النظام فى مصر يقوده الرئيس.. ثم نجله.. فنخبة من الحزب الحاكم

  أعدتها للنشر   بسنت زين الدين    ١٥/ ١١/ ٢٠١٠

 «لماذا تتجه الحكومات السلطوية إلى إجراء انتخابات؟» سؤال حاولت أستاذ مساعد العلوم السياسية بجامعة «ستانفورد» الأمريكية، والباحثة بجامعة هارفارد، «ليزا بلاديس»، الإجابة عنه فى رسالة دكتوراة حملت عنوان «منافسة بلا ديمقراطية: الانتخابات وسياسة التوزيع فى مصر مبارك».

و«المصرى اليوم» تنشر ملخصاً لرسالة الدكتوراة، التى من المقرر أن تطرحها جامعة «كامبريدج» البريطانية، فى كتاب، نهاية العام الجارى.

اعتمدت الباحثة الأمريكية على دراسات عدد من الباحثين المتخصصين فى الشأن المصرى منذ حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فى رصد «بلورة النظام فى العصر الحالى»، وهى ترى أن العلاقة بين النظام والدولة علاقة «معقدة»، لأن النظام لديه «ميل لإصدار السياسات التى تتعارض مع بعضها»، مما يؤكد وجهة النظر القائلة إن «النظام المصرى قد يجد نفسه فى صراع مع مؤسسات صنعها بنفسه».

وأشارت الدراسة إلى أن النظام فى مصر يقوده الرئيس ثم نجله ثم «كادر من النخبة المميزة من الحزب والدوائر السياسية العُليا فى البلاد». وخلصت إلى أن تعزيز القرارات بداخل الحزب الحاكم وهيكل الدولة يقوم على أساس «الأداء والكفاءة»، بينما ترتكز فئة النخبة السياسية على العلاقات الأسرية والولاء المؤسسى والاتصالات الشخصية.

وزعمت الدراسة أن الحكومة تستخدم خدمات الأمن الداخلى من أجل حمايتها بشكل رئيسى، موضحة أن «مأساة الديكتاتورية فى مصر تنبع من الإجراءات الصارمة المفروضة على الشعب، فى حين أن هذه الإجراءات «غير ضرورية» فى ظل امتناع الأغلبية من المصريين عن التصويت أو اتجاههم إلى تأييد الحزب الحاكم وحلفائه السياسيين.

وتوصلت إلى أنه على العكس من تصور الشعب والصحافة بأن الحكام المستبدين يعتمدون على القمع وتزوير الانتخابات لتكريس سلطتهم، فإن النظام السلطوى فى مصر يعتمد على طرق ماكرة جداً للبقاء فى السلطة، بجانب الاعتماد على قنوات منهجية مؤسسية فعالة، ولذا أصبحت المؤسسات الانتخابية «عنصراً أساسياً فى طول عمر نظام مبارك».

وأشارت الدراسة إلى أن نظام مبارك يتيح فرصة وجود منافسة جادة بين المرشحين المستقلين، فى الوقت الذى يضمن سيطرة النخبة الحاكمة على اقتناص الأغلبية الكبرى من مقاعد البرلمان، محددةً خطوات الحكومة المصرية لتحقيق ذلك الانتصار، بـ «التحكم فى اختيار الأحزاب التى تحصل على تراخيص إنشائها، واستعداد النظام للتلاعب والتزوير لصالح الحزب المهيمن، واستخدام الأوامر الدستورية والتشريعية للسيطرة على مدى المنافسة الانتخابية».

وأكدت أن أهم الطرق التى ينتهجها النظام الحاكم فى مصر للسيطرة على المنافسة الانتخابية، ترتبط بقدرة الأطراف على إنشاء أحزاب، لافتة إلى صرامة قوانين إنشاء الأحزاب أو وجود نشاط حزبى معين.

وركزت الدراسة الأمريكية على كيفية حفاظ النظام المصرى على «حكم غير ديمقراطى» عن طريق الانتخابات فى ظل تحسن أحوال جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة بالسياسة المصرية، مثل النظام ذاته والمواطنين والنخبة السياسية والمعارضة الأيديولوجية، فضلاً عن الجهات الخارجية.

وقالت إنه بدلاً من «تقويض قوة نظام مبارك، فإن إجراء انتخابات برلمانية تنافسية سيعمل على توزيع أشكال النزاع، خاصة فيما يتعلق بصراع الحصول على الغنائم والمكاسب».

وتؤيد الدراسة وجهة النظر القائلة بإن «الحكام الدكتاتوريين يصنعون مصالح مشتركة مع أصدقائهم الأوفياء، وأن الأحزاب والعملية الانتخابية تخدم ذلك الدور بينهم».

وأشارت إلى أن الانتخابات المصرية تكشف عن «جدارة وكفاءة وولاء المسؤولين البيروقراطيين وغيرهم من داخل الأحزاب» للنظام الحاكم، مما يُزيد من قوة القيادة السلطوية التى تحدد فى النهاية من ينال عضوية الحزب، مؤكدةً أن أهمية الانتخابات تنبع من كونها «مصدراً سخياً بالمعلومات» عن النظام.

وأكدت الدراسة أن إجراء الانتخابات داخل مناخ سلطوى يعمل على اكتشاف خصائص وصفات النظام الذى يجريها، مثل كيفية بقاء الأنظمة الديكتاتورية فى الحكم، موضحةً أن الانتخابات تعمل على إيجاد حلول للمشاكل السياسية بعيدة الصلة عن الديمقراطية.

وقالت إن «الانتخابات عبارة عن آلية توزيع لامركزية تؤدى إلى بقاء الاستبدادية من خلال تنظيم المنافسة داخل النخبة، فى نفس الوقت الذى يستعين فيه النظام بمصادر خارجية من اجل التعبئة السياسية وإعادة التوزيع».

وأكدت الدراسة أن الحصول على مقعد فى البرلمان لا يعنى الحصول على فرصة للتأثير على السياسة المصرية بطريقة مفيدة، مشيرة إلى أن الفائدة الوحيدة من البرلمان هى «الحصانة» التى تحمى أعضاءه من القبض عليهم أو احتجازهم أو اتهامهم من ارتكاب جريمة.

ولفتت الدراسة إلى أن وجود «عملية انتخابية تنافسية» داخل دولة سلطوية يبدو «أمراً متناقضاً»، نظراً لإتمام عملية اختيار الرئيس القادم قبل إجراء الانتخابات، معتبرة أن هيمنة حزب النظام (الحزب الوطنى) على الأوضاع السياسية تعد «أشهر الأمثلة الديكتاتورية فى العالم».

ونبهت الدراسة إلى أن الشعب المصرى يواجه عدداً من العوامل المعقدة عندما يفكر فى الاشتراك بالعملية الانتخابية داخل النظام المصرى «السلطوى»، مضيفةً أن الناخبين قد يحصلون على مكاسب مادية من جراء الاشتراك فى الانتخابات، إلا أنهم بإمكانهم إفساد مخطط المزورين.

وركزت على أن المشاركة الانتخابية تقابلها «تكلفة غالية»، مؤكدة أن الانتخابات عادةً ما يصاحبها استخدام العنف من قبل «بلطجية» يؤجرهم بعض المرشحين للوقوف أمام مراكز الاقتراع، وأحياناً تسعى الحكومة إلى إبطال نجاح الإخوان المسلمين.

وتابعت: «الفائدة الوحيدة والمباشرة إزاء مشاركة الفقراء فى الانتخابات هو حصولهم على مكاسب مادية أو فرصة تلبى احتياجاتهم المالية من قبل طرح أصواتهم للبيع فى الانتخابات». واصفة عملية «شراء الأصوات الانتخابية» فى مصر بأنها «ظاهرة ليست جديدة ولكنها «منتشرة» حتى أصبح موسم الانتخابات «فرصة ذهبية لتفاعل الجمهور مع النخبة».

ومن ضمن العوامل التى تدخل فى تحديد صفات العملية الانتخابية بمصر، هى جماعة الإخوان المسلمين، والتى أكدت الدراسة أنها تشارك فى الانتخابات باعتبارها «فرصة لجعل نفسها حركة معارضة مقبولة فى البلاد، دون إبراز تحد مباشر للنظام الحاكم». واعتبرت أنه «رغم سماح الرئيس حسنى مبارك للمعارضة بفوز عدد من المقاعد فى البرلمان، إلا أنه لن يسمح لهم بالحصول على العدد الذى يجعلهم يعرقلون التشريعات».

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,829,077