نون النسوة..عام الصعود الى القمة
عزة سامى


"مخ المرآة أكثر نشاطا من مخ الرجل "تلك كانت نتيجة بحث علمى أعلن عنه قبل أسابيع قليلة من نهاية عام 2010


ديفيد وسامنتا كاميرون

 

    الدراسة لا تعنى ان المرآة تتفوق على الرجل فى الذكاء إنما تكشف ان الرجل فى ساعة الراحة ينجح فى الاسترخاء بينما المرآة تستنفذ هذا الوقت فى إعادة تقييم ما فعلته والتخطيط لما ستقوم به فيما بعد، اى أنها فى حالة تفكير مستمر.رغم ان هذه النتيجة تم التوصل إليها بمحض الصدفة من خلال دراسة حول مرض انفصام الشخصية ورغم أنها من وجه نظر البعض لم تكن مفاجأة، فالمرآة العاملة فى الحياة اليومية تتحمل أعباء عديدة تفوق ما يتحمله الرجل إلا ان أهمية هذه الدراسة تكمن فى أنها تحمل فى طياتها الأسباب العلمية وراء ظاهرة الصعود الملحوظ للمرآة فى عالم السياسة والسلطة.فعلى مدار الأشهر الماضية شهدت أنحاء متفرقة من العالم، انتخابات أسفر العديد منها عن وصول سيدات الى مقعد الرئاسة أو رئاسة الوزراء لأول مرة فى بلادهن وهى الظاهرة التى لم تحظ باهتمام اعلامى يذكر ربما لأنها وقعت على فترات زمنية متباعدة أو لأنها كانت فى دول غير مؤثرة على صعيد السياسة الخارجية كالبرازيل وكوستاريكا بأمريكا اللاتينية أو فى استراليا وسواء لاقت هذه الظاهرة اهتمام جماهيرى أم لا، فان الثابت أنها انتهت بزيادة عدد الأسماء فى قائمة النساء الحاكمات.  التشبه بالرجال ظاهرة النساء الحاكمات التى تعتبر دون شك من أهم ظواهر القرن الحالى وان كانت اقلها من حيث الدراسة أو التناول الاعلامى، ليست بالأمر الجديد على الإنسانية، فكتب التاريخ بها أسماء عديدة لنساء استطعن ان يصلن الى قمة السلطة ويحققن إنجازات ليست اقل من تلك التى حققها الرجال مع الأخذ فى الاعتبار قلة عددهن ونظرة المجتمع لهن حتى ان ملكة مصر"حتشبسوت"كانت ترسم صورها على جدران معبد الدير البحرى بلحية لتتشبه بمن سبقوها من الفراعنة الرجال، فالمرآة الحاكمة فى الأزمنة البعيدة كانت مدركة تماما الى ان نظرة الشعب إليها مرتبطة بجنسها ولذلك كانت تحرص على التخلي عن أنوثتها فى مقابل كسب الاحترام وفرض السيطرة. والغريب انه رغم مرور قرون على هذه الحقبة، ظلت تجربة النساء الحاكمات حتى القرن الماضي محصورة فى عدد قليل من النساء: ففى الهند كانت انديرا غاندى وفى بريطانيا، مارجريت تاتشر و فى باكستان بى نظير بوتو و فى بنجلاديش الشيخةحسينة. وباستثناء مارجريت تاتشر، فان جميع الأسماء الأخرى اعتمدت فى دخولها الى عالم السياسة والسلطة على انتسابهن الى عائلات سياسية شهيرة كانت المعين الاساسى لهن فى اقتحام هذا المجال الذى يحتكره الرجال فى معظم دول العالم. أما مارجريت تاتشر أو المرآة الحديدية كما هو اللقب الذى اشتهرت به فهى نتاج الحضارة الانجلوساكسونية التي شهدت حكم الملكة فيكتو ريا أعظم ملكات بريطانيا وإليزابيث الأولى التي لم تتزوج طيلة حياتها حتى لقبت بالملكة العذراء، فهل كانت تريد بذلك ان تثبت لوالدها الملك هنرى الثامن أنها ليست اقل من الوريث الذكر الذى كان يحاول الحصول عليه من زيجاته المتعددة والذى من اجله اعتبرها ابنة غير شرعية ليتمكن من طلاق أمها الملكة آن بولين؟ على قدم المساواةآيا كانت الإجابة على هذا التساؤل، فان الجيل الحالى من النساء الحاكمات لم يعد فى حاجة مستمرة لإثبات الذات ونفى صفة الأنوثة والأمومة عنه ولعل تجربة المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل لخير دليل على النضوج الذى وصلت إليه نساء السلطة والسياسة، فرغم كونها زوجة وأم إلا أنها على المستوى المهنى والسياسى تتفوق على الكثيرين من الساسة الرجال الذى تقف معهم على قدم المساواة ان لم تكن أعلى.وعلى الجانب الآخر من الاطلنطى وفى قارة أمريكيا اللاتينية كان حدث العام هو وصول أول امرأة الى مقعد الرئاسة فى البرازيل، عندما تمكنت ديلما رسيف من الفوز فى انتخابات الرئاسة خلفا للرئيس لولا سيلفا دى بعد ثمانى سنوات فى الحكم خرج منه بلقب أبو الفقراء وأكثر رؤساء البرازيل شعبية. ورغم الانتقادات العنيفة التي تعرض لها الرئيس لولا عندما وقع اختياره على ديلما لخلافته إلا ان إيمانه بقدراتها وكفاءتها جعله يقف وراءها بكل ما يمتلك من شعبية حتى استطاع ان يصل بها الى هذا المقعد الذى لم تتشرف بالجلوس عليه أية امرأة أخرى غيرها وديلما البالغة من العمر 62 عاما مطلقة للمرة الثانية وتعيش بمفردها ولديها حفيد من ابنتها الوحيدة .والى الجنوب وفى القارة الأسترالية شهد عام 2010 تولى جوليا جيلاد رئاسة الوزراء وهى سابقة لم تشهدها استراليا على امتداد تاريخها وتبلغ جيلاد الثامنة والأربعين من العمر ولديها بعض الآراء الصادمة فيما يتعلق بالإنجاب الذى ترفضه والزواج الذى تفضل عليه الارتباط الحر..فالسيدات الحاكمات لم تعد النظرة إليهن كما كانت فى السابق ولم تعد رغبتهن فى التشبه بالرجال تطاردهن بل أصبحن قادرات على فرض وجهه نظرهن دون ان يقلل ذلك من قدرتهن على السيطرة وفرض احترام الناس لهن. نساء فى الصورةتولى العديد من السيدات السلطة فى دولهن خلال عام 2010 ليس بالظاهرة الوحيدة التي تستحق التوقف أمامها، فقد شهد دور المرآة فى الحياة السياسة تحول جوهري فى الأعوام الأخيرة، فحتى وقت قريب لم يكن لزوجات الرؤساء هذا التأثير الكبير على شعبية أزواجهن وكانت الحياة الشخصية لهؤلاء الزعماء من المحرمات التي لا ينبغى على وسائل الأعلام الاقتراب منها أو تناولها، حتى لقب السيدة الأولى لم يكن معروفا سوى فى الولايات المتحدة التي مع تزايد تأثيرها فى الأعوام الأخيرة تحولت الى نموذج تحرص الديمقراطيات الأخرى فى العالم على إتباعه. وعملا بالمقولة التي أطلقها كلينتون أثناء حملته الانتخابية" انتخبوني تحصلون على اثنين" قاصدا زوجته هيلارى، أصبحت الحملات الانتخابية تسير على نفس النهج وهو ما شهدته الانتخابات البريطانية الأخيرة حيث كان لسامنتا زوجة ديفيد كاميرون دور جوهرى فى توسيع شعبيته ونجاحه فى الفوز برئاسة وزراء بريطانيا، أما الرئيس الفرنسى ساركوزى المفتون هو الآخر بالنموذج الامريكى، فقد حرص عند اختيار زوجته الثانية بعد طلاقه من سيسيليا على ان تكون من النوع الذى يرضى ذوق الفرنسيين فهى شديدة الجمال والأناقة والجاذبية وتتمتع بالشهرة التي اكتسبتها قبل زواجه منها من عملها بالفن وهو ما يفسراصراره على ان تصحبه فى معظم زياراته الرسمية باعتبارها الجزء المكمل للصورة. لقد أصبحت الوجوه النسائية فى عالم السياسة مصدر جذب لوسائل الأعلام وكاميرات المصورين فمن خلالها يحاولون التخفيف من حدة الأحداث والأزمات والأخبار السيئة على أمل تسويق منتج يصعب تسويقه..على أية حال و سواء كن حاكمات كن مكملات للصورة، فان الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها ان 2010 كان عام صعود نون النسوة.
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 18/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,794,316