عالم السياسة والثقافة الإخباري .. فلاح أديهم المسلم

ما هو سرّ الهجوم على ما يسمّى بالزعامات التقليدية للقبائل والعشائر ؟؟ 

  ما أكثر الملفات التي يعتبر فتحها نوع من المغامرة , وتفتح على من يقترب منها أعشاش الدبابير فيتحاشى الاقتراب منها طلاب الشعبية الذين يجارون التيّار السائد وإن خالف ما يؤمنون به , ولكنّ النزعة ( الأعرابية ) توقع صاحبها بالمهلكات .

أعترف بأنني نشأت نشأة أعرابية عروبية ساذجة محضة لا تخلو من غفلة, فالتقيت بالفكر الإسلامي ممثلا بكتابات القطبين سيّد ومحمد , ومحمد الغزالي , وأبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي وأنا بسنّ الرابعة عشرة تقريبا , فجرني ذلك إلى مسار أبعدني كثيرا عمّا يسمّى بالتيار الوطني القائم على تمجيد النظام الأردني ورموزه التي أريد لها التمجيد .
ولكنني بعد إنهاء الدراسة الجامعية وخدمة العلم وجدتني في وسط هذا التيار وخاصّة الشباب الجامعي من أبناء العشائر , ولاحظت أنّ من أهمّ الهواجس والتي تعتبر من مراكز التنبّه لهؤلاء الشباب هي قضية الزعامات التقليدية ,فلا تخلو جلسة من انتقادهم , ولا يخلو اجتماع من التحذير منهم , حتى أصبحت عقدة العقد عند هذا الشباب المتعلّم ما يسمّى بتجيير الأعمال لصالح أحد من هؤلاء !!
ولو كانت هذه النفرة من الزعامات التقليدية تأتي من باب أنّها جزء من نظام أوصل الوطن إلى حال لا تسرّ كما هو موقف الأحزاب السياسية المعارضة التي كانت تهاجم تلك الزعامات باعتبارها من ركائز النظام _ لكان هذا الهجوم له ما يسوّغه , ولكن هذا الهجوم يتركّز على هذه الزعامات ويغضّ الطرف عمّا صنعه النظام بها وبغيرها فأوصل الجميع لحالة من الشلل التامّ التي لا تسمح لأحد بالتحرّك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن أصبح مجرد " مزرعة تديرها مزعرة " .
لقد خالطت كثيرا ممن يعدّون من هذه الزعامات عند بعض القبائل والعشائر , وتقصيّت عن كثير من أحوالهم ومواقفهم فلم ألمس عند أغلبهم هذا السوء الذي يتهمون به مع وجود بعض القصور والتقصير الطبيعي الذي يلازم بني البشر , ونتيجة للظروف المحيطة بهم , ولن أكون مجانبا للحقيقة إذا قلت أنني اكتشفت في كثير منهم معادن نادرة ثمينة لو وجدت ناصرا صادقا لكان لها شأن يذكر , واكتشفت أنّه لكثير منهم مواقف مشرّفة لكنّها لأمر ما مغيّبة , واكتشفت أنّ مثل تلك المعادن النفيسة قد حوربت من قوى الفساد والاستبداد ولكنّها لزمت الصمت لعدم وجود الناصر الذي يعتمد عليه في الملمات والمهمّات .
لست أزعم أنّهم ملائكة , ولا أقول إنّهم أبرياء منزهون عن الخطايا , فالمسؤولية عن الأوطان والشعوب تتناسب طرديّا مع مكانة الإنسان وقدرته ونفوذه , وهم بذلك هم الأقدر على النكير والتغيير , ولكنني أعتقد جازما بأنّهم ليسوا علّة العلل , ولا سبب الداء فجعلهم قضية القضايا يوحي بأنّ وراء الأكمة ما وراءها !! فيبقى سؤال ( ما هو سرّ هذا الهجوم ) قائما ؟؟

فلاح أديهم المسلم