تحقيق: مصطفي دنقل: هل يصدق أحد أن الدواء فيه سم قاتل؟ حسب التقارير الرسمية هناك أكثر من 10٪ إجمالي الأدوية المطروحة في الأسواق المصرية مغشوشة وتقدر تجارتها بمليار جنيه من إجمالي 12 مليار جنيه حجم تجارة الأدوية المغشوشة في العالم. للأسف لم تنج الأدوية من غش التجار والدخلاء علي مهنة الصيدلة معدومي الضمير الذين يهدفون للربح السريع بغض النظر عن حياة المرضي. من جانبهم أكد أصحاب شركات الأدوية أن ضعف الرقابة هي السبب الرئيسي في تفشي ظاهرة غش الدواء. أوضح أصحاب الشركات أن الأدوية المستوردة هي الوحيدة التي تخضع لعمليات الغش خاصة أن شركات الأدوية تخضع لرقابة مشددة من وزارة الصحة. والسؤال: كيف يمكن القضاء علي غش الدواء؟! أثارت تصريحات مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة الدكتور كمال صبرة خلال الأيام الماضية أن الأدوية المغشوشة تمثل نحو 10٪ من إجمالي الدواء المطروح في الأسواق المصرية قلق الجميع، فمن المؤكد أن هذه الأدوية تسبب مشاكل صحية للمواطنين وتضر بالاقتصاد القومي للبلاد وأنه وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية فإن 10٪ من الأدوية المتداولة في الأسواق العالمية مغشوشة، بينما تصل النسبة إلي 30٪ في بعض الدول النامية. وتبلغ حجم تجارة الأدوية المغشوشة في مصر مليار جنيه من إجمالي 12 مليار جنيه حجم تجارة الدواء المغشوش في العالم. ذكرت منظمة التجارة العالمية أن عقاقير الملاريا المزيفة والمهربة تقتل مائة ألف أفريقي سنوياً وحسب إحصائيات المنظمة فإن سوق الأدوية المهربة تحرم القارة السمراء من حوالي 2.5٪ من إيراداتها السنوية وتقدر المنظمة حجم السوق العالمية للأدوية المهربة بحوالي 200 مليار دولار، تستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا علي حوالي 70٪ من الإنتاج العالمي. وتصنف منظمة الصحة العالمية الأدوية المغشوشة إلي عدة أنواع أبرزها الأدوية التي تحتوي علي نفس المواد الدوائية ولكن بكميات مختلفة عن المستحضر الحقيقي وهناك الأدوية المقلدة التي يتم فيها استبدال مستحضر بآخر أرخص وأقل مفعول وعادة ما يتم تصنيع المستحضرات المغشوشة في أماكن غير مرخصة ولا تستوفي شروط التصنيع ولا تخضع لرقابة السلطات الصحية المختصة وهذه الأماكن قد تتفاوت ما بين الغرفة العادية إلي المصانع الكبيرة المجهزة والتي تتواجد أحياناً في بعض المناطق التجارية الحرة أو في مناطق تغيب عنها الرقابة الفعالة. لا شك أن شركات الأدوية لها دور مهم في التصدي للأدوية المغشوشة من خلال اعتماد التقنيات الحديثة وشراء المواد الدوائية الفعالة من مصادر موثوقة، وأخيراً دور الصيادلة في نشر الوعي بين المستهلكين وشراء الأدوية من مصادر موثوقة وعدم الانسياق وراء دافع الربح المادي الكبير علي حساب صحة المريض. الدكتور عبدالله زين العابدين الأمين العام لنقابة الصيادلة قال إن الأدوية المغشوشة الموجودة في الأسواق نتيجة لضعف الرقابة عليها من قبل وزارة الصحة وهذا موجود في كل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والغش في الأدوية خطر شديد علي صحة الإنسان لأنه يدمر الصحة العامة، بل إن خطره أشد من الأغذية المغشوشة ونقابة الصيادلة كان لها دور مهم وموقف شديد من مخازن الأدوية، وقد طالبنا من قبل بضبط العمل فيها وأن يكون هناك انضباط في دخول وخروج الأدوية ويكون ذلك من خلال فواتير حتي يمكن مراقبة مصادر الأدوية من أين تأتي وأين تذهب وكان للنقابة موقف متشدد من المخازن، وبالفعل استجابت وزارة الصحة لمطالبنا وأصدرت تراخيص جديدة لمخازن الأدوية. وقامت بتشديد شروط فتح مخازن جديدة حتي لا تكون المخازن مرتعاً وبؤرة للأدوية المشغوشة. أضاف د. عبدالله: وعلي الرغم من كل الجهود المبذولة هناك تسرب للأدوية المغشوشة إلي الأسواق ونحن نحاول التصدي له ونحذر الصيادلة من استلام الأدوية من أفراد غير تابعين لشركات توزيع معتمدة وبموجب فواتير رسمية وقد طالبنا شركات الأدوية بطباعة رقم تسجيل الدواء وتاريخ الإنتاج والصلاحية علي الفاتورة للقضاء علي الأدوية المغشوشة.. أما تشديد الرقابة علي الأسواق، فهو مسئولية وزير الصحة، والصيدلي الذي يوجد لديه أدوية مغشوشة يتم تحويله إلي لجنة تأديبية في النقابة تصل العقوبة إلي الفصل. وبالنسبة للأجهزة الرقابية لوزارة الصحة فهي لها دور فعال وخطير في مراقبة الأسواق لا غني عنها لأن الغش في الأدوية سهل يمكن تقليد الدواء بطريقة لا يعرفها إلا الفنيون والدواء المستورد أكثر عرضة للغش لأنه يدخل بطريقة غير رسمية، خاصة أنه غير مسجل بوزارة الصحة وغير محلل في معاملها. ويضيف الدكتور جمال عبدالوهاب الأمين العام لنقابة الصيادلة بالإسكندرية أن الغش في الأدوية يرجع إلي السياسة الدوائية الخاطئة في مصر والفوضي والعشوائية في تسجيل الأصناف المختلفة من الدواء وتسجيل تاريخ إنتاج الدواء وتاريخ صلاحيته، بالإضافة إلي شركات الأدوية التي تخزن الأدوية إلي فترات تنتهي صلاحيتها إضافة إلي كليات الصيدلة في الجامعات الخاصة التي تخرج آلاف الصيادلة سنوياً ولا يجدون عملاً، مما يضطرهم إلي الرغبة في الربح والمتاجرة في الأدوية المغشوشة، ولا ننسي الدعاية غير الأخلاقية المجرمة التي تقوم بها شركات الأدوية والفوضي في الإعلانات عن الأدوية علي الفضائيات وكل ذلك يصب في النهاية في المنظومة السياسية الدوائية الخاطئة. ومن جانبها وصفت الدكتورة زيزي مصطفي مديرة التخطيط بشركة سيديكو للأدوية أن الغش في الأدوية موجود خارج مصانع الأدوية لأن هناك رقابة شديدة من وزارة الصحة علي هذه المصانع ومعاملها، فأي مادة خام جديدة تدخل في صناعة الدواء لا تدخل المصانع إلا من خلال مصادر معينة تحددها وزارة الصحة ولكي ندخل مادة خاما جديدة لابد من تقديم شهادة BNB (شهادة الجودة) موثقة تثبت جودة هذه المادة الجديدة وتقوم وزارة الصحة بتحليل عينة من هذه المادة. وفي نفس الوقت تقوم الشركة بتحليلها في معاملها الخاصة فإذا كانت نتائج الشركة ومعامل الصحة متطابقة يتم اعتماد المادة الخام. وللعلم فإن وزارة الصحة قفلت خطوط إنتاج كثيرة لمخالفتها للمواصفات ونحن في شركة سيديكو أخذنا ترخيصا بفتح خط إنتاج جديد، وبالنسبة لاستيراد المواد الخام فلا يتم إلا من مصادر محددة وبشهادات جودة موثقة من الهيئات الصحية في الدولة المستورد منها ومدون ختم السفارة. وبعد ذلك تدخل إلي المصانع ويتم تعبئتها وبيعها. أضافت د. زيزي مصطفي: مؤخراً أصدرت وزارة الصحة تصريحها لما يقرب من 35 شركة بصناعة الدواء ومنها 14 شركة أجنبية و16 مصرية وذلك بناء علي تحريات الوزارة لشركات الأدوية والوزارة بها عدد كبير من المفتشين وغالباً ما تقوم بزيارات مفاجئة لشركات الأدوية. الدكتورة نانسي يوسف صيدلانية أكدت أن الغش في الأدوية يرجع إلي طمع البعض في الحصول علي المزيد من الأرباح، خاصة الأدوية التي يأخذها الصيادلة من مصادر مجهولة بعيداً عن شركات الأدوية لأن العائد منها يصل أحياناً إلي 50٪ علي حسب نوع الدواء، وفي حالة شرائه من الشركات فإن نسبة الربح فيه لا تتجاوز 10٪ وفي المستورد تتراوح نسبة الربح بين 5 - 12٪ والأدوية المستوردة عرضة للغش أكثر من المحلية لأنها غالباً ما تأتي من الصين وسوريا ومثلها مثل أي سلع أخري تأتي من هذه الدولة، إضافة إلي ذلك فإن الغش يرجع أيضاً إلي عدم الرقابة علي الأدوية وعدم دخولها للأسواق إلا من مصادر معلومة وخاصة المستحضرات الطبية فهي أسهل في الغش حتي الأسماء التجارية الكبيرة والمعروفة تتعرض للغش ويتم تقليدها وتعبئتها في علب علي أنها أصلية وتباع بسعر أرخص، وبالنسبة للمستحضرات الطبية التي يتم بيعها علي الأرصفة فهي جميعها مقلدة ومغشوشة وضارة بالصحة وحتي يتأكد المريض من أن الدواء غير مغشوش لابد أن تكون العبوة مدوناً عليها تاريخ الصلاحية وختم الشركة المنتجة أو المستوردة. أضافت د. نانسي يوسف: هناك مشكلة كبري تتمثل في قيام بعض الأشخاص غير الصيادلة بفتح صيدليات وذلك بعد أن يقوموا بشراء الاسم الصيدلي في مقابل مبلغ مادي معين وهؤلاء ليس لديهم ضمير، وهدفهم الأول والأخير الربح السريع وليس عندهم شرف المهنة أو الغيرة عليها، كما أن مصلحة المريض لا توضع في اهتمامهم بل يتعامل مع المريض علي أنه زبون يشتري سلعة ما.. وبالتالي لا مانع عندهم من التجارة في الأدوية المغشوشة لأنهم دخلاء علي المهنة وهم سبب في انتشار هذه الظاهرة. ويضيف الدكتور هاني فاروق صيدلي: أن العامل الرئيسي في انتشار الأدوية المغشوشة المكسب السريع والسبب في ذلك البطالة التي تدفع بعض الأشخاص إلي الدخول في المهنة والمتاجرة بصحة الناس علي حساب المريض، كما أن بعض الصيادلة يستغلون الأصناف النادرة في السوق ويتم تقليدها لكي يكسب فيها أكثر من الدواء السليم ويتم بيعه بنفس السعر حتي لا يشك فيه أحد من المرضي ويكون المكسب فيه أكثر من 50٪ وحتي نتخلص من الأدوية المغشوشة الموجودة في الأسواق لابد من التفتيش باستمرار علي الصيدليات من قبل وزارة الصحة وأن يكون هناك تدريب وتوعية للصيادلة وخاصة حديثي التخرج عن كيفية التفرقة بين الدواء الأصلي والمغشوش.. وللعلم فإن الغش يتم في الأدوية المستوردة وليس محلية الصنع. |
نشرت فى 19 نوفمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,795,584
ساحة النقاش