نداء الغابات
تأليف: نصر اليوسف
إعداد : د/ سلوى محمد أحمد عزازي
شخصيات المسرحية
الفصل الأوّل
المتسول1 :جف مي ون دولر
المتسول2 :لله 00 لله
المتسول3:جف مي ون بوند
المتسول4:اعطنا مما أعطاك الله
المتسول5:جف مي ون إسترليني
السيد راضي :يا إلهي00 متسوّلون في أوربا!!
المتسوّل 1: لحسنِ حظِّنا يا سيّدي.
السيد راضي : أرى ألوانَكم00 ولغاتَكم شتّى. 0ما الذي جمعَكم هنا من أرجاءِ الأرضِ؟
المتسوّل 2: نحن متسوّلون مشمولون برعايةِ الأممِ المتحدّةِ يا سيدي.
المتسوّل 4: ما اسمُك أيّها الثريُّ الطيّبُ؟
السيد راضي : راضي.0 الناسُ ينادونني السيدُ راضي.
المتسوّل 1 : اسمُك يدلُ على السماحةِ يا سيّدي.
السيد راضي : أنا كذلك..!! (يتأمّلهم ثم يمسح دموعه...) فقدتُ عزيزاً منذُ قليلِ، وقد صدمني بؤسُكم (يبكي)
المتسوّل 2: أعطنا شيئاً أجدى من البكاءِ يا سيدي.
السيد راضي : الحقُ معكَ. (يضع محفظته تحت إبطه، ويمد يده إلى جيبه ليخرج النقود) تعالوا.
المتسوّل 1: تعالَ أنتَ يا سيدي، نحنُ لا نبرحُ أماكنَنا00 حتى يحينَ وقتُ زملائِنا من الدفعةِ التاليةِ.
السيد راضي : كما تريدون. (يسرقوه.) نقودي00حافظتي أعطوني جوازَ سفري0
المشهد التالي:
السيد راغب : هل تتوقّعُ أن تكونَ مساعدةُ أخي00 السيد راضي00 قد جاءَت إلى الشركةِ خلالَ أيامِ العطلةِ؟
المساعد : لم تأتِ بالتأكيدِ. كانت تحتَ رقابتي باستمرارٍ.
(يتأمل السيد راغب صورة أخيه السيد راضي قرب صورته)
السيد راغب : لابدَّ أن يُديرَ هذه المصانعَ 00 وتلك الشركاتِ شخصٌ واحد00لذلك يجبُ أن تسقطَ إحدى الصورتين(وينظر إلى صورة ياء).
المساعد : القانونُ يمنحُهُ نصفَ التركةِ.
السيد راغب : لهذا نحنُ نفكّرُ معاً.0 أريدُ أن نجعلَهُ خارجَ الموضوعِ، وهذا يحتاجُ خطّةً محكمةً بمجرّدِ موتِ أمي.
المساعد : (يقف) أمُّكم انتهت أيامُها في الدنيا00 وماتت منذُ أيامٍ.
السيد راغب : ماتت!! هكذا دفعةً واحدةً !!
المساعد : أجل. صارَ الناسُ يموتون هكذا00(يشهق) هاء00 دفعةً واحدةً.. وينتهي كلُ شيءٍ00وقد أرسلَ المطارُ إخطارا إليكَ لاستلامِ الجثةِ0
السيد راغب : استلامُ الجثةِ!0 ولمَ لمْ يرجعْ أخي مع الجثّةِ من أوربا؟ أتعتقدُ أنّهُ يدّبرُ أمراً؟
المساعد : لا. 0أخبرني رجالي:إن أخوكم السيد راضي سلبَهُ المتسوّلونَ حافظتَهُ 00 وفيها جوازُ سفرِه، فهو محاصرٌ في أوربا 0
( يطلب راغب التليفون، ويظهر الموظف ممسكا بالتليفون ، ومعه زوجته )
الموظف : ألو.
السيد راغب : أينَ كنتَ أيّها الغبي؟
الموظّف : آسفٌ جداً سيّدي. (يمسح عرقه) كنتُ مع زوجتي في المختبرِ.
السيد راغب : ألمْ آمرُك ألاَّ تلتقي بزوجتِكَ في المختبرِ؟
الموظّف : ليس لقاءً عائلياً سيّدي؟ كنتُ أحلّلُ الخيوطَ الطبيّةَ، وكانت هي تسجّلُ النتائجَ. (صمت قصير. يمسح عرقه) هذا كلُّ شيءٍ.
السيد راغب : أسرّعْ العملَ إلى أقصى درجةٍ.
الموظّف : وجدنا أمعاءً بشريةَ بين أمعاءِ الحيواناتِ المصنّعةِ.0 أعتقدُ أنّها عائدةُ إلى ذلك العاملِ الذي قطّعتُه الآلاتُ منذُ فترةٍ.
السيد راغب : إذا كانت تضرُّ بالشحنةِ كلّفْ المحامي برفعِ دعوى ضدِه00 واخصمْ من تعويضِ عائلتهِ.
الموظّف : أفكّرُ في إرسالِ شحنةِ الخيوطِ الطبيّةِ الحاليةِ إلى العالمِ الثالثِ كي 00لا تُكتشفُ رداءةُ بعضِ الخيوطِ0
السيد راغب : ما داموا يدفعون نقوداً نظيفةً لا مانعَ لدينا. المهمُ الإسراعُ في تجهيزِ الشحناتِ.
الزوجة: هل صدّقٌ الحكايةُ؟
الموظّف : بدأتُ أشمُّ رائحةَ المالِ... تشبهُ رائحةُ العطرِ النسائي عند المساءِ... سوف ندسُّ خيوطنا الصناعيةَ بين خيوطِ الشركةِ، والعالمُ الثالثُ00 عالمٌ طيّبٌ... سنعملُ لحسابِنا00 والعالمُ الثالثُ00 عالمٌ مسامحٌ دائماً.
الزوجة: ألم تكنْ فكرتي؟
الموظّف : لابدَ أن نضعَ كلَّ ما نملِكُ في هذه الصفقةِ، بعدها... أجملُ بيتٌ، وأسعدُ طفلةٌ بجديلةٍ واحدةِ... (ينظر في عينيها) سنتزوّجُ.
الزوجة: نتزوّجُ!! ألسنا متزوّجين؟
الموظّف : نتزوّجُ من جديدٍ. الزواجُ مع الفقرِ00 طقسٌ من طقوسِ الطبيعةِ التقليديةِ00 ليس إلاّ. 0إلى المختبرِ حبيبتي. (يغادران عبر اليسار.)
المشهد التالي
(يضيء المسرح على السيد راغب في مكتبه يرن جرس التليفون 0 فيرد )
السيد راغب : ألو.
مندوب إعلانات: تحيّاتي سيدُ راغب00أنا الآنَ على ساحلِ العاجِ في أفريقيا0
السيد راغب : أما زالت الأوضاعُ الاقتصاديةُ في تحسّنٍ؟
المندوب : أجل00 صارَ بإمكانِ كلِ ثلاثةٍ أن يشتروا00 سمكةً0
السيد راغب :سمكة؟
المندوب : بطّيخةً سيّدي.
السيد راغب( يضحك ) : يحتاجُ الفقراءُ إلى ما يؤنسُ لياليهم الطويلةَ.0 سوف نرسلُ لكَ صفقةَ أفلامِ (فيديو) لرجالِ00 ونساءِ00 وأسرِّ منتجةٍ في شرقِ آسيا.
المندوب :(يمطّ صوته مستغرباً) من شرقِ آسيا؟
السيد راغب : هذه المطةٌ في صوتِك أبعد من المسافةِ بينك00 وبين شرقِ آسيا. ما عاد العالمُ شاسعاً.0 ستصلُك الشحنةُ قريباً. خزّنها00 واعرضْ ما يكفي للدعايةِ فقط (يغلق الهاتف. يغادر المندوب) إلى اللقاء0
المندوب : إلى اللقاء0
)يتقدّم من اليسار عاملان من عمّال المطار، وهما يحملان بأيديهما صندوقاً)
العامل 1 : لدينا عنوانُ مكتبِِكم. هل أنتَ السيد راغب؟
السيد راغب : ألا أبدو كذلك؟
العامل 2 : كانت جثّةُ والدتك في المطارِ منذُ أيامٍ
السيد راغب : كانت!! وهل هربَت بعد ذلك؟
العامل 1 : لا يا سيدي؟ لقد أحضرناها معنا.
السيد راغب : وأين هي؟
العامل 2 : المرحومةُ هنا. 0في هذا الصندوقِ.
السيد راغب : هنا بهذه البساطةِ!!
العامل 2 : لا تخفْ يا سيدي، فالجثّةُ آمنةٌ. نظيفةٌ ، وقد خرجَت لتوِّها من الفرنِ.
السيد راغب : فرن00 هل تتحدّثُ عن دجاجةِ أم جثّةِ آدمي؟!
العامل2 : نتحدّثُ عن جثّةِ المرحومةِ يا سيّدي.
السيد راغب : ومن سمحَ لكم أن تشووها؟
العامل 1 : سوف أشرحُ لكَ00 كلَ شيءِ00 كلُ جثّةِ تصلُ إلى المطارِ00 ولا يستلمُها أحدٌ خلال يومين من وصولها00 ندخلُها إلى فرنٍ حارٍ جدَّاً00 للتخلّصِ من المكوّناتِ التي تسبّبُ التعفّنَ00 والتلفَ0، ثم نغلّفُها بشكلٍ لائقٍ00 ونربطُها بخيطٍ أسودٍ لامع، ونضعها في صندوقٍ00 كهذا. 0وتصبحُ خفيفةَ الوزنِ0. كأنّها غيرُ موجودةِ. انظرْ....
السيد راغب : جيّدٌ. جيّدٌ.)يخرج نقوداً من جيبه)
العامل2 : لا داعِ يا سيّدي، لقد دفعَ صديقُكم ضابطُ المطارِ أجورَ إقامتِها في المستودعاتِ00 وأجورَ وضعِها في الفرنِ. )يخرج العامل 1 ورقة).
العامل1 : وقِّعْ إشعاراً باستلامِ الجثةِ00 فقط00 أنت تعلمُ مدى المسؤوليّةِ. (يوقّع السيد راغب إيصال الاستلام، ويغادر العاملان).
( برن راغب الجرس فيدخل المساعد، ويتأمّل الصندوق)
المساعد: نعم سيدي0
السيد راغب : انظرْ إلى هذهِ المصيبةِ. إنَّها جثّةُ أمي.
المساعد : يا للحزنِ!!
السيد راغب : إنَّها كارثةٌ. وصلَ الميّتُ قبل مرافقهِ الحيِّ0، وأنا على وشكِ سفرٍ لا يؤجّلُ.
المساعد : هذا صحيحٌ. مراسمُ جنازةِ، ومعزّون و.000أعوذُ باللهِ (صمت قصير) ما رأيُك في دفنِها سِرَّاً، ندسُّها في التُّرابِ ليلاً.
السيد راغب : لا. لا. ليس الآنَ على الأقلِ.
(يرن التليفون)
الفتاة :Good Morning Mister Raghep
السيد راغب : Sara Good Morning
الفتاة :اشتقت إليك كثيرا00 ألم تشتقْ إليَّ؟
السيد راغب : أنتِ في داخلي عزيزتي. 0أنا أحبُّ المرأةَ كثيراً.
الفتاة(تضحك) : ابنةُ العشرينِ فقط.
السيد راغب : المرأةُ00 هي لونُ الرسامِ، وكلمةُ الشاعرِ، وخبزُ الفقيرِ، وأبهجُ صفقاتِ التاجرِ0
الفتاة : أوه. أنت شاعرٌ. ما الهديةُ التي أنتظرُها منك؟
السيد راغب : (يقلب الورقة إلى الوجه الآخر) الهديّةُ. بالنسبة للهديّةِ.. آ.. لا أدري ماذا يناسبُك. سيبدو اللؤلؤُ أصفراً قبيحاً فوق ثلجِ عنقِك، وقد يخدشُ الماسُ رقّةَ أنوثتِك.. لابدَّ أن أكلّفَ أمهرَ الصنّاعِ فوق الأرضِ00 كي ينسجوا لك عقداً من عبيرِ الحقولِ، ووشاحاً من لحظاتِ الصباحِ الأولى.
الفتاة : لم أسمعْ كلاماً جميلاً كهذا. لا شكَّ أنك تحبّنُي أكثرَ من كلِّ الذين أحبُّوني مجتمعين. هل ستأتي قريباً؟
السيد راغب : قريباً جداً. أوربا لم تعدْ بعيدةً، فعالمُنا السعيدُ هو بيتُ عاشقين ليس إلاَّ.
الفتاة : لم تخبرني حتى الآنَ من أي بلدٍ أنتَ.
السيد راغب : عندما أحوّلُ أموالي إلى أوربا من أجلِ صفقةٍ، أصبحُ أوربياً، حتى تصلنَي الصفقةُ، فأرسلُها إلى أفريقيا00 وأصيرُ أفريقياً حتى أقبضَ ثمنَها.
الفتاة : أنتَ عصريٌ أكثرَ من عصرِنا.
السيد راغب : هكذا ينبغي أن أكونَ0
الفتاة : انتظرُك، وداعاً.
السيد راغب : وداعاً. )يغلق هاتفه وهو سعيد)
)يجلس السيد راغب 00 ويدخل المساعد).
المساعد :هناك أشياء تحدثُ من خلفِ ظهرِك00 أرى الموظفَ وزوجَته يعملانِ لحسابِهما، فقد وضعا كلَّ ما يملكانهُ في شحنةٍ سوف تصلُ باسمِ الشركةِ، سوف أطلبُه إلى هنا قبلَ 00وصولِ شحنَتَه بيومٍ واحد00ٍ لنتركَه يخرجُ من الدُّنيا كما دخلَها أوّلَ مرّةِ.
السيد راغب : وزوجتُه؟
المساعد : الموظّفُ وزوجتُه من مفرداتِ خطتي00 فيما يتعلّقُ بتركةِ المرحومةِ و..
السيد راغب : وماذا؟
المساعد : والجثّةُ أيضاً00 بعد موافقَتِك طبعاً..
السيد راغب : أنت مساعدٌ بارعٌ. افعلْ ما تراهُ مناسباً. هي مجرّدُ جثّة0. المهمُ هو صيدُ السمكةِ الكبيرةِ في النهايةِ.
المساعد : أتوقعُ أن يخرجَ أخوكَ صفرَ اليدينِ.
السيد راغب :لم يعدْ أخي. لنكن واقعيين، فالشخصُ الذي يجعلنا إخوةً قد ماتَ00 سوف أُسافرُ دونَ أن أسألَكَ عن جزئياتِ الخطّةِ.
المساعد : تسافرُ بالسلامةِ0. جهّزتُ لكَ كلَّ متطلباتِ السفرِ.
السيد راغب : أمثالُك هم الذين يجعلون العالمَ يتجدّدُ بقوّةٍ..
)يخرج راغب 00وتتقدّم الزوجة قلقة. تدخل المكتب فيهبّ المساعد لاستقبالها مبدياً اللَّهفة).
المساعد : يسعدني أنكِ نجوتِ. لقد نجوتِ بأعجوبة.
الزوجة: نجوتُ!! ممَّ؟
المساعد : )هامساً) زوجُك رجلٌ خائنُ.
الزوجة: لا أسمحُ لكَ 0
المساعد : ستغيّرين رأيَكِ عندما تسمعين صوتَه مع زميلته الشقراءَ، وهو يحدّثها عن الخطوةِ الأخيرةِ كي يصبحَ ثريّاً، ويتخلّصُ منكِ مع ماضيهِ الفقير00انظري هذه الصورة00ها هو مع زميلته00لهذا طلبتُكِ قبلَ خطوتهِ الأخيرةِ، وقبلَ أن تتحوّلَ أمعاؤُك إلى خيوطٍ طبيّةِ.
الزوجة: اسمع: أريدُ أن أخبرَك أمراً خطيراً ينفّذه ذلك الخائنُ.
المساعد : وفّري على نفسِك، كي لا تشعري بتأنيبِ الضميرِ فيما بعد. نحن00 نرى00 ونسمعُ00 ونشمُّ كلَّ شيءِ، وصفقةُ خيوطهِ ستصلُ بعدَ ساعة.
الزوجة: لكنّه سيقبضُ ثمنها ويفرُّ وحده.. أو مع زميلته.
المساعد : لن يفعلَ. طلبتُ منه الحضورَ بعدَكِ مباشرةَ.
الزوجة: يخونني!! لابدَّ أن يدفعَ الثمنَ.. سأنتقمُ من الخائنِ.
(تخرج الزوجة00ويدخل الموظّف إلى المكتب فيراه المساعد).
المساعد : أهلاً بخبيرِ الخيوطِ.. ما أخبارُ الشحناتِ؟
الموظّف : لا بأسَ. كلُ شيءٍ مقبولٌ. لِمَ هذا الطلبُ المفاجئ؟
المساعد : عُرضَت علينا صفقةَ خيوطٍ طبيّةٍ رخيصةٍ، نريدُ منكَ معاينتَها00 تفضّلْ00 ادخلْ الغرفةَ00 رقم عشرة. تفضل00تفضل(يغيب الموظّف في الداخل).
المساعد : (عبر النِّداء الداخلي) ألو.
صوت : ألو نعم0
المساعد : وصلَ الرجلُ المطلوبُ نفذوا ما أمرتكم به.
الفصل الثاني
( يتقدّم السيد راضي من يسار المسرح متعباً حزيناً. عندما يصل قرب الباب الخارجي يهبّ المساعد واقفاً.)
المساعد : السيد راضي !! حمداً للهِ على سلامتك. تعازيَّ الحارةَ
السيد راضي : شكرا
المساعد :يا للمصابِ الجللِ!!
السيد راضي :ما كنتُ أظنُ الموتَ يتجرعُه الأحياءُ0
المساعد : الواجبُ يحتّمُ عليَّ أن أخبرَكَ أمراً يصعبُ عليكَ. (ينظر إليه السيد راضي مترقّباً) لم تصلُ جثّةُ المرحومةِ. (ينهض السيد راضي مفاجأً)
السيد راضي : ماذا؟
المساعد : بعد أن00 وصلت إلى المطارِ، قامَ شخصٌ – لغايةِ في نفسهِ – بإعادةِ إرسالِها إلى بلدٍ في شرقي آسيا... أظنُ إلى00 كوالالامبور.
السيد راضي : كوالالامبور!!!
المساعد : وعندما لم يستلمْها أحدٌ هناك00 أعيدت إلى الطائرة نفسها00 حيث طارت إلى بتسوانا أو00 ناميبيا مجتازةً المحيطَ الهندي.
السيد راضي : وأنا السببُ في كلِ ذلك. لو جئتُ معها لما اضطرَّت أن تجوبَ العالمَ.
المساعد : لحسنِ الحظِ أن السيد راغب00 قامَ بما يجبُ00 فقد طارَ خلفها رحلاتٍ00 على مدارِ الساعةِ. رحلاتٌ بعيدةٌ 00ومتواصلةٌ، حتى أمسَكَ بها في جامايكا.
السيد راضي : جامايكا!!
المساعد : أجل00 ولحسنِ الحظِ حصلَت على الجنسيةِ الجامايكيةِ.
السيد راضي : عن أي شيءٍ تتحدّثُ؟
المساعد : عن رفاةِ المرحومةِ... رفضَ الجامايكيّون السماحَ بدفنها00 كونها أجنبية00 مدّعين أن جزيرتهم تكادُ لا تتسعُ لموتاهم، لكنّ00 السيد راغب تصرّفَ حتى00 نالت الجنسيةَ00 لأسبابٍ إنسانيةٍ، ثم قامَ بواجبِ الدفنِ.
(تدخل المساعدة)
المساعدة : حمداً للهِ على سلامتِك يا سيّدي.0 تعازيَّ الحارة.
صوت الزوجة: لابد أن أراهُ.. (تصرخ) يا سيدُ يا.. ا.ا..ء...
صوت المساعدة( المساعدة تخرج لترى ماذا يحدث): الوقتُ غيرُ مناسبٍ. (تندفع الزوجة إلى المكتب عبر الباب الداخلي تتبعها المساعدة)
الزوجة:إذن00 أنتِ الجانيةُ على نفسكِ (تنظر إلى السيد راضي ثم تنفجر باكية) تعازيَّ الحارّةَ يا سيدي!
السيد راضي : تفضّلي بالجلوسِ.(تبقى واقفة)
السيد راضي : شكراً تفضّلي بالجلوسِ.(تجلس) ما الأمرُ؟ (ينظر إلى الزوجة)
الزوجة: سامحني يا سيّدي (تسقط قرب قدميه) زوجي خائنٌ(صمت قصير) لقد طعنَ أمّكَ.
السيد راضي : (يضحك) أختلفُ معكِ هُنا. 0أمي ماتت أمامي في المستشفى.
الزوجة: هو الذي أعادَ إرسالَ الجثّةِ00 لتجوبَ العالمَ بين السماءِ والأرضِ00 فقط00 لأنك ضربتَه ذاتَ يومٍ. كما أخبرني أنه اختلسَ من صندوقِ الجثةِ00 ورقةً مكتوبةً بخطِ يدها قبل أن تموتَ.
السيد راضي : ورقةٌ!! لابد أنها وصيّتُها00
المساعدة : ولكنّ00 زوجَك يعملُ في مدينةٍ بعيدةٍ00 فكيف علمَ بوصولِ الجثّةِ؟ وكيف أعادَ إرسالَها وهو بعيدٌ؟ (ينظر المساعد إلى الزوجة مشجعاً.. )
الزوجة: كان يتجسّسُ على بريدِكم الإلكتروني00 فقرأ خبر موتِها00 وإرسالِ جثّتها00 ثمّ حذفَ المعلوماتِ من بريدِكم، وجاءَ إلى المطارِ لإعادةِ إرسالِ جثّةِ المرحومةِ.. يا لعاري يا سيدي.
السيد راضي : وأين زوجُك الآن؟
الزوجة: في جزيرةِ النورسِ التابعةِ لكم0. يطعنُ أمَّكم 00ويستجمُّ في جزرِكم.
السيد راضي : ادخلي00 وارتاحي، فلن أنسى هذا لك.
الزوجة: أرحتُ ضميري. (تغادر إلى الداخل)
السيد راضي : (للمساعدة) ما رأيُكِ فيما تقولُه تلك المرأةُ؟
المساعدة : أستبعدُه مع أنّ الدلائلَ تؤيّدُها، فالجثّةُ لم تصلْ فعلاً00 والسيدُ راغب مسافرٌ فعلاً.
السيد راضي : هل تؤيّدين سفري إليه؟
المساعدة : أنصحُك بالحذرِ0. ألمحُ ظلالَ مؤامرةٍ00 يخطّطُ لها مساعدُ السيد راغب.
السيد راضي : المشكلةُ في تلكَ الورقةِ، لابد أنها وصيّةٌ00 كتبتها أمي.
المساعدة : يبدو أنك مضطّرٌ للسفرِ بسبب ذلك00 ولكنّي أرجوك ألاّ تتأخرُ، فثّمةُ أمورٍ كثيرةٍ يجبُ ضبطها قبلَ تقسيمِ تركةِ المرحومةِ.
(ظلام يطمس معالم المكان. موسيقى أقرب إلى صفير الرياح. تتسلّل الزوجة من اليسار عبر الظلام)
الزوجة: لابد أن يمرَّ من هنا. لن أدعَه يقتلُ زوجي. سأخبرهُ بالحقيقةِ، وإذا كان زوجي خائناً00 فسأتركُه وكفى. (يدخل السيد راضي) سيّدُ راضي! سأخبرُك شيئاً. ثمّةُ خطأ...
السيد راضي : (مقاطعاً) الخائنُ! غدرَ بنا وبكِ. بمَ تفضُلُك تلكَ الشقراء؟ قليلٌ من الأصبغةِ والعدساتِ00 وتصبحين شقراءَ أكثرَ منها، وبعينين خضراوين أيضاً.
الزوجة:أجل. هذا صحيحٌ.
السيد راضي : أتخيّله في أحضانِها الآن، وأنتِ ترتجفين من بردِ الوحدةِ، وأمي ترقدُ عظامُها غاضبةٌ في جامايكا..
الزوجة: (بصوت قوي) اقتلهُ. اقتلهُ.. اقتلهُ. (تصرخ) لا. لا تفعلْ. لا تفعلْ.(يقف السيد راضي) لا أدري. لا أدري. كنتُ أستشيرهُ في القراراتِ الحاسمةِ00 ولكنّي الآنَ وحدي... سأتركُ الأمرَ لك. (تصمت. يغادر السيد راضي بحيث يتبعه الخطّ الضوئي الأبيض وكأنه يسحبه خلفه حتى يغيبَ. تنظر الزوجة إلى ساعة يدها، وتمسح دموعها)
السيد راضي : (يعود.) أعدُكِِ أيتها المرأةُ أن أسامحَ زوجَك 00لأجلكِ، ولأجلكِ00 سأقنعهُ ألاّ يتخلّى عنكِ.
الزوجة: شكرا لك0
(يرن جرس التليفون)
السيد راضي : ألو.
صوت سعيد: مرحباً سيّدُ راضي. أنا صديقُك المقدّمُ سعيد من المطارِ.
السيد راضي : أهلاً. أهلاً. كيف حالُك سعيد؟
صوت سعيد: البقيّةُ في حياتِك.
السيد راضي : البقاءُ للهِ.
صوت سعيد:أنا مسافرٌ أتحدّثُ إليك من الطائرةِ. لاشكَ أن السيد راغب أجّلَ الدفنَ حتى عودتِكم.
السيد راضي : لا. لقد تعذّبَ كثيراً، ولم يمسك بأمي. بالـ. بالجثةِ إلا في جامايكا.
صوت سعيد: جامايكا!! ما الذي تقولُه؟
السيد راضي : ما سمعتَه. لقد أعادَ أحدُهم إرسالَ الجثةِ00 بعد أن سرقَ الوصيةَ منها. حكايةٌ... سأرويها لك بعد عودتِك.
صوت سعيد: ليس صحيحاً. أشرفتُ على الجثةِ بنفسي. أولاً: لم يكن مع الجثّةِ أيّةَ وصيّة على الإطلاقِ00 وثانياً:أرسلتُ الجثةَ في صندوقٍ مربعٍ إلى السيد راغب. ووقّعَ على إيصالِ الاستلامِ بنفسهِ.
السيد راضي : أنا في الواقعِ لم ألتقِ بأخي حتى الآنَ. لابد أنّ هناك سوءُ فهمِ. أشكرُك يا صديقي، ورحلةٌ موفقةٌ00إن شاءَ اللهُ ) ويضع التليفون)0
السيد راضي : ما الذي يجري؟ لقد حذّرتني مساعدتي من رائحةِ مؤامرةٍ0. ربّما كانت المؤامرةُ على أخي. الطيبُ الودودُ..... الجثّةُ في صندوقِ!!... آ...... رأيتُ شيئا كهذا محشوراً في إحدى الزوايا فعلاً... الحمدُ للهِ. أمي هنا. قريبةٌ منّي في ذلك الصندوقِ الذي رأيتُه...(يصغي قليلاً) لقد وصل ذلك الماكر( يختفي).
السيد راغب : تحقّق حلمُ حياتي دفعةً واحدةً00 ولكني أخشى أن تطلع مساعدةُ السيدِ راضي على الخبرِ.
المساعد : مساعدةُ السيد راضي في إجازةٍ منذُ يومين. ما الخبرُ السعيدُ؟
السيد راغب : وصلني منذُ قليلٍ. (يبدي المساعد دهشته)..
المساعد : هل اختارتنا شركةُ أعالي البحارِ00 لتنفيذِ أعمالِها؟ (يومئ السيد راضي برأسه إيجاباً ) يا للعظمةِ... لن يأكلَ شخصٌ فوقَ الأرضِ سمكةَ إلاّ من إنتاجِنا (صمت.)
السيد راغب : (فجأة) لابد أن أعودَ إلى أوروبا00 اليومَ00 أو غداً00 ليكونَ العقدُ باسمي وحدي.. بدأتُ أفكّرُ في إلغاءِ مشروعِ الاستيلاءِ على نصيبِ أخي السيد راضي.
المساعد : نصيبه لا يساوي شيئاً أمام ذلك المشروعِ... هل أبدأ بتجميدِ الخطّةِ قبلَ فواتِ الأوانِ؟
السيد راغب : عينايَ معلّقتان بمشروعِ أعالي البحارِ، ولعابي يسيلُ على أموالِ أخي. هي أموالي أصلاً00 لأنّها أموالُ أمّي. تابعْ الخطّةَ، وليبدأ حياتَه من الصفرِ0. أخي رجلٌ حكيمٌ00 سيجدُ ما يفعلُه بالتأكيدِ.
المساعد : وأنا جاهزٌ، وقد وجدتُ طريقةً مجديةً لجعلِ مساعدةِ السيد راضي 00طوعَ أيدينا.0 لها طفلٌ تحبُه جداً... ورجالي جاهزون. (صمت)
السيد راضي ( يطل محدثا نفسه): ما الذي أسمعُه؟ المؤامرةُ من أخي وليست ضده ( يغيب في الداخل)0
السيد راغب : ممتازُ، وأين السيدُ راضي الآن؟
المساعد : يفترضُ أن يكونَ في الجزيرةِ أمامَ قميصٍ مبللٍ بالدماءِ00 وشخصانِ بانتظارهِ لإلصاقِ التهمةِ به.
السيد راغب : ثم نوفرُ لـه الفرارَ ليختفي عن الأنظارِ مؤقتاً00 ريثما نفرغُ نصيبَه في جيبي.
السيد راضي : (محدّثاً نفسه) المفروضُ أن أعودَ خائفاً00 بعد مشاهدةِ ذلك القميصِ المبللِ بالدمِ. ها قد رأيتُه00 وأنا أرتجفُ من الخوفِ. (يختفي ثم يدخل من جهة اليمين حاملاً قبعته وسكّينه مبدياً الذعر، يتلفت خلفه، يدخل المكتب. يرمي بالقبعة والسكين ويتجه إلى أخيه)
السيد راضي : أخي!! البقيةُ في حياتِك.
السيد راغب : سكينٌ وقبعةٌ!! أين كنتَ؟
السيد راضي : ذهبتُ لأقتصَّ من ذلك العدو.
السيد راغب : ليس لنا أعداءُ ، أي عدو ذلك؟
السيد راضي : ذلك الموظفُ، الذي أرسلَ جثةَ أمي لتجوبَ العالمَ كرحالةٍ صامتٍ.
المساعد : (إلى السيد راغب) في الواقعِ... لم نخبرك بذلك سيدي، لأننا... علِمنا الأمرَ متأخراً.
السيد راغب : (إلى أخيه) مهما يكنُ الأمرُ لا يجوزُ أن تدنّسَ يديكَ بالقتلِ.
السيد راضي : ليتني فعلتُ، ولكن وجدتُه مقتولا، ولم يتركْ لي سوى قميصَه المدنسَ بدمهِ، ولسوءِ الحظِ00 رآني حارسان في المكانِ 00 فتتبعانِ00لولا سترُ اللهِ لمَ استطعتُ الهربَ منهما.
السيد راغب : ستلبسُ التهمةِ... أهذا وقته؟
المساعد : أقترحُ أن تختفي ريثما نعرفُ حقيقةَ ما جرى هناك.
السيد راغب : (مبدياً التعاطف) اسمعْ أخي، لا نريدُ حلولاً ارتجاليةً، يجبُ أن نفكرَ بهدوءٍ.
السيد راضي : الحمدُ للهِ أنكَ إلى جانبي.
السيد راغب : للأسفِ.. لن أبقى. سأعودُ إلى جامايكا لإتمامِ إجراءات إثباتِ الدفنِ.
السيد راضي : آه أمي. ليتني قرأتُ آخرَ ما كتبتهُ.
السيد راغب : آ. تذكرتُ. علينا أن نعجلَ بنقلِ التركةِ قبلَ أن نواجهَ مشاكلَ قانونيةً.
المساعدة : وأين المشاكلُ القانونيةُ سيد راغب؟
السيد راغب : إذا لم نسرعْ في إنهاءِ الموضوعِ، فسوفَ نحتاجُ إلى سلسلةٍ من الإجراءاتِ، لأننا سنرثُ مواطنةً جامايكية..
السيد راضي : آه... صارت أُمّنا جامايكيةَ. لا أهتمُ بالمالِ. افعلْ ما تراه.
السيد راغب : أقترحُ أن نكتبَ توكيلاً... إلى مساعدي00 وآخر لمساعدتِك لحصرِ التركةِ 00وبيعِها لي ولكَ00 أي تسجيلها باسمي واسمك.
السيد راضي : ( إلى المساعدة) ما رأيُك؟
المساعدة : لا بأسَ. بشرط ألا يُقبَلُ توقيعُ أي منا( تنظر إلى المساعد) على انفرادِ. يجبُ ألا يجري أمرٌ دون توقيعِنا مجتمعَيْن00 أنا ومساعدُ السيد راغب.
المساعد : كما تشائين... ولكنك تبدين عديمةَ الثقةِ بي.
المساعدة : الأمرُ يتعلقُ بتركةٍ00تقدرُ بعشراتِ الملايين.
السيد راغب : كما تشائين. أنا أثقُ بتفكيرِك وحرصِك على مصلحةِ أخي 00(لمساعده) اتصل الآن بكاتب العدل.
السيد راضي : الآنَ!!
(يدخل السيد راضي- عبر الظلام- إلى المكتب وهو يحمل صندوق الجثة بين يديه00 ويضع الصندوق، ويجلس على الأرض قربه، واضعاً يده عليه بحنان.)
السيد راضي: هنيئاً لكِ أيتها الغاليةٌ أنكِ رحلتِ بسلامٍ، رحلتِ قبلَ أن تبتئسي بطعمِ ثمارِ هذا العصرِ السامةِ... حملتني تسعةَ أشهرٍ في أحشائِك00 راضيةً00 صابرةً،وكذلك حملته00 ولم تجدي من يحملُك ساعةً واحدة إلى مدفنكِ00 لأنكِ صرتِ00 إحدى أدواتِ أشراكهِ للإيقاعِ بي00 من أجلِ مالٍ لم يتعبْ فيه... لن أجابه ابنَكِ أيتها الغاليةُ، ولكني أبقيهُ لعصرهِ كي يجلدَه. سوف أتركُه يستمرئُ طعمَ خطتِه00 ككلبٍ يتناولُ جيفةً مسمومةً، وحسبي من المالِ ما جمعتُه بكدّي، وحسبي مما تركتِ أن أحملَكِ إلى مثواكِ الأخيرِ.
(يحمل صندوق الجثة بين ذراعيه باحترام ويرحل بها عبر يمين المسرح)
(ظلام. بقعة ضوئية على مساعدة السيد راضي وقربها ملفات كثيرة تراجع أحدها. يدخل السيد راغب ويراقبها لبعض الوقت دون أن تشعر به)
المساعدة : (لنفسها) ما شاءَ اللهُ!! ثروةُ لا تأكلُها النيرانُ!! إعادةُ حصرِها00 وتسجيلِها، تحتاجُ إلى خطةٍ محكمةٍ.(تفكر)
السيد راغب : سوف أُقدِّمُ لكِ حلاً يسهّلُ الأمورَ كثيراً (تفاجأ المساعدة)
المساعدة : (مذعورة) السيد راغب!! أخفتني.
السيد راغب : أمامكِ إحدى طريقتين فقط. الأولى: تطلبين ما تشائين من المال لترحلي بعيداً00 مع00 ولدك بعد أن تسجلّي مع مساعدي كل شيء باسمي.
المساعدة : يا للعار!! أتحتال على أخيك؟ لا. لست خائنة.
السيد راغب : لن أرد عليك حتى أخبرَكَ بالطريقة00 الثانية: ستفقدين ولدك المحتجز لدى رجالي الآن، وتخرجين من هنا00 عاجزةً عن الحركةِ. (يطلب رقماً هاتفياً)
المساعدة : هذا عملٌ حقيرٌ. سأخبرُ السيدَ راضي (تخرج هاتفها النقال)
السيد راغب : (يتحدث على الهاتف) ألو... اسمع: اقتلوا الصبي إن لم أتصل خلال دقيقتين (يسقط الهاتف من يدها)
المساعدة : اتركوا ولدي. سأفعلُ ما تريدون 0
(يظلم المسرح 00ثم يضيء على المساعدة والمساعد)
المساعد : كلُ شيءِ على ما يرامُ يا حبيبتي!
المساعدة : وابنُنا؟
المساعد : ينامُ سعيداً بانتظارِ أمهِ وأبيهِ. لم يجعله رجالي يشعرُ بشيءِ.
المساعدة : نجحنا أخيراً، وكالةٌ عامةٌ00 مطلقةٌ00 أيها الحبيبُ!
المساعد : كانت فكرةَ أعالي البحارِ خيالاً ناجحاً يُحسبُ لكِ "يضمها"
المساعدة : يجبُ أن نبقى جادَّيْن حتى ننقلَ أملاكَ المرحومةِ إلى اسمَيْنا معاً، ولينعم الأخوان 00راغب وراضي00 معاً بما بقي في جيوبهما..
المساعد : سنسهم أنت وأنا في دفع عالمنا نحو الأفضل والأحدث 00لأن عصرنا كالأفعى، يجب أن يغير جلده باستمرار.
ساحة النقاش