شريف الغمرى : أثار هجوم القرش الذى تعرض له عدد من السائحين على شاطىء البحر الأحمر بمصر اهتمام العالم حول أسماك القرش وخطورتها على الانسان الذى يمارس الغطس سواء في مصر أو العالم .
وعلى الرغم من الاهتمام الاعلامى الكبير الذى ناله الحادث الذى وقع على شاطىء البحر الأحمر إلا أن مصر تعد من أقل الدول التي يحدث بها هجوم من أسماك القرش على الانسان، ففى خلال العشر سنوات السابقة من عام 2000 وحتى عام 2010 وقعت العديد من الحوادث على شواطىء العالم، كانت لشواطىء الولايات المتحدة نصيب الأسد منها حيث وقعت أكثر من نصف الحوادث التي وقعت على مستوى العالم في الولايات المتحدة فقط وخاصة شواطىء فلوريدا، حيث شهدت 28 هجوم من القرش على الانسان ، وجاءت استراليا في المركز الثانى حيث وقع على شواطئها 20 ىهجوم ، ثم جنوب افريقيا 6 هجمات ، ثم هجمات متفرقة لا تتعدى هجمتين في كل من مصر والاكوادور وأندونسيا ومزمبيق وفيتنام. وذلك حسب التقرير الذى أعده البروفسور جورج بيرجس خبير الملف الدولى لهجمات القرش بجامعة فلوريدا والذى أكد أن 7 % فقط من تلك الهجمات أدت إلى موت الضحية.سيمون روجرسون مؤلف كتاب "الغطس فى البحر الأحمر" ورئيس تحرير المجلة البريطانية للغطس "DIVE" ، كتب مقالا طويلا عن تجربته بالقرب من حادث هجوم القرش فى شرم الشيخ نشرته صحيفة التايم البريطانية . لم يقتصر تناوله للموضوع على الحادث فقط، لكنه توسع فى دراسة ما حدث بالنسبة لأحداث مشابهة فى دول أخرى والتنبيه إلى تدارك أى خطر من جانب القرش مستقبلا والتى يصل عددها إلى 350 نوعا فى بحار ومحيطات العالم منها 4 فقط قاتلة. وقد اشار روجرسون فى مقاله إلى عدد من النقاط الهامة ، أبرزها أن العلماء فوجئوا بالتغير الذى حدث فى هجمات قرش المحيطات والذى كان قد إستثاره قيام من يسبحون بجواره بتقديم أطعمة له ، أو إغرائه بالطعم فى الماء وهو ما يمكن أن يغير من سلوك القرش، لأن إلقاء الطعام له يغير من عاداته الغذائية وبحثه عن نوعيات الأسماك التى يأكلها ، فالقرش يفضل التواجد فى المياة العميقة وقد إعتاد أن يأكل الأسماك فيها. وكان من المظاهر غير المألوفة فى هجمات القرش فى شرم الشيخ هو تغير عاداته من مهاجمة الأسماك وإلتهامها إلى مهاجمة الإنسان . فعندما يتعود القرش على أن يحصل على طعامه عن طريق الإنسان فإنه عند شعوره بالجوع يبدأ بالبحث عن الإنسان الذى قدم له الطعام وأحيانا يهاجمه.كما يبدو أيضا أن مايوهات السابحين ذات الألوان الزاهية تستثير لدى القرش العدوانية والرغبة فى الهجوم، بخلاف اللون الأسود ولذلك فيفضل إرتداء بدلة غوص. كما ظهرت تغيرات فى سلوك القرش فى مناطق أخرى من العالم، ففى جزر المالديف على سبيل المثال أقيم إستعراض يقوم خلاله غواص ألمانى بإطعام القرش بأسماك صغيرة أمام السياح وإلتقاط صور لهم وورائهم أسماك القرش وهى تتناول طعامها، ولم يكتف السياح بالمشاهدة فقط بل زادت رغبتهم إلى إطعام القروش بأنفسهم، إلا أن القرش بدأ يتحول إلى العدوانية وبالفعل قام بالهجوم على بعض السياح ووقعت بعض الحوادث الخطيرة، وهو ما أدى إلى إصدار حكومة المالديف قرارا بمنع هذا الإستعراض نهائيا.وفى عام 2009 وقع حادث أخر عندما هاجم قرش سيدة فرنسية وقتلها لأنها كانت قد خالفت التعليمات وقامت بإطعام القرش، والمشكلة أنه بالرغم من أن معظم أنواع أسماك القرش لا تميل إلى مهاجمة الإنسان ولا تشكل له تهديدا حتى ولو كان يسبح بالقرب منها، إلا أن إلقاء الطعام له يؤدى إلى تغيرسلوكه.وتختلف النظرة الثقافية لدى الشعوب عن بعضها نحو أسماك القرش فهى بالنسبة لسكان جزر هاواى تعد قوة هائلة من قوى الطبيعة وينظرون إليها على أنها تمثل حماية لجزر هاواى، وهذا بعكس الحال عند اليابانيين ففى ثقافتهم ينظرون إلى القرش بإعتباره قوة شريرة تقوم بإبتلاع أرواح الذين يغرقون فى البحار.وبعد سلسلة أفلام الفك المفترس ومجموعة الأفلام الأخرى التى ظهرت بعده، حدثت حملات لقتل أكبر عدد من أسماك القرش ، وهو ما عارضته منظمات حماية البيئة التى تريد أن تحافظ على هذا النوع من الكائنات البحرية من الإنقراض. وحملات قتل القرش كانت لأسباب إقتصادية حيث فتحت أسواقا لبيع لحومها ، فعلى سبيل المثال وصل سعر طبق شوربة زعانف القرش إلى 100 دولار فى الولايات المتحدة لمذاقها الرائع وفوائدها الصحية الكبيرة. وقدر العلماء المتخصصون فى دراسة أسماك القرش أن هذه التجارة أدت إلى صيد وقتل ما يتراوح بين 70 و100 مليون سمكة قرش ، وقابلت جماعات المحافظة على البيئة البحرية هذه الهجمات الشرسة من الإنسان على القرش بتصعيد حملاتها التى تنادى بمنع الصيد خوفا من إنقراضها. وهو ما يوضح أن خطر الإنسان على القرش أكبر بكثير من خطر القرش على الإنسان.ما حدث فى شرم الشيخ أثارإهتماما فى كثير من دول العالم ، ليس لمجرد مهاجمة أسماك القرش لبعض السياح الذين يمارسون رياضة الغوص تحت الماء ، فهذا يحدث بشكل متكرر فى العديد من شواطىء العالم وبصورة أكثر شراسة مما حدث هنا فى شرم الشيخ التى تعد أكثر أمنا من تلك الشواطىء بعدة مراحل ، لكن ما أثار الإهتمام هو تغير طباع القرش الذى ما زال الخبراء يؤكدون على أنها فى العادة لا تهاجم الإنسان ولا تستسيغ لحمه كطعام لها ، ولذلك فيجب إجراء مزيد من الدراسات لمنع تكراره سواء فى شواطىء البحر الأحمر أو بقية شواطىء العالم، أما خطر الإنسان على القرش فهو الأكثر شراسة وعدوانية وضحاياه بالملايين سنويا على يد الإنسان.
ساحة النقاش