الأسباب النفسية للبدانة كما يوضحها د. سمير نيروز أستاذ علاج السمنة والنحافة: كل رجل يهتم بصحة جسده، ويعتبر البدانة أحد مسببات الأمراض التى يجب مكافحتها، علما بأن أهم أسباب البدانة نفسية، دماغية أكثر منها جسدية، لأن التحكم برغبتى الجوع والشبع يكمن بما يسمى بالدماغ الجديد New Carlex الذى يفرض أوامره على المهاد الدماغية التى تضبط الإحساس بالجوع أو بالشبع.
إن رغبة البدين فى الطعام تنطلق أساسا من أمر دماغى وليس من حاجة الجسد للطعام، كذلك فالشبع ينتج عن أمر دماغى وليس لامتلاء المعدة وعدم قدرتها على تقبل المزيد.
فالدماغ يراقب باستمرار حاجات جسدك الغذائية وذلك من خلال ما يصله من إشعارات خلايا الكبد والبنكرياس التى توازن نسب السكر Glucose فى الدم وتلك الموجودة فى الأوردة، وأى زيادة تؤدى إلى خلل وظيفى يظهره بالشعور بالعطش أو بالجوع.
إن أى تهييج أو تنشيط لإحساس الجوع يؤدى إلى شهية زائدة، حتى وإن كنت قد فرغت لتوك من وجبة دسمة، وفى المقابل فإن تنشيط مراكز الشبع يولد إحساسا بالشبع عندك.
إن شعورك بالحرمان يدفع نظام دماغك الدفاعى لإجبار جسدك على تخزين الدهون، وبالتالى التعود على الاستمرار بتخزينها مما يؤدى إلى زيادة فى الوزن، خصوصا فى المراحل الأولى للحرمان، كما أن إجهاد جسمك بالتمارين القاسية والحرمان من الغذاء لا يؤدى إلى التخلص من الدهون المتراكمة، لأن هذه الدهون كما هو معروف تتراكم فى الأعضاء التى لا تعمل.
إن أهم أسباب زيادة الوزن وتراكم الدهون ناجمة عن سوء التغذية، إما بسبب عدم انتظام أزمنة الوجبات والذى غالبا ما يؤدى إلى سوء وعسر الهضم، أو بسبب عشوائية الوجبات، وهذا يدفع بالدماغ إلى إصدار الأمر بتخزين الدهنيات خوفا من التأخر فى ورود الغذاء، وهذا يعنى أن أسباب البدانة داخلية أكثر مما هى خارجية، بالإضافة إلى التكوين البيولوجى للجسم.
إن السمنة لا تنتج عن كمية الغذاء بل عن نوعيته، وسوء الهضم وأمراضه من نواتج خلط الطعام النقيضى التماثل وليس من كميته.
ما هو النظام الغذائى الصحيح؟
لا ترتكز عدم زيادة الوزن إلى الرياضة فقط، أو إلى تنظيم أوقات الوجبات، بل إلى نظام التغذية الصحيح الذى يراعى انتقاء الغذاء بما يوافق المزاج أولا، وعلى ما يتناسب تمازجه مع بعضه داخل الجسم وفى المناخ المناسب أيضا، إذ أن هناك مأكولات لا تتناسب مع غيرها فى الوجبة الواحدة، وهذا يسبب عسر وسوء الهضم، وبالتالى سوء التغذية، لأن عدم تمازج الأطعمة يؤدى إلى تخمر وتفاعلات غازية داخل الجهاز الهضمى مما يؤدى فى النهاية إلى انتفاخ المعدة وزيادة كمية الطعام.
وعلى هذا فإن المظهر الخارجى للبدين انعكاس لما هو فى داخله، لذلك معالجة الداخل قبل معالجة الخارج.
فى حال البدانة المتجذرة، والتى لسبب ما ناتجة عن خلل هرمونى بيولوجي، ويجب البدء بتخليص جسمك من سمومه، وذلك بالامتناع عن تناول أى طعام لمدة تتراوح بين يومين وثلاثة أيام، تتغذى خلالها بالسوائل مثل عصائر الفاكهة والخضار، وفى الأيام الثلاثة التالية يجب الاكتفاء بطعام واحد وعلى ثلاث وجبات منتظمة، مثل الرز الكامل والخضر المطبوخة والثمار، وبعد أسبوع من تطبيق هذا النظام يتخلص جسمك من سمومه، ويتحسن النشاط الكبدي، ويستعيد الجهاز الهضمى عافيته.
بعد مدة التهيئة هذه تستطيع أكل ما تريد معتمدا فى غذائك على الوجبة الصباحية بشكل أساسي، أما وجبة الغذاء فيجب أن تحتوى على الكثير من الخضار والخمائر المساعدة على الهضم كخميرة البيرة أو سلطة القمح الجارم المتثبت حديثا وقبل تلون أوراقه بالأخضر، أما فى العشاء فيجب الاكتفاء بأكل الفواكه.
كما يؤخذ الحليب منفردا أو مع الفاكهة الحمضية، ولا يجوز إشراكه مع اللحوم والخضار ومشتقات الطحين والحبوب.

المصدر: http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/ahbab/detail00.asp