بسم الله الرحمن الرحيم
مدارس الفكر الإداري ( 2 )
النظريات التي تلت الفكر الكلاسيكي ( التقليدي )
1 0 نظرية العلاقات الإنسانية Human Relationship / Behavioral Theory
يقصد بالعلاقات الإنسانية كيفية التنسيق بين جهود الأفراد المختلفين من خلال إيجاد جو عمل يحفز على الأداء الجيد والتعاون بين الأفراد بهدف الوصول إلى نتائج أفضل بما يضمن إشباع رغبات الأفراد الاقتصادية والنفسية والاجتماعية . وتعتبر من المدارس التجريبية التي اتبعت نفس الأسلوب العلمي التحليلي للإدارة العلمية مع الاختلاف في نقطة التركيز إذ اهتمت وركزت على العنصر البشرى ( دراسة السلوك ) ، إن الفكرة التي قامت عليها المدرسة السلوكية ، أن المنظمة مكان للعمل والحياة ، وأن العمل هو سنة الحياة ، والإنسان هو محور العملية الإنتاجية ، الجدير بالذكر أن الظروف البيئية التي أدت إلى ظهور حركة العلاقات الإنسانية تمثلت في تركيز اهتمام المديرين منذ بداية حركة الإدارة العلمية على النواحي الفنية (ترتيب منطقة العمل ودراسة الحركة والزمن والإنتاج) مما أغفل كثيراً من النواحي والمواقف الإنسانية التي تؤثر على الإنتاج . وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1944م بدأ كثير من المديرين يكتشفون بأن العامل هو إنسان له شخصيته المستقلة وأنه ليس أداة من أدوات العمل وأن كثيرا من إشكاليات العمل تستلزم حلولاً إنسانية قد لا يجدي معها الحلول الفنية.
أثبتت تجارب هوثورن من المستحيل التعميم في كل ما يختص بسلوك الإنسان ، بل من الممكن التنبؤ بسلوكه وفق ظروف معينة وفى ظل معطيات وعوامل معينة . ((تجارب هوثورن Howthorne أجريت ما بين عامي 1927 - 1932م في مصانع شركة وسترن إلكتريتك ، الشركة العالمية لصنع الهواتف وخدمات الاتصالات ، في مدينة شيكاغو بأمريكا ، وكان الغرض من هذه الدراسات هو تحديد تأثير عدد من المتغيرات المادية كالإضاءة و ظروف العمل وفترات الراحة ، على إنتاجية الأفراد المشاركين في التجارب كانت ترتفع بغض النظر عن التغيرات التي كانوا يحدثونها ، وقد استنتجوا أن ذلك يعود إلى شعور الأفراد بالرضا الذي سببه اهتمام المشرف بهم كأشخاص وبسبب العلاقات الاجتماعية الحسنة السائدة بينهم )) . حيث تعتبر من أبرز التجارب التي اُعتمد عليها في المنهج السلوكي للإدارة الذي كان أبرز رواده (إلتون مايو) .
فيما يلي أهم نتائج نظرية العلاقات الإنسانية ( سلسلة دراسات هوثورن ) :
1. إن العنصر البشرى في العمل هو أهم العناصر .
2. لا تقتصر دوافع العمل على الأجور و المكافآت المادية فقط ، بل يجب النظر باعتبار إلى الحاجات النفسية و الاجتماعية لدى العاملين ، وأهم تلك الاحتياجات احترام النفس ، تأكيد الذات ، احترام الآخرين ( المعنويات ) .
3. يجب على الإدارة التعامل مع العاملين باعتبارهم جماعة و ليس كأفراد منفصلين .
4. إتباع الأسلوب الديمقراطي في التعامل مع العاملين .
5. يحتاج المديرون إلى مهارات سلوكية ، وخلفية اجتماعية كافية إلى جانب مهاراتهم الفنية والإدارية.
الجدير بالذكر هناك العديد من النظريات السلوكية والعلاقات الإنسانية ، مثل نظرية هرم الحاجات (لإبراهام ماسلو) ، حيث قسم (ماسلو) الحاجات البشرية إلى خمسة أنواع متدرجة : الأولى الحاجات الطبيعية كالطعام والشراب وهى من الضروريات الأساسية ، الثانية الأمان مثل المسكن والمأوى حيث الشعور بالأمان ، الثالثة الحاجات الاجتماعية كالانتماء إلى الجماعة حيث التعاون والمصالح المشتركة ، الرابعة الحاجة إلى التقدير أى الحاجة إلى تقدير الآخرين ، الخامسة تحقيق الذات وهى أعلى درجة في سلم الاحتياجات حيث معرفة الفرد لقدراته واستغلالها لتحقيق طموحاته ، وتعتمد نظرية ماسلو على مبدأين : الأول هو مبدأ نقص الإشباع : أي أن الحاجة غير المشبعة تمثل محركا للسلوك ، والثاني هو مبدأ تدرج الحاجات : بمعنى أن إشباع الحاجات الأولية تتم أولاً قبل إشباع الحاجات الأعلى منها .
وفى ذات المجال يمكننا التعرض لملخص نظرية (هرزبرج) ، حيث قام (هرزبرج) بجامعة Yale بإجراء دراسة على مائتين من المهندسين والمحاسبين بمقاطعة بستبرج بأمريكا ، مستخدماً طريقة المقابلات الشخصية. والهدف من وراء هذه الدراسة تكوين نظرية عن الدافعية ( التحفيز ) في التنظيم وأثرها على وظيفة الرقابة والتوجيه ، وقد أشار (هرزبرج) في نظريته بأن هناك مجموعتين منفصلتين من العوامل على الشعور بالرضا العام والاستياء العام لدى العاملين ، وبالتالي على أدائهم داخل التنظيم ، المجموعة الأولى وأسماها ( العوامل الدافعة ) أما المجموعة الثانية فأسماها ( العوامل الصحية ) ، وقد توصل إلى هاتين المجموعتين من خلال المقابلات التي
أجراها هو وزملاؤه مع عينة الدراسة . في تلك المقابلات وجدوا أن أفراد عينة الدراسة قاموا بتحديد ظروف أو عوامل مختلفة لكل من الشعور الإيجابي ( الرضا ) والشعور السلبي ( الاستياء) وذلك بدلاً من ذكر نفس العوامل ونقائضها في الانتقال من الشعور الإيجابي إلى الشعور السلبي أو العكس ، وعليه فبينما وجدوا أن عامل التقدير قد تم ذكره كأحد العوامل التي أدت إلى الشعور الإيجابي تجاه العمل ، فإن عدم وجود التقدير لم يتم ذكره كأحد العوامل التي أدت إلى الشعور السلبي تجاه العمل ، فإن السياسات الجيدة للمنظمة تم ذكرها بشكل نادر كأحد العوامل التي أدت إلى الشعور الإيجابي تجاه العمل عموماً ، فقد انتهى (هرزبرج) إلى نتيجة مفادها أن العوامل التي تؤدي إلى إحداث الشعور الإيجابي تجاه العمل ( الرضا ) ، وتلك التي تؤدي إلى إحداث الشعور السلبي تجاه العمل ( الاستياء العام ) تعتبر عوامل مختلفة ، حيث قبل التوصل إلى هذه النتيجة كان الاعتقاد السائد ، أن الرضا العام عن العمل هو عكس الاستياء العام ، إلا أن نتائج الدراسة دلت أن كلاً منهما له بعد خاص به .
2 0 نظرية Y & X ( ماكجريجور ).
( ماكجريجور ) أحد الذين انتقدوا المغالاة والتطبيق الحرفي لمبادئ النظرية الكلاسيكية ، حيث طالب بالاعتدال في تطبيقها ، ومراعاة العنصر البشري الذي هو أهم عناصر الإنتاج . وهو بنفس الوقت ينادي بأن تطبيق نظرية العلاقات الإنسانية بصورتها الكاملة أمر غير سليم من وجهة النظر العملية ، لأن هناك مغالاة من قبلها حول التركيز على العنصر البشري على حساب العناصر الأخرى في التنظيم . إذاً يمكن القول إن (ماكجريجور) قد حاول في كتاباته المواءمة بين الفرد والمنظمة والتقريب بينهما ، وإحداث التكامل والتوافق بين أهدافها ، وخلق الظروف المساعدة لتحقيق هذه الغاية عن طريق تحقيق الإشاعات الشخصية لحاجات الأفراد عند تحقيقهم أهداف المنظمة بنجاح ، بهذا الوضع يشعر الأفراد أن أهدافهم مرتبطة بأهداف المنظمة التي يعملون فيها .
وقد قام ( ماكجريجور ) بانتقاد التطبيق المتطرف لبعض مفاهيم النظرية الكلاسيكية التي تركز على العمل والإنتاج المادي والرقابة والتوجيه ، حيث صورها في نظرية أسماها ( X ) أي وجهة النظر التقليدية في الرقابة والتوجيه ، ثم رد على هذه النظرية بنظرية أخرى أسماها نظرية " Y " أي التكامل بين أهداف الفرد والمنظمة ، شرح فيها بعض الافتراضات العقيمة التي تضمنتها نظرية (X ) وسنأتي على شرح هاتين النظريتين بشكل موجز فيما يلي :
أولاً : نظرية ( X )
تقوم هذه النظرية على الافتراضات الآتية :
1. إن الفرد العادي يكره العمل بطبيعته ولا يحبه ويحاول تجنبه قدر استطاعته ، وبالتالي يجب إجباره على العمل حتى يمكن تحقيق أهداف المنظمة ، وعليه فنظرية (X) تلوح بالعقاب كإجراء لا بد منه لحث الأفراد على العمل ، وهي بنفس الوقت تستخدم التحفيز المادي للمنتجين الذين يعملون
2. إن الإنسان العادي يفضل أن يوجه لأداء معين بدلاً من اعتماده الشخصي على نفسه ، وبالتالي فهو يفضل أن يقاد وألا يتحمل مسؤولية ، وإن درجة طموحه قليلة ، ويهمه قبل كل شيء الأمان والطمأنينة في العمل.
3. وتشير هذه النظرية أخيراً إلى أن نقطة الضعف الرئيسة في الإدارة (المتهاونة) ، هي أنها توفر فرص إشباع الرغبات لدى الأفراد ، دون أن تربطها بالأداء ذاته .
4. ويرى (ماكجريجور) أن نظرية (X) لا تعمل سوى على إشباع الحاجات الفسيولوجية غير عابئة بالحاجات الاجتماعية والإنسانية الذاتية ، وهذا الأسلوب في نظره لا يحفز ولا يدفع ولا يشجع على العمل ، وبالتالي من الضروري تعديل أسلوب الإدارة التقليدية بما يتلاءم مع الحاجات الإنسانية ، واحترام الفرد ككائن حي .
ثانياً : نظرية (Y)
تقوم نظرية (Y) على الافتراضات الآتية :
1. إن افتراض النظرية الكلاسيكية بأن الإنسان لا يحب العمل بطبيعته ، افتراض غير صحيح ، لأن الإنسان يحب العمل كما يحب اللعب والمرح ، وأن ميوله تجاه عمله تتكون نتيجة لخبرته السابقة وتعامله مع المنظمة ، في ظل الظروف الطبيعية ، نجد أن الفرد لا يتهرب من تحمل المسؤولية بل يسعى إليها .
2. إن استخدام العقاب كوسيلة لدفع الفرد للعمل وسيلة غير سليمة ، إذ يجب استخدام وسيلة أخرى تعتمد على ترغيب العاملين في العمل وإقناعهم بالأهداف التي يجب عليهم تحقيقها ، عندئذ يمكن الاعتماد على الرقابة الذاتية إلى جانب الرقابة الخارجية .
3. إن إقناع الفرد بالأهداف والالتزام بها ، يرتبط بمدى العائد الذي سيحصل عليه من وراء تحقيقه ، وبما يتناسب مع أهدافه ، وعليه يجب استخدام التحفيز المادي والمعنوي خاصة .
4. المنظمات الحالية وفي ظل الظروف التي تعيشها في الوقت الحاضر، فإن الطاقات البشرية لا تستغل استغلالاً كاملا ً، لذلك لا يقع اللوم على الفرد ، بل على المنظمة نفسها التي لم تهيئ الظروف المناسبة لاستغلال الطاقات البشرية أحسن استغلال.
5. يمتلك الأفراد القدرة على الابتكار والخلق ، والرئيس يجب عليه أن يشجع مرؤوسيه على تنمية واستخدام طاقاتهم وخبراتهم ، إن هذا التشجيع هو الذي يقدم الفرص لإشباع الحاجات والرغبات ( المادية والنفسية ) .
إذاً يرى (ماكجريجور) في نظرية (Y) أن على المنظمة بشكل عام أن تخلق الفرص المواتية لقيام الأفراد بتحقيق حاجاتهم من خلال تحقيق أهدافها ، وهذا ما يسمى بمبدأ التكامل بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة ، ويقترح إتباع ما يلي لتحقيق التكامل :
1. تحديد وتوضيح متطلبات الوظائف .
2. أن تترك للفرد حرية العمل، والحكم والاختيار .
3. وضع أهداف واضحة محددة يجب تحقيقها في مدد زمنية .
4. المشاركة في وضع الأهداف .
5. المشاركة في مراجعة النتائج المحققة .
6. مساعدة المرؤوسين على تحقيق أهدافهم من قبل رؤسائهم .
بالرغم من الرواج الذي وجدته تلك الحركة ، لم تسلم من الانتقادات التي وجهت لها ، أدناه وأهم الانتقادات الموجهة لنظرية العلاقات الإنسانية :
1. الاعتماد فقط على الأسلوب العلمي التحليلي .
2. التركيز فقط على العامل الإنساني .
3. التركيز على أسلوب واحد للقيادة .
4. محدودية النظر لطبيعة النفس البشرية .
5. الاعتقاد بأن مصلحة الإدارة والعاملين مشتركة و متبادلة .
6. إغفال المؤثرات الخارجية .
3 نظرية بحوث العمليات Operation Research Theory
لم تستخدم بحوث العمليات إلا منذ الحرب العالمية الثانية ، واستخدمت بهدف تحسين الأنشطة العسكرية ، ثم استخدمت على نطاق واسع في مجال الصناعة ، في الحرب العالمية الثانية كلفت
الإدارة العسكرية البريطانية فريق من العلماء بينهم نقيب ، حيث تمثلت مهمة هذا الفريق فى القيام بدراسة المشاكل الإستراتيجية والتعبوية الخاصة بالدفاع الجوى ، وتحديد أفضل استخدام ممكن للموارد العسكرية المحدودة ضد الطيران المعاد ، ودراسة أفضل طريقة لاستخدام الرادار المكتشف حديثاًً ، وأخيرا دراسة فاعلية قاصفات القنابل الجديدة .
يلاحظ أن مفاهيم بحوث العمليات وإن تعددت لا تخرج من تعريف جمعية بحوث العمليات البريطانية والأمريكية ، فيما يلي التعريفين : جمعية بحوث العمليات البريطانية (( هي تطبيق الطرق العلمية على المشاكل المعقدة التي تنشا عند توجيه إدارة النظم الكبيرة من الأفراد والمعدات والمواد والمال في الصناعة والتجارة والحكومة والدفاع ، إن المدخل المميز هو نموذج علمي للنظام يتضمن قياس العوامل مثل الصدفة والخطر ، وبمقتضي ذلك النموذج يمكن التنبؤ ومقارنة عوائد القرارات الإستراتيجية البديلة ، بهدف مساعدة الإدارة في تحديد سياساتها وإجراءاتها علمياً )) . جمعية بحوث العمليات الأمريكية (( تهتم بالتحديد العلمي لكيفية الحصـــــول على أحسن تصميـــــــــم وتشغيل للنظم اليدوية ــ الآلية عادة في ظل الظروف التي تتطلب تخصيص الموارد المحدودة )) .
جاءت بحوث العمليات بناءاً على أفكار النظريات السابقة ، فهي تحاول أن تعالج مختلف المشاكل التي تواجه المنظمة ككل ، وذلك عن طريق النماذج الرياضية للحصول على أفضل حل ممكن في إطار تحقيق أكبر عائد وأقل خسارة ممكنة ، وقد أستطاعت الإدارة أن تستخدم العديد من النماذج الرياضية مثل : طريقة بيرت ، تحليل التكلفة والعائد ، شجرة اتخاذ القرارات ، سلاسل ماركوف ، نظرية المباريات ، نماذج صفوف الانتظار ، نموذج برمجة الأهداف ، ونماذج البرمجة وطرق الحل البياني والسمبلكس ، نموذج النقل .....
ونؤكد هنا ما جاء به ( د. المنيف ) بأن بحوث العمليات ليست إلا وسائل مساعدة لاتخاذ القرارات أكثر من كونها نظرية تبحث في الأمور النفسية الإنسانية والإدارية ، بل بالأساليب المساعدة لتحقيق عملية التنفيذ بناءاً على معلومات وإحصائيات وأرقام .
4 0 نظرية اتخاذ القرارات Decision Making Theory
من أهم المتغيرات التي أثرت على تطور علم الإدارة هي استخدام الطرق الكمية في اتخاذ القرارات ( بحوث العمليات ) . وقد دعم ذلك استخدام الحاسبات الآلية في إدارة العمليات واتخاذ القرارات ، وتعتبر الوسائل الرياضية لبحوث العمليات من الوسائل الأساسية للمساعدة فى اتخاذ القرارات ، لذا يطلق عليها مدرسة علم الإدارة ، أو المدرسة الكمية .
يرى (برنارد) أن اتخاذ القرارات في المنظمة يعتمد على المنطق ، وقدم مفهوم ( الحافز – العطاء ) الذي يساعد على منطقية القرارات لتحقيق الهدف ، فهو يرى أن فاعلية القرارات ترتبط بالعقد بين الموظف وأسلوب تحفيزه ( الراتب ومغريات أخرى ) ، وعلى أساسها يقدم عطاءه المنطقي وقراراته الفعالة ، فيما بعد قام كل من (مارش وسايمون) بتطوير تلك المفاهيم وركزا على عملية اتخاذ القرارات . وعرف (برنارد) اتخاذ القرارات بأنها ((محور العمل الإداري ، وعليه فعملية اتخاذ القرارات عمل يتسم بطابع الاستمرارية والاتصال طالما أن التنظيم يقوم بنشاطه ويسعى لتحقيق الهدف الذي أنشئ من أجله . وعملية اتخاذ القرارات تتم في كافة المستويات الإدارية ، حيث كل قرار يتخذ في أي مستوى كان ، فهو ملزم للمستوى الأدنى منه ، وعلى متخذ القرار في أي موضوع كان ، أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تتعلق بموضوع قراره ليكون القرار المتخذ ناجحاً )) . ويرى (ريجان) أن اتخاذ القرار هو تقدم عقلاني لتحديد معضلة وتحديد البدائل ، ثم اختيار أفضل البدائل المناسبة وترجمتها إلى مسلك عمل ، ومن ثم بداية النشاطات التنفيذية . وأشار إلى مفهوم (وليم جور) الذي أوضح بأن اتخاذ القرار هو نموذج للتفاعلات بين الأفراد خلال آليات المجتمع ، تلك التي تدعم تطور النشاط الجماعي بفاعلية وتحافظ عليه .
يرجع معظم الباحثين إلى أن اتخاذ القرارات يعود إلى (سايمون) الذي عرف الإدارة بأنها عملية اتخاذ القرارات ، وعزى ذلك لأهمية القرارات البالغة الأهمية في حياة المدير اليومية ، وصنف (سايمون) القرارت إلى قرارات روتينية أو مبرمجة ، وقرارات إبداعية أو متجددة ، ووضع منهجاً علمياً لاتخاذ القرارات في شكل خطوات يجب أن يتبعها المدير ، وهى :
1. تحديد المعضلة .
2. جمع المعلومات .
3. تحليل المعلومات .
4. وضع بدائل الحل ( الخيارات ) .
5. مقارنة البدائل .
الجدير بالذكر أن مراحل عملية اتخاذ القرار في المنظمة العسكرية تتمثل في عملية تقدير الموقف الذي يعرف بأنه (( دراسة علمية تتناول معضلة ما بالبحث والتحليل بغرض الوصول إلى أحسن الحلول الممكنة لها ... فهو في مجملة سياق منطقي يستخدم فيه الحس والإدراك والتصور السليم والحكم والاستنتاج بغرض الوصول إلى خطة مقنعة قابلة للتنفيذ في حدود الواجب المخصص للقائد . إن تقدير الموقف مبنى على أسلوب علمي مدروس يتناول في طياته كل الحقائق المتيسرة التي يفرضها الموقف الماثل ، بالبحث والتحليل للوصول إلى عدة خيارات لحل قيد البحث )) .
تمثلت الانتقادات التي وجهت لنظرية اتخاذ القرارات في عدم كفاءتها في حل المشاكل الإنسانية ، وبعض النواحي الأخرى مثل الدافعية ، وقياس الروح المعنوية ، وهى من الأمور ذات الأهمية لإدارة المنظمة .
5 0 نظرية التنظيم والتكنولوجيا Technology & Organization Theory
تهتم نظرية التنظيم و التكنولوجيا بأفضل أساليب وسبل التنظيم 0 و تعتمد مفاهيم نظرية التنظيم على الدراسات الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية ودمجها مع الدراسات الإدارية إلى جانب التجارب والبحوث . ويرى (بيرو) أن التنظيم عملية هيكلية اجتماعية يلعب فيها أفراد التنظيم بناءاً على هيكل التنظيم و نوعه ، كما و يؤثر التنظيم على الهيكل و الأدوار البيئية العامة و التكنولوجيا المستخدمة ، يعرف (بيرو) التكنولوجيا و أثرها على التنظيم بعنصرين ، الأول قابلية التغيير لدفع المدير فى اتخاذ قراراته 0 الثاني قابلية التغيير للتجارب في البحث عن البدائل . وأوضح (بيرو) بأن التكنولوجيا هي التي تحدد الهيكل التنظيمي ، و أن الأهداف ( الاجتماعية / الإنتاجية / المعتمدة على السلعة المنتجة ... ) تحددها الملامح والصفات الشخصية للإدارة العليا و تاريخ المنظمة و بيئتها المحيطة بالمستفيدين و أعراف و قيم المنظمات الأخرى التي تتعامل معها المنظمة ، بالإضافة لتحديد أدوار المدير . إن عملية التنظيم وتأثير التكنولوجيا عليه ، أو بناء التنظيم أولاً ومن ثم تحديد التكنولوجيا المناسبة ، يعتبر ذلك محل خلاف بين المفكرين، وفى الغالب الأعم ، نجد أن عملية بناء التنظيم تتأثر بنوعية التكنولوجيا ، أكد ذلك (تومبسون) بأن التكنولوجيا هي التي تحدد التنظيم المطلوب . لكل من التنظيم والتكنولوجيا نظرية خاصة بكل منهما ، وقد تم الربط بينهما بواسطة (ودورد) ، لذا المفهوم الأساسي لنظرية الربط بين التنظيم والتكنولوجيا ، يتمثل في أن نوعية التكنولوجيا المستخدمة هي التي تحدد التنظيم وهيكلته 0
6 0 نظرية السلوك التنظيمي Organizational Behavior
يعرف (قرينبيرج) السلوك التنظيمي بأنه (( يشمل التعرف على كل مظاهر السلوك فى المنظمات والتجمعات التنظيمية من خلال الدراسة المنتظمة للأفراد والجماعات والأعمال والإجراءات التنظيمية . Organizational Behavior seeks Knowledge of all aspects of behavior in organizational settings through the systematic study of individual , group and organizational processes )) بينما يوضح (جارى) السلوك التنظيمي بأنه (( هو موقف وسلوك الأفراد والجماعات في المنظمة . Organizational Behavior is the attitudes and behaviors of individuals and groups in organizations )) . ويعرفه (فؤاد القاضي) بأنه (( سلوك لأفراد داخل المنظمات ، أي الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لتعامله مع غيره من الأفراد ، أي كل ما يصدر عنه من عمل حركي كتشغيل الآلات والمعدات وإعداد التقارير ، وكذلك التفكير والمشاعر والانفعالات المصاحبة لهذه التحركات المرئية )) .
تهدف نظرية السلوك التنظيمي إلى الجمع بين مفهومي نظرية السلوك الانسانى ونظرية التنظيم ( التنظيم / التكنولوجيا /التنظيم والتكنولوجيا ) . تفترض النظرية بضرورة الاهتمام بالعمل و العامل معاً ، أي الاهتمام بالنواحي الإنسانية للفرد و كذلك الاهتمام بالعمل نفسه ، كما ويجب الاهتمام بالدراسات السلوكية للفرد والجماعات المحيطة به ، بالإضافة إلى العوامل البيئية الأخرى ( اقتصادية / اجتماعية / تعليمية / تكنولوجية ....) ، لذا تهتم النظرية بتكوين المجموعة ، إضافة لتنمية الهيكل التنظيمي و تطويره بالنسبة لتلك المجموعة . لذا نجد أن الاختلاف بين نظرية التنظيم ونظرية السلوك التنظيمي يتحدد وفق ما أشار إليه ( هيفرون ) بأن مستوى التحليل الذي يتناوله كل منهما ، إن وحدة التحليل في نظرية التنظيم هي التنظيم الإداري ومن منظور شمولي ، أما نظرية السلوك التنظيمي تتناول دراسة التنظيم من منظور جزئي . نخلص إلى أن نظرية السلوك التنظيمي تؤكد على أن الفرد و الجماعة يؤثر و يتأثر كل منهما بالأخر ، وعلى الإدارة الاستفادة من الدراسات النفسية لسلوك و اتجاهات الفرد و الجماعة في عملية التنظيم و الرقابة 0
7 0 نظرية النظم The system theory
يعتبر (بيرتا لاتفى) مؤسس هذه النظرية ، حيث أوضح بأن المنظمة عبارة عن نظام اجتماعي كلَى يسعى إلى تحقيق هدف معين ، هذا النظام يتكون من أجزاء ، كل جزء عبارة عن نظام فرعى ( نظام الإنتاج / نظام الأفراد / النظام المالي / نظام التسويق …الخ ) ، وتعمل تلك الأنظمة معتمدة على بعضها بشكل متكامل من أجل تحقيق الهدف الذي يسعى نظام المنظمة إلى تحقيقه ، إن نظام المنظمة يتأثر ويعمل في بيئتين ، الأولى داخلية ( جميع الأنشطة ، إنتاج ، مادية ... ) ، الثانية خارجية ( السوق / الموردين / الممولين ... ) .
تعددت مفاهيم وتعاريف النظام ، ولعل أهم ما أُستخدم في هذا الخصوص ما قاله (إستانفورد) بأن النظام هو عـملية تنفيـذ مجموعة من العناصر، كل منها متحد في الوظيفة والتشغيل لتحقيق الأهداف المحددة . وعرف (شانون) النظام بأنه مجموعة من الأهداف مرتبطة مع بعضها البعض بعلاقات منتظمة لتنفيذ وظيفة معينة والمقصود بالأهداف هنا أنها عبارة عن مكونات أو أجزاء أو نظم فرعية تقوم بتنفيذ الوظيفة . بينما يرى (تاجرت) أن النظام هو مجموعة من النظم الفرعية وعلاقتها في بيئة معينة لتحقيق أهداف محددة . أما (إبراهيم هميمي) فقد عرف النظام بأنه العملية التصميمية التي بموجبها تتحـول العناصر إلى منتجات مفيدة ، وأنها عملية منظمة تهدف إلى تحـويل المدخلات إلى مخرجات . بناءاَ على ذلك يتكون النظام من ثلاثة عناصر هي المدخلات والعمليات والمخرجات . فأما المدخلات فهي مختلف الموارد البشرية والمادية ، والعمليات هي جميع الأنشطة التي تعالج بها المدخلات لتصبح مخرجات فيما بعد ، وتختلف العمليات باختلاف أهداف المنظمة وطبيعة عملها ( صناعية ، تجارية خدمية ... ) . الشكل التالي يوضح النظام
الشكل رقم (1) : النظام
Inputs process outputs
المدخلات |
العمليات |
المخرجات |
بشرية مادية مجموعة أنشطة الناتج النهائي ( سلعة ـ خدمة)
التغذية العكسية |
8 0 نظرية الإدارة الموقفية The contingency Theory of Management
في كتاب نظرية فاعلية القيادة ، درس (الفريد فيدلر) عدداً من أنماط الجماعات واستخدم ثلاثة معايير في تصنيفها هي سلطة موقع القيادة ، طبيعة المهمة ، وعلاقة القائد بالمرؤوسين . وأجرى (فيدلر) العديد من الدراسات على مجموعة من طلبة الهندسة وأطقم قاصفات القنابل أظهرت ما أسماه بالنظرية الموقفية . تلخصت نتائج الدراسة في الأتى :
1. أثبت علاقة التفاعلات بين شخصية القائد والموقف الذى تمارس فيه القيادة . وأكد على نسبة تباين الموقف ، بالتالي يتطلب الأمر وجود أسلوب قيادي معين تجاه موقف معين ، أي تباين الأساليب القيادية وفقاً للمواقف المتباينة .
2. القادة الذين تحفزهم المهام ( بصفة عامة ) هم الذين يحققون أفضل النتائج .
3. القادة الذين يعملون وفق العلاقات التحفيزية ، يكون أداؤهم أفضل فى المواقف المتوسطة بين المرضية وغير المرضية .
يتمثل ملخص نظرية الإدارة الموقفية في الآتي :
1. إن وجود اختلافات كثيرة بين مختلف الناس والأوقات والظروف يحتم إعطاء اعتبار خاص من جانب الباحثين والإداريين .
2. ليس للمدير الحرية في اختيار الوسائل التي تعكس أهواءه وتحيزه بل يجب أخذ الظروف المحيطة به في الاعتبار .
3. جوهر النظرية يتمثل في أن السياسات الإدارية يجب أن تأخذ في الاعتبار المهام والبيئة والمرؤوسين ، وتتوافق معهم .
4. لا يوجد أسلوب أو طريقة واحدة مثالية يمكن إتباعها في الإدارة في مختلف المواقف والظروف ، وهذا يساعد الإداري على تغيير أسلوبه معتمداً على خبرته في تحديد التغير في الموقف .
5. تركز النظرية على دراسة المتغيرات كالبيئة الخارجية ، المهام ، القوى العاملة ، والتكنولوجيا المستخدمة .
6. تحاول النظرية تحديد العلاقة بين الحدث والنتيجة ، وبناءاً عليه تقدم ممارسات وحلول إذا كان الحدث مشابهاً لهذا الحدث .
7. النتيجة الفعالة للأساليب والإجراءات الإدارية تتوقف على الظروف ولا توجد نظرية توضح صفات أو قواعد أو تصرفات مثالية للإدارة تكون جاهزة للاستخدام في ظل موقف معين .
9 0 الإدارة اليابانية Japanese Management
اعتمد أسلوب الإدارة اليابانية في مبادئه ومفاهيمه على تطور اليابانيين لأفكار (ماكجريجور) ( نظريتي Y & X ) ، أخذت نظرية (Y) إلى النظرية اليابانية التي تعرف بنظرية( (J اختصار لكلمة Japanese ، استحدثت فكرة الإدارة اليابانية من البيئة الاجتماعية الخاصة بالمجتمع الياباني ، وبخاصة الأسرة اليابانية التي تقوم على مبدأ الاحترام لرب الأسرة ، وإطاعة أوامره ، في حين يكون مسئولاً عنهم ومشاركاً إياهم في اتخاذ القرار، وانعكس هذا بدوره على العمل الإداري داخل المنظمات ، على اعتبار أن المديرين والأفراد بمثابة الأسرة الواحدة ، مما كان له أحسن الأثر على إنتاجية الأفراد وإخلاصهم لمنظماتهم بشكل ليس له مثيل .
تتمثل عناصر الإدارة اليابانية في الآتي :
1. ضمان الوظيفة للموظف مدى الحياة، أي الاستقرار والأمن الوظيفي ، إذ لا تلجأ المنظمات اليابانية إلى الاستغناء عن الأفراد حتى في أصعب الظروف الاقتصادية ، مما كان له أكبر الأثر على إبداعه وإنتاجيته .
2. العمل كفريق ، والشعور الجماعي بالمسؤولية عن العمل الذي يقوم به الفرد ، ففي كثير من الأحيان يتم قياس الإنتاج بالجهد الجماعي ، وبالتالي تكون المكافأة جماعية لا فردي .
3. أسلوب المشاركة في اتخاذ القرار، مما يخلق انسجاماً وتوافقاً بين أهداف العاملين ، وأهداف المنظمة ، ويوفر نوعاً من الرقابة الذاتية ، ويتمثل أسلوب المشاركة في ما يسمى بحلقات الجودة Quality Circles وهي مجموعة عمل صغيرة تتشكل على مستوى المنظمة بهدف تأمين الجميع ومشاركتهم في جهود تحسين ما تنتجه المنظمة ، وتحليل المشكلات الفنية والإدارية واقتراح حلول لها .
4. الاهتمام الشامل بالأفراد ، من حيث تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة والتعامل مع القوى البشرية دون تمييز، وتوفير مقومات الحياة والاستقرار لهم ، من حيث السكن والرفاهية ومتطلبات العيش الكريم ، مما يخلق أجواءً من التعاون والاحترام المتبادل بينهم ، ونوعاً من التفاعل الطبيعي بين العمل والحياة الاجتماعية .
5. عدم التسرع بالتقييم والترقية ، والتركيز على تطوير المهارات المهنية للأفراد ، حيث يتم نقل الموظف من موقعه إلى موقع آخر على المستوى الإداري الواحد نفسه ، ليعطي العمل صفة الشمولية والتكامل .
نظريةz في الإدارة
صاحب النظرية هو اليابانى (وليام أوتشى) ، حاول من خلال هذه النظرية أن يمكن الشركات الأمريكية اللحاق بالشركات اليابانية ، و أشار إلى أن منظمات الأعمال الغربية وخاصة الأمريكية تتبع أسلوب الإدارة (A) أي الطريقة الأمريكية ، في حين تطبق الشركات اليابانية أسلوب الإدارة (J) ، أي أسلوب الإدارة اليايانبة ، توصل إلى ضرورة وضع نظرية ثالثة تجمع بين الاثنين ، أسماها نظرية ((Z . ركز فيها على العنصر البشرى كأساس لزيادة الإنتاجية بما ينسجم مع البيئة غير اليابانية . وقام بإدخال بعض التعديلات على نظرية الإدارة اليابانية لتصبح قابلة للتكيف والتطبيق خارج اليابان ، لقد تم تجربة هذه النظرية على بعض الشركات الأمريكية، فلم تلقى النجاح، ثم طبقت على الشركات اليابانية العاملة خارج اليابان ، فحققت نجاحاً جزئياً ، إلا أنه لم يكن كافياً .
العلاقة بين الإدارة اليابانية والإدارة الأمريكية
الجدول التالي يوضح العلاقة بين الإدارة اليابانية والإدارة الأمريكية فى مختلف وظائف العملية الإدارية .
الجدول رقم (1) : العلاقة بين الإدارة اليابانية والإدارة الأمريكية
ساحة النقاش