الشرق الأوسط في خطر
طارق الشيخ
تشرق شمس كل صباح علي مكتبة الإسكندرية علي ساحل البحر المتوسط لتؤكد للعالم عودة منارة المعرفة من جديد الي الحياة.
وذلك بعد قرون من الاختفاء وفي اودية الأنهار بباكستان يلعب الأطفال تحت الشمس بعد انحسار ماء الفيضانات ووصول الغذاء لهم وفي البوسنة يتجه الجميع الي اعمالهم دون خوف من شبح الموت بعد انتهاء الحرب الأهلية المدمرة.
وفي الكونغو الديمقراطية حيث قلب افريقيا بدأت الجماهير المتحمسة الفرحة في متابعة' مازيمبي'..فريقها الكروي المفضل.. وهو يفوز ببطولة دوري الأبطال ويشق طريقه مجددا الي الدور قبل النهائي بعد ان كان كل شخص في هذا البلد يسير تحت عباءة ملك الموت اغلب فترات اليوم..ان الفضل في ذلك يعود دون ادني شك الي المنظمات الدولية او ما يعرف بالحكومة العالمية.
فالأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية العاملة علي المستويين العالمي والإقليمي تتولي بأمر الإدارة الجماعية للمشكلات العامة المشتركة علي المستوي الدولي.وعلي الرغم من تفاوت النتائج التي تحققها وكفاءة الأداء فإن دورها في عالم اليوم أصبح من الصعب انكاره او تجاهله.
وقد اصدر مجلس المخابرات القومي الأمريكي ومعهد الإتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية تقريرا هاما يوضح تقديراتهما لمستقبل أداء المنظمات والكيانات الدولية أو الحكم العالمي بحلول عام2025.
وفيما يتعلق بمصر علي وجه التحديد تمت الإشارة الي انها ستظل من الدول القائدة اقليميا علي الصعيد الأفريقي وستلعب الطفرات المحلية التي ستشهدها واولويات سياستها الخارجية دورا حاسما في مستقبل القارة وذلك الي جانب عدد من الدول الأفريقية الرئيسية الأخري مثل اثيوبيا والكونغو الديمقراطية ونيجيريا وجنوب افريقيا انطلاقا من حقيقة مفادها ان القارة الأفريقية من الضخامة والاتساع والتنوع بما يحول دون انفراد لاعب اقليمي واحد بالقيادة. وفيما يتعلق بجامعة الدول العربية ومستقبلها وتحت باب حمل عنوان مستقبل غير مؤكد تمت الإشارة الي ان الجامعة العربية كانت من بين المنظمات الإقليمية التي قدمت اسهامات محدودة نسبيا فيما يتعلق بالعمليات الضخمة الخاصة بالتعامل مع ظاهرة الدول الهشة غير المستقرة.واستند النقد الي قيام الجامعة العربية بعملية حفظ سلام رسمية واحدة فقط في لبنان عقب اتفاق الطائف.
ومن خلال جلسات نقاش لاستطلاع الاراء كانت احداها في الإمارات العربية اشار المتحدثين الي افتقادهم المنظمات الإقليمية القوية بالمنطقة مؤكدين ضعف الجامعة العربية وعدم ارتباطها بالمؤسسات الدولية بشكل جيد.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط تم التحذير من ان ضعف النظام الدولي سيؤدي الي نشوب سباق للتسلح النووي بالمنطقة وهو ما يعد ضربة تؤدي لعدم استقرار واستمرارية النمو الإقتصادي العالمي.وتنبأ الخبراء بحالة عدم استقرار في الدول النامية محدودة الدخل واحتمالات متزايدة لنشوب الصراعات خاصة في الدول التي لم تحسم حروبها الأهلية السابقة بشكل تام. وتم ترشيح منطقة الشرق الأوسط من بين المناطق الأكثر عرضة لمخاطر عدم الاستقرار ونشوب النزاعات المسلحة.
وتم التنويه لاهتمام المنطقة بمدي مشاركتها في اي ترتيبات عالمية مستقبلية تلافيا لتكرار عدم المشاركة الفعالة في تشكيل التنظيم الدولي عقب نهاية الحرب العالمية الثانية.فعلي سبيل المثال يمثل عدم وجود مقعد دائم لأي دولة من المنطقة في مجلس الأمن سببا مباشرا في ان تكون مفاتيح حل غالبية مشاكلها وقضاياها في يد قوي خارجية.
وتم التحذير من ان احد نقاط الضعف الإقليمية الأساسية في المنظمات العالمية والإقليمية تتمثل في افتقار النظام الدولي الي الآليات المتعلقة بالتعامل مع الملامح المميزة والتحديات الخاصة بالنزاعات والأزمات الداخلية في الشرق الأوسط بمعناه الواسع. وهناك تساؤلات حول مشروعية اللاعبين الدوليين العاملين في المنطقة.
وقد تم وضع4 سيناريوهات لما يمكن ان يكون عليه النظام الدولي وما يمكن ان يحدث من تغيرات وتحديات خلال الـ15عام القادمة.والأول منها هو الأكثر احتمالا للتحقق خلال الأعوام الـ15 القادمة ويقول بأن العالم لن يشهد اي نزاع رئيسي يمثل تهديدا للنظام الدولي علي الرغم من البطء الواضح في نمو الإدارة الجماعية العالمية وستظل المؤسسات الدولية الرسمية بلا اصلاح.ويحمل السيناريو الثاني عنوان'التفكك' وطبقا له ستعزل الدول والأقاليم القوية نفسها عن التهديدات الخارجية فالولايات المتحدة واوروبا ستهتم كل منهما بمواجهة أثار الأزمات الاقتصادية وتراجع مستوي المعيشة وتدشن اسيا نظاما اقليميا يضمن الإكتفاء الذاتي الاقتصادي.
اما السيناريو الثالث فيتعلق بتعرض النظام الدولي لتهديد كبير من كارثة بيئية او نزاع قابل للإنتشار مما سيؤدي لتوليد المزيد من التعاون من اجل حل المشكلات العالمية ويكون اصلاح النظام الدولي امرا ممكنا وتظهر النتائج الإيجابية علي المدي البعيد وتشمل وجود نظام عالمي به مستوي مرتفع من التعاون الكلي لمواجهة العديد من المشكلات.اما السيناريو الرابع والاخير فنسبة حدوثه تعد محدودة للغاية ويقول بسيادة التهديدات في النظام الدولي نتيجة انعدام الاستقرار الداخلي في عدد من الدول القوية الصاعدة مثل الصين وتنمو النزاعات القومية بعد احباطات تصيب الطبقة المتوسطة عالميا.ويزداد التوتر بين الولايات المتحدة والصين وكذلك بين الصين والبرازيل وروسيا والهند لأسباب تجارية كما ينشب سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط ووسط حالة الفوضي والتوتر يكون من الصعب اجراء اي اصلاحات في المؤسسات العالمية.
وبعيدا عن الخوف من المستقبل يتوافد الزوار بالآلاف علي مكتبة الإسكندرية ويلعب الأطفال في وديان باكستان وسهول البوسنة وتهتف جماهير الكونغو لفريقها أملا في النصر والسعادة والغد الأفضل.
ساحة النقاش