|
تصوير - نمير جلال |
كمال التابعى |
يشهد البيت المصرى شكاوى متكررة من ظهور بعض الأعراض السلوكية السلبية التى عرفت طريقها مؤخرا إلى الأسرة المصرية، ومن أبرزها غياب القدوة، والاستعاضة عن دور الأب أو الأم بالمربية سواء كانت مصرية أو أجنبية، كما بدأ الأبناء يبحثون عن إشباع حاجاتهم النفسية وعن ذواتهم خارج نطاق الأسرة، وكذلك تأثر الترابط الأسرى بالظروف الاقتصادية الصعبة.. كل هذه الأعراض وغيرها مما يبعث على القلق نناقشها مع د. كمال التابعى، أستاذ علم الاجتماع كلية الآداب جامعة القاهرة.
يقول د. كمال: «مع تأثر المجتمع بحالة التضخم الاقتصادى الكبير، وتعرض أسر كثيرة لظروف اقتصادية قاسية، يبدو غياب رب الأسرة عن المنزل أمرا طبيعيا، وذلك لتوفير الحد الأدنى للحياة أو ما يطلق عليه البقاء الحيوى، وبالتالى فى حال غياب رب الأسرة والأم عن البيت يبحث الأبناء عن طريقة لإشباع حاجاتهم النفسية أو ما يسمى التنفيس عن ذواتهم خارج نطاق الأسرة وفى أغلب الأحوال يتم هذا التنفيس بشكل سلبى وضار،
ومن هنا بدأ ظهور دور المربيات كبديل عن الأسرة فى التنشئة الاجتماعية والتربية فبدأ الأبناء محاكاة قيم وثقافة المربيات لأنها الأكثر بقاء معهم على الرغم من الاختلافات القيمية بينهم، فكل منهما يحمل قيم الطبقة التى ينتمى إليها، هذا بجانب ظهور المربيات الأجنبيات ذات الثقافات المغايرة لثقافتنا العربية والاسلامية، مما أدى إلى نشوب صراع قيمى داخل الأسرة الواحدة بين قيم وثقافة الأب والأم التى تربوا عليها ويريدون تنشئة أولادهم عليها وبين قيم وثقافة الأبناء التى اكتسبوها عبر المربيات سواء كن مصريات أو أجنبيات، هذا كله بلا شك أنتج مظاهر سلوكية سلبية داخل الأسرة المصرية.
وفى هذا الإطار ينصح د. كمال بأن يكون مصدر التربية والتنشئة الاجتماعية نابعاً من الأب أو الأم أو الإخوة الكبار وأن يقتصر دور المربيات على القيام بمهمات ثانوية وليست أساسية، وعندما ننفتح على الثقافات المغايرة يكون انفتاحنا واعيا وموجها بحيث لا نجلب لأنفسنا المتاعب، خاصة أن من يلجأ إلى المربيات الأجنبيات هم الطبقة الارستقراطية باعتبارها موضة أو وجاهة اجتماعية.
وأشار إلى ضرورة الاهتمام باللغة العربية وتعليمها للنشء، وقال: يجب أن يتم الاهتمام باللغة العربية جنبا إلى جنب مع اللغة الإنجليزية ولا ننغلق على اللغة الأم فقط، خصوصا مع انتشار مدارس أجنبية فى مصر مؤخرا، ولابد أن تعمل هذه المدارس على تدعيم الثقافة العربية الإسلامية بكل ما تحمله من قيم تحترم الأديان بجانب الثقافة الغربية وما تحمله من علم وخبرة علمية.
وحول نظرته إلى التمرد ودوره فى تغيير الواقع قال: يجب أن ننظر لبعض الظواهر كالتمرد والصراع نظرة مغايرة بخلاف المتعارف عليها، فأحيانا يكون التمرد إيجابيا حسب الموقف وآلية من آليات تغيير الواقع إلى الأفضل، مثله مثل الصراع فلا ينبغى النظر إليه على أنه حالة مرضية، فهو وسيلة للحراك الاجتماعى وتحريك المياه الراكدة فى المجتمع، كذلك العنف شرط ألا يكون بشكل غير دائم فهو يعد وسيلة للحصول على الحقوق، وبالتالى فإن التمرد هو أحد إفرازات المجتمع، ولتجنبه فإنه على مؤسسات المجتمع إعادة الاعتبار للحوار المجتمعى، حتى لا نشهد انفجارا مفاجئا.
|
ساحة النقاش