3 آلاف و62 جريمة في عام ونصف العام فقط تحقيق: نشوة الشربيني: جرائم القتل، خاصة التي تقع بسبب السرقة أو الفقر والجوع، ظاهرة تضخمت في السنوات الأخيرة، تستوجب وقفة من المجتمع، بمختلف مؤسساته، لدراسة الدوافع والأسباب، وتصور علاجات تحد من تزايدها.. فرغم إعلان الحكومة المتواصل عن أنها تراعي الفئات المهمشة ومحدودي الدخل، ورغم سيل كلام كل مسئول حكومي، عن سياسات الإصلاح الاقتصادي، والحد من البطالة، وخلق فرص عمل ورفع مستوي المعيشة وزيادة المرتبات... إلخ، إلا أن الواقع يكشف عن الزيادة المطردة في معدلات جرائم القتل. هذه القضية كبيرة وخطيرة - وكما يقول خبراء الاجتماع والجريمة والتربية والنفس - تعكس حال المجتمع المصري ومشكلاته، كونه يجلس فوق بركان من الأمراض والأزمات الاجتماعية، أفرزت - حسب الإحصائيات - زيادة في معدلات جرائم القتل، بنسبة 61.8٪، والتي تقع في كل مكان في الريف والمدن، فجريمة القتل طرقت كل الأبوات، وكسرت كل الحواجز، التي ظن البعض، أنها ستحمي الذين يعيشون خلفها، ومن ثم انتشرت ظاهرة القتل في جميع المحافظات، حتي أصبحت من أكثر الظواهر خطراً علي المجتمع، والأخطر أنها ارتبطت بالفقر والجوع والغلاء، الذي فتح أبواب جهنم علي غالبية الشعب من الفقراء والمعدمين. ورغم أن متخصصين أكدوا أن الفقر والحاجة للمال والبطالة من أهم دوافع جرائم القتل، إلا أن الدولة متمثلة في الحكومة تنظر في صمت لطابور العاطلين، الذي أكدت تقارير رسمية حديثة، أنه في زيادة مستمرة. كما اعترف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في آخر تقرير له، أن 88 ألف مواطن انضموا في الأيام الأخيرة إلي شريحة العاطلين عن العمل، لترتفع نسبة البطالة في مصر إلي 8.8٪ بزيادة 0.2٪ في فترة قصيرة. كما أكد تقرير آخر للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، عن قوة العمل في مصر خلال الربع الأخير من عام 2008، أن الحاصلين علي مؤهلات جامعية وشهادات متوسطة يمثلون 92.7٪ من إجمالي العاطلين، وارتفعت نسبة البطالة بين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و19 عاماً، لتبلغ 19.5٪. جرائم القتل دراسة حديثة لمركز »حوار« للتنمية وحقوق الإنسان حذرت من ارتفاع معدل جرائم الفقر والجوع، وأكدت الدراسة ارتفاع معدلات الجريمة خلال العام قبل الماضي، وحتي بداية العام 2009، خاصة التي ارتكبت بدافع الفقر والجوع، حيث رصدت نحو 254 جريمة في تلك الفترة، فيما بلغ عدد المتهمين في تلك الجرائم 402 متهم، وقد شكلت جرائم الفقر مقارنة بالجرائم الأخري نحو 6.9٪ من إجمالي الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة من يونيه 2006 إلي يونيه 2008، أي بنحو 3 آلاف و62 جريمة. وشهدت محافظة القاهرة وحدها نحو 188 جريمة، تلتها محافظة الجيزة بواقع 135 جريمة، وكل من الإسكندرية والغربية بواقع 121 جريمة. وفي دراسة حديثة أعدتها الدكتورة نيفين علم الدين، بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لعام 2006، تحت عنوان: »تطور بحوث الجريمة في المجتمع المصري« احتلت جريمة القتل العمد، المرتبة الأولي بنسبة 61.8٪ وجريمة ضرب أفضي إلي موت بنسبة 15.5٪ وضرب أحدث عاهة بنسبة 6.7٪، وخطف بنسبة 1.3٪، وهتك عرض واغتصاب بنسبة 14.7٪، وجريمة الرشوة بنسبة 10٪، والاختلاس بنسبة 15.6٪ وتزوير أوراق مالية بنسبة 30.1٪، وتزوير أوراق رسمية بنسبة 44.2٪، وجريمة السرقة بنسبة 77.7٪، والحريق العمد بنسبة 22٪. كما أوضحت دراسة أخري أن 20 مليون مصري مصابون بالاكتئاب و16٪ من دخل الفرد في مصر ينفق علي الطعام والشراب و46٪ من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافي لأفرادها. ومن أشهر جرائم القتل في الأشهر الأخيرة، نفرد لها نماذج بسيطة، للتعبير عما يجري في المجتمع. ففي أوائل شهر نوفمبر الحالي، قامت زوجة بطعن نفسها بسكين مطبخ، بعد نشوب مشاجرة بينها وبين زوجها لخلافات حول مصروف المنزل، فقام الزوج بإحضار ماء مغلي وألقي به عليها وفر هارباً. وفي منتصف شهر يونيه الماضي، انتهت حياة فرد أمن بطعنة نافذة في القلب، وذلك بعد أن تشاجر ابناه مع سائق »توك توك« بمنطقة بولاق الدكرور، حيث سدد أحدهما للسائق 3 طعنات بمطواة فأسرع السائق إلي منزله وأحضر والده وشقيقه، وعاد إلي منزل غريمه وطعن والد الشابين بسلاح أبيض في صدره وتركه جثة هامدة وفر هارباً. وفي شهر فبراير الماضي، مزق بائع كبدة جسد طالب بمنطقة الخصوص في القليوبية بسبب وقوفه أمام المحل، حيث طلب منه المتهم عدم الوقوف، فرفض أن ينصاع لأوامره، فأمسك المتهم سكين الكبدة وانهال عليه طعناً بالسكين وتركه غارقاً في دمائه وفر هارباً. وفي شهر أكتوبر الماضي، قام بائع متجول بتعذيب شقيقته من الأب حتي الموت بمدينة السادات بسبب زيارتها لأمها بدون إذنه، فقرر معاقبتها وقيد قدميها ويديها بحبل وعلقها في بئر السلم بواسطة »جنش حديد« وانهال عليها بالضرب بواسطة عصا غليظة وعضها بأسنانه وأطفأ السجائر في جسدها وفقأ عينيها. وأيضاً تم العثور علي جثة مذبوحة داخل سكن بمدينة الخصوص، لطالبة بالصف الإعدادي، تبين أن مرتكب الحادث أم الفتاة وعشيقها، قاما بقتلها لأنها شاهدتهما في وضع مخل. وشهدت منطقة البساتين في بداية الشهر الماضي جريمة بشعة بسبب الخلاف علي لعب الأطفال، وقيام طفلة بضرب طفل آخر بالشارع، وتشريح وجهه بشفرة حلاقة، حيث نشبت معركة بين أسرتي الطفلين حتي انتهت بمقتل الشقيق الأكبر لأسرة الطفل. وفي بداية شهر أبريل الماضي، ذبح سائق »توك توك« طالباً في الشارع بمنطقة المؤسسة بشبرا الخيمة، وسط ذهول المارة ولم يتركه إلا جثة هامدة، عندما اعترض المجني عليه علي وقوف »التوك توك« أمام منزله، فنشبت بينهما مشاجرة أخرج علي أثرها المتهم مطواة من ملاية وانهال عليه طعناً حتي فارق الحياة. وفي أواخر شهر أبريل الماضي، مزق محامٍ بأسيوط جسد والده ووالدته بأكثر من 60 طعنة في الرقبة والبطن والوجه أودت بحياتهما في الحال، بسبب مروره بضائقة مالية، وفشله في العثور علي فرصة عمل، وتركهما غارقين في دمائهما، وفر هارباً. وفي منتصف شهر مايو الماضي، صدر حكم بالإعدام علي عامل بلاط، قتل أباه بمنطقة المطرية، بسبب مروره بضائقة مالية. وكذلك حكم بالإعدام علي مهندس قاتل أسرته بأكملها بمنطقة النزهة عقب خسارة مبلغ 2 مليون جنيه في البورصة. كما صدر حكم بالإعدام علي بائع متجول لاتهامه بقتل زوجته الحامل عمداً مع سبق الإصرار والترصد. ومقتل زوجة أخري بمحافظة البحيرة بسبب مصاريف المعيشة، وأخري بالسويس بسبب مرور زوجها بضائقة مالية. |
نشرت فى 19 نوفمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,795,708
ساحة النقاش