حوار .. مع الصغار |
هدي الصافوري |
في وقتنا الحالي قد يغيب الحوار بين الأم وطفلها مثلما غابت أشياء كثيرة في اساسيات التربية فما هي أهمية الحوار بينهما وما هو التوقيت المثالي لبداية هذا الحوار؟! فقد أكد "فرويد" عالم النفس العالمي المعروف ان السنوات الخمس الأولي من حياة الطفل تشكل حجر الأساس في تكوين شخصيته في المستقبل ومع ضغوط الحياة الحالية والتي تتعرض لها الأم العاملة وغير العاملة أثناء قضاء يومها العادي.. يغيب الحوار بينهما ويجيء دور سؤال الأمهات عن شكل العلاقة بينهن وبين أطفالهن.. تقول الأم مني محمد فتحي "ربة بيت": ابني عمره خمس سنوات ويغار من أخيه الأصغر إلي أبعد الحدود ويريد ان انفذ له كل ما يريد وبالفعل انفذها له ولكن عندما يتمادي في الطلبات احتد عليه ولذلك أشعر أنه يحب والده أكثر مني. أما شيماء علي "عاملة" فتقول: أتعامل مع أولادي بشدة وبالرغم من ذلك أشتكي منهم لانها تقول انهم لا يستطيعون تنفيذ ما أطلبه منهم. لكن هدي فتحي "ربة بيت" تقول: انها تعامل أولادها بحنان شديد وتعتقد ان طبيعتها معهم تجعلهم يتجرأون عليها!! وتقول سمر حامد "ربة بيت" انها تتحاور مع طفلها الذي لم يتجاوز عمره العام الأول عن طريق اللعب معه ومساعدته علي النطق. أما لمياء محمد حامد "ربة منزل" فتشكو من ابنتها وتصفها بالغيرة غير الطبيعية ممن هم في مثل سنها من الأطفال بالرغم من انها لا ينقصها شيء ولذلك فالحوار بينهما دائماً يميل إلي التعنيف!! ويؤكد خبراء التربية ان حوار الأم مع أطفالها يجب ان يبدأ من اليوم الأول بعد الولادة وان من يظن ان الحديث مع الطفل لا فائدة منه إلا عندما يصل إلي عمر السنتين فإنه لا يدرك ان الانسان يكتسب اللغة عن طريق الاستماع إليها وذلك حتي قبل ولادته والذي يدل علي ذلك ان الطفل يستمع إلي الموسيقي وهو جنين وهذا يوضح انه علي الأم ان تحرص علي ان تتحدث إلي طفلها منذ اليوم الأول لولادته ليصبح له خبرة واسعة بالألفاظ واللغة وان تحرص أيضاً علي التغبير الجسدي الذي يصاحب الحديث ليتعرف علي تغيرات الوجه وحركة الشفتين واليدين أثناء الحديث. وقد أكدت أحدث الدراسات العلمية لقياس الحصيلة اللغوية للاطفال في مناطق مختلفة فوجدنا ان الأم في الأحياء الشعبية لا تتحدث مع ابنائها الا عندما تعنفهم وبالتالي كان تفكير معظم الاطفال ضيقاً وحصيلتهم اللغوية ضعيفة علي العكس تماماً من حالة الابناء في الطبقة المثقفة نظراً لأن الحوار في الأسرة لا يتوقف ويمكن تشبيه مفردات اللغة عند الأطفال بالمكعبات التي يلعبون بها وان الطفل الذي يمتلك عشرة مكعبات لا يستطيع ان يصنع منها إلا مربعاً أومستطيلاً صغيراً بينما الطفل الذي يملك مائة مكعب يستطيع ان يبتكر بها مئات الأشكال وبالتالي كلما زادت الحصيلة اللغوية عند الطفل ساعد ذلك في تنمية الإبداع والابتكار عنده ولا يمكن ان نغفل أهمية القراءة للطفل منذ ولادته وأنه تم في الدول الأوروبية وبالتحديد "انجلترا" فعند ولادة أي طفل يستخرج له مباشرة كارنيه استعارة للكتب من المكتبة ويعطونه للأم ويؤكدون عليها أهمية اصطحاب الطفل للمكتبة وتصفحه للكتب عن طريق الكتب!! ويؤكد خبراء التربية في انجلترا أن تأجيل الرغبات في علم النفس هو الأسلوب الذي يجب ان تتبعه كل الأمهات فلا تستجيب لطلبات الطفل الزائدة ولكن تقنعه بالمنطق والحوار حتي لا يأخذ موقفاً معادياً من أمه. كما يشير الخبراء إلي انه قبل حوار مع أطفالها هناك ما يسمي الارتباط المبكر بينهما بعلاقة الحب والاحترام والثقة والاطمئنان وبدون هذا الارتباط المبكر لا يمكن ان يكون الطفل سوياً نفسياً لان الطفل إذا لم يشعر ناحية أمه بالحب سيقوم علي فعل عكس ما تقوله! كما أكد الخبراء ان الطفل في السنوات الأولي يكون لديه حب استطلاع لكل شيء حوله وبالتالي حتي يتم عقله ولغته وتفكيره من المفروض ان تتفاعل الأم معه بالاجابة علي كل اسئلته حتي إذا كانت محرجة فتجيبه بإجابات مقنعة وبسيطة لكن أسلوب "أخرس" الذي تتعامل به الأمهات مع اطفالها خاطيء فإذا لم تستمع الزم لابنها في الصغر لن يسمعها هو في الكبر فالأم والأب قدوة ونموذج لاطفالهما. وهناك مرحلة غالباً ما تبدأ من سن أربع سنوات تسمي مرحلة السلبية أو "المعاكسة" يريد معها الطفل ان يثبت نفسه عن طريق القيام بعكس ما تقوله الأم خاصة اذا كان لديه أخ صغير فيكون لديه شعور داخلي في جذب الانتباه إليه فعلي الأم ان تفهم طبيعة هذه المرحلة ولا تعاقب طفلها لكن بالصبر والمحايلة والتشجيع بالانابة وليس بالعقاب ستأتي بنتائج مؤكد علي أهمية الأخذ بالحديث الشريف والذي يقول: "لاعبوهم لسبع وادبوهم لسبع وصاحبوهم لتسع ثم اطلقوا لهم الحبل". |
نشرت فى 10 نوفمبر 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,792,612
ساحة النقاش