فريق مصري يبتكر تحليلا سريعا لاكتشاف فيروس سي
كتب:أشرف أمين
بالرغم من حملات التوعية بمخاطر فيروس سي,فإن هناك عدد من المصابين سنويا يقدرون بعشرات الآلاف تنتقل لهم العدوي سنويا, حتي أصبح بين كل ستة أفراد هناك شخص مصاب بالفيروس سي.
ولأن قضية الفيروس الكبدي سي تحتاج لتعاون مجتمعي للتغلب عليها, ففي هذا الإطار يجري حاليا مشروع بحثي في معامل الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة, وكما يوضح الدكتور حسن عزازي أستاذ الكيمياء ونائب عميد كلية العلوم والهندسة أننا للأسف معرضون للإصابة بفيروس سي, ومن الممكن أن تصاب دون أن تدري ويظل الفيروس في جسدك في حالة كمون لعدة سنوات وتقوم بالتبرع بالدم دون أن تظهر التحليلات أي أجسام مضادة للفيروس, إضافة إلي ذلك فإن معظم الحالات في مصر تكتشف إصابتها بالمرض بالمصادفة أثناء التقدم للسفر للعمل بالخارج أو بعد ظهور الأعراض المرضية, وللأسف فإن هذه الحالات تكون في مراحل متأخرة من المرض يصعب علاجها, لذلك فإن المشكلة الأولي التي نواجهها في مصر هي عدم توافر أسلوب تحليل سريع وبسيط يساعد علي اكتشاف الإصابة وعلاج المريض مبكرا وتجنيبه المضاعفات الصحية التي يعانيها مرضي الكبد.
وبمراجعة وسائل تحليل الدم المعتمدة دوليا والمتوافرة حاليا, فهناك التحليل الأولي الذي يظهر العينة التي بها أجسام مضادة للفيروس, وبالتالي من الممكن عدم رصد الفئات الحاملة للفيروس والذين قد ينقلون العدوي لآخرين دون أن ندري, حيث أن هناك مرحلة تعرف بالمرحلة الشباكية تصل لعدة أيام بين الإصابة بالمرض وظهور الأجسام المضادة للفيروس بالدم. أما التحاليل الأخري الأكثر تعقيدا فمنها ما يكشف عن الحامض النووي لفيروس سي أو البروتينات الخاصة بالفيروس, وهي تتميز بالدقة والحساسية, إلا أنها تعاني من بعض المساويء مثل التكلفة العالية علي المريض, حيث يتكلف التحليل الواحد مابين300 و700 جنية للعينة الواحدة, كما أن الوقت اللازم لإجراء التحليل يستغرق أكثر من4 ساعات للعينة الواحدة, أيضا إجراء التحليل يستلزم فنيين علي درجة عالية من التدريب والمهارة, هذا بالإضافة لاستخدام أجهزة باهظة الثمن ومعقدة في تشغيلها.. كل هذه الأمور تعوق من عملية الكشف علي أعداد كبيرة من قد يشتبه في إصابتهم بالمرض, كما أن التكلفة المرتفعة للتحاليل تمثل عبئا ماديا علي المريض وأسرته, خاصة أنه يحتاج لتكرار هذه التحاليل أكثر من مرة أثناء العلاج لمتابعة حالته الصحية.
كل هذه الأمور وغيرها, دفعت الدكتور حسن عزازي والباحث شريف محمد شوقي وباقي الفريق البحثي بمركز يوسف جميل للعلوم والتكنولوجيا للبحث عن وسيلة بسيطة لاكتشاف المرض مبكرا, حيث استخدام جزيئات الذهب النانومترية, لما لها من خواص كيميائية عديدة أهمها إمكانية تغير لونها عند تغيير حجم أو ترتيب الجزيئات وملاحظة ذلك بالعين المجردة. وتعتمد فكرة التجربة علي فصل الشريط الوراثي لفيروس سي ثم إضافة العينة لجزيئات الذهب النامومترية وشرائط وراثية معينة تتفاعل مع الحامض النووي لفيروس سي وبالتحكم في الوسط الكيميائي للتفاعل يتغير ترتيب جزيئات الذهب وبالتالي يتغير لون العينة من اللون الأحمر للأزرق مما يسهل من معرفة إذا كانت العينة المراد تحليلها تحمل الفيروس أم لا.
ويضيف الدكتور عزازي أنه علي مدار الشهور الماضية أجرينا العديد من التجارب المقارنة بين تقنية الكشف الحديثة والتقنيات المتعارف عليها, ووجدنا أن هذه التقنية تمتاز بالسرعة في الكشف عن الفيروس في الدم حيث لاتحتاج أكثر من30 دقيقة, كما أن تكلفة هذا التحليل تقدر بنحو35 جنيها, إضافة لذلك فإن الأداء التحليلي مقارب للاختبارات الموجودة حاليا بمعني أنه يستطيع الكشف عن50 فيروسا فقط في العينة, والأهم هو أن إجراء التحليل لا يحتاج لمهارة عالية أو أجهزة معقدة, حيث يمكن تقييم نتائج العينة بالعين المجردة, مما يسهل إجراء التحليل في أي معمل دون الحاجة لتجهيزات خاصة. وقد نشر هذا الاختراع في العديد من المجلات البحثية, ويجري حاليا تسجيل الاختراع بالولايات المتحدة حتي يمكن التفاوض دوليا مع الشركات المتحمسة لإنتاج هذا الاختراع. ويؤكد الدكتور عزازي أن هذا الاختراع يمكن مواءمته وتعديله للكشف عن أي فيروس آخر, كما من الممكن أن تتبني الدولة هذا الاختراع وتطلق مشروعا قوميا للكشف المبكر عن الفيروس سي, وهو ما يمكن تحقيقه بهذه التقنية بتكاليف زهيدة ووقت قليل.
وفي الوقت نفسه يسعي الفريق البحثي إلي عمل ابتكار آخر بالغ الأهمية يعتمد علي جزيئات الذهب النانومترية سيساعد علي رصد أكثر من مرض في عينة دم وتحليل واحد, وهو ما يعد بمثابة ثورة في وسائل التحليل الحديث والتي توفر الكثير من الوقت والمال في الوقت الراهن, ففي مناطق أخري من العالم تقوم بعض المراكز البحثية باستخدام تقنيات مشابهه للكشف المبكر عن أورام البروستاتا, أو للكشف المعملي قبل ظهور أعراض مرض الزهايمر.
ساحة النقاش